(إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها؛ فليتحول؛ وليتفل عن يساره ثلاثا) ؛ أي: وليبصق بصقا خفيفا؛ بلا ريق؛ من جهته اليسرى؛ ثلاث مرات؛ قال في الصحاح: " التفل" ؛ شبيه بالبصق؛ وهو أقل منه؛ أوله البزاق؛ ثم التفل؛ ثم النفث؛ ثم النفخ؛ قال الزركشي: جاء في رواية: " فليتفل" ؛ وفي أخرى: " ينفث" ؛ وفي أخرى: " يبصق" ؛ وبينها تفاوت؛ فينبغي فعل الكل؛ لأنه زجر للشيطان؛ فهو من باب رمي الجمار؛ (وليسأل الله من خيرها) ؛ أي: الرؤيا؛ (وليتعوذ بالله من شرها) ؛ أمره في هذا الخبر؛ وما قبله بأربعة أشياء: التحول؛ والاستعاذة؛ والتفل؛ والكتم؛ متى فعل ذلك؛ لم تضره؛ بل ذلك دافع لشرها؛ فإن قلت: قدم في الخبر قبله البصق؛ فالاستعاذة؛ فالتحول؛ وهنا قدم التحول؛ وأخر التعوذ؛ فهل من حكمة؟ قلت: أجل؛ وهي الإشارة إلى أنه كيف فعل؛ كفى؛ فإن عدم اقتضاء الواو للترتيب غير متفق عليه؛ فدفع ما عساه يتوهم لتخالف النظم؛ وفي رواية لمسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=661208إذا رأى أحدكم ما يكره؛ فليصل" ؛ أي: لتكمل الرغبة؛ ويصح الطلب؛ فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ قال القرطبي : وليس هذا مخالفا لقوله هنا: " فليتحول؛ وليتفل..." ؛ إلخ؛ وإنما الأمر بالصلاة زيادة ينبغي إضافتها إلى ما في هذا الحديث؛ فليفعل الكل؛ وقد يقال: اقتصر على الصلاة لتضمنها جميع تلك الأمور؛ لأنه إذا قام للصلاة تحول عن جنبه؛ وإذا توضأ تمضمض؛ فنفث؛ وبصق؛ وإذا أحرم؛ تعوذ؛ ودعا؛ وتضرع لله في حال هي أقرب إجابة؛ أهـ؛ ومتى فعل ما أمر به مما تقرر؛ لم يضره ببركة الصدق؛ والتصديق؛ والامتثال؛ وفائدة ذلك ألا يشغل الرائي نفسه برؤية ما يكره؛ وأن يعرض عنه؛ ولا يلتفت إليه.
(تنبيه) : قال nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي : التفل الذي أمر به المصطفى - صلى الله عليه وسلم - واصل إلى وجه الشيطان؛ واقع عليه؛ فالتفل مع تعوذ الرائي بالله؛ يرد الذي جاء به من النزغة؛ والوسوسة؛ كالنار إلى وجهه؛ فيحترق؛ فيصير قروحا؛ ورد عن nindex.php?page=showalam&ids=14355الربيع بن خيثم أنه قص عليه رؤيا منكرة؛ فأتاه رجل؛ وقال: رأيت في النوم رجلا يقول: أخبر الربيع بأنه من أهل النار؛ فتفل عن يساره؛ وتعوذ؛ فرأى ذلك الرجل في الليلة الثانية أن رجلا جاء بكلب؛ فأقامه بين يديه؛ وفي عنقه حبل؛ وبجبهته قروح؛ فقال: " هذا ذلك الشيطان؛ وهذه القروح تلك النفثات التي نفثها في وجهه الربيع" .
(هـ؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) ؛ وهذا الحديث في نسخ لا تحصى؛ ولم أره في نسخة المؤلف التي بخطه.