هذا الحديث سلف غير مرة بخلاف العلماء فيه ، والحاصل أن جماعة أجازوه ، أعني : القضاء على الغائب ، منهم سوار القاضي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وأبو عبيد .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يقضي به في كل شيء ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه في الدين دون الأرض والعقار ، وفي كل شيء كانت له فيه حجج إلا أن يكون غيبة المدعى عليه طويلة . قال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ مثل (العدوى ) من أندلس ، ومكة من إفريقية وشبه ذلك ، وأرى أن يحكم عليه إذا كانت غيبة انقطاع .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وكذلك إذا غاب بعد ما توجه القضاء قضى عليه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : عرضت قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ، [ ص: 538 ] فأنكر أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قاله ، وقال : أما علماؤنا وحكامنا بالمدينة فالعمل عندهم على الحكم على الغائب في جميع الأشياء .
وقالت طائفة : لا يقضى على الغائب .
وروي ذلك عن شريح nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يقضى على الغائب ولا من هرب عن الحكم بعد إقامة البينة ، ولا على من استتر في البلد ، ولكنه يأتي من عند القاضي من ينادي ببابه ثلاثة أيام فإن لم يحضر أنفذ عليه القضاء .
واحتج الكوفيون بالإجماع : أنه لو كان حاضرا لم يسمع بينة المدعي حتى يسأل المدعى عليه ، فإذا غاب فأحرى أن لا يسمع . قالوا : ولو جاز الحكم مع غيبته لم يكن الحضور عند الحاكم مستحقا عليه ، وقد ثبت أن الحضور مستحق عليه ؛ لقوله تعالى : وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون [النور : 48 ] فذمهم على الإعراض عن الحكم ، وترك الحضور ، فلولا أن ذلك واجب عليهم لم يلحقهم الذم ، قالوا : وروي عن علي - رضي الله عنه - حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال له : nindex.php?page=hadith&LINKID=67221 "لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر " .
[ ص: 539 ] وقد أمر - عليه السلام - بالمساواة بين الخصمين في المجلس واللحظ واللفظ ، والحكم على الغائب يمنع من هذا كله .
واحتج المجيزون بحديث الباب ؛ فإنه - عليه السلام - قضى لها على زوجها بالأخذ من ماله وهو غائب ، فإن قيل : حكم من غير أن قامت البينة بالزوجية ، وثبوت الحكم عليه .
قيل : ليس يكون الحكم إلا بعد إقامة البينة ، وهذا معلوم ولم يحتج إلى نقله . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : لم يسألها الشارع لعلمه بصحة دعواها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : إنما حكم عليه وهو غائب ؛ لما علم ما يجب لها عليه ، فحكم بذلك عليه ولم ينتظر حضوره ، ولعله لو حضر أدلى (بحجته ) فلم يؤخر الحكم وأمضاه عليه وهو غائب ، وقد تناقض الكوفيون في ذلك فقالوا : لو ادعى رجل عند حاكم أنه له على غائب حقا ، وجاء برجل فقال : إنه كفيله ، واعترف الرجل أنه كفيله إلا أنه قال : لا شيء له عليه . قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يحكم على الغائب ، ويأخذ الحق من الكفيل ، وكذلك إذا قامت امرأة الغائب وطلبت النفقة من مال زوجها ، فإنه يحكم لها عليه عندهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : ومن تناقضهم أنهم يقضون للمرأة والوالدين والولد [على ] الذي عنده المال الغائب إذا أقر به ، ولا يقضون للأخ (والأجير ) ولا لذي رحم محرم ، ووجوب نفقات هؤلاء عندهم كوجوب نفقة الآباء والأبناء والزوجة ، ولو ادعى على جماعة غيب [ ص: 540 ] عندهم دعوى مثل أن يقول : قتلوا عبدي ، وحضر منهم واحد حكم عليه وعلى الغيب ، فقد أجازوا الحكم على الغائب .
فصل :
فيه أيضا من الفوائد : خروج المرأة في حوائجها ، وأن صوتها ليس بعورة ، وجواز ذكر الرجل بما فيه عند الحاجة ، وأن القاضي يقضي بعلمه إذ لم يطلب منه البينة ، ووجوب نفقة الزوجة والولد وأنها على قدر الكفاية ، وأنها بالمعروف ، ومسألة الظفر وغير ذلك .