(لا تتمنوا لقاء العدو) لما فيه من صورة الإعجاب والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام به، وهو مخالف للاحتياط، ولأنهم قد ينصرون استدراجا، ولأن لقاء العدو أشد الأشياء على النفس، والأمور الغائبة ليست كالمحققة، فلا يؤمن أن يكون عند الوقوع على خلاف المطلوب، وتمني الشهادة لا يستلزم تمني اللقاء، وأخذ منه النهي عن طلب المبارزة، ومن ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه لابنه: لا تدع أحدا إلى المبارزة، ومن دعاك لها اخرج إليه لأنه باغ، وقد ضمن الله نصر من بغي عليه، ولطلب المبارزة شروط مبينة في الفروع، إذا جمعت أمن معها المحذور في لقاء العدو (وإذا لقيتموهم) أي العدو، ويستوي فيهم الواحد والجمع، قال تعالى فإنهم عدو لي (فاصبروا) اثبتوا ولا تظهروا التألم إن مسكم قرح، فالصبر في القتال كظم ما يؤلم من غير إظهار شكوى ولا جزع، وهو الصبر الجميل إن الله مع الصابرين قال nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي: فيه إشعار لهذه الأمة بأن لا تطلب [ ص: 389 ] الحرب ابتداء، وإنما تدافع من منعها من إقامة دينها كما قال تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا فحق المؤمن أن يأتي الحرب ولا يطلبه، فإنه إن طلبه فأوتيه عجز كما عجز من طلبه من الأمم السابقة، وتمسك به من منع طلب المبارزة، وقد يمنع، ونبه بهذا الخبر على آفة التمني وشؤم الاختيار، لأنهما ليسا من أوصاف العبودية، إذ التمني اعتراض نفاه الله عن العباد بقوله ما كان لهم الخيرة ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض فمما ظهر من آفات التمني ما قصه الله عن آدم في تمني الخلود في جوار المعبود فعدمه، وتعب فأتعب، وموسى تمنى الرؤية فخر صعقا، وداود سأل درجة آبائه إبراهيم وإسحاق، فأوحى إليه: إني ابتليتهم فصبروا، فقال: أصبر، فأصابه ما أصابه، وجرى ما جرى، وتمنى سليمان ألف ولد فعوقب بشق إنسان، وتمنى نبينا هداية عمه فعاتبه الله بقوله إنك لا تهدي من أحببت