(إذا مات أحدكم) ؛ أيها المؤمنون الأبرار؛ والكافرون الفجار؛ وفي عصاة المؤمنين تردد؛ (عرض عليه مقعده) ؛ أي: محل قعوده؛ من الجنة؛ أو النار؛ بأن تعاد الروح إلى بدنه؛ أو إلى بعض منه؛ يدرك به حال العرض؛ ولا مانع منه؛ وشاهده: النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ؛ وقيل: العرض إنما هو على الأرواح؛ لا الأشباح؛ ورجح ابن حجر أن العرض يقع على الروح حقيقة؛ وعلى ما يتصل به من البدن؛ (بالغداة؛ والعشي) ؛ أي: وقتهما؛ (إن كان من أهل الجنة؛ فمن أهل الجنة؛ وإن كان من أهل النار؛ فمن أهل النار) ؛ أي: إن كان من أهل الجنة؛ فمقعده من مقاعد [ ص: 439 ] أهل الجنة؛ يعرض عليه؛ وإن كان من أهل النار؛ فمقعده من مقاعد أهل النار؛ يعرض عليه؛ فليس الجزاء والشرط متحدين معنى؛ بل لفظا؛ ولا ضير فيه؛ بل يدل على الفخامة؛ ثم (يقال له) ؛ من قبل الله ؛ أي: يأمر الله الملك؛ أو من شاء من خلقه؛ يقول له ذلك: (هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه) ؛ أي: إلى ذلك المقعد؛ (يوم القيامة) ؛ أي: لا تصل إليه إلا بعد البعث؛ ويحتمل رجوع الضمير إلى الله؛ كذا قرره التوربشتي ؛ وقال الطيبي: يجوز كون معناه: فمن كان من أهل الجنة فيبشر بما لا يكنه كنهه؛ ولا يقدر قدره؛ وإن كان من أهل النار؛ فبالعكس؛ لأن هذا القول طليعة تباشير السعادة الكبرى؛ ومقدمة بتاريخ الشقاوة؛ لأن الشرط والجزاء إذا اتحدا؛ دل الجزاء على الفخامة؛ قال: والضمير في " إليه" ؛ يرجع إلى المقعد؛ فالمعنى: هذا مقعد يستقر فيه حتى يبعث إلى مثله من الجنة؛ أو النار؛ كقوله (تعالى): هذا الذي رزقنا من قبل ؛ أي: " مثل الذي" ؛ أو يرجع إلى الله؛ أو إلى لقاء الله؛ أو إلى المحشر؛ أي: " هذا الآن مقعده إلى يوم المحشر" ؛ فترى عند ذلك كرامة؛ أو هوانا؛ تنشأ عنده؛ هذا المقعد؛ وفيه إثبات عذاب القبر؛ لأن عرض مقعده من النار عليه نوع عظيم من العذاب.
(ق ت هـ؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر) ؛ ابن الخطاب .