وحديث) nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - مرفوعا مثله وقال : "رؤيا المسلم . . " إلى آخره .
رواه ثابت وحميد وإسحاق بن عبد الله وشعيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - : "رؤيا المسلم . . " مثله .
الشرح :
سلف في الباب قبله الكلام على قوله : "فإذا حلم . . " إلى آخره .
nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي -وقال : حسن - من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن رجل كان يفتي بمصر قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء عن قوله : لهم البشرى في الحياة الدنيا قال : هي الرؤيا الصالحة بزيادة : وفي الآخرة (الجنة ) .
الشمال خلاف اليمين ، وذكره في باب الحلم من الشيطان بلفظ : اليسار ، وهو بفتح الياء أفصح من كسرها ، وقوله : "وليبصق" وفي [ ص: 136 ] أخرى : "فلينفث" وفي ثالثة : "فليتفل" وأكثر الروايات على الثاني ، وادعى بعضهم أن معناها واحد ، ولعل المراد بالجميع النفث ، وهو نفخ بلا ريق ، ويكون التفل والبصق محمولين عليه مجازا .
فصل :
وقوله : (" فإنها لا تضره " ) معناه : أن الله تعالى جعل هذا سببا لسلامته من مكروه يترتب عليها ، كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببا لدفع النبلاء ، وينبغي الجمع بين هذه الروايات كلها ويعمل بها كلها كما نبه عليه النووي ، فإذا رأى ما يكرهه نفث عن يساره ثلاثا قائلا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شرها ، وليتحول إلى جنبه الآخر وليصل ركعتين . قلت : ويقرأ آية الكرسي كما سلف في تلك الرواية ، فيكون قد عمل بجميع الروايات ، وإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله كما صرحت به الأحاديث .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : وأمر بالنفث ثلاثا طردا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة وتحقيرا له واستقذارا وخصت به اليسار ؛ لأنها محل المكروهات والأقذار .
[ ص: 137 ] أي : أنها تكون محتملة لأمرين ففسرت بأحدهما ، nindex.php?page=showalam&ids=13478ولابن ماجه من حديث يزيد الرقاشي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=680418 (اعبروها ) بأسمائها وكنوها بكناها والرؤيا لأول عابر " ، وفي"البستان" لابن أبي طالب حديثا عبره الشارع ثم عبرت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مثل ذلك المنام فاختلف التعبيران .
فصل :
وقوله في الباب الماضي : ("فليحدث بها " ) . وجاء في باب إذا رأى ما يكره : " nindex.php?page=hadith&LINKID=656522فلا يحدث به إلا من يحب " ، وهذا من أحسن الإرشاد لموضع الرؤيا ؛ لأنه إذا أخبر بها من لا يحب ربما حمله البغض والحسد على تفسيرها بمكروه ، فقد تقع تلك الصفة وإلا فيحصل له في الحال حزن ونكد في سوء تفسيرها . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وهذا من أحسن الإرشاد لموضع الرؤيا ، واستعبارها العالم بها الموثوق برأيه .
وقوله : (" على رجل طائر " ) قيل : معناه : أنه لا يستقر قرارها ما لم تعبر .
فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : يحتمل أن المراد صحتها ، ويكون معنى الرؤيا الصالحة الحسنة حسن ظاهرها ، ويحتمل المراد صحتها وكذلك الرؤيا المكروهة . قال : وقوله : (" فليبشر " ) . كذا في معظم الأصول بضم الياء ثم موحدة ساكنة من البشارة والبشرى ، وفي بعضها بفتح الياء والنون من النشرة وهو الإشاعة . قال : وهو تصحيف . وفي بعضها : "فليسر " . بسين مهملة من السرور .
[ ص: 138 ] فصل :
مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان ، وهو جل وعلا يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا يقظة ، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه خلقها علما على أمور أخر يلحقها في ثاني الحال إذا كان قد خلقها ، فإذا خلق في قلب النائم الطيران وليس بطائر ، فأكثر ما فيه أنه اعتقد أمورا على خلاف ما هو عليه ، فيكون ذلك الاعتقاد علما على غيره كما (جعل ) الله الغيم علما على المطر والجميع خلق الله ، ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي خلقها علما على ما يسر بغير حضرة الشيطان ، وخلق ما هو علم على ما يحضره الشيطان ، فنسب إلى الشيطان مجازا لحضوره عندها وإن كان لا يدخل له حقيقة . وهذا معنى قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=655306الرؤيا من الله والحلم من الشيطان " لا على أن الشيطان يفعل .
فالرؤيا : اسم لمحبوب ، والحلم : اسم لمكروه .
وقال بعضهم : إضافة الرؤيا إلى الله إضافة تشريف بخلاف المكروهة ، وإن كانا جميعا من خلق الله ، والشيطان بحضرة المكروهة ويرتضيه و (يسر به ) . يؤيده ما حكى القيرواني في كتابه "نور البستان " : أن أبا جعفر محمد بن علي الكسائي روى في كتابه في الرؤيا عن إسماعيل بن أبي فديك ، عن يعيش بن طخفة الغفاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله [ ص: 139 ] ليس لي إلا هذا الولد ، ورأيت في المنام أني ذبحته ، ثم جعلت أقطعه عضوا عضوا وطبخته في قدر ، فقال : "يا رؤيا اخرجي " . فخرجت امرأة جميلة بيضاء فقال لها : "هل أريت هذه شيئا ؟ " . قالت : لا يا رسول الله . فقال : "يا حلم اخرجي" فخرجت امرأة أدماء فقال : "هل أريت هذه شيئا ؟ " . قالت : لا . فقال : "يا ضغث اخرجي " . فخرجت امرأة ميتة ، فقال : "هل أريت هذه شيئا ؟ " . قالت : نعم . فقال : "وما حملك ؟ " . قالت للمرأة : أن أحزنها ، فقال للمرأة : "اذهبي فلا بأس عليك " .
قال القيرواني : ورأيت نحوه في بعض الكتب أن فاطمة رأت كأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها والحسن والحسين نائمان ، فأطعمهما فاكهة فشرقا . فأخبرت رسول الله بذلك فنادى عن يمينه : "يا رؤيا " . فأجابه صوت ، فقال : "أنت أريت فاطمة هذه " . قالت : نعم ، فناولهما - عليه السلام - فاكهة كانت عنده ، فأكلا ولم يصبهما شيء .
قال القيرواني : هذا إن صح فيحمل على صدق رؤيا فاطمة ؛ لذكر الشارع فيهما ، وموت ولديها متولد من حذر النفس وإشفاقها ، وهو مضاف إلى الشيطان ، وهذا من الباطل الذي وصف المفسرون أن الشيطان يدخله على النائم في الرؤيا الصالحة ؛ ليفسدها عليه حسدا له .
فصل :
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة أمرين :
أولهما : لما رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=13592ابن ناجية ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ومحمد بن سليمان لوين ، قال : لم يتجاوز لوين في حديثه nindex.php?page=showalam&ids=12031أبا سلمة أنه - عليه السلام - قال : "الرؤيا الصالحة . . " الحديث ، وهذا منه ترجيح للإرسال على الإسناد ؛ لأن محمد بن سليمان حافظ .
[ ص: 140 ] ثانيهما : قال : هذا الحديث ليس من الباب في شيء . قلت : لكن فيه ذكر الصالحة فقط .
فصل :
في اتصال قوله : ( رواه ثابت وحميد ) إلى آخره ، وأما حديث ثابت ، وهو ابن (مسلم ) فأخرجه ( nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إثر حديث ) nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن عبادة ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عنه ، وحديث حميد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=15424النفيلي عنه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه قال ، فذكره موقوفا ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فساقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مسندا في باب رؤيا الصالحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عنه ، وحديث شعيب -هو ابن الحبحاب - أخرجه خلف وأبو مسعود في أطرافهما .
فصل :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد فيه أنها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=692441جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " وهي أشهرها ، وكذا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وعبادة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة . وفي "مستخرج nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " " خمسة وأربعون جزءا " ، وسلف أن في بعض النسخ لحديث أبي رزين "جزء من أربعين جزءا" وفي nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث فراس ، عن عطية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : "جزء من سبعين جزءا من النبوة" وكذا nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة من حديث زاهر الأسلمي ، عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود مثله موقوفا .
وأسلفنا عن nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وبعضهم كلامه على ستة وأربعين . ولا يتأتى في غيرها لسبعين ونحوها ، وأيضا فبعضهم أن مقامه بمكة كان عشرا فلم يتفقوا على ثلاث عشرة . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري عن بعضهم الأول ، وعن بعضهم أنه - عليه السلام - قد خص دون الخليقة بضروب وفنون ، وجعل له إلى العلم طرق لم تجعل لغيره ، فيكون المراد نسبتها مما حصل له وميز به جزء من ستة وأربعين جزءا ، فلا يبقى على هذا إلا أن يقال : بينوا ، هذه الأجزاء ؟
ولا يلزم العلماء أن يعرفوا كل شيء جملة وتفصيلا ، وقد جعل الله للعلماء حدا نقف عليه ، فمنها : ما لا نعلمه أصلا ، ومنها : ما [لا ] نعلمه جملة ، ولا نعلمه تفصيلا ، وهذا منه ، ومنها ما نعلمه جملة وتفصيلا ، لا سيما ما طريقه السمع ، ولا مدخل للعقل فيه فإنما يعرف منه قدر ما يعرف السمع . قال : وقد مال بعض شيوخنا إلى هذا الجواب الثاني وقدح في الأول بأنه لم يثبت أن أمد رؤياه قبل النبوة كان ستة أشهر وبأنه بعد النبوة رأى منامات كثيرة ، فيجب أن يلفق [ ص: 142 ] منها ما يضاف إلى الستة الأشهر ، فيتغير الحساب وتفسد النسبة ، ولا وجه عندي لاعتراضه بما كان من المنامات خلال زمن الوحي ؛ لأن الأشياء توصف بما يغلب عليها ، وتنسب إلى الأكثر منها ، فلما كانت الستة الأشهر محضة في المنامات ، والثلاث وعشرون سنة جلها وحي ، وإنما فيها منامات شيء يسير بغير عد ، أوجب أن يطرح الأقل في حكم [النسبة والحساب ] ، وقد سلف أن أمد الرؤيا لم يثبت أنه كان ستة أشهر فكيف حكمت بعدمه ولم يتضح ثبوته ؟
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : ويحتمل عندي أن يراد بالحديث وجه آخر ، وهو أن (يريد ) المنامات الخبر بالغيب لا أكثر ، وإن كان يتبع ذلك إنذارا وتبشيرا ، والإخبار أحد ثمرات النبوة ، وأحد فوائدها ، وهو في جنب فوائد النبوة والمقصود بها يسير ؛ لأنه يصح أن يبعث نبي يشرع الشرائع (ويبين ) الأحكام ولا يخبر بغيب أبدا ، ولا يكون ذلك قادحا في نبوته ، ولا مبطلا للمقصود منها ، وهذا الجزء من النبوة هو الإخبار بالغيب إذا وقع ، فلا يكون إلا صدقا ، ولا يقع إلا حقا ، والرؤيا ربما دلت على شيء ولم يقع ما دلت عليه ، إما لكونها من الشيطان ، أو من حديث النفس ، أو من غلط العابر في أصل العبارة ، إلى غير ذلك من الضروب الكثيرة التي توجب عدم الثقة بدلالة المنام ، فقد صار الخبر بالغيب أحد ثمرات (النبوة ، وهو غير مقصود فيها ، ولكنه لا يقع إلا حقا ، وثمرة ) المنام الإخبار بالغيب ، ولكنه [ ص: 143 ] قد لا يقع صدقا فتقدر النسبة في هذا بقدر ما قدره (الشارع ) بهذا العدد على حسب ما أطلعه الله عليه ؛ ولأنه يعلم من حقائق نبوته ما [لا ] نعلمه نحن ، وهذا الجواب الثاني عن بعضهم فإنهم لم يكشفوه هذا الكشف ، ولا بسطوه هذا البسط .
وأشار nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري إلى أن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي ، فالمؤمن الصالح تكون رؤياه من ستة وأربعين ، والفاسق من سبعين ، وقيل : المراد أن الخفي منها جزء من سبعين ، والجلي جزء من ستة وأربعين .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : والصواب أن يقال : إن عامة هذه الأحاديث أو أكثرها صحاح ، ولكل منها مخرج ، فأما رواية السبعين فإنه عام في كل رؤيا صالحة صادقة لكل مسلم رآها في منامه على أي أحواله كان ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وأما رواية الأربعين والستة والأربعين فإنه يريد بذلك ما كان صاحبها بالحال التي ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق أنه يكون بها .
