(إذا رأيت الله (تعالى)؛ أي: علمت أنه؛ (يعطي العبد) ؛ عبر بالمضارع؛ إشارة إلى تجدد الإعطاء؛ وتكرره؛ (من الدنيا) ؛ [ ص: 355 ] أي: من زهرتها وزينتها؛ (ما يحبه) ؛ أي: العبد؛ من نحو مال؛ وولد؛ وجاه؛ (وهو مقيم) ؛ أي: والحال أنه مقيم؛ (على معاصيه) ؛ أي: عاكف عليها؛ ملازم لها؛ (فإنما ذلك) ؛ أي: فاعلموا أنما إعطاؤه ما يحب من الدنيا؛ (منه) ؛ أي: من الله؛ (استدراج) ؛ أي: أخذ بتدريج؛ واستنزال من درجة إلى أخرى؛ فكلما فعل معصية قابلها بنعمة؛ وأنساه الاستغفار؛ فيدنيه من العذاب قليلا قليلا؛ ثم يصبه عليه صبا؛ قال إمام الحرمين: إذا سمعت بحال الكفار وخلودهم في النار؛ فلا تأمن على نفسك؛ فإن الأمر على خطر؛ فلا تدري ماذا يكون؛ وما سبق لك في الغيب؛ ولا تغتر بصفاء الأوقات؛ فإن تحتها غوامض الآفات؛ وقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي - كرم الله وجهه -: " كم من مستدرج بالإحسان! وكم من مفتون بحسن القول فيه! وكم من مغرور بالستر عليه" ؛ وقيل nindex.php?page=showalam&ids=15874لذي النون: ما أقصى ما يخدع به العبد؟ قال: بالألطاف والكرامات: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ؛ وفي الحكم: خف من وجود إحسانه إليك؛ ودوام إساءتك معه؛ أن يكون ذلك استدراجا؛ و" الاستدراج" : الأخذ بالتدريج؛ لا مباغتة؛ والمراد هنا: تقريب الله العبد إلى العقوبة شيئا فشيئا؛ واستدراجه (تعالى) للعبد أنه كلما جدد ذنبا جدد له نعمة؛ وأنساه الاستغفار؛ فيزداد أشرا؛ وبطرا؛ فيندرج في المعاصي بسبب تواتر النعم عليه؛ ظانا أن تواترها تقريب من الله؛ وإنما هو خذلان وتبعيد.