قلت : وقد كان في هذا سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دخل عليه نفر من الأنصار
[ ص: 407 ] فتحدثوا عنده ، فخرج رجل منهم بين أيديهم فقتل ، فخرجوا بعده ، فإذا هم بصاحبهم يتشحط في الدم ، فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله صاحبنا كان تحدث معنا ، فخرج بين أيدينا ، فإذا نحن به يتشحط في الدم . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :" بمن تظنون - أو ترون - قتله ؟" . قالوا : نرى أن اليهود قتلته . فأرسل إلى اليهود فدعاهم . فقال :" آنتم قتلتم هذا ؟" . قالوا : لا . قال :" أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه ؟" . فقالوا : ما يبالون أن يقتلونا أجمعين ثم ينتفلون . قال :" أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم ؟" . قالوا : ما كنا لنحلف ، فوداه من عنده . قلت : وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في الجاهلية ، فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء ، فانتبه له رجل منهم فحذفه بالسيف فقتله ، فجاءت هذيل فأخذوا اليماني فرفعوه إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالموسم وقالوا : قتل صاحبنا . فقال : إنهم قد خلعوه . فقال : يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه .
قال : فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلا ، وقدم رجل منهم من الشأم فسألوه أن يقسم فافتدى يمينه منهم بألف درهم ، فأدخلوا مكانه رجلا آخر ، فدفعه إلى أخي المقتول فقرنت يده بيده ، قالوا : فانطلقا والخمسون الذين أقسموا حتى إذا كانوا بنخلة ، أخذتهم السماء فدخلوا في غار في الجبل ، فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا فماتوا جميعا ، وأفلت القرينان واتبعهما حجر فكسر رجل أخي المقتول ، فعاش حولا ثم مات .
قلت : وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أقاد رجلا بالقسامة ثم ندم بعد ما صنع ، فأمر بالخمسين الذين أقسموا فمحوا من الديوان وسيرهم إلى الشأم . [ انظر : 233 مسلم : 1671 - فتح 12 \ 230 ]
ثم قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة : لم يقد بها معاوية - رضي الله عنه - .
[ ص: 408 ] وهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر فيه : روينا عن معاوية nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهما - أنهما قالا : القسامة توجب العقل ، ولا ( تشترط ) الدم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : روينا عن معاوية خلافه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : ( قوله ) : ( لم يقد بها معاوية ) ، لا حجة فيه مع خلاف السنة ( له ) والخلفاء الراشدين الذين أقادوا بها ، أو يحتمل أن تكون المسألة لا لوث فيها ، وقد صح عن معاوية أنه أقاد بها ، ذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11863أبو الزناد في احتجاجه على أهل العراق ، قال : وقال لي nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد بن ثابت : نحن والله قتلنا بالقسامة وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون ، إني لأرى يومئذ ألف رجل أو نحو ذلك فما اختلف منهم اثنان في ذلك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وأصح ما روي في القتل بالقسامة وأعلاه بعد حديث سهل : ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12458عبد الرحمن بن أبي الزناد [ عن أبيه ] قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد بن ثابت قال : قتل رجل من الأنصار - وهو ( سكران )- رجلا من بني ( النجار ) ، ولم يكن على ذلك شهادة إلا ( لطخ ) وشبهه
[ ص: 409 ] فاجتمع رأي الناس على أن يحلف ولاة المقتول ، ثم يسلم إليهم فيقتلوه ، قال خارجة : فركبت إلى معاوية فقصصت عليه القصة ، فكتب إلى سعيد بن العاصي : إن كان ما ذكرنا [ له ] حقا أن يحلفنا على القاتل ، ثم يسلمه إلينا ، فجئت إلى سعيد بالكتاب فأحلفنا خمسين يمينا ثم سلمه إلينا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11863أبو الزناد : ( وأمرني ) nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ( فردد قسامة ) على سبعة نفر أو خمسة نفر .
ثم ساقه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده إليه ، قال : رويناه من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=12458ابن أبي الزناد ، عن أبيه من غير ذكر معاوية وسعيد ، غير أنه قال : وفي الناس يومئذ الصحابة وفقهاء الناس ما لا يحصى ، وما اختلف اثنان منهم أن يحلف ولاة المقتول أن يقتلوا أو يسجنوا ( فحلفوا ) خمسين يمينا فقتلوا ، وكانوا يخبرون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالقسامة . وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - أنه قال : القسامة توجب العقل ولا ( تسقط بالدم ) ، وهو عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر منقطع .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة أن nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز أقادا بالقسامة ، وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16299عبد الأعلى ،
وحديث القسامة ذكره قبل التفسير ، وفي باب الموادعة والمصالحة مع المشركين في باب فرض الخمس .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16361عبد السلام بن حرب ، عن عمرو ، عن الحسن أن أبا بكر وعمر والجماعة الأول لم يكونوا يقتلون بالقسامة .
وحدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن الحسن بن عمرو ، عن فضيل ، عن إبراهيم قال : القود بالقسامة جور .
وفي رواية أبي معشر : القسامة يستحق فيها الدية ، ولا يقاد فيها ،
[ ص: 411 ] وكذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : لا يقتل بالقسامة إلا واحد .
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وكتب nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إلى nindex.php?page=showalam&ids=16556عدي بن أرطأة ، وكان أمره على البصرة في قتيل وجد عند بيت من بيوت السمانين ، وإن وجد أصحابه بينة وإلا فلا تظلم الناس ، فإن هذا لا يقضى فيه إلى يوم القيامة ، وهذا خلاف ما أسلفناه عنه .
وسعيد هذا هو أبو الهذيل الطائي الكوفي ، أخو عقبة ، اتفقا عليه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وما نعلم في شيء من الأحكام المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الاضطراب والتضاد ما في هذه القصة ، فإن الآثار فيها متضادة متدافعة ، وهي قصة واحدة .
وذكر أبو القاسم البلخي في " معرفة الرجال " عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب يحلف في المسجد الحرام : والله الذي لا إله إلا هو إن حديث سهل بن أبي حثمة في القسامة ليس كما حدث ، ولقد أوهم .
nindex.php?page=showalam&ids=12510ولابن أبي عاصم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه - عليه السلام - بدأ ببني حارثة في اليمين في دم صاحبهم المقتول بخيبر ، وقال أبو عمر : لم يخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلا لإرسال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ( له ) ، وقد خطأ جماعة من أهل الحديث حديث سعيد بن عبيد ، وذموا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تخريجه ، وتركه رواية يحيى بن سعيد .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي : أسنده عن يحيى : nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ، وعبد الوهاب الثقفي ، وعيسى بن حماد ، وبشر بن المفضل ، وهؤلاء ستة ، وأرسله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن يحيى بن سعيد ( عن ) nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار ، ولم يذكر سهل بن أبي حثمة ، وممن روى حديث يحيى مسندا nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد وعباد بن العوام .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : الذي أذهب إليه في القسامة حديث بشير من رواية يحيى ، فقد سلف ، وصله عنه حفاظ ، وهو أصح من حديث سعيد بن عبيد .
[ ص: 413 ] وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن محيصة الأصغر أصبح قتيلا على أبواب خيبر . . الحديث . وفي آخره : فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم وأعانهم بنصفها . ثم قال : لا أعلم أحدا تابع عمرا على هذه الرواية ولا nindex.php?page=showalam&ids=15998سعيد بن عفير على روايته عن بشير .
