[ ص: 187 ] الأيمان بفتح الهمزة: جمع يمين، والنذور بالذال المعجمة: جمع نذر، وهذا الباب ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال قبيل البيوع وبعد الأشربة. ولا أدري لم فعله.
ثم ساق خمسة أحاديث:
أحدها:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - أن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يكن يحنث في يمين قط حتى أنزل الله كفارة اليمين، وقال: لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني .
اختلف العلماء في تفسير اللغو ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - كما سيأتي.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12425القاضي إسماعيل : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وذلك عند اللجج، والغضب، والعجلة.
وقال ثاني الأربعة: هو أن يحلف على الشيء يظنه كذلك، ثم يتبين على خلافه، روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أيضا.
وقوله: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان قال nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : أي: أوجبتم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : معناه أن يقول: والله الذي لا إله إلا هو، وقرأ أبو عمرو : (عقدتم) وقال: معناه: وكدتم.
[ ص: 189 ] وروى نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما -: كان إذا حنث من غير أن يؤكد اليمين أطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مدا، وإذا وكد اليمين أعتق رقبة .
قيل لنافع : ما معنى وكد؟ قال: أن يحلف على الشيء مرارا، وكذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، قال: وعليه كفارة واحدة، قال: وكذا إذا قال: والله لا آكل هذا الطعام، ولا ألبس هذا الثوب، ولا أدخل هذا البيت في يمين واحدة، عليه كفارة واحدة. قال: وإنما ذلك كقول الرجل لامرأته: أنت الطلاق إن كسوتك هذا الثوب (وأذنت لك) إلى المسجد، يكون ذلك نسقا متتابعا في كلام واحد; فإن حنث في شيء واحد من ذلك، فقد وجب عليه الطلاق، وليس عليه فيما فعل بعد ذلك حنث، وإنما الحنث في ذلك حنث واحد. وهي يمين واحدة، وإن كانا في مجلسين، إذا كانا على شيء واحد.
وقولها: (إن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يحنث في يمين قط) معناها: الزمان، يقال: ما رأيته قط. قال nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : أي كانت قطط، فلما سكن الحرف الثاني للإدغام جعل الآخر متحركا على إعرابه، ومنهم من يقول: قط بإتباع الضمة الضمة، مثل مد; وتخفف أيضا، وهي قليلة، وقط مخففة تجعله أداة، ثم تبنيه على أصله، ويضم آخره بالضمة التي في المشددة.
فصل:
قوله: "وكفر عن يمينك وائت الذي هو خير" فيه الكفارة قبل الحنث، وقد اختلف فيه إذا كان في يمينه على بر على أقوال أربعة، ففي "المدونة": قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : اختلفنا في الإيلاء، فسألنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ، فقال: بعد الحنث أعجب إلي، وإن فعل أجزأ. وقال في كتاب محمد : فمعنى الحديث: من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب عنه أنه أجاز ذلك ابتداء.
[ ص: 191 ] وذكر ابن الجلاب عنه أنه قال مرة: لا يجزئ، وقيل: يجزئ إن كانت يمينه بالله تعالى، ولا يجوز إن كانت بغيره من طلاق أو عتق أو مشي أو صدقة، يريد ما لم تكن يمينه بعتق معين، أو ناجز طلقة في امرأته.
وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن كان يستثني في يمينه على حنث، فقال: لأفعلن، ولم يضرب أجلا - أن يقدم الكفارة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون في "ثمانية أبي زيد " فيمن حلف بالله ليتصدقن بدينار، فأراد أن يحنث نفسه، فيكفر ولا يتصدق: لا يخرجه حتى يحنث، واليمين عليه كما هي.
وروي: nindex.php?page=hadith&LINKID=660123 "فليأت الذي هو خير وليكفر" وكلاهما يتضمن الجواز; لأن الواو لا تقتضي الترتيب، فتركهم على مقتضاها، وتقدم الخلاف: أيهما أحب، الكفارة أو الحنث؟ ولو كان تقديمها غير جائز لأبانه وقال: فليفعل ثم يكفر؛ إذ لا يجوز التأخير عن الحاجة، والفاء في قوله: "فكفر" وفي قوله: "فليأت الذي هو خير ويكفر" إنما أبان ما يفعله بعد اليمين، وهما سيان، كفارة وحنث، كالقائل: إذا دخلت الدار فكل واشرب. ولم يقدم بعد الدخول أحدهما على الآخر، مثل: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم [المائدة: 6] وستأتي المسألة مبسوطة قريبا.
[ ص: 192 ] فصل:
الرهط: ما دون العشرة من الرجال، لا يكون فيهم امرأة، كما سلف، ولا واحد لهم من لفظه، مثل ذود، والجمع أرهط، وأرهاط، والذود من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشرة، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، والكثير: أذواد، ذكره الجوهري ، وقيل: الذود: الواحد من الإبل، بدليل قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=651317 "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" .
