وقوله : ( لا على الولد ) يريد به : أن ولد المرأة إذا كان من غير عصبتها لا يعقلون عنها . قال : وكذلك الإخوة من الأم لا يعقلون عن أختهم لأمهم شيئا ؛ لأن العقل إنما جعل على العصبة دون ذوي الأرحام . ألا ترى أن ميراثها لزوجها وبنيها ، وعقلها على عصبتها . يريد أن من ورثها لا يعقل عنها حين لم يكن من عصبتها .
ثم قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وكل من أحفظ عنهم .
معنى قوله : ( وأن العقل على عصبتها ) يريد عقل دية المرأة المقتولة لا عقل دية الجنين . يبين ذلك قوله في الحديث الثاني : وقضى بدية المرأة على عاقلتها . وقد أسلفنا هناك خلافا فيمن تجب عليه الغرة ، وأنها على العاقلة عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي خلافا nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك ، والحجة له قوله في الحديث : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=660193وقضى بدية المرأة على عاقلتها ) ولم يذكر ذلك في دية الغرة .
وهذا ظاهر الحديث ، وأيضا فإن عقل الجنين لا يبلغ ثلث الدية ، ولا تحمل العاقلة عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلا الثلث فصاعدا . هذا قول الفقهاء السبعة ، وهو الأمر القديم عندهم .
[ ص: 462 ] أجاب الآخرون بالطعن في nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد ، وأنه ليس بحجة فيما انفرد به ، وأبو موسى الزمني - وإن كان ثقة - فلم يتابعه أحد على قوله : ودية جنينها .
فصل :
اختلفوا : لمن تكون الغرة التي تجب في الجنين ؛ فذكر nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا اختلف قوله فيه . فمرة قال : إنها لأمه . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، ومرة قال : إنها بين الأبوين ، الثلثان للأب والثلث للأم ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
حجة الأول : أنها إنما وجبت لأم الجنين ؛ لأنه لم يعلم إن كان الجنين حيا في وقت وقوع الضربة بأمه أم لا . وحجة الثاني : أن المضروبة لما ماتت منها قضى فيها الشارع بالدية مع قضائه بالغرة ، فلو كانت الغرة للمرأة المقتولة إذا لما قضى فيها بالغرة ، ولكان حكم امرأة ضربتها امرأة فماتت من ضربتها فعليها ديتها ولا تجب عليها للضربة أرش .
وقد أجمعوا أنه لو قطع يدها خطأ فماتت من ذلك لم تكن لليد دية ، ودخلت في دية النفس . فلما حكم الشارع مع دية المرأة بالغرة ثبت بذلك أن الغرة دية الجنين لا لها ، فهي موروثة عن الجنين كما يورث ماله لو كان حيا فمات . قاله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي . وأسلفنا هناك الخلاف في الكفارة .
وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في حكم الشارع في الجنين بغرة ولم يحكم فيه بكفارة حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم في إيجابه
[ ص: 463 ] كفارة عتق رقبة على من تجب عليه الغرة ، ولا حجة له ، ولو وجبت لحكم بها ، وهي إنما تجب في إتلاف روح ، ولسنا على يقين في أن الجنين كان حيا وقت ضرب أمه ، ولو تيقنا ذلك لوجبت فيه الدية كاملة .
فلما أمكن أن يكون حيا ( تجب فيه الدية كاملة ، وأمكن أن يكون ميتا ) لا يجب فيه شيء ، قطع الشارع فيه التنازع والخصام بأن جعل فيه غرة ولم يجعل فيه كفارة ، قاله ابن القصار .
وفي هذا الحديث حجة لمن أوجب دية شبه العمد على العاقلة - حيث قضى بالدية وقد رمتها بحجر - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث شبه العمد وقالا : هو باطل ، وكل ما عمد به القتيل فهو عمد وفيه القود .
قالوا : وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - أنه قال : يعمد أحدكم فيضرب أخاه بمثل آكلة اللحم - قال الحجاج : يعني بعصا - ثم يقول : لا قود علي ، لا أوتى بأحد فعل ذلك إلا أقدته . وقد أوضحنا ذلك هنالك فراجعه . وذكرنا هناك مقالة شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في اضطرابه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : فلما اضطرب حديث حمل بن مالك كان بمنزلة ما لم يرد فيه شيء ، وثبت ما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة - رضي الله عنهما - فيها ، وهو نفي القصاص ، ولما ثبت أنه جعل دية المرأة على العاقلة ، ثبت أن دية شبه العمد على العاقلة .
وقد روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : شبه العمد على العاقلة .
وقد روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : شبه العمد بالعصا والحجر الثقيل ، وليس فيهما قود .
وقد تأول nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فقال : يحتمل أن يكون لما وجب قتل المرأة تطوع قومها على عاقلتها ببذل الدية ( لأولياء المقتولة ، ثم ماتت القاتلة فقبل أولياء المقتولة الدية ) . وقد يكون ذلك قبل موتها ، فقضى عليهم الشارع بأداء ما تطوعوا به إلى أولياء المقتولة .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يكون له حكم الحي لشيء من ذلك إلا أن يستهل .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : الرضاع كالاستهلال . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في العطاس قولين .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان في الحركة قولين .
