(إذا مررتم برياض الجنة؛ فارتعوا؛ قيل: وما رياض الجنة؟ قال: المساجد؛ قيل: وما الرتع؟ قال: سبحان الله؛ والحمد لله؛ ولا إله إلا الله؛ والله أكبر) ؛ أي: ونحوها من الأذكار؛ ونص عليها اهتماما بها؛ لكونها الباقيات الصالحات؛ وتنبيها بها [ ص: 443 ] على غيرها من الأذكار؛ قال الطيبي: وتلخيص الحديث: إذا مررتم بالمساجد؛ فقولوا هذا القول؛ فلما وضع " رياض الجنة" ؛ موضع " المساجد" ؛ بناء على أن العبادة فيها سبب للحصول في رياض الجنة؛ روعيت المناسبة لفظا؛ ومعنى؛ فوضع الرتع موضع القول؛ لأن هذا القول سبب لنيل الثواب الجزيل؛ ووسيلة إلى الفوز النبيل؛ و" الرتع" ؛ هنا؛ كما في قول إخوة يوسف: يرتع ويلعب ؛ وهو أن يتسع في أكل الفواكه؛ والمستلذات؛ والخروج إلى النزهة في الأرياف؛ والمياه؛ كعادة الناس إذا خرجوا إلى الرياض والبساتين؛ ثم اتسع؛ واستعمل في الفوز بالثواب الجزيل؛ وقال غيره: شبه حلق الذكر والعلم؛ برياض الجنة؛ لأنه (تعالى) وصف أهلها بأنهم يؤتون ما يشتهون؛ فكذا حلقها؛ يؤتيهم الله أفضل ما يعطي السائلين؛ ولأنه سمى الجنة " رحمة" ؛ وقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في مجالس الذكر: " nindex.php?page=hadith&LINKID=910213ما اجتمع قوم يذكرون الله؛ إلا غشيتهم الرحمة..." ؛ الحديث؛ فكما أن مجالس الذكر أماكن الرحمة؛ فالجنة مواضع الرحمة؛ ولأن أهل الجنة تطيب حياتهم وقلوبهم بقرب الله؛ فأهل مجالس الذكر تطيب قلوبهم بذكر الله؛ وقال بعض العارفين: في الدنيا جنة هي كالجنة في الآخرة؛ فمن دخلها دخل تلك الجنة؛ يريد هذه المجالس؛ لما يدركون فيها من سرور القلب؛ وفرحة بذكر الرب؛ وابتهاجه؛ وانشراحه؛ ونوره؛ حتى قال بعض من ذاق هاتيك اللذة: لو علم الملوك بعض ما نحن فيه من النعيم؛ لجالدونا عليه بالسيوف؛ وقال آخر: إنه ليمر بالقلب أوقات إن كان أهل الجنة في مثلها؛ إنهم لفي عيش طيب؛ وكما حث الشارع على حضور حلق الذكر؛ نفر عن مجالسة الكذابين؛ ومجالس الخاطئين؛ بقوله: والذين لا يشهدون الزور ؛ فلا ينبغي حضورها؛ ولا قربها؛ تنزها عن مخالطة الشر؛ وأهله؛ وصيانة لدينه عما يشينه؛ لأن مشاهدة الباطل فيه؛ شركة.