قال القزاز : والعرب تقول: الذود: من الثلاثة إلى السبعة، وكذلك يقولون: الذود إلى الذود إبل، يريدون الجمع إلى الجمع إبل، وقال أبو عبيدة : هو ما بين الثنتين إلى (السبع) من الذود، والإناث دون الذكور.
قلت: وكذلك قال: "ثلاث ذود" ولم يقل ثلاثة، وقال: بعدها خمس ذود.
وقوله: (غر الذرى) أي: بيض أعلى أسنمتهن، غر جمع أغر، وهو الأبيض في حسن، ومن ذلك قيل للثنايا إذا كانت بيضا حسانا: هن غر. و(ذرى) بالضم، جمع ذروة بالكسر، وهو أعلى السنام، وهذا الجمع نادر قليل، مثل: كسوة وكساء.
قوله: ("نحن الآخرون السابقون") . أي: آخر الأمم السابقون يوم القيامة في الحساب ودخول الجنة.
فصل:
وقوله: ("لأن يلج أحدكم بيمينه") وقوله: ("ومن استلج في أهله بيمين") قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : يعني الخدعة التي يحلف عليها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : استلج من: اللجاج، يعني أنه يقيم عليها ولا يكفرها فيتحللها، وقاله شمر، وزاد: ويزعم أنه صادق. وقيل: هو أن يحلف ويرى غيرها خيرا منها، فيقيم على ترك الكفارة، فذلك آثم. وقال النضر: استلج فلان متاع فلان و(لججه) : إذا ادعاه، وفي "الصحاح": لججت بالكسر، تلج لجاجا، ولجاجة، ولججت بالفتح لغة.
ورويناه: "لأن يلج" بفتح اللام، من لججت بكسر الجيم في ماضيه، وفتح اللام في مستقبله.
وقوله: ("بيمين هو أعظم إثما ليس تغني الكفارة") يعني مع (بعد) الكذب في الأيمان، وهكذا في رواية أبي ذر وفي رواية الشيخ أبي الحسن : "ليس تغني الكفارة" وهذا موافق لتأويل nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أنه لا يستديم على لجاجته، ويمتنع من الكفارة، إذا كانت خيرا من التمادي.
والاستلجاج في أهله: هو أن يحلف أن لا ينيلها خيرا، أو لا يجامعها، أو لا يأذن لها في زيارة قرابة، أو مسير إلى مسجد، فتماديه في هذه اليمين وبره فيها آثم له عند الله من أنه لا يكفر يمينه; لأن من فعل ذلك فهو داخل في معنى قوله: (تألى) أن لا يفعل خيرا. وهذا منهي عنه.
وقد جاء مصداق هذه الأحاديث في كتاب الله، قال تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس [البقرة: 224] قال أهل التفسير: نزلت هذه الآية في الرجل يحلف أن لا يبر، ولا يصل قرابته ورحمه، ولا يصلح بين اثنين، فأمروا بالصلة والمعروف والإصلاح بين الناس.
والعرضة في كلام العرب: القوة والشدة، يقال: هذا الأمر عرضة لك، أي: قوة وشدة على أشيائك، فمعناه على هذا: لا تجعلوا يمينكم قوة لكم في ترك فعل الخير.
[ ص: 195 ] فصل:
وأما قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : "ليس تغني الكفارة" هكذا رواه جماعة، وروى أبو الحسن القابسي : "ليبر يعني: الكفارة" وكذا رواه النسفي ، وهو الصواب. ومن روى: "ليس تغني الكفارة" فلا معنى له; لأن الكفارة تغني غناء شديدا، وقد جعلها الله تحلة الأيمان.
ومعنى قوله: "ليبر" أي: ليأتي البر، ثم فسر ذلك البر ما هو بقوله: يعني الكفارة؛ خوفا من أن تظن أنه من إبرار القسم والتمادي على اليمين، وهذا الحديث يرد قول nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، فإنهم ذهبوا إلى أنه يفعل الذي هو خير، ولا كفارة عليه. وقولهم خلاف الأحاديث فلا معنى له.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: قاله nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق لما حلف أن لا يبر مسطحا لما تكلم في قضية الإفك، وأنزل الله: ألا تحبون أن يغفر الله لكم [النور: 22] قال: بلى يا رب، إنا لنحب ذلك، ثم عاد إلى بره كما كان أولا، وقال: والله لا أنزعها عنه أبدا.
فقال: حديث الطفاوي خطأ، والصحيح عن هشام ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: كان أبو بكر . الحديث.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم من حديث سفيان ، عن هشام ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: أن أبا بكر قال: لا أحلف على يمين فأرى (غيرها) خيرا منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن هشام ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني .
وكذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: إذا حلفت على يمين فرأيت خيرا منها كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير . معناه قبل الكفارة.
