يريد القاعد عنها خير من القائم الذي لا يستشرفها . قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : والظاهر أنه إنما أراد أن يكون فيها قاعدا قال : والقائم خير من الماشي في أسبابه لا يردونها ، فربما وقع في شيء يكرهه أو يضره . قال : وقوله : "من تشرف لها " أي : دخل في شيء منها ، قال : وقوله : "تشرفه " معناه : من دخل في شيء منها ، وانتصب قبلته ، ويكون من أشرف لها ، الإشراف لها على حاله من خير أو شر . يقال : أشرف المريض إذا أشفى على الموت ويقال : هم على شرف من كذا . ويقال : استشرفته أي أهلكت ما أشرف منه وأصابته ؛ قال : وروي في حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=909489 "إن المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وإنها أقرب إلى الله تعالى إذا كانت في قعر بيتها " .
وقوله : ("فمن وجد ملجأ أو معاذا " ) معناهما واحد ، ومعاذ بالفتح ، قال ابن التين : ورويناه بضمها .
فصل :
فإن قلت : ما معنى حديث الباب ، وهل المراد به كل فتنة بين [ ص: 322 ] المسلمين أو بعض الفتن دون بعض ؟ وعلى الأول ما تقول في الفتن الماضية وقد علمت أنه نهض فيها من أخيار الناس خلق كثير .
وإن قلت : الثاني ، فما المعني به ، وما الدليل على ذلك ؟ أجاب nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري بأنه قد اختلف السلف في ذلك ؛ فقال بعضهم : المراد به جميع الفتن وعليه الاستسلام ولزوم البيوت ، وهي التي قال الشارع فيها : nindex.php?page=hadith&LINKID=682214 "القاعد فيها خير من القائم " ، وممن قعد فيها : nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=80ومحمد بن مسلمة nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري وأسامة بن زيد وأهبان بن صيفي nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=130وأبو بكرة ، ومن التابعين : شريح nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي .
ثم ذكر حجتهم من طريق النظر وهو التأويل ، وإن كان خطأ كالمجتهد ، والواجب إذا اقتتل حزبان من المسلمين بهذه الصفة ترك المعاونة ولزوم البيت ، كما أمر الشارع أبا ذر nindex.php?page=showalam&ids=80ومحمد بن مسلمة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وما عمل به من تقدم من الصحابة .
وقال آخرون : إذا كانت فتنة بين المسلمين فالواجب لزوم البيوت ، وترك معونة أحد الحزبين ، نعم يدفع وإن أتى على النفس فهو شهيد . روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وعبيدة السلماني .
وقال آخرون : كل فرقتين اقتتلا ، فإن كانتا مخطئتين فعلى المسلمين الأخذ على أيديهم والعقوبة وإن كانت أخطأت إحداهما فالواجب الأخذ على الأولى ومعونة الثانية ، روي ذلك عن علي nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وطلحة ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقتل nindex.php?page=showalam&ids=12338أويس القرني مع علي في الرجالة كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12374إبراهيم بن سعد ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه أنه قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت أني لم أقاتل [ ص: 323 ] هذه الفئة الباغية كما أمرني الله . nindex.php?page=hadith&LINKID=687097وقال nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو : لم أضرب بسيف ولم أطعن برمح ، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "أطع أباك " فأطعته . وقيل nindex.php?page=showalam&ids=12354لإبراهيم النخعي : من كان أفضل علقمة أو الأسود ؟ فقال : علقمة ؛ لأنه شهد صفين وخضب سيفه بها . وقال : أبو إسحاق شهد مع علي nindex.php?page=showalam&ids=16536عبيدة السلماني وعلقمة nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل وعمرو بن شرحبيل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : خرج مع ابن الأشعث في الجماجم ثلاثة آلاف من التابعين ليس في الأرض مثلهم أبو البختري nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري .
وقال آخرون : كل قتال وقع بين المسلمين ولا إمام لجماعتهم يأخذ المظلوم من الظالم فذلك القتال هو الفتنة التي أمر الشارع بالاختفاء في البيوت فيها ، وكسر السيوف ، سواء أكانتا مخطئتين أو إحداهما . روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وأنا قائل بالصواب في ذلك وأجمع بين أمره بالبيوت وما عارضه من الأمر بقتال الناكثين والفاسقين والمارقين والأخذ على أيدي السفهاء والظالمين أن الفتنة أصلها البلاء والاختبار ، وكان حقا على المسلمين إقامة الحق ونصرة أهله وإنكار المنكر كما وصفهم الله تعالى بقوله : الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة الآية [النور : 41 ] . فمن أعان المحقة فهو المصيب .
ويحتمل أن يكون مخرج الكلام من الشارع ذلك كان في خاص من الناس على ما روي عن عمار لأبي موسى - رضي الله عنهما - ، وتبطأ عن النهوض فيها ، ونهى عن السعي إليها ، وأمر بالجلوس عنها من جلة الصحابة كسعد وأسامة بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=80ومحمد بن مسلمة وأبي مسعود الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى وغيرهم يكثر إحصاؤهم .
وروى أهل الشام عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معاوية : أنه الذي يقاتل على الحق ، وأنه - عليه السلام - ذكر فتنة ، فمر به عثمان - رضي الله عنه -فقال : "هذا وأصحابه يومئذ على الحق " .
وكل راو منهم لرواية يدعي أنها الحق ، وأن تأويله أولى . وإذا كان الأمر كذلك ، علم أن القول في ذلك من غير وجه النص والاستخراج الذي لا يوجد في مثله إجماع من الأمة على معنى واحد .
ولذلك قيل في قتلى الفريقين ما قيل من رجاء الفريق الآخر (الإصابة ) وأمن على فريق الشبهة .