وذكره من طريق سالم عنه ، وقد سلف في فضل قيام الليل ، ومناقب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - ، ونوم الرجال في المسجد ، وغير ذلك .
وقوله : ( في يد كل واحد منهما مقمعة ) . هي بكسر الميم ، والمقامع سياط من حديد رءوسها معوجة قال الجوهري : المقمعة كالمحجن ، والمحجن كالصولجان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : المقرعة والمقمعة واحد .
[ ص: 225 ] وقوله : ( لها قرون كقرون البئر ) ، وقرنا البئر منارتان تبنيان على رأسها ، ويوضع فوقها خشب تعلق البكرة فيه ، والعزب بفتح العين والزاي . ومعنى ( لم ترع ) : لم تخف ، والروع الفزع .
وقوله : ( لو كان يكثر الصلاة ) . قال ابن التين : ليس في الرؤيا إنما هو وحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قلت : قد سلف أنها من الملك في الرؤيا .
وقوله : ( يقبلان بي إلى جهنم ) . يقال : أقبلته (الشيء ) أي : جعلته (على ) قبالته .
فصل :
هذا الحديث مما فسرت فيه الرؤيا على وجهها ، وفيه : دليل على توعد الله عباده ، وجواز تعذيبهم على ترك السنن .
وقول الملك : ( لم ترع ، نعم الرجل أنت . . ) . إلى آخره هذه الزيادة تفسر سائر طرق هذا الحديث .
وفيه : الحكم بالدليل ؛ لأن عبد الله استدل على أن اللذين أتياه ملكان ؛ لأنهما أوقفاه على جهنم ، ووعظاه بها ، والشيطان لا يعظ ، ولا يذكر الخير ، فاستدل بوعظهما وتذكيرهما أنهما ملكان .
وقوله : ( لم ترع ) هذا خرج على ما رآه عليه ، وعلى أنه ليس من أهل ما رآه ؛ لأنه إذا قام الدليل أنهما ملكان فلا يكون كلامهما إلا حقا ، وفيه دليل على أن ما فسر في النوم فهو تفسير في اليقظة ؛ لأن الشارع لم يزد في تفسيرها على ما فسرها الملك ، وفيه دليل على أن أصل التعبير من قبل الأنبياء ، ولذلك كانوا يتمنون أن يروا رؤيا يفسرها الشارع ؛ لتكون [ ص: 226 ] عندهم أصلا ، وهو مذهب الأشعري : أن أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء ، وعلى ألسنتهم وهو كما قال ، لكن المحفوظ عن الأنبياء وإن كان أصلا فلا يعم أشخاص الرؤيا فلابد (للبارع ) في هذا العلم أن يستدل بحسن نظره ، فيرد ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل ، ويحكم له بحكم التشبيه الصحيح ، فيجعل أصلا يقاس عليه ، كما يفعل في فروع الفقه ، وفيه أيضا جواز المبيت للعزب في المسجد ، كما ترجم عليه في أحكام المساجد وجواز النيابة في الرؤيا ، وقبول خبر الواحد العدل .