حدثني به ابن الطباع ، عن شريك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11983أبي حصين ، عن قبيصة بن جابر عنه.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16272أبي النعمان محمد بن الفضل ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم ، أنا الحسن ، أنا nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة . وأخرجه في كتاب: الكفارات، كما سيأتي عن محمد بن عبد الله ، ثنا عثمان بن عمر بن فارس ، أنا nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون ، عن الحسن به، ثم قال: تابعه (أشهل) بن حاتم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون . وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15304أبو معمر ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث ، ثنا يونس ، عن الحسن ، عن عبد الرحمن نحوه، وتابعه يونس ، nindex.php?page=showalam&ids=16053وسماك بن عطية، nindex.php?page=showalam&ids=16052وسماك بن حرب، وحميد، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، ومنصور، وهشام، والربيع بن صبيح .
أما متابعة منصور، وحميد، وسماك، وهشام بن حسان، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، فذكرها nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، فقال: حدثنا ابن حجر ، ثنا هشام ، عن يونس ، وحميد ، ومنصور ، وثنا أبو كامل ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16053سماك بن عطية، ويونس بن عبيد، وهشام بن حسان في آخرين، وثنا عقبة بن [ ص: 198 ] مكرم ، وثنا nindex.php?page=showalam&ids=15994سعيد بن عامر ، عن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة (كلهم) عن الحسن ، عن ابن سمرة بهذا الحديث، قال: وتابعه أيضا عون ، nindex.php?page=showalam&ids=15627وجرير بن حازم، وعمرو بن عبيد، وقرة، وأبو عقيل، وعباد بن كثير، وعباد بن راشد، والحسن بن دينار ، وجماعة.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم في "ناسخه ومنسوخه" من حديث علي بن زيد ، عن الحسن ، عن (ابن سمرة) مرفوعا "إذا حلفت على يمين" الحديث، إلى قوله: "فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك" ومن حديث الهيثم بن حميد ، عن زيد بن وافر ، عن (بسر) بن عبيد الله ، عن ابن عائذ ، عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء مرفوعا: "إن حلفت فرأيت أن غير ذلك أفضل كفر عن يمينك، وأت الذي هو أفضل" قال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : فاختلف هذا الحكم، والوجه في ذلك أنه جائز كله أن يكفر قبل أو بعد، وبيان ذلك في كتاب الله حيث فرض كفارة الظهار، فقال: من قبل أن يتماسا [المجادلة: 3].
فصل:
ذكر أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي في كتاب "الانتفاع بجلود الميتة" أن رجلا نذر نذرا لا ينبغي من المعاصي، فأمره nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب [ ص: 199 ] أن يوفي بنذره (فسأل الرجل nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، فأمره بالتكفير، وأن لا يوفي بنذره) وأخبر الرجل سعيدا فقال: لينتهين nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة أو ليوجعن الأمراء ظهره، فرجع الرجل، فأخبر nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة فقال: سله عن نذرك، أطاعة هو أم معصية؟ فإن قال: هو طاعة، فقد كذبت على الله; لأنه لا تكون معصية الله طاعته، وإن قال: هو معصية، فقد أمرك بمعصية الله.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده يرفعه "لا نذر إلا ما ابتغي به وجه الله" .
روى أبو موسى، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: الأيمان أربعة، يمينان يكفران وهو أن يقول الرجل: والله لا أفعل، فيفعل، أو يقول: والله ليفعلن، ولا يفعل، ويمينان لا يكفران: يقول الرجل: والله ما فعلت، وقد فعل، أو يقول: والله لقد فعلت، وما فعل .
نذر يتضمن طاعة، قال - عليه السلام -: "كفارته الوفاء به" أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12644ابن الجارود في "منتقاه" عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا.
ونذر يتضمن معصية، قال - عليه السلام - في هذا الحديث: "لا وفاء فيه، وعليه كفارة يمين" nindex.php?page=showalam&ids=12510ولابن أبي عاصم ، عن عمران : "لا نذر في معصية".
ونذر مباح كالمشي إلى مصر ، أو إلى الشام ، وشبهه، وقد سكت عنه الشارع على ما في حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن لا يستظل ولا يتكلم، فأمره - عليه السلام - بالتكلم والاستظلال. قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ولم أسمع أنه - عليه السلام - أمر بكفارة، وقد أمره أن يتم ما كان فيه طاعة، ويترك ما كان فيه معصية.
وعن عبد الله بن زيد : لا نذر في معصية الله، وعن nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني مثله.
[ ص: 201 ] وفي "تاريخ nindex.php?page=showalam&ids=12011أبي زرعة الدمشقي " حديث nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة (مرفوعا): nindex.php?page=hadith&LINKID=674770 "لا نذر في معصية" وعلله، وقد سلف حديثها أيضا، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاصي .
