الحديث الأول ظاهر لما ترجم له دون الثاني ؛ لأن تسديد المشقص إليه كان من فعله ، وكل سلطان يتأتى منه ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الآتي في باب : من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه ، شاهد للباب أيضا ، وفي رواية صحيحة :" فلا تودية ولا قصاص " .
[ ص: 369 ] وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أيضا مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وفي " نوادر ابن أبي زيد " عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مثله ، والمعروف عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ويحيى بن عمر : إذا عضه فجذب يده فقلع سنه أنه لا شيء وهو هدر ، ومشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن عليه القود كما سيأتي ، وفي رواية لابن أبي عاصم :" حرج " بدل " جناح " ، وفي أخرى :" nindex.php?page=hadith&LINKID=671039ما كان عليه من ذلك شيء " وفي أخرى :" يحل لهم فقء عينه " . وروى من حديث ثوبان مرفوعا :" nindex.php?page=hadith&LINKID=662695لا يحل لامرئ من المسلمين أن ينظر في جوف بيت حتى يستأذن ، فإن فعل فقد دخل " .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : لم أجد لأصحابنا في المسألة نصا ، غير أن أصلهم أن من فعل شيئا دفع به عن نفسه بما له فعله أنه لا يضمن ما تلف به كالمعضوض إذا انتزع يده من في العاض ؛ لأنه دفع عن نفسه ، فلما كان من حق صاحب البيت أن لا يطلع أحد في بيته قاصدا لذلك أن له منعه ودفعه فكان ذهاب عينه هدرا ، على هذا يدل مذهبهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي : ليس هذا بشيء ، ومذهبهم أنه يضمن ؛ لأنه يمكنه أن يمنعه من الاطلاع من غير فقء العين بخلاف المعضوض ؛ لأنه لم يمكنه خلاصه إلا بكسر سن العاض .
[ ص: 370 ] وقال المالكيون : مما يدل على أن الحديث خرج مخرج التغليظ ، إجماعهم على أن رجلا لو اطلع على عورة رجل أو بيته أو دخل داره بغير إذنه لا يجب عليه أن يفقأ عينه ، وهجوم الدار أشد وأعظم من التسلل .
وقد اتفقوا على أن من فعل فعلا استحق عليه العقوبة من قتل أو غيره ؛ لأنه لا يسقط عنه سواء كان في موضعه أو فارقه . وقد روي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم توعدوا ولم ينفذوه ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال لقيس بن مكشوح المرادي : نبئت أنك تشرب الخمر . قال : والله يا أمير المؤمنين لقد أقللت وأسأت ، أما والله ما مشيت خلف ملك قط إلا حدثت نفسي بقتله ، قال : فهل حدثتك نفسك بقتلي ؟ قال : لو هممت فعلت . قال : أما والله لو قلت لضربت عنقك ، اخرج لعنك الله ، والله لا بت الليلة معي فيها . فقال له nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف : لو قال : نعم ، ( ضربت عنقه ؟) قال : ( لا ) والله ، ولكن استرهبته بذلك .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد عن nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن قال : قال علي - رضي الله عنه - : لا أوتى برجل وقع بجارية امرأته ( إلا رجمته ، فما كان إلا يسيرا حتى أتي برجل وقع بجارية امرأته ) فقال : أخرجوه عني أخزاه الله .
قلت : وحمل الحديث على ظاهره أولى .
[ ص: 371 ] فصل :
اتفق أئمة الفتوى - كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب وغيره - على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان ، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض ؛ لأن ذلك من الفساد ، وإنما ذلك للسلطان أو منصوبه ؛ ولهذا جعله الله لقبض أيدي الناس وليوصل الطالب إلى حقه وينتصف المظلوم من ظالمه ، ولو ترك الأمر إلى أن ينتصف كل امرئ بنفسه فسدت الأمور ، وقد يتجاوز الأمر فيأخذ ما يجب له أو يتجاوز ما يجب له ، وتأول أكثرهم هذا الحديث على أنه خرج على التغليظ والتوعد والزجر عن الاطلاع على العورات ، وإنما اختلفوا فيمن أقام الحد على عبده أو أمته كما سلف ، ويجوز عند العلماء أن يأخذ حقه دون السلطان في المال خاصة إذا جحده إياه ولم يقم له بينة على حقه ، على ما جاء في حديث هند مع أبي سفيان السالف قبل ، فإن كان السلطان لا ينتصر للمظلوم ولا يوصله إلى حقه جاز له أن يقتص دون الإمام .
فصل :
قوله :" فخذفته " هو بالخاء والذال المعجمتين ، أي : رميته بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتك ، أو تجعل مخذوفة ترمي بها بين إبهامك والسبابة ، قاله الهروي .
وقوله :" فسدد إليه مشقصا " هو بالسين المهملة من سدد كما هو في الأصول ، وقال ابن التين : رويناه بتشديد الشين ( المعجمة ، كذا قال ، ومعناه : أوثقه . قال : وروي بالسين ) أي : قومه وهداه إلى ناحيته ،
[ ص: 372 ] والمشقص من السهام : ما طال وعرض ، وقيل : هو العريض النصل ، وسلف الخلاف فيه .
فصل :
وقوله : (" نحن الآخرون السابقون ") يعني : آخر الأمم في الدنيا وسابقيهم في الآخرة إلى الجنة ، وأدخله في الباب وليس معه ؛ لأنه سمع الحديثين معا .