(ثلاث) ؛ نكرة؛ هي صفة لمحذوف؛ ومن ثم وقعت مبتدأة؛ أي: خصال ثلاث؛ والخبر قوله: (من كن) ؛ أي: حصلن؛ (فيه؛ وجد) ؛ أصاب؛ (حلاوة الإيمان) ؛ أي: التلذذ بالطاعة؛ وتحمل المشقة في رضا الله ورسوله؛ وإيثار ذلك على عرض الدنيا؛ وهذا استعارة بالكناية؛ ثم شبه الإيمان بنحو العسل؛ للجهة الجامعة؛ وهو الالتذاذ؛ فأطلق المشبه؛ وأضاف إليه ما هو من خصائص المشبه به ولوازمه؛ وهو الحلاوة؛ على جهة التخييل؛ وادعى بعض الصوفية أنها حلاوة حسية؛ لأن القلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يجد طعم الإيمان ؛ كذوق الفم طعم العسل؛ يمكن كون الجملة الشرطية صفة لـ "ثلاث"؛ فيكون الخبر:["أن يكون الله..."؛] ثم إن هذه الثلاثة لا توجد إلا ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) ؛ و"أن"؛ مصدرية؛ خبر مبتدإ محذوف؛ أي: "أول الثلاثة كون الله ورسوله في محبته إياهما أكثر محبة من محبة سواهما"؛ من نفس وأهل ومال؛ وكل شيء؛ قال النووي : وعبر بـ "ما"؛ دون "من"؛ لعمومها؛ وجمعه بين اسم الله؛ ورسوله؛ في ضمير؛ لا ينافيه إنكاره على الخطيب: "ومن يعصهما"؛ لأن المراد في الخطب الإيضاح؛ لا الرمز؛ وهنا إيجاز اللفظ؛ ليحفظ؛ وأولى منه قول nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : ثنى الضمير هنا إيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين؛ لا كل واحدة؛ فإنها وحدها لاغية؛ وأمر بالإفراد في حديث nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب ؛ إشعارا بأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية؛ إذ العطف في تقدير التكرير؛ والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم؛ أهـ؛ وهنا أجوبة أخرى؛ لا ترتضى؛ ومحبة العبد ربه تنقسم باعتبار سببها؛ والباعث عليها؛ إلى قسمين؛ أحدهما ينشأ عن مشاهدة الإحسان؛ ومطالعة الآلاء؛ والنظر في النعم؛ فإن القلوب جبلت على حب المحسن إليها؛ [ ص: 287 ] ولا إحسان أعظم من إحسان الرب - تقدس - وهذا القسم يدخل فيه كل أحد؛ والثاني يتعلق بالخواص؛ وهي محبة الجلال والجمال؛ ولا شيء أكمل ولا أجمل منه؛ فلا يحد كماله؛ ولا يوصف جلاله؛ ولا ينعت جماله؛ وأسباب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرة؛ منها أنه أنقذنا به من النار؛ وأوجب لنا باتباعه الفلاح الأبدي؛ والنعيم السرمدي؛ ( وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ) ؛ أي: لا يحبه لغرض إلا لغرض رضا الله؛ حتى تكون محبته لأبويه لكونه - سبحانه - أمر بالإحسان إليهما؛ ومحبته لولده لكونه ينفعه في الدعاء الصالح له؛ وهكذا؛ (وأن يكره أن يعود في الكفر) ؛ أي: يصير إليه؛ واستعمال العود بمعنى الصيرورة غير عزيز؛ (بعد إذ أنقذه الله منه) ؛ أي: نحاه منه بالإسلام؛ (كما يكره أن يلقى في النار) ؛ لثبوت إيمانه وتمكنه في جنانه؛ بحيث انشرح صدره؛ والتذ به؛ وفيه تنبيه على [أن] الكفر كالنار؛ وإشارة إلى التحلي بالفضائل؛ وهي: حب الله ورسوله؛ وحب الخلق؛ والتخلي عن الرذائل؛ وهي كراهة الكفر؛ وما يلزمه من النقائص ؛ وهو بالحقيقة لازم للأول؛ إذ إرادة الكمال تستلزم كراهة النقصان؛ فهو تصريح باللازم؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : جعل هذه الأمور الثلاثة عنوانا لكمال الإيمان المحصل لتلك اللذة؛ لأنه لا يتم إيمان عبد حتى يتمكن في نفسه أن المنعم والقادر على الإطلاق هو الله؛ وما مانح؛ ولا مانع سواه ؛ وما عداه وسائط؛ وأن الرسول هو العطوف الحقيقي؛ الساعي في إصلاح شأنه؛ وإعلاء مكانه؛ وذلك يقتضي أن يتوجه بشراشره نحوه؛ ولا يحب ما يحبه إلا لكونه وسطا بينه وبينه؛ وإن تيقن أن جملة ما وعد به؛ وأوعد؛ حق؛ فيتيقن أن الموعود كالواقع؛ وقال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : المراد بالحب: العقلي؛ الذي هو إيثار ما يقتضي العقل؛ فالمرء لا يؤمن إلا إذا تيقن أن الشارع لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل؛ أو خلاص آجل ؛ والعقل يقتضي ترجح جانبه؛ وكماله؛ بأن يمون نفسه؛ بحيث يصير هواه تبعا لعقله؛ ويلتذ به التذاذا عقليا؛ إذ اللذة إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك؛ وليس بين هذه واللذة الحسية نسبة يعتل بها؛ والشارع عبر عن هذه الخلة بالحلاوة؛ لأنها أظهر من اللذات المحسوسة؛ فيحسب مجالس الذكر رياض الجنة؛ وأكل مال اليتيم أكل النار؛ والعود إلى الكفر إلقاء في النار.
(حم ق) ؛ في الإيمان؛ (ت ن هـ؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ) ؛ ابن مالك - رضي الله (تعالى) عنه – قال النووي - رحمه الله (تعالى) -: هذا حديث عظيم؛ أصل من أصول الإسلام.