(أتتكم المنية) ؛ جاءكم الموت؛ قال في الصحاح: " المنية" : الموت؛ من " مني له" ؛ أي: قدر؛ لأنها مقدرة؛ وفي المفردات: الأجل المقدر للحيوان؛ (راتبة) ؛ أي: حال كونها ثابتة مستقرة؛ (لازمة) ؛ أي: لا تفارق؛ أي: ثابتة في الأزل؛ وإذا وقعت لا تنفك: إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ؛ (إما) ؛ بكسر فتشديد؛ مركبة من " إن" ؛ و" ما" ؛ (بشقاوة) ؛ أي: مصاحبة لسوء عاقبة؛ (وإما بسعادة) ؛ ضد الشقاوة؛ أي: كأنكم بالموت وقد حضرتم؛ والميت لا محالة صائر؛ إما إلى النار؛ وإما إلى الجنة؛ فالزموا العمل الصالح؛ وذلك أن الإنسان إذا بلغ حد التكليف؛ تعلقت به الأحكام؛ وجرت عليه الأقلام؛ وحكم له بالكفر؛ أو الإسلام؛ وأخذ في التأهب لمنازل السعداء؛ أو الأشقياء؛ فتطوى له مراحل الأيام بجد؛ واجتهاد؛ واهتمام؛ إلى الدار التي كتب من أهلها؛ فإذا أتته المنية أشرف منها على المسكن الذي أعد له قبل إيجاده؛ إما؛ وإما؛ فهناك يضع عصى السفر عن عاتقه؛ وتستقر قواه؛ وتصير دار العدل مأواه؛ أو دار السعادة مثواه؛ وبهذا التقرير انكشف لك أن الحديث من جوامع الكلم.
( nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا ) ؛ أبو بكر القرشي؛ (في) ؛ كتاب (ذكر الموت) ؛ أي: فيما جاء به؛ (هب؛ عن زيد) ؛ ابن عطية ؛ ( السلمي ) ؛ الخثعمي؛ (مرسلا) ؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا آنس من أصحابه غفلة؛ أو غرة؛ نادى فيهم بصوت رفيع: " أتتكم المنية..." ؛ إلى آخره؛ وقد رمز المصنف لضعفه؛ وهو كما قال؛ إلا أن في مرسل آخر ما يقويه ويرقيه إلى درجة أحسن؛ وهو ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن الوضين بن عطاء : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أحس من الناس بغفلة عن الموت؛ جاء فأخذ بعضادتي الباب؛ وهتف ثلاثا؛ وقال: " يا أيها الناس؛ يا أهل الإسلام؛ أتتكم المنية راتبة لازمة؛ جاء الموت بما جاء به؛ جاء بالروح والراحة؛ والكرة المباركة لأولياء الرحمن؛ من أهل دار الخلود؛ الذين كان سعيهم ورغبتهم فيها لها؛ ألا إن لكل ساع غاية؛ وغاية كل ساع الموت؛ سابق؛ ومسبوق" ؛ انتهى.