(معنى حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد سلف في الزكاة، وحديث المغيرة سلف في قيامه - عليه السلام -).
ومعنى ("يستعف") لا يلحف في المسألة، كذا شرحه ابن التين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: من يعفه الله يستعفف، وكذا: من نصره الله ينصر ومن يغنه الله يستغن، وهذا مثل قوله تعالى: فأما من أعطى واتقى الآية، [الليل: 5]، وبين صحة هذا قوله تعالى: ثم تاب عليهم ليتوبوا [التوبة: 118] فلولا ما سبق في علمه أنه قضى لهم بالتوبة ما تابوا، وكذلك في العفة والغنى والصبر، لولا ما سبق في علمه أنهم ممن يقع ذلك منهم ما قدروا على شيء من ذلك بفعلهم، يبين ذلك قوله - عليه السلام -:nindex.php?page=hadith&LINKID=664432 "اعملوا فكل ميسر لما خلق له". وهذا حجة في أن أفعال العباد خلق الله تعالى.
وقوله: ("يعفه الله") أي: يرزقه ما يعفه إما المال أو القناعة.
وقوله: (ترم)، يقال: ورم يرم بالكسر فيهما وهو شاذ مثل: يئس. قال الأصمعي: يقال يئس ييئس، وحسب يحسب، ونعم ينعم بالكسر فيهن. وقال أبو زيد: علياء مضر يكسرون العين فيهن وسفلاها يفتحونها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه، هذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين بمعنى، يئس ييأس، وياءس يئس لغتان، ثم ركب منهما، وأما: ورم يرم، وومق يمق و (نفق ينفق)، (وولي يلي)، وورث يرث فلا يجوز فيهن إلا الكسر لغة واحدة.
وسئل الحسن عن قوله - عليه السلام - حين سئل عن الإيمان، فقال: "الصبر والسماح". فقيل للحسن: ما الصبر والسماح؟ قال: السماح لفرائض
[ ص: 495 ] الله، والصبر عن محارم الله. وقال الحسن: وجدت الخير في صبر ساعة.
فصل:
الصبر في حديث المغيرة صبر على العمل بطاعة الله; لأنه - عليه السلام - كان يصلي بالليل حتى ترم قدماه، ويقول: "أفلا أكون عبدا شكورا؟!". واختلف السلف في حد الشكر كما قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري، فقال بعضهم: شكر العبد ربه على أياديه عنده، ورضاه بقضائه وتسليمه لأمره فيما نابه من خير أو شر. ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس، عن بعض أصحابه. وقال آخرون: شكر العبد طاعته لربه، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ومحمد بن كعب.
وقال آخرون: هو الإقرار بالنعم أنها لله وأنه المتفضل بها، وقالوا: الحمد لله والشكر معنى واحد، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن زيد.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: والصواب في ذلك أن شكر العبد هو إقراره بأن ذلك من الله دون غيره، إقرارا بحقيقة الفعل ويصدقه العمل، فأما الإقرار الذي يكذبه العمل فإن صاحبه لا يستحق اسم الشاكر بالإطلاق، ولكنه يقال: شكر باللسان، والدليل على صحة ذلك. قوله تعالى: اعملوا آل داود شكرا [سبأ: 13] ومعلوم أنه لم يأمرهم، إذ قال لهم ذلك بالإقرار بنعمته; لأنهم كانوا لا يجحدون أن يكون ذلك تفضلا منه عليهم، وإنما أمرهم بالشكر على نعمه بالطاعة له بالعمل. وكذلك قال نبينا حين تفطرت قدماه ما سلف.
فإن قلت: أي المنزلتين أعلى الصبر أو الشكر؟ قيل: كل رفيع الدرجة شريف المنزلة، وما ذو العافية والرخاء، كذي الفاقة والبلاء
[ ص: 496 ] وفي قوله: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر: 10] وخصوصه إياهم من الأجر على صبرهم دون سائر من ضمن له ثوابا على عمله ما يبين عن فضل الصبر، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - رضي الله عنه - رفعه: "يود أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم في الدنيا كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من ثواب الله لأهل البلاء".
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا من حديث أم هانئ - رضي الله عنها - قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أبشري فإن الله قد أنزل لأمتي الخير كله، إن الحسنات يذهبن السيئات" قلت: بأبي وأمي، وما الحسنات؟ قال: "الصلوات الخمس". ودخل علي فقال: "أبشري فإن الله قد نزل خيرا لا شر بعده" قلت: بأبي وأمي، ما هو؟ قال: "أنزل الله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، فقلت: يا رب، زد أمتي".