قلت : قد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت عن بشير مثله . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : يحتمل أن رواية ( سعيد لا تخالف رواية ) يحيى بن سعيد ، عن بشير ، وكأنه أراد بالبينة أيمان المدعين في اللوث ، كما فسره يحيى بن سعيد ، أو طالبهم بالبينة كما في هذه الرواية . فلما لم يكن عندهم بينة عرض عليهم الأيمان كما في رواية يحيى بن سعيد ، فلما لم يحلفوها ردها على اليهود كما في الروايتين جميعا .
( ويؤيده ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ومرسل nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار - يعني : المذكورين قبل - قال : ومن تكلم في دين الله وفي أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا ينبغي له أن يحتج في ذلك برواية nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي عن أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - ، ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) في استحلافه خمسين من اليهود في قصة الأنصاري ، ثم جعل عليهم
[ ص: 414 ] الدية ولا يراد به عمر بن صبيح عن nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل بن حيان ، عن صفوان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في قضائه بنحو ذلك .
وقوله : ( إنما قضيت عليكم بقضاء نبينا ) ؛ لإجماع أهل الحديث على ترك الاحتجاج بهما ولمخالفتهما في هذه الرواية الثقات الأثبات .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . . الحديث . وفيه : فدعا - عليه السلام - اليهود بقسامتهم ؛ لأنهم الذين ادعي عليهم الدم ، فأمرهم أن يحلفوا خمسين يمينا أنهم برآء من قتله ، فنكلت يهود عن الأيمان ، فدعى بني حارثة . . الحديث .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن سهل ورافع ، وقد بين ليث في روايته عن يحيى بن سعيد عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، عن بشير أنه حسبان ، وذلك أنه قال : قال ( يحيى ) : حسبته قال : وعن رافع ، فحصل بذلك شك يحيى في ذكر رافع . فكأن روايته لم يذكر فيها شك في ذلك بحيث أن يقضى عليها بذكر الشك ؛ ( لأن زيادة الحفاظ مقبولة وإن جاز نفيه بعد الشك ) ، وأن يستشكله بعد اليقين أيضا جائز ، وسهل إنما يروي عن رجال من كبراء قومه لصغره . هذا على قول من قال : عن . وأما من قال : عن رجل . فهو مرسل ، واتصاله برافع ، وقد حصل فيه ما بيناه .
ثم ساق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث أبي رجاء - واسمه سلمان ، من آل أبي قلابة - ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة أن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس ، ثم
[ ص: 415 ] أذن لهم فدخلوا فقال : ما تقولون في القسامة ؟ قالوا : نقول : القسامة القود بها حق ، قد أقاد بها الخلفاء . ثم ساقه بطوله .
وقد اختلف العلماء ( في القسامة ) ، فقال الجمهور : القسامة ثابتة عن الشارع يبدأ فيها المدعون بالأيمان ، فإن حلفوا استحقوا ، وإن نكلوا حلف المدعى عليهم خمسين يمينا ( وبرئوا ) . وهو قول أهل المدينة : يحيى بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبي الزناد وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وحجتهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري السالف الذي ذكرناه أولا ، وهو صريح ، يبدأ به المدعون للدم باليمين . وذهبت طائفة إلى أنه يبدأ بأيمان المدعى عليهم ويذرون . روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والكوفيون وأكثر البصريين واحتجوا بحديث سعيد بن عبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار nindex.php?page=hadith&LINKID=656389أنه - عليه السلام - قال للأنصار :" تأتون بالبينة على من قتله ؟" قالوا : ما لنا بينة . قال :" فيحلفون لكم ؟" قالوا : ما نرى بأيمان يهود . فأبوا ، فبدأ بأيمان المدعى عليهم ، وهم اليهود . واحتجوا أيضا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه - عليه السلام - قال :" nindex.php?page=hadith&LINKID=660236لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليهم " أخرجاه .
وفيها قول ثالث : وهو التوقف عن الحكم بالقسامة . روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله وأبي قلابة nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة .
[ ص: 416 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وهو قول مسلم بن خالد الزنجي وفقهاء أهل مكة ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة . واحتج الجمهور بأن قالوا : حديث سعيد بن عبيد في تبدئة اليهود وهم عند أهل الحديث كما سلف ؛ لأن جماعة من أهل الحديث أسندوا حديث nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار ، عن سهل أنه - عليه السلام - بدأ بالمدعين .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : الذي أذهب إليه في القسامة حديث يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار ، وقد وصله عنه حفاظ ، وهو صحيح من حديث سعيد بن عبيد . وقد أسلفناه عنه أيضا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي : فلا يجوز أن يعترض بخبر واحد على خبر جماعة ، مع أن سعيد بن عبيد قال في حديثه : فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إبل الصدقة . والصدقة لا تعطى في الديات ولا يصالح بها عن غير أهلها .
[ ص: 417 ] حديث مسلم بن خالد الزنجي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج به . ومن حديث الزنجي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أنه - عليه السلام - ( قال ) فذكر مثله . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : خالفه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وحجاج فروياه عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عمرو مرسلا ، فبين أن اليمين في القسامة لا تكون في جهة المدعى عليه .
وقد احتج nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، في " الموطأ " لهذه المسألة بما فيه الكفاية ، فقال : إنما فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه في حقه ، وأن الرجل إذا [ أراد ] قتل الرجل [ لم يقتله ] في جماعة من الناس وإنما يلتمس الخلوة فلو لم تكن القسامة إلا فيما تثبت فيه البينة وعمل فيها كما يعمل في الحقوق بطلت الدماء واجترأ الناس عليها إذا عرفوا القضاء فيها ، ولكن إنما جعلت إلى ولاة المقتول ليبدءون بها ليكف الناس عن الدم ، وليحذر القاتل أن يؤخذ في مثل ذلك بقول المقتول . وهذا الأمر المجمع عليه عندنا ، والذي سمعت ممن أرضى ، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ المدعون . فإن قلت : الشارع إنما قال :" nindex.php?page=hadith&LINKID=679180تحلفون وتستحقون دم صاحبكم " على وجه الاستعظام لذلك والإنكار عليهم والتقرير لا على وجه الاستفهام لهم . فالجواب : أنه لا يجوز أن يريد الإنكار عليهم أصلا ، وذلك أن القوم لم يطلبوا
[ ص: 418 ] فينكر ذلك عليهم ، وإنما طلبوا الدم فبدأهم وقال لهم :" أتحلفون ؟" فعلم أنه شرع لهم اليمين وعلق استحقاقه الدم بها ، وإنما كان يكون منكرا عليهم لو بدءوا وقالوا : نحن نحلف .
وقد كانت في الجاهلية خمسين يمينا على الدماء فأقرها الشارع فصارت سنة ، بخلاف الأموال التي سن فيها يمينا واحدة ، والأصول لا يرد بعضها بعضا ولا يقاس بعضها على بعض ؛ بل يوضع كل واحد منها موضعه كالعرايا والمزابنة والمساقاة والقرائن مع الإجارات ، وعلى المسلمين التسليم في كل ما سن لهم .
فإن قلت : كيف يحكم للأولياء وهم غيب عن موضع القتل ؟ قيل : اليمين يكون تارة على وجه اليقين وتارة على وجه الاستدلال ؛ كالشهادة تكون باليقين وتكون بالاستدلال على النسب والوفاة ، وأن هذه زوجة فلان وهذا باستدلال ، كما يدعي الوارث لأبيه دينا على رجل من حساب أبيه ، فيحلف كما يحلف على يقين ، وذلك على ما ثبت عنده بإخبار من يصدقه ، ليس لأحد من العلماء يجيز لأحد أن يحلف على ما لم يعلم ، ولكنه يحلف على ما لم يحضر إذا صح عنده وعلمه ما يقع العلم بمثله .
وقال أبو الحسن القابسي : العجب من nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز على مكانته في العلم كيف لم يعارض nindex.php?page=showalam&ids=12134أبا قلابة في موضعه وليس nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة من فقهاء التابعين ؟
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : وما اعترض به nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة من حديث العرنيين ، لا اعتراض فيه على القسامة بوجه من الوجوه ؛ لجواز قيام البينة والدلائل التي لا رفع لها على تحقيق الجناية على العرنيين ، وليس هذا من طريق القسامة في شيء ؛ لأنها إنما تكون في الدعاوى والاختفاء بالقتل حيث لا بينة ولا دليل ، وأمر العرنيين كان بين ظهراني الناس ، ويمكن فيه الشهادة ؛ لأنهم كشفوا وجوههم لقطع السبيل والخروج عن المسلمين بالقتل واستياق الإبل ، فقامت عليهم الشواهد البينة ، فأمرهم غير أمر من ادعي عليه بالقتل ، ولا شاهد يقوم عليه . وما ذكر من الذين انهدم عليهم الغار لا يعارض به ما تقدم من السنة في القسامة ، وليس رأي nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة حجة على جماعة التابعين ، ولا ترد بمثله السنن ، وكذلك هو عبد الملك من الديوان لأسماء الذين أقسموا لا حجة فيه على إبطالها ، وقد يكون عبد الملك إنما قدم على ما صنع كأن لم يكن في تلك القصة ما يوجب القسامة من اللوث .
[ ص: 420 ] فصل :
اختلفوا في وجوب القود بها فأوجبت طائفة القود بها ، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبي الزناد nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وداود nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، واحتجوا بحديث يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار أنه - عليه السلام - قال للأنصار :" nindex.php?page=hadith&LINKID=238أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم ؟" وهذا يوجب القود ، وقال إسحاق : من قال بالقود فيها لا أعيبه ، وأما أنا فأذهب إلى ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه ( قال ) : لا يقاد بالقسامة ، وإنما تجب فيها الدية .
وقالت أخرى : لا قود بها وإنما توجب الدية ، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والحسن ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - في مشهور مذهبه - وإسحاق ، واحتجوا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الله ، عن سهل بن أبي حثمة ، وهو قوله - عليه السلام - للأنصار :" nindex.php?page=hadith&LINKID=10793إما أن تدوا صاحبكم أو تؤذنوا بحرب " . وهذا يدل على الدية لا على القود .
قالوا : ومعنى قوله - عليه السلام - في حديث يحيى بن سعيد :" nindex.php?page=hadith&LINKID=238وتستحقون دم صاحبكم " يعني به دية دم قتيلكم ؛ لأن اليهود ليس بصاحب لكم ، فإذا جاز أن يضمروا فيه جاز أن يضمر ( فيه ) دية دم صاحبكم ، فكان من حجة أهل المقالة عليهم أن قالوا : إن قوله :" إما أن تدوا صاحبكم "
[ ص: 421 ] معارض لقوله :" تستحقون دم صاحبكم " فلما تعارض وجب طلب الدليل على أي المعنيين أولى بالصواب ، فوجدنا الأول انفرد به ابن أبي ليلى في حديثه ، وقد قال أهل الحديث : إن أبا ليلى لم يسمع من سهل . وفيه : أنه مجهول لم يرو عنه غير nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
واختلف في اسم أبي ليلى هذا كما قال أبو عمر ، فقيل : عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل . وقيل : عبد الرحمن بن عبد الله بن سهل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : عبد الله بن سهل .
وقد اتفق جماعة من الحفاظ على يحيى بن سعيد على هذا الحديث وقالوا فيه :" nindex.php?page=hadith&LINKID=655677تستحقون دم قتيلكم " يعني : يسلم إليكم القتيل ؛ لأنه لم يقل : وتستحقون دية دم صاحبكم . والدليل على ذلك أنهم كانوا ادعوا قتل عمد لا خطأ ، والذي يجب على قاتل العمد القود أو الدية إن اختار ذلك ولي القتيل .
وهذا الحديث يبين أن قوله :" دم صاحبكم " معناه : القاتل ؛ لأنه قتل الذي قتل وليهم ، وقد يصح أن تقولوا : هذا صاحبنا الذي ادعينا عليه أنه قتل ولينا ، ويجوز أن يكون معناه : وتستحقون دم قاتل صاحبكم ؛ لأنه من ادعى إثبات شيء على صفة وحققه بيمينه ، فإن الذي يجب له هو
[ ص: 422 ] الشيء الذي حققه بيمينه على صفته ، فلو ادعى إتلاف عبد ( أو دابة ) أو ثوب وحلف المدعي بعد نكول المدعى عليه حكم له بما ادعاه على صفته ولم يجب له سواه ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ولكم في القصاص حياة [ البقرة : 179 ] فأخبر تعالى أن القود هو الذي يحيي النفوس ؛ لأن القاتل إذا علم أنه يقتل ، انزجر عن القتل وكف عنه أكثر من انزجاره إذا لزمته الدية .
فصل :
الناس في وجوب القسامة على معنيين : فقوم اعتبروا اللوث ، فهم يطلبون ما يغلب على الظن ، وتكون شبهة يتطرق بها إلى حراسة الدماء ، ولم يطلب أحد في القسامة الشهادة القاطعة ولا العلم المثبت ، وإنما طلبوا شبهة وسموها لطخة ؛ لأنها تلطخ المدعى عليه بها . وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، إلا أنهم اختلفوا في اللوث ، فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم أنه الشاهد العدل ، وروى عنه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب غير العدل . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أنه الشاهد العدل أو أن يأتي ببينة مفرقة ، وإن لم يكونوا عدولا .
قال : وكذلك لو ( دخل ) بيتا مع قوم لم يكن معهم غيرهم ، أو تكون جماعة في صحراء فيتفرقون على قتيل ، أو يوجد قتيل وإلى جنبه رجل معه سكين مخضوبة بدم ، وليس ثم أثر سبع ولا قدم إنسان آخر ، ولا يقبل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قول المقتول : دمي عند فلان ؛ لأن السنة
[ ص: 423 ] المجمع عليها أنه لا يعطى أحد بدعواه شيئا . وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث أن القسامة تجب باللوث ، أو بقول المقتول : دمي عند فلان .
