تضمنت أحاديث الباب جواز اليمين بصفات الله تعالى ، وهو مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وروي عن علي بن زياد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا قال: لا والقرآن، لا والمصحف. ليس بيمين، ولا كفارة على من حلف به، فحنث. والقرآن صفة من صفاته تعالى.
[ ص: 293 ] وكذلك قال في "كتاب محمد " فيمن قال: لا وأمانة الله ويكره اليمين بها. وقد قال - عليه السلام -: "ليس منا من حلف بغير الله" وفيه أيضا فيمن حلف فقال: لعمر الله: لا يعجبني أن يحلف به أحد.
والأول أبين، ويحمل النهي في الحلف بغير الله أن ذلك في المخلوقات.
وقوله: (كان - عليه السلام - يقول: "أعوذ بعزتك") فيه إثبات الصفات، وليس فيه جواز اليمين بالصفة كما بوب عليه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : اختلف العلماء في اليمين بصفات الله، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "المدونة": الحلف بجميع صفات الله وأسمائه لازم، كقوله: والسميع، والعليم، والبصير، والخبير، واللطيف، أو قال: وعزة الله، وكبريائه، (وقدرته) وأمانته، وحقه، فهي أيمان كلها تكفر.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر مثله عن الكوفيين أنه إذا قال: وعظمة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله وحنث، عليه الكفارة، وكذلك في كل اسم من أسمائه تعالى. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : في جلال الله، وعظمة الله، وقدرة الله، وحق الله، وأمانة الله، إن نوى بها اليمين فذاك، وإلا فلا; لأنه يحتمل: وحق الله واجب، وقدرة الله ماضية. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : إن قول الرجل: وحق الله، وأمانة الله ليس بيمين. قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : قال الله تعالى: إنا عرضنا الأمانة الآية، المراد بذلك الأيمان.
[ ص: 294 ] والرابع وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : الصلاة. قال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : وحق الله يمين، وفيها الكفارة.
حجة القول الأول أن أهل السنة أجمعوا على أن صفات الله أسماء له، ولا يجوز أن تكون صفات غيره، فالحلف بها كالحلف في أسمائه يجب فيها الكفارة، ألا ترى أنه - عليه السلام - كثيرا ما كان يحلف "لا ومقلب القلوب" وتقليبه لقلوب عباده صفة من صفاته، ولا يجوز على الشارع أن يحلف بما ليس بيمين; لأنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=66456 "من كان حالفا فليحلف بالله" .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : من حلف بأمانة الله، التي هي صفة من صفاته، فهي يمين، وإن حلف بأمانة الله التي بين العباد فلا شيء عليه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون : معنى قوله سبحان ربك رب العزة [الصافات: 180] التي خلقها في خلقه التي يتعازون بها. قال: وقد جاء في التفسير أن العزة هنا يراد بها الملائكة، وإنما ذهب إلى هذا القول nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون -والله أعلم- فرارا من أن تكون العزة التي هي صفة الله مربوبة، فيلزمه الحدث وليس كما توهم; لأن لفظ الرب قد يأتي في كلام العرب لصاحب الشيء، ومستحقه، ولا يدل ذلك على الحدث والخلق، فنقول لصاحب الدابة: رب الدابة، (ولصاحب الدار: رب الدار) ولصاحب الماشية: رب الماشية، ولا نريد بذلك معنى الخلق، قال تعالى: وتعز من تشاء وتذل من تشاء [آل عمران: 26] فليس إعزازه [ ص: 295 ] بعلة، ولا إذلاله بعلة، بل هما حاصلان بالقضاء والمشيئة.
وقوله تعالى: من كان يريد العزة فلله العزة جميعا [فاطر: 10]وقوله: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [المنافقون: 8] فكيف الجمع بينهما، فإن إحدى الآيتين توجب انفراده تعالى بالعز، والثانية تشير إلى أن لغيره عزا. قيل: ولا منافاة بينهما في الحقيقة; لأن العز الذي للرسول وللمؤمنين، فهو لله ملكا، وخلقا، وعزه سبحانه له وصفاته، فإذا العز كله لله بقوله: سبحان ربك رب العزة يريد: صاحب العزة ومستحقها وهي نهاية العزة وغايتها التي لم يزل موصوفا بها قبل خلقه الخلق، التي لا تشبه عزة المخلوقين. ألا ترى أنه تعالى نزه نفسه بها، فقال: سبحان ربك رب العزة عما يصفون [الصافات: 180] ولا ينزه نفسه تعالى ويقدس إلا بما يباين فيه صفات عباده، ويتعالى عن أشباههم، إذ ليس كمثله شيء.
