وقد سلف مطولا في قصة العنسي الكذاب في آخر المغازي ، وفي علامات النبوة .
وابن نشيط في إسناده هو عبد الله بن عبيدة بن نشيط ، أخو موسى بن عبيدة ، يقال : بينهما في الولادة ثمانون سنة ، وعبد الله هو الأكبر ، قتله الحرورية بقديد سنة ثلاثين ومائة . ويقال فيهما : الربذي القرشي العامري مولاهم ، وينسبون إلى اليمن أيضا .
وقوله : ( ففظعتهما ) هو بكسر الظاء .
[ ص: 229 ] قال ابن التين : وكذا رويناه ، يقال : فظع الأمر فظاعة ، وأفظع اشتد . وفظعت بالأمر وأفظعني : اشتد علي . قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : وفيه دليل أن كل ما يراه الإنسان من حلية النساء شغل ، وزواله زوال ذلك الشغل .
وقوله : " إسواران " كذا وقع هنا بالألف ، وفيما سلف ، ويأتي بدونها ، وهو الأكثر عند أهل اللغة ، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال . وقال ابن التين في باب : النفخ : قوله : " فوضع في يدي سوارين " . كذا عند الشيخ أبي الحسن ، وعند غيره : "إسواران " وهو الصواب ، وقد وقع في الشعر :
ولو ولدت قفيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا
والكلاب : منصوب بـ (ولدت جرو كلب ) نصب تأكيد ، والتقدير : ولو ولدت قفيرة الكلاب ما جرو كلب . . إلى آخره .
وقيل : (الشبه السب ) .
قلت : والذي في الأصول "سواران " بحذف الألف هناك كما ستعلمه ، وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ذكره بإثباتها .
قال أبو عبيدة : سوار المرأة وسوارها ، يعني : بالضم والكسر .
قال أبو علي الفارسي : وحكى قطرب إسوار ، وذكر أن أساور جمع إسوار على حذف الياء ؛ لأن جمع إسوار : أساوير .
فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : وهذه الرؤيا ليست على وجهها ، وإنما هي على ضرب المثل ، وإنما أولها بالكذابين ؛ لأن الكذب إنما هو الإخبار عن [ ص: 230 ] الشيء بخلاف ما هو به ووضعه في غير موضعه ، فلما رآهما في ذراعيه وليسا موضعا للسوارين ؛ لأنهما ليسا من حلية الرجال علم أنه سيقبض على يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يعني : على أوامره ونواهيه - من يدعي ما ليس له كما وضعا ، حيث ليس لهما . وكونهما من ذهب والذهب منهي عنه في اليدين دليل على الكذب من وجوه : وضع الشيء في غير موضعه كما سلف ، وكون الذهب مستعملا في الرجال وهو منهي عنه ، ومنه يشتق الذهاب فعلم أنه شيء يذهب عنه ولا يبقى ، ثم وكد له الأمر فأذن له في نفخهما فطارا عبارة أنهما لا يثبت لهما أمر ، وأن كلامه - عليه السلام - بالوحي الذي جاء به يزيلهما عن موضعهما الذي قاما فيه ، والنفخ دليل على الكلام وعلى إزالة الشيء المنفوخ فيه ، وإذهابه بغير كلفة شديدة ؛ لسهولة النفخ على النافخ ، وكذلك كان أذهب الله ذينك الكذابين بكلامه .
وقال الكرماني : من رأى أنه يطير بين السماء والأرض أو من مكان إلى مكان ، فإن كانت رؤياه أضغاث فإنه كثير التمني والفكر والاغترار بالأماني ، وإن كانت صحيحة وكان يطير في عرض السماء فإنه يسافر سفرا بعيدا وينال رفعة بقدر ما استعلي من الأرض في طيرانه ، فإن طار إلى السماء مستويا لا ينعوج ناله ضرر ، فإن وصل إلى السماء فبلغ الغاية فإن غاب فيها ولم يرجع مات ، وإن رجع إلى الأرض أفاق . وقال ابن أبي طالب العابر : وإن كان ذلك بجناح فقد يكون جناحه مالا ينهض به أو سلطانا يسافر تحت كنفه ، وإن كان بغير جناح دل على التعزيز فيما يدخل فيه .