وقد سلف بيان هذه المسألة قريبا في باب : إذا قتل بحجر أو بعصى . وقوم أوجبوها ، والدية بوجود القتل فقط واستغنوا عن مراعاة قول المقتول .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والكوفيين : ولا قسامة عندهم إلا في القتيل يوجد في المحلة خاصة ، قالوا : فإذا وجد في محلة قوم وبه أثر من جراحة أو ضرب أو خنق ، حلف أهل الموضع أنهم لم يقتلوه ، ويكون عقله عليهم ، وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شيء . وكذا لو كان الدم يجري من أنفه أو دبره فليس قتيلا ، ( فإن جرح من أذنه أو عينه فهو قتيل ) ، وهذا لا سلف لهم فيه . وحديث يحيى بن سعيد عن بشير بخلاف قولهم ؛ لأنه - عليه السلام - لم يحكم على اليهود بالدية بنفس وجود القتيل في محلتهم ، ولم يطالبهم بها ، بل أداها من عنده . ولو وجبت على أهل المحلة لأوجبها على اليهود . وأما اشتراطهم أن يكون به أثر فليس بشيء ؛ لأنه قد يقتل بما لا أثر به .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : والعجب من الكوفيين أنهم ألزموا العاقلة مالا بغير بينة تثبت عندهم ولا إقرار منهم ، بل ثم أعجب من ذلك إلزامهم العاقلة جناية عمد ولا تثبت ببينة ولا إقرار ؛ لأن الدعوى التي ادعاها المدعي لو ثبتت ببينة لم يلزم ذلك العاقلة ، فكيف يجوز أن يلزموه بغير بينة ؟ والخطأ محيط بهذا القول من كل وجه .
[ ص: 424 ] وذهب nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أن القتيل إذا وجد في محلة قوم فهو هدر لا يؤخذ به أقرب الناس دارا ولا غيره ؛ لأن القتيل قد يقتل ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به ، فلا يؤخذ أحد بمثل ذلك .
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : هذا بما يؤخر فيه القضاء حتى يقضي الله فيه يوم القيامة .
وقال القاسم بن مسعدة : قلت nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي : nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا يقول بالقسامة إلا بلوث . فلم أورد حديث القسامة ولا لوث فيه ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : أنزل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك العداوة التي كانت بينهم وبين اليهود بمنزلة اللوث ، وأنزل اللوث أو قول الميت بمنزلة العداوة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا كان من السبب الذي حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجبت القسامة ، كانت خيبر دار يهود مختصة ، وكانت العداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة . وخرج عبد الله بن سهل بعد العصر ( فوجد قتيلا قبل الليل ) ، فكاد يغلب على من سمع هذا أنه لم يقتله إلا بعض اليهود . وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إذا كان بين القوم عداوة كما كان بين الصحابة واليهود .
ووجه قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن قول المقتول يجب فيه القسامة ، أن الغالب من الإنسان أنه يتخوف عند الموت ويجهد في التخلص من المظالم ، ويرغب فيما عند الله تعالى ويحدث توبة ، ولا يقدم على دعوى القتل ظلما ، فصار أقوى من شهادة الشاهد وأقوى من قول من خالف أن
[ ص: 425 ] الولي يقسم إذا كان بقرب وليه وهو مقتول ومع الرجل سكين ؛ لأنه يجوز أن يكون غيره قتله ، فضعف هذا اللوث ، ووجب أن يستعمل ما هو أقوى منه ، وهو قول المقتول : دمي عند فلان . ولا يسلم ذلك له .
قال ابن أبي زيد : وأصل هذا في قصة بني إسرائيل حين أحيا الله الذي ضرب بالبقرة وقال : قتلني فلان . فهذا يدل على قبول قوله : دمي عند فلان ؛ لأنه كان في شرع بني إسرائيل ، وسواء كان قبل الموت أو بعده .
واعترض عليه بأن ذلك كان معجزة لموسى وأنه كان بعد الموت .
تنبيه : المتقرر عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه ، أنه إذا وجد القتيل في محلة وبه أثر ، أو ادعى الولي على أهل المحلة أنهم قتلوه ، أو على واحد منهم بعينه ، استحلفوا من أهل المحلة خمسين يختارهم الولي ، فإن لم يبلغوا خمسين كررت عليهم الأيمان ، ثم يغرمون الدية . فإن نكلوا عن اليمين حبسوا حتى يقروا أو يحلفوا . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر . وروي عن الحسن بن زياد عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : إذا أبوا أن يقسموا تركهم ولم يحبسهم وتجعل الدية على العاقلة في ثلاث سنين . وقالوا جميعا : ( إذا ادعى الولي على رجل من غير أهل المحلة ، فقد أبرأ أهل المحلة وغيرهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة ) : إذا ادعى الولي على رجل بعينه من أهل المحلة فقد أبرأ أهل المحلة ، وصار دمه مهدرا ، إلا أن يقيم البينة على ذلك الرجل .
[ ص: 426 ] ( وقال البتي : يستحلف من أهل المحلة خمسون رجلا : ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا ، ثم لا شيء عليهم غير ذلك ، إلا أن يقيم البينة على رجل ) بعينه أنه قتله .
قال أبو عمر : وهذا القول مخالف لما قضى به nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - من رواية أبي إسحاق ، عن الحارث بن الأزمع : أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر استحلف الذي وجد عندهم القتيل ( وأغرمهم ) الدية .
فصل :
واختلفوا في العدد الذين يحلفون ويستحقون الدم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يقسم في قتل العمد إلا اثنان فصاعدا ترد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يمينا ، وذلك الأصل عندنا . والحجة أن الشارع عرضها على ولاة الدم بلفظ جماعة فقال :" تحلفون وتستحقون " . وأقل الجماعة اثنان فصاعدا وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : ما سمعت أحدا أدركت يقول : أنه يقتصر على أقل من ثلاثة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا تركوا وارثا استحق الدية بأن يقسم وارثه خمسين يمينا . واحتج له nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور فقال : قد جعل الله للأولياء أن يقسموا ، فإذا لم يكن إلا واحدا كان له ذلك ، ولو لم تكن إلا ابنة وهي مولاته حلفت خمسين يمينا وأخذ من الكل النصف بالنسب والنصف بالولاء .
[ ص: 427 ] فصل :
وفي قوله : (" تستحقون ") دلالة على أن لا يمين ( لهم ) مستحق ، وعلى أن لا يحلف إلا وارث ، كما نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر .
وفيه من الفقه : أن تسمع حجة الخصم على الغائب ، وأن أهل الذمة إذا منعوا حقا رجعوا حربا . ومقابله : من منع حقا حتى يؤديه ، وإن صح عنده أمر ولم يحضره أن له أن يحلف عليه ؛ لأنه - عليه السلام - عرض على أولياء المقتول اليمين ولم يحضروا بخيبر .
فصل :
وفيه أيضا : وجوب رد اليمين على المدعي في الحقوق . واختلف العلماء في ذلك . فقالت طائفة : إن من ادعى حقا على آخر ولا بينة له ، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، فإن حلف برئ وإن لم يحلف ردت اليمين على المدعي ، فإن حلف استحق وإلا فلا شيء له . روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعثمان ، وهو قول شريح nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
وذهب الكوفيون أن المدعى عليه إن لم يحلف لزمه الحق ولا ترد اليمين على المدعي .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لا يرى رد اليمين ، وحجتهم في ذلك أنه - عليه السلام - حكم بالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، فلما لم يجز نقل حجة المدعى عليه وهي اليمين إلى المدعي ؛ لأن قوله - عليه السلام - :" nindex.php?page=hadith&LINKID=652331اليمين على المدعى عليه " إيجاب عليه أن يحلف ، فإذا امتنع بما يجب عليه
[ ص: 428 ] أخذه الحاكم بالحق . هذا قول ابن أبي ليلى وغيره من أهل العلم .
واحتج أهل المقالة الأولى بحديث القسامة ، وقالوا : إن الشارع جعل اليمين في جهة المدعي بقوله للأنصار :" أتحلفون ؟" فلما أبوا أحالها إلى اليهود ( ليبرءوا ) بها . فلما وجدنا في سنته أن المدعي قد تنتقل إليه اليمين في الدماء وحرمتها أعظم ، جعلناها عليه في الحقوق ؛ لنأخذ بالأرفق ، والمدعى عليه إذا نكل عن اليمين ضعفت جهته وصار متهما وقويت حجة المدعي ؛ لأن الظاهر صار معه فوجب أن تصير اليمين في جهته لقوة أمره .
وقد احتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على الكوفيين فقال : رد اليمين في كتاب الله في آية اللعان أيضا ؛ وذلك أن الله جعل اليمين على الزوج القاذف لزوجته إذا لم يأت بأربعة شهداء ، وجعل له بيمينه البراءة من حد القذف ، وأوجب الحد على الزوجة إن لم تلتعن ، فهذه يمين ردت على مدع كانت عليه البينة في رميه زوجته ، فكيف ينكر من له فهم وإنصاف رد اليمين على المدعي ؟
قوله : ( يتشحط في الدم ) التشحط : الاضطراب في الدم .
وقوله : (" أترضون نفل خمسين من اليهود ؟") هو بالنون والفاء ، أي : يمين خمسين . يقال : نفلته فتنفل . أي : حلفته فحلف ، ونفل وانتفل إذا حلف ، وأصل النفل النفي ، يقال : نفلت الرجل عن نسبه ، وانفل عن نفسك إذا كنت صادقا . أي : انف ما قيل فيك ، وسميت اليمين في القسامة نفلا ؛ لأن القصاص ينفى بها ، ومنه حديث علي - رضي الله عنه - : لوددت أن بني أمية رضوا ونفلناهم خمسين رجلا من بني هاشم يحلفون ما قتلنا عثمان ولا نعلم له قاتلا . يريد : نفلناهم .
وكذا قال صاحب " العين " : انتفلت من الشيء : انتفلت منه .
فنفل اليهود هو أيمانهم أنهم ما قتلوه ، وانتفاؤهم عن ذلك .
وقوله : ( ثم ينفلون ) هو بكسر الفاء وضمها . وفيه : تبرئة المدعى عليهم ، إلا أنه مرسل لا يقابل به أخبار الجماعة المسندة التي قدمناها .
فصل :
وقوله : ( قلت : وقد كانت هذيل خلعوا حليفا لهم في الجاهلية ، فطرق أهل بيت من البطحاء ، فانتبه له رجل منهم فحذفه بالسيف
[ ص: 430 ] فقتله ، فجاءت هذيل فأخذوا اليماني فرفعوه إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - بالموسم . .) إلى آخره . كانت العرب يتعاهدون ويتعاقدون على النصرة والإعانة ، وأن يؤخذ كل منهم بالآخر ، فإذا أرادوا أن يتبرءوا من إنسان قد حالفوه ، أظهروا ذلك للناس وسموا ذلك الفعل خلعا ، والمتبرأ منه خليعا ، أي : مخلوعا ، فلا يؤخذون بجنايته ولا يؤخذ بجنايتهم ، فكأنهم قد خلعوا اليمين التي كانت قد لبسوها معه ، وسموه خلعا وخليعا مجازا واتساعا ، وبه سمي الأمير والإمام إذا عزل خليعا ، كأنه قد لبس الخلافة والإمارة ثم خلعها .
فالجواب : أن رواية من روى : من عنده . تفسر رواية من روى : دفع من إبل الصدقة . وذلك أنه - عليه السلام - لما عرض الحكم في القسامة على أولياء الدم بأن يحلفوا ويستحقوا ، ثم نفلهم إلى أن ( يحلف ) لهم اليهود ويبرءوا من المطالبة بالدم . قالوا : كيف نأخذ أيمان قوم كفار ، وتعذر إنفاذ الحكم ؟ خشي - عليه السلام - أن يبقى في نفوس الأنصار ما تتقى عاقبته من مطالبتهم لليهود بعد حين ، فرأى أن من المصلحة أن يقطع ذلك بينهم ووداه من عنده ، وتسلف ذلك من إبل الصدقة حتى يؤديها بما يفيء
[ ص: 431 ] الله عليه من خمس المغنم ؛ لأنه - عليه السلام - لم يكن يجتمع عنده بما يعتبر له في سهمانه من الإبل ما يبلغ مائة لإعطائه لها ، وتفريقها على أهل الحاجة ؛ لقوله :" nindex.php?page=hadith&LINKID=670331ما لي بما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، وهو مردود فيكم " فمن روى : من إبل الصدقة . أخبر عن ظاهر الأمر ولم يعلم باطنه . ومن روى : من عنده . علم وجه القصة وباطنها فلم يذكر إبل الصدقة .
وكان في غرمه لها صلحا عن اليهود وجهان من المصلحة :
أحدهما : أنه عوض أولياء الدم دية قتيلهم ، فسكن بذلك بعض ما في نفوسهم ، وقطع العداوة بينهم وبين اليهود .
والثاني : استئلاف اليهود بذلك . وكان حريصا على إيمانهم .
[ ص: 432 ] وقال ابن الطلاع : إنما أعطى الشارع من حق الغارمين الذين لهم سهم من الصدقة .
وفيه : دلالة أنه يعطي من الزكاة أكثر من نصاب .
فصل :
القسامة بفتح القاف وتخفيف السين : مشتقة من القسم ، والإقسام - وهو : اليمين - : يقال : أقسمت : إذا حلفت وقسمت قسامة ؛ لأن فيها اليمين . فالصحيح أنها اسم للأيمان . وقال الأزهري : إنها اسم للأولياء الذين يحلفون على استحقاق دم المقتول .
فصل :
وحاصل الكلام فيها في ستة مواضع هل يوجب حكما أم لا ؟ وما الذي يوجبه ( به ؟) وما الذي يوجبها ؟ ومن يبدأ باليمين ؟ وفي موضع اليمين ، وكم عدة من يحلف فيها ؟ وقد أوضحنا ذلك بحمد الله ومنه . ويأتي بعضه ، وأن الجمهور على أنها توجب حكما وأنه عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك القود في واحد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجديد : توجب الدية .
وإذا قلنا بوجوب الدية ، فقال في القديم : يقاد من جميع المدعى عليهم . وهو قول المغيرة . وإذا قلنا : يقاد بها من واحد هل يقسم عليه ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، أو على الجماعة ، ثم يقتلون واحدا ؟ قاله أشهب .
فصل :
واختلف في مسائل هل توجب القسامة ؟ محل الخوض فيها كتب الفروع وبسطه المالكية .
