صفحة جزء
1067 - " أشعر كلمة تكلمت بها العرب؛ كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل " ؛ (م ت)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).


(أشعر كلمة) ؛ أي: قطعة من الكلام؛ من تسمية الشيء باسم جزئه؛ اتساعا؛ (تكلمت بها العرب) ؛ وفي رواية: " أصدق كلمة قالها شاعر" ؛ وفي أخرى: " أصدق بيت قاله الشاعر" ؛ وفي أخرى: أصدق بيت قالته الشعراء" ؛ وفي أخرى: " أصدق كلمة قالتها العرب" ؛ (كلمة لبيد ) ؛ ابن ربيعة بن عامر ؛ الصحابي المشهور؛ كان شريفا في الجاهلية؛ والإسلام؛ قالوا: يا رسول الله؛ وما كلمته؟ قال: (ألا) ؛ كلمة تنبيه؛ تدل على تحقق ما بعدها؛ ويقال: حرف افتتاح غير مركب؛ (كل) ؛ المشهور أنه لا يخلو استعماله عن الإضافة لفظا؛ فإن لم يكن اللفظ؛ فهو مضاف في المعنى؛ وهو هنا مبتدأ؛ وخبره قوله الآتي: " باطل" ؛ (شيء) ؛ اسم للموجود؛ ولا يقال للمعدوم شيء؛ (ما خلا) ؛ كلمة يستثنى وينصب ويجر بها؛ فإن نصبت؛ فهي فعل؛ أو جرت؛ فحرف؛ لكن إن تقدمها " ما" ؛ المصدرية؛ فناصبة؛ كما هنا؛ (الله) ؛ أي: ما عدا ذاته؛ وصفاته الذاتية؛ والفعلية؛ من رحمته؛ وعذابه؛ وغيرهما؛ وهو منصوب بـ " خلا" ؛ (باطل) ؛ أي: فان؛ أو غير ثابت؛ أو خارج عن حد الانتفاع؛ أو آيل إلى البطلان؛ أو كان باطلا - لكونه بين العدمين - مشكل بصفات الباري؛ لأن بقاءها معلوم من ذكر الذات؛ لكونها غير قابلة للانفكاك؛ وهذا قريب من قوله - سبحانه -: كل شيء هالك إلا وجهه ؛ وإنما كان ذلك أصدق كلمة لتطابق العقل والنقل على حقيقتها؛ والشهادة بها؛ قال في الكشاف: و" الشعر" : كلام مقفى موزون؛ يدل على معنى؛ أهـ؛ وقد قدم الإجماع على حل قوله الشعر؛ إذا قل؛ وخلا عن هجو وكذب وإغراق في مدح؛ وتغزل فيما لا يحل؛ وهذا البيت من قصيدة مدح بها النعمان؛ أولها:


ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

    نعيمك في الدنيا غرور وحسرة
... وعيشك في الدنيا محال وباطل

    أرى الناس لا يدرون ما قد رماهم
... بلى كل ذي روح إلى الله واصل

    ألا كل شيء ما خلا الله باطل
... وكل نعيم لا محالة زائل



وروى السلفي في مشيخته البغدادية؛ عن يعلى بن جراد؛ قال: أنشد لبيد النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: " ألا كل شيء ما خلا الله باطل" ؛ فقال: " صدقت" ؛ فقال: " وكل نعيم لا محالة زائل" ؛ فقال: " كذبت؛ فنعيم الآخرة لا يزول" ؛ وبقية الحديث عند مخرجه الترمذي : " وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم" ؛ أي: لكنه لم يوفق بالإسلام؛ مع قرب مشربه.

(م ت؛ عن أبي هريرة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية