ثم انطلقت به nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى - وهو ابن عم nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة أخو أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي - فقالت له nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة : أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك . فقال ورقة : ابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أومخرجي هم ؟ " . فقال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا .
ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكى يلقي منه نفسه ، تبدى له جبريل فقال : يا محمد ، إنك رسول الله حقا . فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك . [انظر : 3 - مسلم : 160 - فتح: 12 \ 351 ]
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فالق الإصباح [الأنعام : 96 ] ضوء الشمس بالنهار ، وضوء القمر بالليل .
[ ص: 111 ] ساق فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - السالف في أول "الصحيح" بطوله بزيادة سلف عليها التنبيه هناك ، وفي آخره : وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : فالق الإصباح [الأنعام : 96 ] ضوء الشمس بالنهار ، وضوء القمر بالليل .
وقد أسلفناه هناك بفوائده فوق الستين فائدة ، وسلف هذا التعليق مسندا في التفسير ، وتقدم قول nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد من عند nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : وعلمتني من تأويل الأحاديث [يوسف : 101 ] ، قال : عبارة الأنبياء .
وفيه : أن المرء ينبه على فعل الخير بما فيه مشقة كما فتل النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في الصلاة من يساره إلى يمينه ، وقد سلف معنى "غطني " . وعبارة nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : معنى غطني : صنع بي شيئا حتى ألقاني إلى الأرض كمن تأخذه الغشية والحزن بضم الحاء وسكون الزاي ، وبفتحهما . وقال أبو عمرو : إذا جاء الحزن في موضع رفع أو جر ، ضمت ، تقرأ وابيضت عيناه من الحزن [يوسف : 84 ] بالضم لا يجوز الفتح ؛ لأنه في موضع جر ، وقال تعالى : تفيض من الدمع حزنا [التوبة : 92 ] بالفتح .
وقوله : مؤزرا ، سلف الكلام فيه ، ومما لم أذكره هناك ما قاله القزاز : أحسب أن الألف سقطت من أمام الواو إذ لا أصل لمؤزر بغير ألف في كلام العرب ، إنما هو من مؤازر من وازرته موازرة : إذا [ ص: 112 ] عاونته ، ومنه أخذ وزير الملك ، فعلى هذا يقرأ موزرا بغير همز ، وقيل : هو مأخوذ من الأزر : وهو القوة ، ومنه قوله تعالى : اشدد به أزري [طه : 31 ] أي : قوتي ، وقيل : ظهري . قال الجوهري : آزرت فلانا : عاونته ، والعامة تقول : وازرته .
وقوله : ( تبدى له جبريل ) . أي : ظهر ، غير مهموز ، وقوله : ( بذروة جبل ) هو بكسر الذال ، وقال ابن التين : رويناه بكسر الذال وضمها ، وهو في ضبط كتب اللغة بالكسر .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وضوء القمر بالليل . قال ابن التين : هو غير ظاهر ، ولعله محمول على أن الإصباح : الضياء ، فيكون معناه : ضياء الشمس بالنهار والقمر بالليل ، وإنما أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا الاستدلال على تفسير : (جاء مثل (فلق ) الصبح ) ، والمعنى : أنها تأتي (بينة مثل ذلك ) في إنارته وإضاءته وصحته . وقال الحسن وعيسى : الأصباح : جمع صبح ، ومعنى فالق : شاق بمعنى : خالق .
وقوله : ( فيسكن لذلك جأشه ) قال صاحب "العين " : إنه النفس .
فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : الرؤيا الصالحة الصادقة قد يراها المسلم والكافر والناس كلهم ، إلا أن ذلك يقع لهم في النادر والوقت دون الأوقات ، وخص سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعموم صدق رؤياه كلها ومنع الشيطان أن [ ص: 113 ] يتمثل في صورته ؛ لئلا يتسور بالكذب على لسانه في النوم ، والرؤيا جزء من أجزاء الوحي وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن بعض العلماء أنه قال : خص الله نبيه بأن رؤية الناس إياه صحيحة على -ما ذكرناه إلى قوله : في النوم - وكذلك استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة ، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ، ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا المتصور ، فحماه الله من الشيطان ونزغه وكيده ، وكذا حمى رؤياه لأنفسهم .
واتفق العلماء على جواز رؤية البارئ تعالى في المنام وصحتها ، ولو رآه إنسان على صفة لا تليق بجلاله من صفات الأجسام ؛ لأن (ذلك ) المرئي غير ذات الله تعالى ، ولا يجوز عليه التجسيم ، ولا اختلاف الأحوال ، بخلاف رؤية سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فإن قلت : فإن الشيطان قد تسور عليه في اليقظة ، وألقى في أمنيته - عليه السلام - ، قيل : ذلك التسور لم يستقم ، بل تلافاه الله -عز وجل - في الوقت بالنسخ وأحكم آياته ، وكانت فائدة تسوره إبقاء دليل التنزيه عليه ؛ لئلا يغلو مغلون فيه فيعبدونه من دون الله كما فعل بعيسى وعزير .
فإن قلت : كيف منع الشيطان أن يتمثل في صورته - عليه السلام - في المنام ، وأطلق له أن يتمثل ويدعي أنه البارئ تعالى ، والصور لا تجوز على البارئ ؟
قيل : سره أنه إنما منع أن يتصور في صورته - عليه السلام - الذي هو صورته في الحقيقة دلالة للعلم وعلامة على صحة الرؤية من ضعفها ، وأطلق له أن
[ ص: 114 ] يتصور على ما تصوره ، ولا يجوز عليه دلالة للعلم أيضا وسببا إليه ، لأنه قد تقرر في نفوس البشر أنه لا يجوز التجسيم على البارئ تعالى ، فجاز أن يجعل لنا هذا الوهم (في النوم ) دليل على علم ما لا سبيل إلى معرفته إلا بطريق التمثيل في البارئ تعالى مرة ، وفي سائر الأرباب والسلاطين مرة ؛ وكذلك قال أبو بكر بن الطيب الباقلاني في "انتصاره " : إن رؤية البارئ تعالى في النوم أوهام وخواطر في القلب في أمثال لا تليق به تعالى في الحقيقة ، وتعالى سبحانه عنها ؛ دلالة للرأي على أنه أمر كان أو يكون كسائر المرئيات . وهذا كلام حسن ؛ لأنه لما كان خرق العادة دليلا على صحة العلم في اليقظة في الأنبياء بهديها (الحق ) ، جعل خروق العادة الجائزة على نبيه بتصور الشيطان على مثاله بالمنع من ذلك دليلا على صحة العلم .
فإن قلت : كيف يجب أن تكون الرؤيا إذا رأى فيها البارئ تعالى صادقة أبدا ، كما كانت الرؤيا التي رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
فالجواب : أنه لما كان تعالى قد يعبر به في النوم على سائر السلاطين ؛ لأنه سلطانهم ويعبر به عن (الأولياء ) والسادة والمالك ، ووجدنا سائر السلاطين يجوز عليهم الصدق والكذب ، فأبقيت رؤياهم على العادة فيهم ، ووجدنا النبيين لا يجوز الكذب على أحد منهم ، ولا على شيء من حالهم ، فأبقيت (حال ) النبوة في النوم على ما هي عليه في اليقظة من الصدق برؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا قام الدليل [ ص: 115 ] عند العابر على الرؤيا التي نرى فيها البارئ أنه البارئ لا يراد به غيره ، لم يجز في تلك الرؤيا التي قام فيها دليل الحق على الله كذبا أصلا لا في مقال ولا في فعال ، فتشابهت الرؤيا من حيث اتفقت في معنى الصدق ، واختلفت من حيث جاز غير ذلك ، وهذا ما لا ذهاب عنه .
فصل :
سيأتي أن الشيطان لا يتمثل به .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : وفيه إشارة إلى أن رؤياه لا تكون أضغاثا ، وأنها تكون حقا ، وقد يراه الرائي على غير صفته المنقولة إلينا ، كما لو رآه شخص أبيض اللحية ، أو على خلاف لونه ، أو تراه رؤيتان في زمن واحد ، أحدهما : بالمشرق ، والآخر بالمغرب ، ويراه كل منهما معه في مكانه . وقال آخرون : الحديث محمول على ظاهره ، والمراد : أن من رآه فقد أدركه ، ولا مانع يمنع من ذلك ، ولا يحيله العقل حتى يضطر إلى صرف الكلام عن ظاهره ، وأما الاعتلال بأنه قد يرى على غير صفته المعروفة ، وفي مكانين مختلفين فإن ذلك غلط في صفاته ، وتخييل لها على غير ما هي عليه ، وقد نظن بعض الخيالات مرئيات ؛ لكون ما يتخيل مرتبطا بما يرى في العادة ، فتكون ذاته مرئية وصفاته متخيلة غير مرئية ، والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا (قرب ) المسافات ، ولا كون (المرئي ) مدفونا في الأرض ولا ظاهرا عليها وإنما يشترط كونه موجودا ، والأخبار دالة على بقائه [ ص: 116 ] فيكون اختلاف الصفات المتخيلة يمر بها اختلاف الدلالات ، وقد ذكر الكرماني : أن من رآه شيخا فهو عام سلم ، أو شابا فهو عام حرب ، وذلك أحد أجوبتهم عنه لو رأى أنه (أمر ) بقتل من لا يحل قتله ، فإن ذلك من الصفات المتخيلة لا المرئية .
وجوابهم . الثاني يمنع وقوع مثل هذا ، ولا وجه عندي لمنعهم إياه مع قولهم في تخيل الصفات ، فهذا انفصال هؤلاء عما احتج به القاضي ، وللمسألة تعلق بغامض الكلام في الإدراكات وحقائق متعلقاتها ، وبسطه خارج عما نحن فيه .
فصل :
لا يفتك أن المنام جعله الله رحمة ليستريح بدنه من تعبه (ودونه ) ونصبه ، لما علم تعالى عجز الروح عن القيام بتدبير البدن دائما ، والنوم هو أبخرة تحيط بالروح القائم بالبدن فتحجبه عن التدبير ، وما هو في المثال كالملك إذا حجب نفسه عن تدبير مملكته ؛ ليستريح ويستريح أعوانه في وقت حجبه ، وفيه تسخن الباطن وإجادة الهضم ، وإذا أفرط فلا تكون الرأس بالاختلاط ترطب الجسوم أو ترخها وتطفئ الحر [ ص: 117 ] الذي فيها . كما ذكره ابن سينا في "أرجوزته" ومن الحكمة الإلهية جعله حين غيبة الروح المدبر ثلاثة أنفس ، وتسمى القوى قوة التخيل والفكر والذكر ، ومن حكمه أيضا أن اليقظة ما إن تمكن يعرف الإنسان كل ما يحدث في الوجود كل وقت إذ لو كان ذلك كذلك ؛ لتساوى الناس بالصالحين بخلاف النوم .
فصل :
والرؤيا قسمان : صحيح وفاسد ، فالأول : ما كان ضمن اللوح المحفوظ ، وهو الذي تترتب عليه الأحكام ، والثاني : لا حكم له ، وهو خمسة أقسام : حديث النفس : بأن يحدث في اليقظة نفسه بشيء فيراه في المنام ، أو من غلبة الدم ، أو من غلبة الصفراء ، أو غلبة البلغم ، أو السوداء .
(فصل ) :
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : قد أكثر الناس في حقيقة الرؤيا ، وقال فيها غير أهل الإسلام أقاويل كثيرة منكرة لما حاولوا الوقوف على حقائق لا تعلم بالعقل ، ولا يقوم عليها برهان ، وهم لا يصدقون بالسمع فاضطربت لذلك مقالاتهم ، فمن ينتمي إلى الطب ينسب جميعها إلى غليظ الأخلاط ، وهذا مذهب وإن جوزه العقل فإنه لم يقم عليه دليل ، ولا اطردت به عادة ، والقطع في موضع التجويز غلط وجهالة ، هذا لو نسبوا ذلك إلى الأخلاط على جهة الاعتياد ، وأما إن أضافوا الفعل إليها فإنا نقطع بخطئهم ، وسيأتي بقية كلامه في باب الرؤيا الصالحة .
[ ص: 118 ] فصل :
ذكر الإمام أبو محمد عبد المعطي بن أبي الثناء محمود في كتابه "مقامات الإيمان والإحسان" أن النوم تارة يكون نوم غفلة ، وتارة يكون نوم جهل عن العلم ، وتارة يكون نوم فترة وشغل ، وتارة يكون نوم راحة .
فصل :
الرؤيا أيضا تنقسم على أنواع أربعة : محمودة ظاهرا وباطنا ، كمن يرى أنه كلم البارئ تعالى ، أو أحدا من الأنبياء في صفة حسنة وبكلام طيب ، وعكسه كمن يرى أن حية لدغته أو نارا أحرقته وشبهه ، ومحمودة ظاهرا لا باطنا كسماع الملاهي وشم الأزهار ، وعكسه كمن يرى أنه ينكح أمه أو يذبح ولده .
الغالب في الرؤيا الجيدة تأخير تفسيرها بخلاف الرديئة وربما كانت له أو لغيره ، وربما لا تكون له ولا لمن رئيت له ، لكنها تكون لغيره من أقاربه أو معارفه ، وربما رأى في نومه أشياء ودلالتها على شيء واحد وبالعكس ، وربما كان للرائي وحده ، وربما كان لمن يحكم عليه .
[ ص: 119 ] فصل :
المنام أيضا يختلف باختلاف اللغات والأديان والأزمان والصنائع والعادات والمعايش والأمراض والموت والحياة .
فائدة :
قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : يقال : عبر الرؤيا يعبرها (عبرا وعبارة ، وعبرها : فسرها وأخبر بآخر ما يؤول إليه أمرها ، واستعبره إياها : سأله تعبيرها ) . وقال الأزهري عن أبي الهيثم : العابر الذي ينظر في الكتاب فيعبره ، أي : يعبر بعضه ببعض حتى يقع فهمه عليه ، ولذلك قيل : عبر الرؤيا وأعبر فلان كذا ، وقال غيره : أخذ هذا كله من العبر وهو جانب النهر ، وفلان في ذلك العبر . أي : في ذلك الجانب ، وعبرت النهر والطريق عبورا إذا قطعته من هذا الجانب إلى ذلك الجانب ، فقيل لعابر الرؤيا : (عابرا ) ؛ لأنه يتأمل ناحيتي الرؤيا وأطرافها ، ويتدبر كل شيء منها ويمضي فكره فيها من أول رؤياه إلى آخرها .
وقال القزاز في"جامعه " : كأن عابر الرؤيا جاز المثل إلى التأويل ؛ لأن الرؤيا إنما هي مثل يضرب لصاحبها فإذا عبرها المعبر فقد جاز ذلك المثل إلى معناه . وقال قوم : إنما معناه : أنه يخرجها من حال النوم إلى ما يحب من اليقظة ، وقد عبرها فهو عابر وعبرها فهو (معبر ) .
[ ص: 120 ] وعند الهروي : العابر الناظر في الشيء . ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : إني اعتبرت الحديث .
يريد : أنه اعتبر الرؤيا عن الحديث ويجعله اعتبارا كما يعتبر القرآن في تعبير الرؤيا يقال : هو عابر الرؤيا وعابر للرؤيا ، وعبرتها وعبرتها واحد .