[ ص: 335 ] فوصفهم بالجور والباطل والخلاف لسنته ؛ لأنهم لا يكونون دعاة على أبواب جهنم إلا وهم على ضلال ، ولم يقل : فيهم من تعرف منهم وتنكر ، كما قال في الأولين ، وأمر مع ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم ، ولم يأمر بتفريق كلمتهم وشق عصاهم .
فصل :
اختلف أهل العلم في معنى أمره - عليه السلام - بلزوم الجماعة ، ونهيه عن الفرقة ، وصفة الجماعة التي أمر بلزومها -كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري - فقال بعضهم : هو أمر إيجاب ، والجماعة هي السواد الأعظم ، وقالوا : كل ما كان عليه السواد الأعظم من أهل الإسلام من أمر دينهم ، فهو الحق الواجب ، والفرض الثابت الذي لا يجوز لأحد من المسلمين خلافه ، وسواء خالفهم في حكم من الأحكام ، أو في إمامهم القيم بأمورهم وسلطانهم فهو مخالف للحق ؛ ذكر من ذلك : روى nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين قال : لما قتل عثمان - رضي الله عنه - أتيت أبا مسعود الأنصاري ، فسألته عن الفتنة فقال : عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على ضلالة ، والجماعة حبل الله ، وإن الذي تكرهون من الجماعة خير من الذي تحبون من الفرقة . واحتجوا برواية nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا : "إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة " . ومن حديث راشد بن سعد ، عن عوف بن
وقال أبو زرعة في "تاريخه " : حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك : nindex.php?page=hadith&LINKID=930978 "تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمهم ضررا قوم (يقيسون ) " . الحديث مردود قال : وهذا حديث صفوان ، وأنكره nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : موضوع . وذكره nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في "مستدركه " من حديث محمد بن عمرو عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=931021 "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . . " الحديث ، ثم قال : هذا حديث (كبير ) في الأصول ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، وعوف بن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد احتج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بمحمد بن عمرو ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة واتفقا جميعا على الاحتجاج بالفضل بن موسى رواية عن محمد بن عمرو . قلت : وتابعه nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13652الآجري في "الشريعة " ثم رواه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس وعلي nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية بن أبي سفيان ، وأخرجه اللكائي في "سننه " من حديث
ذكر من قال (ذلك ) : روى nindex.php?page=showalam&ids=15243المسيب بن رافع قال : كانوا إذا جاءهم شيء ليس في كتاب ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سموه صوافي الأمراء ، فجمعوا له أهل العلم ، فما اجتمع عليه رأيهم فهو الحق . وسئل nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن الجماعة الذين ينبغي أن يقتدى بهم ، فقال : أبو بكر وعمر . فلم يزل (ينزل ) حتى انتهى إلى محمد بن ثابت ابن واقد . قلت : هؤلاء قد ماتوا ، فمن الأحياء ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=11988أبو حمزة : (السكري ) .
[ ص: 338 ] وقال آخرون : الجماعة التي أمر الشارع بلزومها هم جماعة الصحابة الذين قاموا بالدين بعد مضيه حتى أقاموا عماده وأرسوا أوتاده وردوه -وقد كاد المنافقون أن ينتزعوا أواخيه ويقلبوه من أواسيه إلى (نصاه ) - وسلكوا في الدعاء منهاجه ، فأولئك الذين ضمن الله لنبيه أن لا يجمعهم على ضلالة ، ولو كان معناه لا يجمع الله في زمن من الأزمان من يوم بعثه إلى قيام الساعة على ضلالة بطل معنى قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=662251 "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " ، وشبهه من الأخبار المروية عنه - عليه السلام - : أن من الأزمان أزمانا تجتمع فيها أمته على ضلالة وكفر .
وقال آخرون : إنها جماعة أهل الإسلام ما كانوا مجتمعين على أمر واجب على أهل الملل اتباعها ، فإذا كان فيهم مخالف منهم فليسوا مجتمعين ، ووجب تعرف وجه الصواب فيما اختلفوا فيه ، والصواب في ذلك كما قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : إنه أمر منه بلزوم إمام جماعة المسلمين ، والنهي عن فراقهم فيما هم عليه مجتمعون من تأميرهم إياه ، فمن خرج من ذلك فقد نكث بيعته ونقض عهده بعد وجوبه ، وقد قال - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=670218 "من جاء إلى أمتي ليفرق جماعتهم فاضربوا عنقه كائنا من كان " .
