هو دال على ما ترجم له ، وهو جواز التلقين في الحدود ما يدرأ به عنه الأذى ، ألا ترى أنه - عليه السلام - قال له :" لعلك قبلت . ." إلى آخره ليدرأ عنه الحد ، لفظ الزنا يقع على نظر العين وجميع الجوارح ، فلما أتى بلفظ مشترك لم يحده حتى وقف على صحيح ما أتاه بغير إشكال ؛ لأن من شريعته درء الحدود بالشبهات ، فلما أفصح وبين أمر برجمه ، وهو دال على أن الحدود لا تقام إلا بالإفصاح .
ألا ترى أن الشهود لو شهدوا على رجل بالزنا ، ولم يقولوا : رأيناه أولج فيها ، كان حكمهم حكم من قذف لا حكم من شهد ؛ رفقا من الله بعباده وسترا عليهم ليتوبوا ، وقد استعمل التلقين بالإيماء أيضا الصحابة الراشدون بعده ، nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود .
[ ص: 197 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن يحيى بن سعيد أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أتاه رجل وهو بالشام ، فذكر أنه وجد مع امرأته رجلا ، فبعث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أبا واقد إلى امرأته فسألها عما قال زوجها nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر ، وأخبرها بأنها لا تؤخذ بقوله ، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع ، فأبت أن تنزع ، فرجمها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر بإسناده أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أتي برجل ، فقيل : إنه سارق ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إني لأرى يد رجل ( ما هو ) بيد سارق ، فقال الرجل : والله ما أنا بسارق فخلى سبيله .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال : أتي علي - رضي الله عنه - بامرأة يقال لها : شراحة وهي حبلى من الزنا فقال : ويحك ، لعل رجل استكرهك ؟ قالت : لا . قال : فلعله وقع عليك وأنت نائمة ؟ قالت : لا . قال : فلعل زوجك من عدونا من أهل الشام فأنت تكرهي أن يدلي عليك ؟ قالت : لا ، فجعل يلقنها هذا وأشباهه ( وتقول : لا . فرجمها .
وعن أبي مسعود : أتي بسارق سرق بعيرا ) ، فقال : هل وجدته ؟ قال : نعم . فخلى سبيله ، فهذا وجه التلقين بالتعريض لمن يعرف الحد وما يلزمه فيه ، وأما تلقين الجاهل ومن لا يعرف الكلام فهو تصريح .
[ ص: 198 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء فقال : كان بعضهم يؤتى بالسارق فيقول : أسرق ؟ ( قل : لا . أسرقت ؟ قل : لا . وعلمي أنه سمى أبا بكر وعمر .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أنه أتي بجارية سوداء سرقت ) فقيل له : إنها سرقت . فقال لها : أسرقت ؟ قولي : لا . قالت : لا . فخلى سبيلها ، فقلت : أنت تلقنها ؟!
قال أبو الدرداء : إنها اعترفت وهي لا تدري ما يراد بها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : كان إبراهيم يأمر بطرد المعترفين ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق يريان تلقين السارق إذا أتي به ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور إذا كان السارق امرأة ، أو من لا يدري ما يصنع به ، أو ما يقول .
وأما التلقين الذي لا يحل فتلقين الخصمين في الحقوق ، وتداعي الناس ، وكذلك لا يجوز تلقين المنتهك المعروف بذلك إذا تبين ما أقر به أو شهد عليه ، ولم ير الإمام إقامة الحد فيه .
[ ص: 199 ] وفي " المدونة " في السارق إذا شهد عليه بالسرقة - يريد على إقراره - استحب للإمام أن يقول له شيئا ، وفيها أيضا أيكشف المقر في الزنا كما يكشف الشهود ؟ قال : لا . واحتج بأنه - عليه السلام - قال :" أبصاحبكم جنة " ولم ( يمثله ) ، ذكره في كتاب الحد في القذف .