واختلف عندهم هل يحلف قائما أو قاعدا ؟ أو هل يستقبل القبلة ؟ وهل
[ ص: 433 ] يزيد : عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ؟ وهل يحلف جميع العصبة إذا كانوا أكثر من خمسين ؟ وإذا استوت حالتهم في كثير يمين هل يدعون أو يحلف جميعهم أو تستكمل على أحدهم ؟ وإذا قلنا برد اليمين في الخطأ هل يجتزأ بيمين بعض ؟ وإذا كانوا خمسين هل يحلف بعضهم ؟
فصل :
تكلفت الحنفية في الجواب عن الحديث السالف إلا في القسامة .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : معناه فإنه يحلف من لم يدع عليه القتل نفسه ؛ قال : ويحتمل إلا في القسامة ، فإنه لا يبرأ باليمين من الخصومة ؛ لأن الدية تجب مع اليمين فيها .
قال لمن احتج nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك : كما تبين أنكم خالفتم الخبر من وجه واحد .
قال : لا بل نخالفه من وجهين ، وذلك أن الاستثناء من الإثبات نفي ، فهو أثبت اليمين على من أنكر ونفاها بالاستثناء عنهم إلى غيرهم ، فقلتم أنتم : أثبتها فيهم واستثنى إثباتا على المنكر ثانيا .
والثاني : أنه - عليه السلام - نفى بالاستثناء أن يكون اليمين على المنكر وحده ، فأثبتم أنتم اليمين عليه وعلى غيره ، فخالفتم الخبر من وجهين :
والثاني : قلتم : اليمين على المنكر وغيره . وقالوا أيضا : إلا القسامة ، فإن اليمين فيها واحدة .
والجواب : أن الاستثناء يرجع إلى ما ذكر وتقدم ، وإنما تقدم ذكر اليمين لا ذكر أعداده .
[ ص: 434 ] فصل :
قصة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فيمن وجد عند بيوت السمانين لا يخالف nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ؛ لأنه لا يوجب بوجوده في المحلة شيئا ، وإنما يوجب الدية في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، كما سلف أنه - عليه السلام - لم يوجب على اليهود شيئا بوجود القتيل في محلتهم .
فصل :
قوله : (" الكبر ، الكبر ") هو منصوب على الإغراء ، أي : الزموا تقدمة الكبير ، أيضا على تقدير فعل ، أي : ليتكلم الكبير .
( والكبر ) بضم الكاف وسكون الباء : الكبير . قال الجوهري : هو ( كبر ) قومه ، أي : أقعدهم في النسب .
فصل :
وقوله : (" تأتون بالبينة على من قتله ") يستدل به على سماع حجة الخصم على الغائب .
فصل :
قوله : ( أن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس ) أي : أظهره .
وقول الناس : ( القسامة حق القود بها . .) إلى آخره فيه حجة للجمهور القائلين بها .
وقوله : ( ونصبني للناس ) أي : أقامني .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة : ( لو أن خمسين منهم شهدوا على ( رجل )
[ ص: 435 ] محصن بدمشق أنه قد زنى ولم يروه ( أكنت ) ترجمه ؟) قال الشيخ أبو الحسن : لم ( يأت ) nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة بما نسبه ؛ لأن الشهادة طريقها غير طريق اليمين .
قال : والعجب من nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز على مكانته من العلم كيف لم يعارض nindex.php?page=showalam&ids=12134أبا قلابة في قوله ، وليس nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة من فقهاء التابعين ، وهو عند الناس معدود في البلد ؟!
وقد أسلفنا بعض هذا ، ويدل على صحة مقالة الشيخ أبي الحسن في الفرق بين الشهادة واليمين أنه - عليه السلام - عرض على أولياء المقتول اليمين ، وعلم أنهم لم يحضروا بخيبر .
وقوله : ( قطع في السرق ) هو بفتح السين والراء مصدر سرق سرقا .
وقوله : ( فنقهت أجسامهم ) هو بكسر القاف على وزن علم .
وقوله : (" أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم ؟") احتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - كما قدمناه - أن القسامة تجب بها الدية دون الدم . وفيه دليل أيضا أن الحكم لا يكون بمجرد النكول دون أن يرد اليمين على المدعي ، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة في منعه الرد ؛ وموضع الدلالة أنه حلف المدعين .
جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب أنه - عليه السلام - قتل بالقسامة رجلا من بني نصر بن مالك ، وفي حديث أبي المغيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقاد بالقسامة بالطائف ، وكلاهما منقطع .
[ ص: 436 ] فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : أما من جعل اليمين في دعوى الدم خمسين ( يمينا ) ولا بد ، لا حجة لهم إلا القياس ، وأما من روى عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : أن القسامة كانت في أمر الجاهلية فأقرها الشارع تعظيما للدم ومن سنتها ، وما بلغنا فيها أن القتيل إذا تكلم برئ أهله ، وإن لم يتكلم حلف المدعي . وذلك فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وهو الذي أدركنا الناس عليه . فمرسل ، وفيه رجل متهم بالوضع .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في " استذكاره " : لم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه أن قول المقتول قبل موته : دمي عند فلان . أنه لوث يوجب القسامة ، ولم يتابع nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا على ذلك ( أحد إلا nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ) : أن الشاهد الواحد العدل لوث . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وإن لم يكن عدلا فهو لوث . وقد أسلفنا ذلك عنه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : واللوث الذي ليس بقوي ولا قاطع .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وأما المالكيون ، فإنهم خالفوا هذا الحكم ولا يرون فيه قسامة أصلا إذا لم يتكلم ، وذكروا ما حدثناه عبد الله بن ( ربيع ) ، ثنا
[ ص: 437 ] محمد بن معاوية ، ثنا أحمد بن شعيب إلى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أول قسامة كانت في الجاهلية أن رجلا من بني هاشم استأجره رجل من قريش ، فانطلق معه ، فمر رجل من بني هاشم انقطعت عروة جوالقه ، فقال : أغثني بعقال أشد عروة جوالقي . فأعطاه ، فلما نزلوا عقل الإبل إلا بعيرا واحدا ، فقال الذي استأجره : ما شأن هذا البعير ؟ ( قال ) : ليس له عقال . قال : فأين عقاله ؟ قال : أعطيته رجلا من بني هاشم . فحذفه بعصى كان فيها أجله ، فتركه وانصرف . فمر به رجل من أهل اليمن ، فقال له وهو يموت : أتشهد الموسم ؟ قال : نعم . قال : إذا شهدته فنادي : يا آل قريش ، ثم يا بني هاشم ، ثم اسأل عن أبي طالب فأخبره أن فلانا قتلني في عقال ، ومات المستأجر ، فلما قدم الذي كان استأجره سأله أبو طالب عن صاحبهم : ما فعل ؟ قال : مرض ومات ، فمكث حينا ، ثم إن الرجل الذي شهد الموسم وأخبر أبا طالب الخبر ، فقال : اختر منا إحدى ثلاث : إما أن تودي مائة من الإبل ؛ فإنك قتلت صاحبنا خطأ ، وإن شئت حلف خمسون من قومك : أنك لم تقتله ، فإن أبيت قتلناك به . فأتى قومه فذكر ذلك لهم فقالوا : نحلف ، فجاءت امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له ، فقالت : يا أبا طالب أحب أن تجيز ابني هذا برجل غيره ، ولا تصبر يمينه ، ففعل .
وأتاه آخر منهم فقال : يا أبا طالب ، نصيب كل رجل من الخمسين بعيران فاقبلهما مني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان . فقبلهما ، وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا .
