قال : "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ، ثم يبعث الله ريحا طيبة ، [ ص: 394 ] فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة (من ) خردل من إيمان ، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم " .
وهذه الأحاديث وما جانسها معناها الخصوص ، وليس المراد بها أن الدين ينقطع كله في جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شيء ؛ لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة إلا أنه يضعف ويعود غريبا كما بدأ .
وكان مطرف يقول : هم أهل الشام ، فبين في هذا الخبر خصوصية سائر الأخبار التي خرجت مخرج العموم ، وصفة الطائفة التي على الحق مقيمة إلى قيام الساعة أنها ببيت المقدس دون سائر البقاع ، فبهذا تأتلف الأخبار ولا تتعارض ، وقد سلف هذا في كتاب العلم في باب : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، فإن قلت : فما وجه حديث القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه هنا . وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : إنه ليس من (ترجمة ) الباب في شيء . قلت : أجاب عنه nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب بأن وجهه أنه
[ ص: 395 ] إذا قام رجل من قحطان ليس من فخذ النبوة ولا من رهط الشرف الذين جعل الله فيهم الخلافة فذلك من أكثر تغير الزمان ، وتبديل أحوال الإسلام ، وأن يطاع في الخلافة ، وأن يطاع في الدين من ليس أهل لذلك .
فصل :
سلف ذكر القحطاني وإنكار معاوية ذكره ، وذو الخلصة ضبطه عبد الملك بن هشام nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق بفتح اللام والخاء ، وضبطه غيره بضمهما كما سلف في موضعه ، ووقع في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه كان يقال له : الكعبة اليمانية والشامية ، وهو مشكل ومعناه : ذو الخلصة كان يقال له : الكعبة اليمانية ، والكعبة الشامية البيت الحرام . فزيادته له في الحديث سهو ، وبإسقاطه يصح المعنى ، قاله بعض المحدثين ، وهو في "جامع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " بإسقاط له ، وأما السهيلي فقال : ليس هو بسهو عندي ، وإنما معناه كان يقال : له ، أي : يقال من أجله الكعبة الشامية للكعبة ، وهو الكعبة اليمانية ، و (له ) بمعنى : (لأجله ) لا ينكر في العربية .
قال عمر بن أبي ربيعة :
وقمير بدا لنا آخر الليل قد (لاح ) قالت له الفتاتان قوما
[ ص: 396 ] وذو الخلصة : بيت لدوس وجعل مكانه مسجدا بالعيلاء من أرض خثعم فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : والخلصة في اللغة نبت طيب الريح يتعلق بالشجر ، له حب كعنب الثعلب ، وجمع الخلصة : خلص قاله nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في "نباته " وأوضحه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16142أبو الفرج الأصبهاني في كتابه : أن امرأ القيس بن حجر حين وتره بنو أسد بقتل أبيه استقسم عند ذي الخلصة بثلاثة أزلام الزاجر والآمر والمريض فخرج له الزاجر فسب الصنم ورماه بالحجارة وقال له :
اعضض بظر أمك ثم قال :
لو كنت يا ذا الخلص الموتورا
ذوي وكان شيخك المبتورا
لم تنه عن قتل العداة زورا
قال : فلم يستقسم عنده أحد بعد حتى جاء الإسلام فهدمه nindex.php?page=showalam&ids=97جرير البجلي قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشهرين .
فصل :
(أليات ) بفتح الألف واللام مثل صلوات وهذا إخبار منه - عليه السلام - بما يكون في آخر الزمان يريد أن نساء دوس يركبن الدواب إلى هذه الطاغية من البلدان فهو اضطراب ألياتهن ، والألية ، بفتح الهمزة ، ولا يقال بكسرها ، ولا لية فإذا ثنيت قلت أليان ولا يخلفه التاء ، ويقال : رجل آلي أي : عظيم الألية والمرأة عجزاء ، ولا يقال : ألياء .