(إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها؛ فإنما هي من الله؛ فليحمد الله عليها) ؛ بأن يقول: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات؛ لأن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى ما يحبه قال ذلك؛ (وليحدث بها) ؛ غيره؛ (وإذا رأى غير ذلك مما يكره؛ فإنما هي) ؛ أي: الرؤيا؛ (من الشيطان) ؛ ليحزنه؛ ويشوش عليه فكره؛ ليشغله عن العبادة؛ فلا يخبر بها؛ ولا يشتغل بها؛ قال النووي : جعل ما هو علامة على ما يضر؛ منتسبا للشيطان؛ مع أن الله هو خالق للرؤيا مجازا؛ لحضوره عندها؛ لا على أن الشيطان يفعل ما يشاء؛ وقيل: إضافة الرؤيا المحبوبة إلى الله؛ إضافة تشريف؛ وإضافة المكروهة إلى الشيطان لأنه يرضاها؛ (فليستعذ بالله) ؛ من شرها؛ وشر الشيطان؛ (ولا يذكرها لأحد) ؛ فإنه ربما فسرها تفسيرا مكروها على ظاهر [ ص: 351 ] صورتها؛ وكان ذلك محتملا؛ فوقعت كذلك بتقدير الله؛ (فإنها لا تضره) ؛ فإنه (تعالى) جعل فعله من التعوذ والتفل وغيره سببا لسلامته من مكروه يترتب عليها؛ كما جعل الصدقة وقاية للمال؛ وسببا لدفع البلاء؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن عربي: من حافظ على ما ذكره في هذا الحديث؛ من الاستعاذة والكتم؛ يرى برهانه؛ فإن كثيرا من الناس وإن استعاذ يتحدث بما رآه؛ فأوصيك ألا تفعل؛ وقال بعضهم: محصل الحديث أن الرؤيا الصالحة آدابها ثلاثة: حمد الله؛ وأن يستبشر بها؛ وأن يتحدث بها لمن يحب؛ لا لغيره؛ وآداب الحلم الرديء أربعة: التعوذ من شره؛ وشر الشيطان؛ ويتفل حين ينتبه؛ ولا يذكرها لأحد؛ واستثنى nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي من نوم ما يكره ما يكون في الرؤيا الصادقة؛ لكونها قد تقع إنذارا؛ كما تقع تبشيرا؛ وفي الإنذار نوع ما يكرهه الرائي؛ فلا يشرع التعوذ إذا عرف أنها صادقة؛ بدليل ما رآه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من البقر التي تنحر؛ وثلم ذباب سيفه؛ لكن لا يلزم من ترك التعوذ ترك التحول والصلاة؛ فقد يكون سببا لدفع مكروه الإنذار؛ مع حصول مقصوده؛ على أن المنذرة قد ترجع لمعنى المبشرة.