(لا تغضب ولك الجنة) فإنه يترتب على التحرز من الغضب حصول الخير الدنيوي والأخروي، وهذه الأخبار الثلاثة من جوامع الكلم وبدائع الحكم، فقد حوت هذه اللفظة وهي "لا تغضب" من استجلاب المصالح ودرء المفاسد مما لا يمكن عده ولا ينتهي حده و الله أعلم حيث يجعل رسالته وقد تضمنت أيضا دفع أكثر الشرور من الإنسان، فإنه في مدة حياته بين لذة وألم، فاللذة سببها ثوران الشهوة بنحو أكل أو جماع، والألم سببه ثوران الغضب، ثم كل من اللذة والغضب قد يباح تناوله أو دفعه كنكاح الزوجة ودفع قاطع الطريق، وقد يحرم كالزنا والقتل، فالشر إما عن شهوة كالزنا، أو عن غضب كالقتل، فهما أصل الشرور ومبدؤها، فبتجنب الغضب يندفع نصف الشر بهذا الاعتبار وأكثره في الحقيقة، فإن الغضب يتولد عنه القذف والهجر والطلاق والحقد والحسد والحلف الموجب للحنث أو الندم، بل والقتل، بل والكفر كما كفر جبلة حين غضب من لطمة أخذت منه قصاصا. وبهذا التقرير فحديث الغضب هذا ربع الإسلام؛ لأن الأعمال خير وشر، والشر ينشأ عن شهوة أو غضب، والخبر يتضمن نفي الغضب، فتضمن نفي نصف الشر، وهو ربع المجموع