[ ص: 438 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فوالذي نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية والأربعين عين تطرف .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وإن كان قد احتجوا بهذا فلقد خالفوه في ثلاثة مواضع ؛ لأن قول المقتول لم يتبين بشاهدين ، وهم لا يرون القسامة بمثل هذا ، وأن أبا طالب بدأ بالمدعى عليهم بالأيمان ، وهم لا يقولون بهذا ، وأن أبا طالب أقر أن ذلك الذي قتل الهاشمي خطأ ، ثم قال له : إن أبيت قتلناك به . وهم لا يرون القود في قتيل الخطأ ، فمن العجب احتجاجهم بخبر هم أول مخالف له .
وأما نحن ، فلا ننكر أن تكون القسامة كانت في الجاهلية في القتيل توجد فأقرها الشارع على ذلك ، وهو حق عندنا ؛ لصحة الخبر ، ومن غامض انتزاعهم ، ولا حجة لهم فيه أيضا ؛ لأنه حكم كان في بني إسرائيل ، ولا يلزمنا ما كان فيهم إلا أن يلزمناه - عليه أفضل الصلاة والسلام - ، وهو قوله - تبارك وتعالى - : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها [ البقرة : 72 ] ثم ذكر ما أسلفناه عن nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من قصة البقرة ، وأنهم ضربوا قبر الميت ببعضها فقام وقال : قتلني ابن أخي .
فإن احتجوا بحديث رض اليهودي رأس الجارية ، فليس صحيحا ؛ لأنهم لا يرون القسامة بدعوى من لم يبلغ . والأظهر في هذه الجارية أنها لم تبلغ ؛ لأن في الحديث أنها جارية ذات أوضاح ، وهذه الصفة عند العرب - الذين بلغتهم يتكلم nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك - يوقعونها على الصبية
[ ص: 439 ] لا على المرأة البالغة ، وليس القود بالشاهدين إجماعا ، كما ادعاه بعضهم ؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن يقول : لا يقبل في القود إلا أربعة ، وقد صح أنه - عليه السلام - قال في حديث سهل لليهود :" nindex.php?page=hadith&LINKID=10793إما أن تدوا صاحبكم أو تؤذنوا بحرب " وكان ذلك قبل فتحها .
كما في الحديث الثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار : أن خيبر كانت يومئذ صلحا ، ولم تكن قط صلحا بعد فتحها عنوة ، بل كانوا ذمة يجري عليهم الصغار ، ولا يسمون صلحا ، ولا يمكن أن يؤذنوا للحرب . فصح يقينا أن ذلك الحكم من الشارع إجماع من جميع الصحابة ، أولهم وآخرهم بيقين لا شك فيه ؛ لأن اليهود بينهم وبين المدينة مائة ميل إلا أربعة أميال يتردد في ذلك الرسل ، فلم يخف ذلك على أحد من الصحابة بالمدينة ، ولا على اليهود ، وليس الإسلام يومئذ في غير المدينة ؛ إلا من كان مهاجرا بالحبشة أو مستضعفا بمكة . وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كانت خيبر دار يهود محضة لا يخالطهم غيرهم كما أسلفناه عنه .
فجوابنا : أنه لا قسامة في هذا ، إنما فيه التداعي فقط ، فإن وجد أثر فيه فقد قلنا : أنه - عليه السلام - إنما حكم في المقتول ، وليس كل ميت مات حتف أنفه مقتولا .
[ ص: 440 ] فإن تيقنا أنه قتل بأثر وجد فيه من ضرب أو شدخ وشبه ذلك ، فهو مقتول بالقسامة فيه ، فإن أشكل أمره فأمكن أن ( يكون ) ميتا حتف أنفه مقتولا .
فإن تيقنا أنه بشيء وضع على فيه فقطع نفسه ، فالقسامة فيه ، وسواء وجدنا القتيل في دار أعدائنا من الكفار أو من المؤمنين ، أو أصدقاء مؤمنين ، أو كفار ، أو في دار أخيه أو ابنه ، أو حيث ما وجد فالقسامة في ذلك ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية بحضرة الصحابة ، ولا يصح خلافهما عن أحد من الصحابة ؛ فإنهما حكما في إسماعيل بن هبار ؛- وجد مقتولا بالمدينة ، وادعى قوم قتله - على ثلاثة من قبائل شتى متفرقة الدور ، زهري وتيمي وليثي كناني ، ولم يوجد المقتول بين أظهرهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وسواء وجد المقتول في مسجد ، أو في دار ( نفسه ) ، أو في المسجد الجامع ، أو في السوق ، أو الفلاة ، أو في سفينة ، أو نهر يجري ، أو في بحر ، أو على عنق إنسان ، أو في سقف ، أو في شجرة ، أو في غار ، أو على دابة واقفة ، أو سائرة ، فكله سواء كما ذكرناه .
ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كانت أم عمرو بن سعد عند الجلاس بن سويد بن الصامت ، فقال الجلاس في تبوك : إن كان ما يقول محمد حقا ، لنحن شر من الحمير . فسمعها عمير وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدعى الجلاس فأنكر ، فأنزل الله تعالى يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر [ التوبة : 74 ] فقال الجلاس : أي رب ، فإني أتوب إلى الله . قال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة : وكان مولى الجلاس قتل في بني عمرو بن عوف فأبى بنو عمرو أن يعقلوه ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل عقله على بني عمرو بن عوف .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : لا يجب الاشتغال بهذه كلها ، أما الأول : فهالك ؛ لأنه تفرد به عطية ، وهو ضعيف جدا ساقط ، وما ندري أحدا وثقه .
قلت : ذكره ابن سعد في " طبقاته " وقال : كان ثقة إن شاء الله ، وله أحاديث صالحة ، وذكره أبو حفص البغدادي في " ثقاته " ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : صالح ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم : ضعيف يكتب حديثه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : رواه عنه أبو إسرائيل وهو إسماعيل بن أبي إسحاق بلية عن بلية ؛ لأن الملائي ضعيف جدا ، وليس في الذرع بين القريتين حديث غير هذا البتة لا مسند ولا مرسل .
قلت : أبو إسرائيل اسمه إسماعيل بن خليفة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : يكتب حديثه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : لا بأس به . وفي رواية : صالح . وعند الساجي عنه : ثقة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم : حسن الحديث جيد اللقاء . وقال أبو زرعة : صدوق . وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " ثقاته " وقال : يخطئ ، حكاه الصيرفيني عنه .
[ ص: 443 ] وقال ابن سعد : يقولون : إنه صدوق . ووثقه يعقوب بن سفيان الفسوي .
قال : وخبر الجلاس ( مرسل ) ؛ لأن راويه nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة : أنه - عليه السلام - ، وليس فيه أيضا ذكر القسامة ، ولا أنه وجد قتيلا بينهم ، إنما فيه أنه قتل فيهم ، فالعقل عليهم على هذا ، وهذه صفة قتل الخطأ .
قلت : عمير بن سعد راويه كان عاملا nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر على حمص ، وتوفي بعد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فسماع nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة منه غير ممتنع ؛ يوضحه قول nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة آخره : فما زال عمير مكينا عند الناس حتى مات . فهذا إخبار من nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة برؤيته ومشاهدته ، وإذا كان كذلك ، كان حديثه هذا غير مرسل .
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وأما حديث عمرو بن أبي خزاعة فمرسل ، وعمرو مجهول .
