إنما كانوا يعدون الصغائر من الموبقات; لشدة خشيتهم لله، وإنه لم يكن لهم كبائر، ألا ترى أن إبراهيم - عليه السلام - إذا سئل الشفاعة يوم القيامة يذكر ذنبه بتلك الكلمات الثلاث: في زوجته، وإني سقيم، وفعله كبيرهم. فرأى ذلك من الذنوب، وإن كان لقوله وجه صحيح فلم يقنع من نفسه إلا بظاهر يطابق الباطن، وهذا غاية الخوف، والمحقرات إذا كثرت صارت كبائر; للإصرار عليها والتمادي فيها، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، عن nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم
أبي عمران أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=50أبا أيوب يقول: إن الرجل ليعمل الحسنة (فيثق) بها، ويعمل المحقرات فيلقى الله يوم القيامة، وقد أحاطت به خطيئته، وإن الرجل ليعمل السيئة فما يزال منها مشفقا حذرا حتى يلقى الله يوم القيامة آمنا.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنها تجمع حتى تهلك صاحبها، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ضرب لنا مثلا كمثل ركب نزلوا بأرض فلاة، فلم يجدوا فيها حطبا;
[ ص: 548 ] فانطلق كل واحد منهم فجاء بعود حتى اجتمعت أعواد; فأوقدوا نارا أنضجت ما جعل فيها. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال أبو عبد الرحمن الحبلي: مثل الذي يجتنب الكبائر ويقع في المحقرات كرجل لقاه سبع فاتقاه حتى نجا منه، ثم لقيه فحل إبل فاتقاه فنجا منه، فلدغته نملة فأوجعته، ثم أخرى ثم أخرى حتى اجتمعن عليه فصرعنه; فكذلك الذي يجتنب الكبائر ويقع في المحقرات.
وقال الصديق - رضي الله عنه -: إن الله يغفر الكبير فلا تيأسوا، ويعذب على الصغير فلا تغتروا.