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم : من حلف على إثم، ففرض عليه أن لا يفعله، ويكفر ، وإن حلف على ما ليس إثما، ولا طاعة، فلا يلزمه ذلك. قال: وقال بعض أصحابنا: يلزمه إذا رأى غيرها خيرا منها، واحتجوا بقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=660123 "فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" قال: وهو احتجاج صحيح لولا ما رويناه من قول القائل لرسول الله إذ ذكر له الصلوات الخمس: هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع" وقال: في الصوم والزكاة كذلك، فقال: والله لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن، فقال - عليه السلام -: nindex.php?page=hadith&LINKID=650044 "أفلح إن صدق" ولا شك في أن التطوع بعد الفرض أفضل من ترك التطوع، وأنه خير، ولم ينكر يمينه بذلك، ولا أمره بأن يأتي الذي هو خير، بل حسن له ذلك، فصح أن أمره - عليه السلام - بذلك إنما هو ندب. أي: وإن قيل: إن كلامه في ترك الزيادة والنقص راجع إلى تبليغ ما سمع; لأنه (كان) وافد قومه، ففيه بعد.
[ ص: 202 ] فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : ومن أراد أن يحنث فله أن يقدم الكفارة قبله، أي الكفارات لزمته من عتق، أو كسوة، أو إطعام، أو صيام، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأبو سليمان : لا يجزئه ذلك إلا بعد الحنث. (وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أما العتق، أو الكسوة والإطعام، فيجوز تقديمه قبله، وأما الصوم فلا يجزئ إلا بعده) وحجته: أنها من فرائض الأموال، وهي من حقوق الناس، وجائز تقديمها قبل آجالها، وأما الصوم فمن فرائض الأبدان لا يجوز تقديمه قبل وقته.
وهم موافقون لنا أن التعجيل متوقف على الرضا، دون حقوق الله الموقت بوقت، ثم حقوق الناس التأخير فيها جائز والإسقاط بخلاف الكفارات.
وتناقض المالكيون ، فمنعوا تقديم الزكاة إلا قبل الحول بشهر، ونحوه، وتقديم زكاة الفطر إلا قبل الفطر بيومين، ولم يجيزوا تقديم كفارة الظهار أصلا، ولا بساعة، قبل ما يوجبها، ولا كفارة القتل خطأ قبل ما يوجبه من موت المقتول، ولا بطرفة عين، ولا كفارة قتل الصيد في الحرم قبل قتله. وأجازوا إذن الورثة للموصي في أكثر من الثلث قبل أن يجب لهم المال بموته، فظهر التناقض في أقوالهم.
وتناقض الحنفيون أيضا; فإنهم أجازوا تقديم الزكاة قبل الحول بثلاثة أعوام، وتقديم زكاة الزرع إثر زرعه في الأرض، وأجازوا تقديم جزاء الصيد قبل موته، وتقديم كفارة قتل الخطأ قبل موت المجروح، ولم يجيزوا للورثة الإذن في الوصية بأكثر من الثلث قبل [ ص: 203 ] أن يجب المال لهم بالموت، ولا أجازوا إسقاط الشفيع حقه من الشفعة، ولا عرض شريكه أحد الشقصين قبل وجوب أخذه له بالبيع، وكلهم لا يجيز الاستثناء قبل اليمين، ولا قضاء دين قبل أخذه، ولا صلاة قبل وقتها. قال: وأصحابنا قالوا: لا تجب الكفارة إلا بالحنث، وهي فرض بعد الحنث بالنص والإجماع، فتقديمها قبل أن يحنث تطوع لا فرض، ومن المحال إجزاؤه عن الفرض.
ثم إنا نوافقهم على أنه لا يجزئ شيء من الشريعة قبل وقته، إلا في موضعين:
كفارة اليمين، فجائز تقديمها قبل الحنث، لكن بعد إرادة الحنث، ولا بد، وإسقاط الشفيع حقه بعد العرض عليه أن يأخذ أو يترك قبل البيع، فإسقاطه حقه حينئذ لازم له فقط، وإنما فعلنا ذلك للنصوص المخرجة لهذين الحكمين عن حكم سائر الشريعة في أنه لا يجزئ ولا يجوز أداء شيء منها قبل الوقت الذي حده الله.
وقد احتج بعض من وافقنا في تصحيح قولنا هنا، بأن قال: قال الله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [المائدة: 89] والكفارة واجبة بنفس اليمين، ولا حجة في هذا; لأنه قد جاء النص والإجماع المتفق على أن من لم يحنث فلا كفارة عليه ، فصح أنه ليس بنفس اليمين تجب الكفارة.
فهذه الأحاديث جامعة لجميع أحكام ما اختلفوا فيه من جواز تقديمها قبل الحنث.
