(أحبكم إلى الله أقلكم طعما) ؛ بضم الطاء؛ أكلا؛ وكنى به عن الصوم؛ لأن الصائم يقل أكله غالبا؛ أو هو ندب إلى إقلال الأكل؛ فلا يأكل إلا ما يتقوى به على العبادة؛ وما لا بد منه للمعاش؛ (وأخفكم بدنا) ؛ أوقعه موقع التعليل لما قبله؛ فإن من قل أكله خف بدنه؛ ومن خف بدنه نشط للعبادة؛ وللعبادة تأثير في تنوير الباطن وإشراقه؛ وخفة البدن أمر محمود؛ والسمن مذموم؛ قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ما أفلح سمين قط؛ إلا محمد بن الحسن ؛ وذلك لأن العاقل إنما يهتم لآخرته ومعاده؛ أو لدنياه ومعاشه؛ والشحم مع الغم لا ينعقد؛ فإذا خلي من المعنيين صار في عداد البهائم؛ فانعقد شحمه؛ وقد تطابقت الأخبار والآثار على ذم الشبع؛ والجوع أساس سلوك الطريق إلى الله - سبحانه وتعالى -؛ فلذلك خص بالأحبية؛ قالوا: شبع يحيى بن زكريا - عليه الصلاة والسلام - ليلة؛ من خبز الشعير؛ فنام عن ورده؛ فأوحى الله (تعالى) إليه: " يا يحيى؛ هل وجدت دارا خيرا من داري؛ وجوارا خيرا من جواري؟! وعزتي وجلالي؛ لو اطلعت على الفردوس اطلاعة لذاب جسمك وزهقت روحك اشتياقا؛ ولو اطلعت على جهنم اطلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع؛ ولبست الحديد بعد النسوج" ؛ وقال الشاذلي: جعت مرة ثمانين يوما؛ فخطر لي: أيحصل لي من ذلك شيء؟ وإذ بامرأة خرجت من مغارة؛ كأن وجهها الشمس حسنا؛ وهي تقول: منحوس؛ جاع ثمانين يوما؛ فأخذ يدل على ربه بعمله؛ ها أنا لي ستة أشهر لم أذق طعاما قط؛ قال الغزالي: من أبواب الشيطان العظيمة الشبع؛ ولو من حلال؛ فإنه يقوي الشهوات؛ وهي أسلحة الشيطان؛ وروي أن إبليس ظهر لسيدنا يحيى - عليه الصلاة والسلام - فرأى عليه معاليق من كل شيء؛ فقال: " ما هذه؟" ؛ فقال: الشهوات التي أصيد بها بني آدم؛ قال: " فهل لي فيها شيء؟" ؛ قال: ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر؛ قال: " لله علي ألا أملأ بطني أبدا" ؛ قال إبليس: ولله علي ألا أنصح أبدا. [ ص: 176 ] (فر؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ) - رضي الله (تعالى) عنهما -؛ ورواه عنه أيضا (ك)؛ في تاريخه؛ ومن طريقه؛ وعنه أورده nindex.php?page=showalam&ids=16138الديلمي مصرحا؛ فلو عزاه إليه لكان أولى؛ ثم إن فيه nindex.php?page=showalam&ids=11948أبا بكر بن عياش؛ قال الذهبي - رحمه الله -: في الضعفاء؛ ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير؛ وهو ثقة؛ ومن ثم رمز لضعفه.