روى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن nindex.php?page=showalam&ids=15557بكر بن سوادة حدثه أن زياد بن نعيم حدثه أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان يقول : لأن يرى المسلم يسبغ الوضوء رؤيا صالحة أحب إلي من كذا وكذا ، فمن كان من أهل الإسباغ في الصبر على المكروهات وانتظار الصلاة بعد الصلاة فرؤياه الصالحة جزء من ذلك ، ومن كانت حاله في دأبه بين ذلك فرؤياه الصادقة بين [ ص: 144 ] الأربعين إلى السبعين لا (يزاد ) عن السبعين ولا (ينتقص ) على الأربعين . قلت : ويحتاج إلى توجيه رواية ستة وعشرين .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : وأصح ما في الباب (حديث ) الستة والأربعين جزءا ، ويتلوها في الصحة (سبعون ) ، ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في كتابه غير هذين الحدثيين ، فأما الأول فأخرجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ، وأما سائرها فهي من أحاديث الشيوخ . ثم قال : فإن قلت : [فما ] وجه التوفيق بين السبعين والستة والأربعين ، والنسخ غير جائز في الأخبار ؟
فالجواب : أنه يجب أن يعلم ما معنى كون الرؤيا جزءا من أجزاء النبوة ، فلو كانت جزءا من ألف جزء منها لكان ذلك كثيرا ، فيقال : إن لفظ النبوة مأخوذ من الإنباء ، والإنباء هو الإعلام لغة ، والمعنى : أن الرؤيا إما صدق من الله لا كذب فيه ، كما أن معنى النبوة الإنباء الصادق من الله الذي لا يجوز عليه الكذب فشابهت الرؤيا النبوة في صدق الخبر عن الغيب ، وأما معنى اختلاف الأجزاء في ذلك قلة وكثرة فإنا وجدنا الرؤيا تنقسم قسمين لا ثالث لهما ، وهو أن يرى الرجل رؤيا جلية ظاهرة التأويل مثل من رأى أنه يعطي شيئا في المنام [ ص: 145 ] فيعطي مثله يقظة بعينه ، وهذا الضرب من الرؤيا لا إغراق في تأويلها ولا رمز في تعبيرها .
ثانيهما : ما يراه في المنامات المرموزة البعيدة المرام في التأويل ، وهذا الضرب لا يعسر تأويله إلا لحاذق في التعبير ؛ لبعد ضرب المثل فيه ، فيمكن أن يكون هذا من السبعين جزءا والأول من الأجزاء ، وهذا قد سلف ؛ لأنه إذا قلت الأجزاء كانت الرؤيا أقرب إلى النبأ الصادق وآمن من وقوع الغلط في تأويلها ، وإذا كثرت الأجزاء بعدت بمقدار ذلك وخفي تأويلها .
ولما عرضته على جماعة فحسنوه وزادني فيه بعضهم بأن قال : الدليل على صحته أن النبوة على مثل هذه الصفة تلقاها الشارع عن جبريل ، فقد أخبرنا أنه كان يأتيه مرة بالوحي فيكلمه بكلام فيعيه بغير مؤنة ولا مشقة ، ومرة يلقي إليه جملا جوامع ويشتد عليه فكها وتبيينها حتى تأخذه الرحضاء ويتحدر منه العرق كالجمان ، ثم يعينه الله على تبيين ما ألقي إليه من الوحي ، فلما كان تلقيه للنبوة المعصومة بهذه الصفة كان تلقي المؤمن للرؤيا من عند الملك الآتي بها من أم الكتاب بهذه الصفة .
وفيه تأويل آخر ذكره أبو سعيد السفاقسي عن بعض أهل العلم ، قال : معنى السبعين : أن الله أوحى إلى نبيه في الرؤيا ستة أشهر ، ثم بعد ذلك أوحى إليه بإعلام باقي عمره ، وكان عمره في النبوة ثلاثة وعشرين عاما ، فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فإذا نسبنا ستة أشهر من ثلاثة وعشرين (عاما ) وجدنا ذلك جزءا من ستة [ ص: 146 ] وأربعين ، وهذا أسلفناه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : وهذا التأويل (يفسد ) من وجهين : أحدهما : أنه قد اختلف في مدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل : إنها كانت عشرين عاما . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة - رضي الله عنهم - .
والثاني : أنه يبقى حديث السبعين جزءا بغير معنى ، وهو كما قال . وقد أسلفناه أيضا .