وفي حديث عدي الجمع بين الحنث والكفارة بواو العطف التي لا تعطي رتبة. وهكذا جاء من طريق nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري . فوجب استعمال جميعها، ولم يكن بعضها أولى بالطاعة، ولا تحل مخالفة بعضها لبعض، فكان ذلك جائزا.
سلمنا أن (ثم) فيها لغير التعقيب، فلا يجب ذلك لها حيثما وجدت; لأن ما خرج بدليل لا يعمم.
[ ص: 206 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وقولنا هو قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، أن مسلمة بن مخلد، nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي - رضي الله عنهما - كانا يكفران قبل الحنث .
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن أشعث، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، أن nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء دعا غلاما له، فأعتقه، ثم صنع الذي حلف عليه .
وحدثنا أزهر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون ، أن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين كان يكفر قبل الحنث، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والحسن، وربيعة، وسفيان، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق، وسليمان بن داود، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور، وأبي خيثمة ، وغيرهم -رحمهم الله- ولم نعلم لمن ذكرنا مخالفا من الصحابة، إلا أن مموها موه برواية nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن الأسلمي -هو إبراهيم بن أبي يحيى - عن رجل سماه، عن محمد بن زياد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان لا يكفر حتى يحنث. وهذا باطل; لأن ابن أبي يحيى مذكور بالكذب عمن لم يسم، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة; لأنه ليس فيه أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يجزها قبل الحنث، إنما فيه أنه كان يؤخرها بعده فقط، ونحن لا ننكر هذا.
فصل:
سلف حديث أبي بكر .
[ ص: 207 ] nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق قال أتي عبد الله بضرع ونحن عنده، فاعتزل رجل من القوم، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله -يعني ابن مسعود -: ادن، فقال الرجل: إني حلفت أن لا آكل ضرع ناقة، فقال: ادن فكل (وكفر) .
وحدثنا حفص ، عن عبيد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يكفر (بعد) أن يحنث .
(وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة ) عن nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين أنه قال: كانوا يقولون: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدع يمينه وليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه .
وحدثنا محمد بن بكر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال: قلت له: حلفت على أمر غيره خير منه، أدعه وأكفر عن يميني؟ قال: نعم .
فقال: هذا حديث مرسل، فأذينة لم يدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن أذينة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في العنبر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي في كتاب "الصحابة" بعد ذكر هذا الحديث: لا أعلم روى أذينة غيره، ولا رواه عن أبي إسحاق إلا nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص .
وذكره في الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي، nindex.php?page=showalam&ids=13564وابن منده، وأبو نعيم، وأبو عمر، وأبو عروبة الحراني في الطبقة الرابعة منهم الذين أسلموا بعد الفتح ممن لا يعرف نسبهم.
وقال أبو سليمان بن زبر في "الصحابة": كوفي له صحبة.
ولما ذكره العسكري في "المعرفة" قال: قال بعضهم: لا تثبت له صحبة.
[ ص: 209 ] فصل:
روى nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي بإسناد ضعيف، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأتها، فإنها كفارتها، إلا طلاقا أو عتاقا ".
وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا بإسناد ضعيف: "من قال لرجل: تعال أقامرك فقد وجب عليه كفارة يمين" .
قد أسلفنا في تفسير الآية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا كررت اليمين، ولو تعدد المجلس أنها واحدة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : إن حلف مرتين على شيء واحد، فهي يمين واحدة، إذا نوى توحدها، وإن كانتا في (مجلس) وإن أراد يمينا أخرى، والتغليظ فيها، فهي يمينان. وروي عنه توحدها وإن حلف مرارا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : من حلف في أمر واحد بأيمان فواحدة ما لم يكفر. وقال البتي : إن أراد الأولى فواحدة، أو التغليظ، فلكل واحدة كفارة.
[ ص: 210 ] وقال الحسن بن حي : إذا قال: والله لا أكلم فلانا، والله لا أكلم فلانا في مجلس واحد فواحدة، وإن قال: والله لا أكلم فلانا، ثم قال: والله لا أكلم فلانا فثنتان.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : إذا قال: والله لا أفعل كذا، والله (لا أفعل) كذا في الشيء الواحد، فإن أراد التكرار، فواحدة، وإن لم يكن نية، فإن أراد التغليظ فثنتان. قال: وإن قال ذلك في مجلسين فهما يمينان.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كفارة واحدة مطلقا (وعنه، وابن الحسن ) فيمن قال: والله، والرحمن لأفعلن كذا: هما يمينان، إلا أن يكون أراد الكلام الأول فواحدة. ولو قال: والله الرحمن فواحدة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : قوله: والله الرحمن واحدة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : من قال: والله والرحمن عليه ثنتان، وإن قال: والسمي والعليم والحكيم، فثلاث. وكذلك لو قال: علي عهد الله وميثاقه وكفالته، ثلاث.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي في الرجل يردد الأيمان في الشيء الواحد: واحدة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن : إذا حلف بأيمان شتى على أمر واحد فحنث، فإنما عليه كفارة واحدة، فإن حلف أيمانا شتى، في أشياء شتى (في أيام شتى) فعليه عن كل يمين كفارة.
