الشرح : قول الحسن : أسنده nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الحافظ من حديث أبي العوام القطان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عنه ، وكذا قول مزاحم أخرجه من حديث أسماء ، عن عبيد ، عنه .
واعلم أن شرط القاضي أن يكون مجتهدا ، وطرق الاجتهاد مقررة في الأصول والفروع فلا نطول بهذا ، فإن لم يكن مجتهدا فيها ، ومن رآه الناس أهلا للقضاء ، ورأى هو نفسه أهلا فقد استحقه ، ولا يكفي الناس فقط ؛ لأنه إذا علم الناس منه هذا الرأي لم يفقد من يزين له ذلك ويستحمد إليه ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ولا يستقضى من ليس بفقيه .
[ ص: 487 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب عنه أنه قال : إذا اجتمع في الرجل خصلتان رأيت أن يولى : العلم والورع .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : فإن لم يكن علم فعقل وورع ؛ لأنه بالورع يقف ، وبالعقل يسأل . وإذا طلب العلم وجده ، وإن طلب العقل لم يجده ، وهذا فيه دلالة على جواز تولية القضاء لغير عالم ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ودليلنا عليه قوله تعالى : لتحكم بين الناس بما أراك الله [النساء : 105 ] .
فصل :
إذا استوجب القضاء ، فهل للسلطان إجباره عليه ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا إلا أن [لا ] يوجد منه عوض . قيل له : أيجبرك بالحبس والضرب ؟ قال : نعم . قلت : وقد (جبر ) غير واحد (إليه ) ، وجماعة امتنعوا من الدخول فيه لعظمه .
فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : والحلم الذي (ينبغي ) أن يلزمه القاضي هو توسعة خلقه للسماع من الخصمين ، وألا يحرج بطول ما (يخرجه ) أحدهما ، [ ص: 488 ] وإن رآه غير nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع له في خصامه فليصبر عليه حتى يبلغ المتكلم مراده ؛ لأنه قد يمكن أن يكون ذلك الكلام الذي لا ينتفع به [سببا إلى ما ينتفع به ] . وأيضا فإنه إذا لم يترك أن يتكلم بما يريد نسب إليه الخصم أنه جار عليه ومنعه الإدلاء بحجته ، وأثار على نفسه عداوة ، وربما كان ذلك سببا لفتنة الخصم ، ووجد إليه الشيطان السبيل ، وأوهمه أن الجور من الدين .
فصل :
والنفش في الآية : الرعي ليلا ، نفشت الدابة تنفش نفوشا : إذا رعت ليلا (بلا راع ) ، وهملت إذا رعت نهارا بلا راع ، والوصمة : العيب والعار .
وقوله : (صليبا ) يريد الصلابة في إنفاذ الحق حتى لا يخاف في الله لومة لائم ، ولا يهاب ذا سلطان أو ذا مال وغيره ، وليكن عنده الضعيف والقوي والصغير والكبير في الحق سواء .
فصل :
وقول الحسن : (أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى وأن لا يخشوا الناس ، وما استشهد عليه من كتاب الله ) فكل ذلك يدل أن الله فرض على الحكام أن يحكموا بالعدل . وقد قال تعالى : وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل [النساء : 58 ] وكذلك فرض عليهم ألا يخشوا الناس ، ولهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز في صفة القاضي : [ ص: 489 ] (أن يكون صليبا ) . وعنه : حتى يكون ورعا نزها مستشيرا لذوي الرأي ، عارفا بآثار من مضى .
فقالت طائفة : الآية عامة في كل الناس ، وكل خصمين تقدما إلى حاكم ، فعليه أن يحكم بينهما . والناس في ذلك سواء . وسواء كان للحاكم ولد أو والد أو زوجة ، وهم وسائر الناس في ذلك سواء . وذهب الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إلى أنه لا يجوز شهادته له ، ويحكم لسائر الناس .
وزاد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : ولا يحكم لولد ولده ؛ لأن هؤلاء لا تجوز (شهادتهم له ) . واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في ذلك ، فقال مطرف nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون : كل ما لا يجوز للحاكم أن يشهد له لا يجوز حكمه له ، وهم الآباء فمن فوقهم والأبناء فمن دونهم ؛ إلا (لولده الصغير ) وزوجته ويتيمه الذي يلي ماله أو زوجه ، ولا يتهم في الحكم كما [ ص: 490 ] يتهم في الشهادة ؛ لأنه إنما يحكم بشهادة غيره من العدول .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ مثل قول مطرف إذا قال : ثبت له عندي . ولا يدري أثبت له أم لا ، ولم يحضر الشهود ، فإذا حضروا وكانت الشهادة ظاهرة بحق بين ، فحكمه لهم جائز ما عدا زوجته وولده الصغير ويتيمه الذي يلي (أمره ) ؛ لقول nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ؛ لأن هؤلاء كنفسه فلا يجوز له أن يحكم لهم .
والقول الأول أولى ؛ لشهادة عموم القرآن له قال تعالى : يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض [ص : 26 ] ، وخاطب الحكام فقال : وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل [النساء : 158 ] ، فعم تعالى جميع الناس ، وقد حكم الشارع لزوجته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على من رماها وأقام عليهم الحد .
قلت : ذلك من خصوصياته ، (ويجوز ) أن الله لما أنزلت براءتها أمره بذلك ، وليس رد شهادة الولد لوالده ، وعكسه بإجماع من الأمة فيكون أصلا لذلك ، وقد أجاز شهادة الوالد لولده nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=12444وإياس بن معاوية ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور والمزني وإسحاق .
[ ص: 491 ] فصل :
الآية الأولى قيل فيها : جاز أن يقال خلقا ، وقوله : بما نسوا يوم الحساب [ص : 26 ] أي : تركوا العمل له فكانوا ناسين له ، قاله السدي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : وهو من التقديم والتأخير أي : لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا ، أي : بما تركوا أمر الله والقضاء بالعدل .
فصل :
والآية الثانية : يجوز أن يكون المعنى : فيها هدى ونور للذين هادوا عليهم ، ثم حذف ، وقيل : (لهم ) بمعنى (عليهم ) مثل : وإن أسأتم فلها [الإسراء : 7 ] و الذين أسلموا هنا نعت فيه معنى المدح مثل : بسم الله الرحمن الرحيم ، الربانيون : العلماء الحكماء ، وأصله رب العلم ، والألف والنون للمبالغة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هم فوق الأحبار ، والأحبار للعلماء ؛ لأنهم يحبرون الشيء وهو في صدورهم محبر .
واختلف لم سمي حبرا ؟
فقال الفراء : أي : مداد حبر ، ثم حذف مثل واسأل القرية [يوسف : 82 ] ، وأنكره nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي وقال : إنما سمي حبرا لتأثيره . يقال : على أسنانه حبرة . أي : صفرة وسواد .
[ ص: 492 ] فصل :
والآية الثالثة قال nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق : كان الحرث عنبا فنفشت فيه الغنم . أي : رعت ليلا . كما سلف ، وهو ما قاله الهروي في "الغريبين " ، وفي "الصحاح " : الهمل بالتحريك يكون ليلا ونهارا ، فقضى داود بالغنم لأصحاب الحرث فمروا بسليمان فأخبروه ، فقال : نعم أقضي به وغيره كان أرفق للفريقين ، فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه ، فأرسل إلى سليمان فعزم عليه بحق النبوة والملك (والولد ) كيف رأيت فيما قضيت ؟ قال : عدل الملك وأحسن ، وكان غيره أرفق بهما جميعا ، قال : ما هو ؟ قال : تدفع الغنم إلى صاحب الحرث فلهم لبنها وسمنها وأولادها ، وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث حرثهم ، فقال داود - عليه السلام - : نعم ما قضيت . قيل : علم سليمان أن قيمة ما أفسدته مثل ما يصير إليهم من لبنها وصوفها .
فمشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أنه لا يجوز حتى يعرفا قيمة المفسد . ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان ، وفي "كتاب محمد " وإن لم يعرف القيمة ، وقوله تعالى : [ ص: 493 ] ففهمناها سليمان [الأنبياء : 79 ] يعني : القضية ، وقوله : (لولا ما (ذكر ) الله من أمر هذين الرجلين . . ) إلى آخره ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : إنما أثنى عليهما بقوله : وكلا آتينا حكما وعلما [الأنبياء : 79 ] ولم يعذر الجاهل .