(بلغوا عني) ؛ أي: انقلوا عني ما أمكنكم؛ ليتصل بالأمة نقل ما جئت به ؛ (ولو) ؛ أي: ولو كان الإنسان إنما يبلغه مني؛ أو عني؛ (آية) ؛ واحدة من القرآن؛ وخصها لأنها أقل ما يفيد في باب التبليغ؛ ولم يقل: "ولو حديثا"؛ إما لشدة اهتمامه بنقل الآيات؛ لأنها المعجزة الباقية من بين سائر المعجزات؛ ولأن حاجة القرآن إلى الضبط والتبليغ أشد؛ إذ لا مندوحة عن تواتر ألفاظه؛ وإما للدلالة على تأكد الأمر بتبليغ الحديث ؛ فإن الآيات مع كثرة حملتها واشتهارها وتكفل حفظ الله لها عن التحريف؛ واجبة التبليغ؛ فكيف بالأحاديث؟! فإنها قليلة الرواة؛ قابلة للإخفاء والتغير؛ ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13926القاضي البيضاوي ؛ وقال الطيبي : بقوله: "بلغوا عني"؛ يحتمل أن يراد باتصال السند بنقل عدل ثقة عن مثله؛ إلى منتهاه؛ لأن التبليغ من "البلوغ"؛ وهو انتهاء الشيء إلى غايته؛ وأن يراد أداء اللفظ كما سمعه من غير تغيير؛ والمطلوب بالحديث كلا الوجهين؛ لوقوع قوله: "بلغوا عني"؛ مقابلا لقوله: "الآن حدثوا عن بني إسرائيل ؛ ولا حرج"؛ إذ ليس في التحديث ما في التبليغ من الحرج والضيق؛ ويعضد هذا التأويل آية: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ؛ أي: وإن لم تبلغ؛ لما هو حقه؛ فما بلغت ما أمرت به؛ وحديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=664952 "نضر الله عبدا سمع مقالتي؛ فحفظها..." ؛ الحديث؛ وقوله: "ولو آية"؛ أي: علامة؛ تتميم ومبالغة؛ أي: ولو كان المبلغ فعلا؛ أو إشارة؛ بنحو يد؛ أو أصبع؛ فإنه يجب تبليغه؛ حفظا للشريعة؛ وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : فيه دليل على أن السنن يقال لها: "آي"؛ قال في التنقيح: وفيه نظر؛ إذ لم ينحصر التبليغ عنه في السنن؛ بل القرآن مما بلغ؛ وفيه جواز تبليغ بعض الحديث؛ قال الطيبي : ولا بأس به للعالم؛ وإباحة الكتابة والتقييد؛ لأن النسيان من طبع الإنسان؛ ومن اعتمد على حفظه؛ لا يؤمن عليه الغلط في التبليغ؛ فترك التقييد يؤدي إلى سقوط أكثر الحديث؛ وتعذر تبليغه؛ ذكره في شرح السنة؛ وفي الجليس للمعافى النهرواني : "الآية"؛ لغة: تطلق على العلامة الفاصلة؛ والأعجوبة الحاصلة؛ والبلية النازلة؛ فمن الأول قوله (تعالى):ألا تكلم الناس ؛ ومن الثاني: إن في ذلك لآية ؛ ومن الثالث: "جعل الأمير فلانا اليوم آية"؛ ويجمع بين هذه المعاني أنه قيل لها: "آية"؛ لدلالتها؛ وفضلها؛ وإبانتها؛ وقال: "ولو آية"؛ أي: واحدة؛ ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما عنده من الآي؛ ولو قل؛ ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به الشارع؛ أهـ؛ ( وحدثوا عن بني إسرائيل ) ؛ بما بلغكم عنهم؛ مما وقع لهم من الأعاجيب ؛ وإن استحال مثلها في هذه الأمة؛ كنزول النار من السماء لأكل القربان؛ ولو [ ص: 207 ] كان بلا سند؛ لتعذر الاتصال في التحديث عنهم؛ لبعد الزمان؛ بخلاف الأحكام المحمدية؛ (ولا حرج) ؛ لا ضيق عليكم في التحديث به؛ إلا أن يعلم أنه كذب؛ أو لا حرج ألا تحدثوا؛ وعليه فزاده دفعا لتوهم وجوب التحديث من صورة صدور الأمر به؛ قال الطيبي : ولا منافاة بين إذنه هنا؛ ونهيه في خبر آخر عن التحديث؛ وفي آخر عن النظر في كتبهم؛ لأنه أراد هنا التحديث بقصصهم؛ نحو قتل أنفسهم لتوبتهم؛ وبالنهي العمل بالأحكام؛ لنسخها بشرعه؛ أو النهي في صدر الإسلام؛ قبل استقرار الأحكام الدينية؛ والقواعد الإسلامية؛ فلما استقرت؛ أذن؛ لأمن المحذور؛ (ومن كذب علي متعمدا) ؛ يعني: ومن لم يبلغ حق التبليغ؛ ولم يحفظ في الأداء؛ ولم يراع صحة الإسناد؛ (فليتبوأ) ؛ بسكون اللام: فليتخذ؛ (مقعده من النار) ؛ أي: فليدخل في زمرة الكاذبين نار جهنم؛ والأمر بالتبوؤ تهكم؛ كما مر؛ وقد استفدنا وجوب تبليغ العلم على حامليه ؛ وهو الميثاق الذي أخذه الله على العلماء؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي : ولهذا الحديث كره قوم من الصحب والتابعين إكثار الحديث عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ خوفا من الزيادة؛ والنقصان؛ والغلط؛ حتى إن من التابعين من كان يهاب رفع المرفوع؛ فيقفه على الصحابي.
(حم خ) ؛ في بني إسرائيل ؛ (ت) ؛ في العلم؛ (عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ) .