[ ص: 211 ] فصل:
واختلفوا فيما يجب على من حلف بالعهد (فحنث): فقالت طائفة: عليه كفارة يمين، سواء نوى اليمين أم لا، روينا هذا عن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والحارث العكلي nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: ليست بيمين، إلا أن يريد يمينا. كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبو عبيد، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور، واختلف فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر بعد حكايته ذلك: وكما قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أقول. قال: وكان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقول: إذا قال علي عهد الله وميثاقه وكفالته إن فعلت كذا وكذا، وجب عليه ثلاث كفارات. وقد أسلفنا هذا عنه. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليست بيمين إلا أن يريد يمينا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : إذا قال: علي عهد الله وميثاقه فهي يمين يكفرها، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري .
وقد عقد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بابا في الحلف بالعهد، كما سيأتي.
فصل:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه -: "من استلج في أهله": ساقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن إسحاق -يعني ابن إبراهيم - ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15473يحيى بن صالح ، ثنا معاوية ، عن يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسله، ثم ساقه بإسناده بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=688261 "إذا استلج الرجل في يمينه فهو آثم عند الله من الكفارة التي أمره الله تعالى بها" .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : لم يعن بهذا الحديث الكفارة، والحالف باليمين الغموس لا يسمى مستلجا في أهله، ومعناه: أن يحلف المرء أن يحسن إلى أهله، وأن لا يضر بهم، ثم يلج في أن يحنث فيضر بهم ولا يحسن إليهم ، ولا يكفر عن يمينه، فهذا بلا شك مستلج بيمينه في أهله أن لا يفي بها، وهو أعظم إثما بلا شك. والكفارة لا تغني عنه، ولا تحط إثم إساءته إليهم، وإن كانت واجبة عليه لا يحتمل هذا الخبر معنى غيره.
فصل:
روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بإسناد جيد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما -: "اليمين حنث أو ندم" .
وعن محمد بن قيس ، عن أبيه أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال: لا أنذر نذرا أبدا .
[ ص: 213 ] فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن من قال: إن شفى الله مريضي، أو شفاني من علتي، أو قدم غائبي، وما أشبه ذلك، فعلي من الصوم كذا، أو من الصلاة كذا، أو من الصدقة كذا أن عليه الوفاء بنذره.
واختلفوا فيمن نذر (نذر) معصية ، فروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أنهم قالوا: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين" وحكي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، والنعمان .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : لا كفارة فيه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وبه أقول للثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا نذر في معصية" يعني بذلك: ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . وعند nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي زيادة: "ويكفر عن يمينه".
ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - مرفوعا بنحوه.
[ ص: 214 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: عليه أغلظ الكفارات: عتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا. وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وجابر: عليه كفارة يمين. وروي أيضا عن الحسن وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ( nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ) nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : عليه كفارة يمين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا نذر عليه، ولا كفارة. قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: في النذر عتق رقبة، أو كسوة عشرة مساكين، أو إطعام ستين مسكينا، فإن لم يجد فصيام شهرين . وكان nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري يقول قولا خامسا: إن كان في طاعة الله (فكفارة) وإن كان في معصية الله، فليقرب إلى الله ما شاء. وفيه قول سادس وهو: إن كان نوى شيئا فهو ما نوى، أو سمى شيئا فهو ما سمى، وإن لم يكن نوى ولا سمى فإن شاء صام، وإن شاء أطعم مسكينا، وإن شاء صلى ركعتين. وقال أبو عمر كفارة النذر المبهم كفارة يمين عند أكثر العلماء. وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في النذر المبهم كفارة يمين، ولم يقل: مغلظة. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على اختلاف. وقد روي عنه: (عليه) عتق رقبة.
[ ص: 215 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : فيها عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا. وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثله.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : إني لأعجب ممن يقول: النذر يمين مغلظة، ثم قال: يجزئه إطعام عشرة مساكين. (وقاله) الحسن ، وهو قول إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد وجماعة الفقهاء أهل الفتيا بالأمصار. وقد روي في أن النذر المبهم كفارته كفارة يمين حديث مسند، وهو أعلى ما روي في ذلك وأجل، حدثناه سعيد بن نصر ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، ثنا أبو بكر ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن إسماعيل بن (رافع )، عن خالد بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=100809 "من نذر نذرا لم يسمه فعليه كفارة يمين" .
قلت: فيه انقطاع بين خالد وعقبة ، وهو في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12289أحمد بن منيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، عن محمد مولى المغيرة بن شعبة ، حدثني كعب بن علقمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17060أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني ، عن عقبة . ثم قال: حسن صحيح غريب.
