ثم ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس".
الشرح:
اليمين الغموس: هي أن يحلف الرجل على الشيء وهو يعلم أنه كاذب؛ ليرضي بذلك أحدا أو ليعذر، أو ليقتطع بها مالا، وهي أعظم من أن تكفر، سميت غموسا; لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ولا كفارة فيها عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : هي أعظم من ذلك.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ولا تصح إلا في الماضي. قال: وأكثر أهل العلم لا يرون فيها كفارة، ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أيضا عن جمهور العلماء، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، ومن تبعه من أهل المدينة ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي في أهل الشام ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وسائر أهل الكوفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور، وأبو عبيد ، وأصحاب الحديث، وفيها قول ثان روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة أن فيها الكفارة.
[ ص: 320 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : ولا يريد بالكفارة إلا خيرا وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر وطائفة من التابعين، فيما ذكره المروزي ، فإن اقتطع بها حق امرئ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، أو ذمي فالرد واجب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : والكفارة في هذا أوكد منها على من لم يتعمد الحنث بيمينه. قال محمد بن نصر المروزي في كتابه: "اختلاف العلماء" بعد أن نقل أنه لا كفارة عليه في قول عامة العلماء: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وسفيان، وأصحاب الرأي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول: يكفر.
[ ص: 321 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : الحديث في قوله: "فليأت الذي هو خير" فيمن حلف على فعل يفعله في المستقبل فلا يفعله، أو لا يفعله ففعله، وليس هذا المعنى في اليمين الغموس ، ألا ترى أن الرجل إذا حلف على المستقبل، أو قال من غير أن يحلف عليه، فإنما عقد شيئا قد يكون، وقد لا يكون، فخرج من باب الكذب، قال: ولا نعلم خبرا يدل على الموجب، والكتاب والسنة دالة على النفي. قال: والأخبار دالة على أن اليمين التي يحلف بها (الرجل) يقتطع بها مالا حراما هي أعظم من أن يكفرها ما يكفر اليمين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12425القاضي إسماعيل : وينبغي للشافعي ألا يسمي من تعمد الحلف على الكذب آثما إذا كفر يمينه; لأن الله تعالى جعل الكفارة في تكفير اليمين، وقد قال تعالى: ويحلفون على الكذب وهم يعلمون الآية [المجادلة: 14].
وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه -: كنا نعد الذنب الذي لا كفارة له اليمين الغموس، أن يحلف الرجل على مال أخيه كاذبا ليقتطعه . ولا مخالف من الصحابة، فصار كالإجماع، وقد أخبر الشارع أن من فعل ذلك فقد حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار.
قلت: nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - لم يعتبر في اليمين الانعقاد، وإنما اعتبر العقد فالعقد صورة وجد، فلذلك أوجب الكفارة لعظيم جنايته فيما أتى به، والإثم باطنا باق. قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وأما قوله تعالى وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا [المجادلة: 2] فلا يجوز أن يقاس ذلك على اليمين الغموس; [ ص: 322 ] لأنه لا يقاس أصل على أصل، ولو جاز قياس أحدهما على الآخر لكان أحدهما فرعا، وللزم أن يكون على الحالف بهذه اليمين التي شبهت بالظهار كفارة الظهار، وليس لأحد أن يوجب كفارة إلا حيث أوجبها الله ورسوله.
قالوا: ومن الحجة في إسقاط الكفارة حديث الباب، وقد أجمعت الأمة أن الإشراك بالله، والعقوق، وقتل النفس لا كفارة فيها ، وإنما كفارتها تركها والتوبة منها، فكذلك اليمين الغموس حكمها حكم ما ذكر معها في الحديث في سقوط الكفارة.
قلت: لا يلزم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذا بالجمع بين مختلف الأحكام جائز، ولا يلزم التساوي في الحكم، قال تعالى: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم [النور: 33].
ثم قالوا: والدليل على أن الحالف بها لا يسمى عاقدا ليمينه قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان [المائدة: 89] والعقد لغة عبارة عن الالتزام والتوثق، يقال: عقدت على نفسي أن أفعل، أي: التزمت، فمن قال: لقيت زيدا وما لقيه، فلم يلزم نفسه شيئا، ولا ألزم غيره أمرا يجب الامتناع منه والإقدام عليه، فلا يسمى عاقدا، ومعنى الاستيثاق: هو أن يستوثق بالعقد حتى لا يواقع المحلوف عليه، وهذا معنى لا يحصل في اليمين الغموس; لأنها منحلة بوجود الحنث معها، فلا يسمى عقدا إذ المنعقد ما أمكن حله إذا انعقد.
[ ص: 323 ] ألا ترى أن اللغو لما لم يكن يمينا معقودة لم تجب فيها كفارة، كذلك اليمين الغموس؛ إذ لا يبالى فيها بر ولا حنث ولا لغو، وقد علمت جواب هذا، وسيأتي في آخر باب اليمين فيما لا يملك فصل يتعلق بالباب.