(استحي من الله) ؛ أمر بإجلال الله وتعظيمه في ذلك؛ وتنبيه على عجز الإنسان وتقصيره؛ (استحياءك) ؛ أي: مثل [ ص: 487 ] استحيائك؛ (من رجلين) ؛ جليلين كاملين في الرجولية؛ (من صالحي عشيرتك) ؛ أي: احذر من أن يراك حيث نهاك؛ ويفقدك حيث أمرك؛ كما تستحي أن تفعل ما تعاب به بحضرة جمع من قومك؛ فذكر الرجلين لأنهما أقل الجمع؛ والإنسان يستحي من فعل القبيح بحضرة الجماعة أكثر؛ وخص عشيرته؛ أي: قبيلته؛ لأن الحياء من المعارف أعظم؛ وهذا مثل به تقريبا للأفهام؛ والمقصود أن حق الحياء منه ألا يذكر العبد معه غيره؛ ولا يثني على أحد سواه؛ ولا يشكو إلا إليه؛ ويكون أبدا بين يديه ماثلا؛ وبالحق له قائما وقائلا؛ وله معظما؛ وهو في نظره إليه مشفق؛ وفي إقباله عليه مطرق؛ إجلالا وحياء؛ لأنه يعلم سره ونجواه؛ وهو أقرب إليه من حبل الوريد؛ قال في الكشاف؛ كغيره: و" الحياء" : تغيير؛ وانكسار؛ لخوف ما يعاب به؛ قال في الكشف: ولم يرد به التعريف؛ فقد يكون الاحتشام ممن يستحى منه؛ بل هو أكثر في النفوس الطاهرة؛ لكنه لما كان أمرا وجدانيا غنيا عن التعريف من حيث المهنة؛ محتاجا إلى التنبيه لدفع ما عسى أن يعرض له من الالتباس بغيره من الوجدانيات؛ نبه عليه بأن الأمر الذي يوجد؛ في تلك الحالة وأمثالها؛ وكذا الحكم في تعريف سائر الوجدانيات؛ كعلم؛ وإدراك؛ وغيرهما؛ قال القرطبي : وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يأخذ نفسه بالحياء؛ ويأمر به؛ ويحث عليه؛ ومع ذلك فلا يمنعه الحياء من حق يقوله؛ أو أمر ديني يفعله؛ تمسكا بقوله في الحديث الآتي: " nindex.php?page=hadith&LINKID=653081إن الله لا يستحيي من الحق" ؛ وهذا هو نهاية الحياء؛ وكماله؛ وحسنه؛ واعتداله؛ فإن من فرط عليه الحياء حتى منعه من الحق؛ فقد ترك الحياء من الخالق؛ واستحيا من الخلق؛ ومن كان هكذا حرم منافع الحياء؛ واتصف بالنفاق والرياء؛ والحياء من الله هو الأصل؛ والأساس؛ فإن الله أحق أن يستحيا منه؛ فليحفظ هذا الأصل؛ فإنه نافع .
(عد؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة) ؛ الباهلي ؛ وإسناده ضعيف.