[ ص: 216 ] ورواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود أيضا: عن هارون بن عباد الأزدي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال أبو القاسم : رواه nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن كعب ، عن ابن شماسة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17060أبي الخير . ورواه الحارث بن مسكين، وأحمد بن يحيى بن وزير، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، فأسقط nindex.php?page=showalam&ids=17060أبا الخير .
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : اختلفوا في وجوب قضاء النذر عن الميت على وارثه ، فقال أهل الظاهر : يقضيه عنه وليه الوارث، وهو واجب عليه، صوما كان أو مالا. وقال جمهور الفقهاء: ليس ذلك على الوارث بواجب، فإن فعل فقد أحسن، إن كان صدقة أو عتقا.
واختلفوا في الصوم إذا أوصى الميت به ، فقالت طائفة: هو في (ثلثه) وقال آخرون: كل واجب عليه في حياته إذا أوصى به (فهو في رأس ماله) وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "الموطأ": عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمته أنها حدثته عن (جدتها) أنها كانت (جعلت) على نفسها مشيا إلى مسجد قباء ، فماتت ولم تقضه، فأفتى nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ابنتها أن تمشي عنها. قال: لا خلاف عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه لا يمشي [ ص: 217 ] أحد عن أحد، ولا يصلي، ولا (يصوم) عنه، وأعمال البدن كلها عنده كذلك قياسا على الصلاة المجمع عليها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : أنكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الأحاديث في المشي إلى قباء ، ولم يعرف المشي إلا إلى مكة . قال أبو عمر : معناه لا يعرف إيجاب المشي، وإنما هذا في (الحالف) والنذر عنده، وأما المتطوع فقد سلف عنده أنه - عليه السلام - كان يأتي قباء راكبا وماشيا، فدل على أن إتيان مسجد قباء مرغب فيه، وأن صلاة واحدة فيه كعمرة .
قال: ولم يختلف العلماء فيمن قال: علي المشي إلى المدينة ، أو بيت المقدس ، ولم ينو الصلاة في واحد من المسجدين، وإنما أراد قصدهما لغير الصلاة، أنه لا يلزمه الذهاب إليهما، ونذر المشي إلى مسجد قباء بطريق الأولى; لأن الصلاة في المسجد الحرام ، أو مسجد المدينة ، أو بيت المقدس أفضل من الصلاة بقباء بإجماعهم. واختلف إذا أراد الصلاة فيهما، أو في أحدهما، وذكر المسجد منهما، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا قال: لله علي المشي إلى المدينة ، أو إلى بيت المقدس فلا شيء عليه، إلا أن ينوي الصلاة في مسجديهما. فدل على أن قائلا لو قال: علي المشي إلى قباء لم يلزمه شيء، إلا أن يقول: "مسجد قباء " أو ينوي الصلاة فيه، فإذا قال: "مسجد قباء " علم أنه للصلاة.
وكذلك إذا نوى ذلك، فمن جعل الصلاة في مسجد قباء لها فضل على الصلاة في غيره أحب الوفاء بما جعل على نفسه، ومن لم ير إعمال المطي، ولا المشي إلا إلى الثلاثة مساجد، أنه أمر من نذر الصلاة بقباء [ ص: 218 ] أن يصلي في مسجده، أو حيث شاء. ومن قال: لا مشي يجب إلا إلى مكة ، لم يلتفت إلى غير ذلك، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المشي.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وصاحباه: من نذر المشي إلى مسجد المدينة ، أو بيت المقدس ، لم يلزمه شيء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : من نذر أن يمشي إلى بيت المقدس ، فليركب إن شاء، فإن كانت امرأة، إن شاءت ركبت وإن شاءت تصدقت بشيء، وقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أنها تمضي راكبة إلى بيت المقدس ، فتصلي فيه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يقصد ذلك الموضع، وإن كان من أهل مكة أو المدينة . يعني: ولا يلزمه المشي. قال: ولو قال: لله علي أن أعتكف في مسجد المدينة ، فاعتكف في مسجد الفسطاط، لم يجزه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : إذا جعل عليه صوم شهر ( بمكة ) لم يجزئه في غيرها، وإذا نذر صلاة بمكة لم يجزئه في غيرها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وصاحباه: من نذر أن يصوم بمكة فصام بالكوفة أجزأه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : لا، إلا أن يصوم بمكة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : من نذر أن يصلي في المسجد الحرام فصلى في غيره لم يجزئه، وإن نذر أن يصلي ببيت المقدس فصلى في المسجد الحرام أجزأه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : من نذر الصلاة بمكة ، لم تجزئه المدينة ولا بيت المقدس ، فإن نذر الصلاة بالمدينة ، أو بيت المقدس أجزأه بمكة عنهما دون غيرها من البلدان إلا حيث نذر، وقال: فإن نذر سوى هذه الثلاثة صلى حيث شاء، وإن قال: لله علي أن أنحر بمكة لم يجزئه في غيرها، وكذلك إن نذر أن ينحر بغيرها لم يجزئه إلا في الموضع الذي نذر; لأنه شيء أوجبه على نفسه لمساكين ذلك البلد.