الدية : واحدة الديات ، والهاء عوض من الواو ، تقول : وديت القتيل أديه دية إذا أعطيت ديته ، واتديت : أخذت ديته ، وإذا أمرت منه قلت : د فلانا ، وللاثنين : ديا فلانا ، وللجماعة : دوا فلانا ، قاله أبو نصر .
[ ص: 293 ] وقال القزاز : هي من وديت مثل الزنة من وزنت . وقال في " المغرب " : هي مصدر ودي القتيل إذا أعطي وليه ديته ، وأصل التركيب على معنى الجري والخروج ، ومنه : الوادي ؛ لأن الماء يدي فيه ، أي : يجري .
ثم قال : وقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم [ النساء : 93 ] وهذه الآية سلفت في التفسير ، وذكرنا خلاف العلماء فيه واضحا ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وزيد nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أنه لا توبة له ، وقيل : إن آية الفرقان تكون في الشرك .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16001سعيد بن ميناء عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، سأله رجل فقال : قتلت رجلا فهل من توبة ؟ قال : تزود من الماء البارد فإنك لا تدخلها أبدا .
وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أيضا ، وروى عن علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أن القاتل له توبة ، وقاله جماعة من التابعين .
وذكر إسماعيل بن إسحاق القاضي : حدثنا المقدمي : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر بن سليمان ، عن سليمان بن ( عبيد البارقي ) ، حدثني إسماعيل بن ثوبان : جالست الناس في المسجد الأكبر قبل الدار فسمعتهم يقولون لما نزلت ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية . قال المهاجرون والأنصار : وجبت لمن فعل هذا النار . حتى نزلت إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء الآية [ النساء : 48 ، 116 ] .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : المروي عن علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في أن القاتل له توبة ، فروي من طريق لا يحتج بها .
قلت : أخرج رواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق عنه . ورواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخرجها أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12139أبو مالك الأشجعي عن سعيد بن عبيدة عنه .
ثم ساق في الباب أحاديث :
أحدها :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ . . الحديث .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته مخافة الفاقة ، فحرم الله تعالى قتل الأطفال ، وأخبر رسوله أن ذلك ذنب عظيم بعد الكفر ، وجعل بعده في العظم الزنا بحليلة الجار ؛ لعظم حق الجار وتأكيد حرمته .
[ ص: 296 ] وقد سلف هذا قريبا في باب إثم الزنا ، والند : النظير والمثل ، وكذلك النديد .
وقوله تعالى : ومن يفعل ذلك يلق أثاما قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هو واد في جهنم ، وقيل : يعني آثام ذلك . وقال الخليل وسيبويه : أي : جزاء الآثام . وقال القتبي : الآثام : العقوبة .
إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله . والورطة : المهلك ، يقال : وقعوا في ورطة أي : بلية ، فشبه أكثر العامة ( . . .) .
[ ص: 297 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : وذلك لأن الكفر إنما هو بين الله وعباده وأن حديث :" أول ما ينظر الله فيه الصلاة " في خاصة نفسه بعد الانتصاف من المظالم ولا يبقى تباعة إلا لله بالصلاة فلا معارضة بينهما .
وقوله : ( وقال حبيب ) إلى آخره ، أخرجه ابن سعد في " طبقاته " عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عنه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، به .
فإن قلت : كيف قطع يده وهو ( ممن ) يكتم إيمانه ؟ قيل : إنما دفع عن نفسه من يريد قتله ، فجاز له ذلك كما جاز للمؤمن إذا أراد أن يقتله مؤمن أن يدفع عن نفسه ، فإن اضطره الدافع عن نفسه إلى قتل الظالم دون قصد إلى إرادة قتله فهو هدر ؛ فلذلك لم يقد - عليه السلام - من يد المقداد ، كما لم يقد قتيل أسامة ، لأنه قتله متأولا .
[ ص: 298 ] قلت : المقداد لم يقطع يده ، وإنما قال ذلك للشارع على جهة التمثيل ؛ لأنه قال : ( إن لقيت كافرا ) إلى آخره .
ويحتمل قوله :" فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله " ، أنه مغفور له بشهادة التوحيد كما أنت مغفورا لك بشاهدة بدر ، وقوله :" فإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته " ، يعني : إنك قاصد لقتله عمدا آثم كما كان هو أيضا قاصدا لقتلك عمدا آثما ، فأنت في مثل حاله من العصيان إلا أن واحدا منهما يكفر بقتل المسلم ؛ لأن إتيان الكبائر لمن صح له عقد التوحيد لا يخرجه إلى الكفر ، وإنما هي ذنوب موبقات ، لله تعالى أن يغفرها لكل من لا يشرك به شيئا .
وقال ابن القصار : معنى قوله " وأنت بمنزلته قبل أن يقولها " في إباحة الدم ، لا أنه كافر بذلك ، وإنما قصد ردعه وزجره عن قتله ؛ لأن الكافر إذا أسلم فقتله حرام .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : يعني : إنك ( صرت قاتلا كما كان هو قاتلا ) ، قال : وهذا من المعاريض ؛ لأنه أراد الإغلاظ في ظاهر اللفظ خلاف باطنه .
فصل :
قوله : ( ثم لاذ بشجرة ) أي لجأ إليها وعاذ بها ؛ لقوله للمقداد :" فإنك بمنزلته قبل أن يقولها " ومعناه : أنه يجوز أن يكون اللائذ بالشجرة القاطع لليد مؤمنا يكتم إيمانه مع قوم كفار غلبوه على نفسه ، وإن قتلته فأنت شاك في قتلك إياه أي منزله من العمد والخطأ كما ( كان )
[ ص: 299 ] هو مشكوكا في إيمانه ، يجوز أن ( يكون ) يكتم إيمانه ، وكذلك فسره المقداد كما فهمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله :" فكذلك . ." إلى آخره . وأنت مع قوم كفار في جملتهم وعددهم مكثرا ومحرما ، فكذلك الذي لاذ بشجرة وأظهر إيمانه لعله كان ممن يكتم إيمانه ، وهذا كله معناه النهي عن قتل من يشهد بالإيمان .