(من أحدث) أي أنشأ واخترع وأتى بأمر حديث من قبل نفسه، قال ابن الكمال: الإحداث إيجاد شيء مسبوق بزمان، وفي رواية: "من عمل" وهو أعم، فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المترتبة عليها (في أمرنا) شأننا أي دين الإسلام، عبر عنه بالأمر تنبيها على أن هذا الدين هو أمرنا الذي نهتم به ونشتغل به بحيث لا يخلو عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا، وقال القاضي: الأمر حقيقة في القول الطالب للفعل، مجاز في الفعل والشأن والطريق، وأطلق هنا على الدين من حيث إنه طريقه أو شأنه الذي تتعلق به شراشره، وقالالطيبي: وفي وصف الأمر بهذا إشارة إلى أن أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهورا محسوسا بحيث لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة، (هذا) إشارة لجلالته ومزيد رفعته وتعظيمه من قبيل ذلك الكتاب وإن اختلفا في أداء الإشارة، إذ تلك أدل على ذلك من هذا (ما ليس منه) أي رأيا ليس له في الكتاب أو السنة عاضد ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط (فهو رد) أي مردود على فاعله لبطلانه، من إطلاق المصدر على اسم المفعول، وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر كضوء الشمس بشهادة اليوم أكملت لكم دينكم فمن رام زيادة حاول ما ليس بمرضي؛ لأنه من قصور فهمه، أما ما عضده عاضد منه بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد بل مقبول، كبناء نحو ربط ومدارس، وتصنيف علم وغيرها، وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده، قال النووي: ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك، وقال الطوفي: هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع؛ لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه، والحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه؛ لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم، كأن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع، وكلما كان كذلك فهو رد بهذا العمل رد، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، وإنما النزاع في الأولى، ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فصحيح، فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، والأولى فيها النزاع، فلو وجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لا يستقل الحديث بجميع أدلة الشرع، لكن الثاني لم يوجد، فحديثنا نصف أدلة الشرع، وفيه أن النهي يقتضي الفساد؛ لأن النهي ليس من الدين، وأن حكم الحاكم لا يغير ما في الباطن، وأن الصلح الفاسد منقوض، والمأخوذ عليه مستحق الرد
(ق د هـ عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ) .