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن عبد الله بن أبي حبيبة أنه قال: قلت لرجل وأنا حديث السن: ما على الرجل أن يقول: على مشي إلى بيت الله، ولم يقل: علي نذر مشي. فقال لي رجل: هل لك أن أعطيك هذا الجرو -لجرو قثاء في يده- وتقول: علي المشي إلى بيت الله؟ قال: فقلت: نعم، ففعلت وأنا يومئذ حديث السن، ثم مكثت حتى عقلت، فقيل لي: إن عليك مشيا، فجئت إلى nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، فسألته عن ذلك، فقال: عليك مشي. فمشيت. قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وهذا الأمر عندنا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : في هذه المسألة ما ينكر، ويخالف nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا فيه أكثر أهل العلم; وذلك أنه نذر على مخاطرة، والعبادات إنما تصح بالنيات [ ص: 220 ] لا بالمخاطرات، وهذا لم يكن له نية ولا إرادة فيما جعل على نفسه، فكيف يلزمه ما لم يقصد طاعة؟! وفي حديث عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب خلاف ما روى عنه الثقات.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : ثنا حماد بن خالد الخياط ، عن محمد بن هلال أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب يقول: من قال: علي المشي إلى بيت الله، فليس شيئا، إلا أن يقول: علي نذر مشي إلى الكعبة .
وروى عبد الرحمن بن حرملة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب مثله.
قال أبو عمر : أظن سعيدا جعل قول القائل: علي المشي من باب الإخبار بالباطل; لأن الله تعالى لم يوجب عليه مشيا في كتابه، ولا على لسان رسوله، فإذا قال: نذر مشي، كان قد أوجب على نفسه المشي، فإن كان في طاعة لزمه الوفاء به; لأنه- عليه السلام - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=656202 "من نذر أن يطيع الله فليطعه" فهؤلاء لا يرون في قول الرجل: علي المشي شيئا حتى يقول: نذرت المشي، أو علي نذر مشي، أو علي لله المشي نذرا على وجه الشكر لله، وطلب البر، والحمد فيما يرجو من الله.
فصل:
والنذر الواجب في الشريعة إيجاب المرء على نفسه فعل البر ، هذا حقيقته عند العلماء. روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد أنه سئل عن رجل جعل على نفسه المشي إلى بيت الله تعالى (فقال): أنذر؟ قال: لا. قال: (فليكفر عن يمينه) .
[ ص: 221 ] قال أبو عمر : وقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وهذا الأمر عندنا. خرج على أن قول القائل: "علي مشي إلى بيت الله" أو "علي نذر مشي إلى بيت الله" سواء. وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وطائفة من العلماء.
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سئل عن الرجل يقول: علي المشي إلى الكعبة . قال: هذا نذر فليمش قال أبو عمر : جعل ذلك كقوله: علي نذر مشي إلى الكعبة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : حدثنا ابن نمير ، ثنا هشام قال: جعل رجل عليه المشي إلى بيت الله في شيء، فسأل nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم فقال: يمشي إلى البيت. قال: وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن أبي معشر ، عن يزيد (بن) إبراهيم التيمي قال: إذا قال: لله علي حجة، أو قال: علي حجة، أو (قال) : علي نذر، فذلك كله سواء. قال أبو عمر : وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم فيمن جعل على نفسه المشي إلى مكة أنه إذا لم يرد حجا ولا عمرة فلا شيء عليه. قال أبو عمر : وإنما أدخل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حديث ابن أبي حبيبة ; لأن فيه إيجاب المشي، دون ذكر النذر، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن ابن أبي حبيبة كان يومئذ قد احتلم.
[ ص: 222 ] وقوله: (ومكثت حتى عقلت): يريد حتى علمت ما يجب علي; لا أنه كان صغيرا، لا تلزمه العبادة، وعلى هذا يجزئ قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الصغير لا يلزمه حق لله تعالى في بدنه.
فصل:
إذا نذر الكافر في حال كفره، ثم أسلم ، ففي وجوب وفائه وجهان: أصحهما: لا، وقوله - عليه السلام - nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=6638 "أوف بنذرك" محمول على الاستحباب. روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة أن نصرانية نذرت أن تسرج في بيعة، ثم أسلمت، فقال الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : تسرج في مساجد المسلمين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : ليس عليها شيء. قال الهذلي : فعرضت أقوالهم على nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، فقال: أصاب الأصم ، وأخطأ صاحبك.