ثالثها : إذا استهل ثم مات بالحضرة هل تجب ديته بقسامة ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم ، أو بغير قسامة ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب .
رابعها : إذا ضرب بطنها عمدا فاستهل ثم مات ، هل فيها القود ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم . أو الدية ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب .
خامسها : إذا خرج بعد موت أمه ، هل تجب فيه الدية ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
أو لا يجب ( فيه شيء )؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في " المدونة " nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة .
[ ص: 466 ] سادسها : هل الغرة مال للجاني ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " المدونة " . أو تحملها العاقلة ؟ قاله عنه أبو الفرج .
وقد سلف الخلاف فيه ، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أن لأمه الثلث ولأبيه الثلثين ، فإن كان له إخوة فلأمه السدس والباقي للأب .
وقال ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم في أحد قوليه nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : هو للأم ، وهو كبضعة منها . وقال أيضا : هو بين أبويه الثلث والثلثان ، وأيهما خلا به فهو له ، ويخلو به الأب إن خرج حيا بعد موتها من تلك الضربة . وهذا على أحد القولين السابقين .
ثامنها : هل فيه كفارة ؟ nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم قال بها ، وخالف nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب .
تاسعها : إذا خرج بعضه ثم ماتت الأم ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان فيه قولين .
وإذا كانت أمة أو نصرانية عند الضرب ، ثم عتقت الأمة وأسلمت النصرانية قبل أن تطرحه . ذكر أيضا في " الزاهي " على قولين في ذلك .
ثالث عشر : إذا قلنا : فيه الدية واستهل وكانت الضربة في البطن عند nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، أو في غيره عند nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم هل هي على العاقلة أو في ماله ؟
وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم . أو يقتص منه كما لو ضرب في البطن أو الظهر ؟ قاله الشيخ أبو موسى بن شاس .
خامس عشر : هل في الجنين عشر قيمة أمه ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره . أو ما نقصها ؟ قاله nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب . وقال أهل الظاهر : لا شيء فيه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : في جنين الأمة نصف عشر قيمته لو كان حيا ، إن كان ذكرا ، أو عشر قيمته إن كان أنثى . كما قال : في جنين الحرة عشر ديته إن كان أنثى ، أو نصف عشر ديته إن كان ذكرا . فجنين الحرة والأمة عنده سواء أنه معتبر بنفسه لا بغيره .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي هما سواء وهو معتبر بغيره لا بنفسه .
استدل بعضهم بهذا الخبر على صحة قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن المرأة تعاقل الرجل حتى تبلغ ثلث ديته فيكون لها حينئذ نصف ماله ؛ لأنه - عليه السلام - قضى في الجنين بما ذكر ، ولم يفصل بين ذكر وأنثى ؛ لأنه قليل في الدية ، وكل ما حل محله دون الثلث تساويا فيه ، وإذا ثبت الثلث أثر لقوله - عليه السلام - :" nindex.php?page=hadith&LINKID=651213الثلث والثلث كثير " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : جراحها على النصف كالدية ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وشريح : تعاقله إلى الموضحة .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار : تعاقله إلى المنقلة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : تعاقله إلى نصف الدية ، فيكون في أربع أصابع أربعون من الإبل ، وفي خمسة خمس وعشرون . فهذه خمسة مذاهب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يؤدي شيئا معهم ، وفي " المعونة " : وقيل : يحمل الابن وإن كان أبوه أجنبيا ؛ لأن البنوة عصبته بنفسها كالميراث والنكاح .
[ ص: 469 ] ونقله غيره عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، حجة من سلف قضاؤه - عليه السلام - بالدية على العاقلة ( وبرار ) زوجها وبنتها . أجيب بأنه يحتمل أن يكون ولدها أنثى ، وهي لا تحمل عقلا ، أو يكونوا صغارا والصغيرة لا تحمل العقل .
فصل :
وقوله : ( وأن العقل على عصبتها ) يريد عقل دية المرأة المقتولة ، لا عقل دية الجنين . كما سلف .
وقال أبو عبد الملك : يفهم من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن دية الجنين الغرة في كل مال الجانية ، وهذا إذا قضى بالجنين في مال الضاربة ثم ماتت الأم .
وأما إذا تأخر القضاء حتى تموت المضروبة فتغرم العاقلة الكل . ذكره في الحج من المختلطة .
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا : أن الضربة إذا كانت واحدة أن غرة الجنين وأمه على العاقلة . ذكره فيها أيضا .
قال أبو عبد الملك : وإنما قضى بالدية هنا ولم يقتص بها ؛ لأنها لم تعمد قتلها . قال : وإن نزلت مثل هذه النازلة في زماننا لقتلت الضاربة وغلب عليها أنها أرادتها .
وذلك أنه يحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور . وإنما سقط القود في المصارعين لهذا المعنى .
قال بعضهم : ولا يصح تبويب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن العقل على الوالد وعصبته إلا على رواية أبي الفرج عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن الجنين ديته على العاقلة ، ولا يصح التبويب على ذلك .
[ ص: 470 ] وهذا غير صحيح ؛ بل يصح التبويب على أن دية المرأة على العاقلة وهم عصبة ولد المرأة .
تنبيه :
قوله في آخر الباب : ( وقضى بدية المرأة على عاقلتها ) .