فصل:
اختلفوا فيمن حلف بالقرآن، أو المصحف، أو بما أنزل، فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أن عليه لكل آية كفارة يمين، وقد أسلفنا حكايته، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في "العتبية": إذا حلف بالمصحف كفارة يمين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيمن حلف بالقرآن. قال: القرآن كلام الله، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : من حلف بالقرآن فلا كفارة عليه، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، وروي عن علي بن زياد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك نحوه، غير أن المعروف عن مذهبه ما يخالف هذه الرواية.
[ ص: 296 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه قال: القرآن كلام الله، وليس من الله شيء مخلوق. فهذا القول (منه) يقطع أن الحالف بالقرآن إذا حلف أن عليه الكفارة، كما إذا حلف بالله، أو باسم من أسمائه، وهذا مذهب جماعة أهل السنة.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن بعض أهل العلم أنهم قالوا: إذا كانوا يوجبون الكفارة على من حلف بعظمة الله، وعزته، وجلاله، وكبريائه، فكلام الله وصفته أولى.
ويمسكون عمن حلف بوجه الله فحنث بأن قالوا: عليه الكفارة، فكذلك تجب الكفارة على من حلف بصفة من صفات الله فحنث.
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : عليه لكل آية كفارة. فهو منه على التغليظ، ولا دليل على صحته; لأنه لا فرق بينه وبين آخر لو قال: إن عليه لكل سورة كفارة. وآخر لو قال: إن عليه لكل كلمة كفارة. وهذا لا أصل له، وحسبه: إذا حلف بالقرآن، قد حلف بصفة من صفات الله.
فصل:
وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : ("يضع فيها قدمه") قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : أي: ما قدم لها من خلقه، وسبق لها به مشيئته ووعده ممن يدخلها ومثله قوله تعالى: لهم قدم صدق عند ربهم [يونس: 2] أي: متقدم صدق.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل : معنى القدم هنا: (الكفار) الذين سبق في علم الله تعالى أنهم من أهل النار، وحمل القدم على أنه المتقدم; [ ص: 297 ] لأن العرب تقول للشيء المتقدم: قدم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : القدم: هو المتقدم في الشرف والفضل خصوصا، أراد به ما تقدم من الشرف وما يفتخر به. وقيل: القدم خلق يخلقه الله يوم القيامة، فيسميه قدما، ويضيفه إليه من طريق الفعل والملك، يضيفه في النار فتمتلئ النار منه. وقيل: المراد به: قدم بعض خلقه فأضيف إليه، كما يقال: ضرب الأمير اللص. على معنى أنه عن أمره، وقد أنكر بعض العلماء أن يتحدث بمثل هذا من الأحاديث.
وقيل: أراد الوعد من قوله أن لهم قدم صدق وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي عن بعض المفسرين أن معنى قوله هل من مزيد (أي: ليس في من مزيد) وهذا خلاف ما في هذا الحديث، ومن روى: "يضع رجله" غير ثابت، وعلى تقديره فلا يخلو من الوجوه السالفة: إما أن يريد رجل بعض خلقه، فأضيف إليه ملكا وفعلا، أو يريد به رجل المتجبر المتكبر من خلقه، إما أولهم فهو إبليس، أو من بعده من أتباعه، وقيل: الرجل في اللغة: الجماعة الكثيرة يشبهها برجل الجراد.
فصل:
وقوله: "فتقول: قط قط" أي: حسبي اكتفأت وامتلأت. وقيل: إن ذلك حكايته صوت جهنم. قال الجوهري : وإذا كانت بمعنى حسبي، وهو الاكتفاء، فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء.
[ ص: 298 ] قال ابن التين : رويناه بكسرها. وفي رواية أبي ذر : بكسر القاف.
فصل:
قوله: ("ويزوى بعضها إلى بعض") أي: يضم، ويروى بضم الياء وسكون الزاي.