[ ص: 339 ] حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة حجة في ذلك ؛ لأنه - عليه السلام - أمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم ، فبان أن الجماعة المأمور باتباعها هي السواد الأعظم مع الإمام الجامع لهم ، فإذا لم يكن لهم إمام ، وافترق الناس أحزابا فواجب اعتزال تلك الفرق كلها ، على ما أمر به الشارع nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر ، ولو بأن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت ، فذلك خير له من الدخول بين طائفة لا إمام لها خشية ما يئول من عاقبة ذلك من فساد الأحوال باختلاف الأهواء وتشتت الآراء .
فصل :
ذكر صاحب "البديع في تفضيل مملكة الإسلام " ، وهو الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر النيسابوري عن طائفة من المرجئة والكرامية : أن كل مجتهد مصيب في الأصول والفروع جميعا إلا الزنادقة ، واحتجوا بحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=711208 "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون في الجنة وواحدة في النار " . والمشهور عكسه وهو : اثنان وسبعون في النار . إلا أن الثاني أصح إسنادا فإن صح الأول فالهالك هم الباطنية ، وإن صح الثاني فالناجية هم السواد الأعظم ، وهم أتباع المذاهب الأربعة وهم : nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحاب الحديث . وفي بعض الروايات : "وتفترق المجوس على سبعين فرقة ، فرقة ناجية والباقية في النار" وهذا يؤيد قول من قال : إن للمجوس كتابا وهم جماعة من الصحابة . وقال الجوزقاني في "موضوعاته " في الحديث الأول : ليس له أصل . وقال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=911073 "كلهم في النار إلا فرقة واحدة " ، [ ص: 340 ] وقال : هو حديث حسن غريب مشهور ، رواته كلهم ثقات أثبات ، وقد رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص وعلي nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء وعوف بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ( nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية ) وأبو أمامة ، وواثلة ، وعمرو كلهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا فيه : واحدة في الجنة وهي الجماعة .
فصل :
قال الإمام أبو محمد الحسن بن أحمد بن إسحاق السري في كتابه "افتراق الأمة " : أهل السنة والجماعة فرقة ، والخوارج خمس عشرة فرقة ، والشيعة ثلاث وثلاثون ، والمعتزلة ستة ، والمرجئة اثنا عشر ، والمشبهة ثلاثة ، والجهمية فرقة واحدة ، والنجارية واحدة ، (والضرارية واحدة والكلابية واحدة ) ، وأصول الفرق عشرة : أهل السنة ، والخوارج ، والشيعة ، الجهمية ، والضرارية ، والمرجئة ، والنجارية ، والكلابية ، والمعتزلة ، والمشبهة .
وذكر أبو القاسم الفوراني في كتابه "فرق الفرق " : إن غير الإسلاميين الدهرية والهيولى أصحاب العناصر الثنوية ( والدناصية ) والمانوية والطبائعية والفلكية والقرامطة .
فصل :
(الدخن ) سلف بيانه وكلام أهل اللغة فيه في باب : علامات النبوة ،
[ ص: 341 ] واقتصر ابن التين هنا على مقالة صاحب "الصحاح " التي أسلفناها هناك ، فقال : هو السكون لعلة لا للصلح .
يقال : هدنة على دخن . أي : سكون لذلك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : الدخن يكون من الأمراء ، ولا يزال حال الناس ما صلحت لهم هدايتهم وهم العلماء وأئمتهم وهم الأمراء . وقال عثمان : الذي يزع الإمام الناس أكثر مما يزعهم (القرآن ) . أي : يكفهم .
وقوله : ("يعض " ) . هو بفتح العين ، أصله عضض . بكسر الضاد . ومنه قوله تعالى : ويوم يعض الظالم على يديه [الفرقان : 27 ] ، وقال الجوهري عن أبي عبيدة : عضضت بالفتح في الرباب .