قلت : عمرو مذكور في كتب الصحابة فلا تضر جهالته .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وأما ما ذكروا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعلي فالذي عن علي لا يصح البتة ؛ لأنه عن أبي جعفر وهو منقطع ، وعن الحارث وقد وصفه nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي بالكذب ، وفيه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطأة ، والرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر غير صحيحة ، ولا يعلم في القرآن ولا السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ولا في الإجماع
[ ص: 444 ] ولا في القياس أن يحلف مدعى عليه ويغرم .
قلت : الرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن عبد الرحيم ، عن أشعث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال : قتل قتيل [ بين ] وادعة وخيوان ، فبعث معهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة فقال : انطلق معهم فقس ما بين القريتين الحديث . وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن الحارث بن الأزمع قال : وجد قتيل باليمن بين وداعة وأرحب ، فكتب عامل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إليه ، فكتب إليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - أن قس ما بين الحيين ، الحديث .
وكلا الإسنادين صحيح متصل ؛ عبد الرحيم بن سليمان ثقة ( حافظ ) مصنف ، روى له الجماعة ، nindex.php?page=showalam&ids=12318وأشعث هو ابن سوار الكندي من رجال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وإن كان قال أبو زرعة : فيه لين .
وقال عبد الله بن أحمد الدورقي عن nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ثقة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : لم أجد له فيما يرويه منكرا ، إنما في الأحايين يخلط في الأسانيد ويخالف . وقال العجلي : لا بأس به . وذكره أبو حفص البغدادي في " ثقاته " ، وقال : قال nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة : هو صدوق .
[ ص: 445 ] وخرج له nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " صحيحه " ، وذكره في " ثقاته " الصيرفيني وصرح جماعة بسماع nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي من المغيرة ، وسند الثاني لا يسأل عنهم .
والحارث ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " ثقاته " ووصفه بالرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، ووصفه أيضا بأن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي روى عنه ، وقال : مات في إمارة nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير على الكوفة سنة ستين في آخر ولاية معاوية .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم نفسه ، أن nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك رواه عن محمد بن المنتشر .
وفي " الاستذكار " روى الحسن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه اشترط على أهل الذمة : إن قتل رجل من المسلمين بأرضكم فعليكم الدية .
فصل ينعطف على ما مضى :
قيل : إن أول من حكم بالدية في القسامة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وأنه لا يصح فيها عن أبي بكر شيء ، من مراسيل الحسن
قال الحسن : القتل بالقسامة جاهلية . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق أن هذه القسامة أول قسامة كانت في الإسلام . وذكر أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر قال : قلت لعبيد الله بن عمر : أعلمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاد بالقسامة ؟ قال : لا ، قلت : فأبو بكر وعمر ؟ قال : لا ، قلت : فكيف تجترئون عليها ؟ فسكت ، قال : فقلنا ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك ، فقال : لا نضع أمر رسول الله على الختل لو ابتلي بها أقاد بها .
[ ص: 446 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : وأنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أخبرني يونس بن يوسف ، قلت nindex.php?page=showalam&ids=15990لابن المسيب : أعجب من القسامة يأتي الرجل فيسأل عن القاتل والمقتول لا يعرف القاتل من المقتول ، ثم يضل ، قال : نعم ، قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقسامة في قتيل خيبر ، ولو علم أن الناس يجترئون عليها ما قضى بها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وسمعت nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب يقول : سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون اليمين على المدعى عليهم إن كانوا جماعة ، وعلى المدعى عليه إن كان واحدا وعلى أوليائه ، يحلف منهم خمسون رجلا إذا لم تكن ببينة توجد ، وإن نكل منهم رجل واحد ردت قسامتهم ، ووليها المدعون فيحلفون مثل ذلك ، فإن حلف منهم خمسون استحقوا الدية ، وإن نقصت قسامتهم ورجع منهم واحد لم يعطوا الدية .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وهذا يخالف ما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، أنه يوجب القود بالقسامة ؛ لأنه لم يوجب هنا إلا الدية .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : أنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار ، عن رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود - وبدأ بهم - :" nindex.php?page=hadith&LINKID=675846يحلف منكم خمسون رجلا " فأبوا فقال للأنصار الحديث ، وفيه : فجعلها دية على اليهود ؛ لأنه وجد بين أظهرهم . قال أبو عمر : وهذا حجة قاطعة nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة وسائر أهل الكوفة ، وقد سلف ذلك أيضا .
قال : وقد أنكر على nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قوله : الأمر المجتمع عليه عندنا والذي أرضاه ، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث : أن يبدأ المدعون في الأيمان في القسامة ، وأنها لا تجب إلا بأحد أمرين : أن يقول المقتول : دمي عند فلان ، أو يأتي ولاة الدم بلوث . قالوا : فكيف ؟ قال : اجتمعت الأئمة في القديم والحديث ، nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب يروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار وأبي سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة أثبت وأجل من nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار ، وهذا الحديث وإن لم يكن من روايته فمن رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن سليمان وعراك بن مالك أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال للجهيني الذي ادعى دم وليه على رجل من بني سعد بن ليث وكان أجرى ( نفسه ) فوطئ على أصبغ الجهني ، فمات منها .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للذي ادعى عليهم : أتحلفون بالله خمسين يمينا أنه ما مات منها ؟ فأبوا ، وتحرجوا ، فقال للمدعين : أتحلفون ؟ فأبوا ، فقضى بشطر الدية على السعديين .
قالوا : فأي [ أئمة ] اجتمعت على ما قال ؟ ولم يبد في ذلك ولا في قول المقتول : دمي عند فلان . عن أحد من أئمة المدينة ، لا صاحب
[ ص: 448 ] ولا تابع ولا أحد يعلم قيله ممن يروى قوله . وقد أنكرت طائفة من العلماء الحكم بالقسامة ودفعوها جملة واحدة ، ولم يقضوا بشيء منها . كما سلف .
فصل :
اختلف فيما إذا كان الأولياء في القسامة جماعة : فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : تقسم الأيمان بينهم بالحساب ، ولا يلزم كل واحد منهم خمسون يمينا ، وإن كانوا خمسة حلف كل واحد منهم عشرة أيمان ، فإن كانوا ثلاثة حلف كل واحد سبعة عشر يمينا وجبر الكسر ، إلا في إحدى الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فإنه قال : يحلف منهم رجلان يمين القسامة وهي خمسون .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد قوليه : يحلف كل منهم خمسين يمينا . والآخر كقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المشهور عنه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : تكرر عليهم الأيمان بالإدارة بعد أن يبدأ أحدهم بالقرعة ثم يؤخذ على اليمين حتى يبلغ خمسين ( يمينا ) .
فصل :
اختلف في إثبات القسامة في العبيد ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : وعليهن قيمته في ثلاث سنين ، ولا يبلغ بها دية الحر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف : لا ، ولا غرامة وهو مهدر ، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي أيضا بزيادة : ويغرمون ثمنه .
[ ص: 449 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قولان أصحهما : نعم ، واختلف أيضا هل تسمع أيمان النساء في القسامة ؟ فقال الأولان : لا في العمد ولا في الخطأ .
وقال زفر : القسامة والقيمة يغرمونها . والظاهرية جعلوه كالحر في كل أحكامه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يسمع في الخطأ دون العمد