صفحة جزء
9704 - لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له (حم حب) عن أنس - (صح)


(لا إيمان لمن لا أمانة له) قال الكمال بن أبي شريف: أراد نفي الكمال لا نفي حقيقة الإيمان (ولا دين) الدين: الخضوع لأوامر الله ونواهيه وأمانيه، والعهد الذي وضعه الله بينه وبين عباده يوم إقرارهم بالربوبية في حمل أعباء الوفاء في جميع جوارحه، فمن استكمل الدين استوفى الجزاء ومن أوفى بعهده من الله (لمن لا عهد له) لأن الله إنما جعل المؤمن مؤمنا ليأمن الخلق جوره، والله عدل لا يجور، وإنما عهد إليه ليخضع له بذلك العهد فيأتمر بأموره، ذكره الحكيم. وقال القاضي: هذا وأمثاله وعيد لا يراد به الوقوع، وإنما يقصد به الزجر والردع ونفي الفضيلة والكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان وإبطاله، وقال المظهر: معنى لا دين لمن لا عهد له: أن من جرى بينه وبين أحد عهد ثم عذر لغير عذر شرعي فدينه ناقص، أما لعذر كنقض الإمام المعاهدة مع الحربي لمصلحة فجائز، قال الطيبي: وفي الحديث إشكال؛ لأن الدين والإيمان والإسلام أسماء مترادفة موضوعة لمفهوم واحد في عرف الشرع فلم يفرق بينها، وخص كل واحد بمعنى، وجوابه أنهما وإن اختلفا لفظا فقد اتفقا هنا معنى، فإن الأمانة ومراعاتها: أما مع الله فهي ما كلف به من الطاعة، وتسمى أمانة لأنه لازم الوجود، كما أن الأمانة لازمة الأداء، وأما مع الخلق فظاهر، وإن العهد توثيقه، وأما مع الله فاثنان: الأول ما أخذه على ذرية آدم في الأزل، وهو الإقرار بربوبيته قبل خلق الأجساد، الثاني ما أخذه عند هبوط آدم إلى الدنيا من متابعة هدى الله، من الاعتصام بكتاب ينزله ورسول يرسله، وأما مع الخلق فظاهر، فحينئذ ترجع الأمانة والعهد إلى طاعته تعالى في أداء حقوقه وحقوق عباده، كأنه لا إيمان ولا دين لمن لا يفي بعهد الله بعد ميثاقه، ولا يؤدي أمانته بعد حملها، وهي التكاليف من أمر ونهي

(حم حب عن أنس) بن مالك، قال الذهبي : سنده قوي، وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد: فيه أبو هلال ، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره اهـ، ورواه أيضا أبو يعلى والبغوي والبيهقي في الشعب عن أنس قال: قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال ذلك، قال العلائي: فيه أبو هلال ، اسمه محمد بن سليم الراسبي، وثقه الجمهور، وتكلم فيه البخاري .

التالي السابق


الخدمات العلمية