7069 [ ص: 429 ] 7508 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12448عبد الله بن أبي الأسود، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16043أبي، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد، nindex.php?page=hadith&LINKID=656954عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه ذكر رجلا فيمن سلف - أو فيمن كان قبلكم، قال كلمة يعني - : " أعطاه الله مالا وولدا - فلما حضرت الوفاة قال لبنيه أي أب كنت لكم قالوا خير أب. قال: فإنه لم يبتئر - أو: لم يبتئز - عند الله خيرا، وإن يقدر الله عليه يعذبه، فانظروا إذا مت فأحرقوني، حتى إذا صرت فحما فاسحقوني - أو قال: فاسحكوني - فإذا كان يوم ريح عاصف فأذروني فيها ". فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " فأخذ مواثيقهم على ذلك وربي، ففعلوا ثم أذروه في يوم عاصف، فقال الله - عز وجل - : كن. فإذا هو رجل قائم. قال الله: أي عبدي، ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟ قال: مخافتك" أو: "فرق منك" قال: "فما تلافاه أن رحمه عندها". وقال مرة أخرى: فما تلافاه غيرها". فحدثت به nindex.php?page=showalam&ids=12081أبا عثمان فقال: سمعت هذا من سلمان غير أنه زاد فيه" أذروني في البحر". أو كما حدث. [ انظر: 3478 - مسلم: 2757 - فتح: 13 \ 466 ].
حدثنا موسى، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر وقال: "لم يبتئر". وقال nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر وقال: "لم يبتئز". فسره nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: لم يدخر.
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري أخرجه عن أبي نعيم: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش به، وكذا إسناده عند جميع الرواة خلا nindex.php?page=showalam&ids=12757ابن السكن; فإنه زاد فيه: nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد، فقال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم، ثنا سفيان ثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش به، والصواب: من خالفه من جميع الرواة.
واسمه: سلمان مولى جهينة من أصبهان، وفي طبقته مسلم الأغر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد واشتركا في عتقه فهو مولاهما، كان قاضيا من أهل المدينة، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: وأغر وسليمان واحد.
في إسناده عبد الله بن عمر بن غانم النميري شيخ شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، نزل إفريقية، انفرد ( به ) nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، مات سنة تسعين ومائة، وكان مولده سنة ثمان وعشرين ومائة.
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن عبد الله، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال، عن معاوية بن أبي مزرد، عن nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=656948 "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم، ( فقال ): مه" الحديث.
وإسماعيل بن عبد الله هذا هو: أبو عبد الله إسماعيل بن أبي أويس، عبد الله بن عبد الله بن أويس، أخي nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ونافع والربيع أولاد مالك بن أبي عامر، نافع بن عمرو بن الحارث بن عثمان بن حنبل - ويقال: خثيل بخاء معجمة وثاء مثلثة فيهما - ابن عمرو بن الحارث ذى أصبح أخي يحصب، ابني مالك بن زيد الحميري الأصبحي، حليف عثمان بن عبيد الله القرشي التيمي، ابن أخت nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس، اتفقا عليه، وقد تكلم فيه، مات سنة ست وعشرين ( ومائتين ) ويقال: سنة سبع وعشرين ومائتين في رجب، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال، وروى عن أخيه أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس الأعشى عن nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال، ومات الأعشى سنة ثنتين ومائتين، ومات سليمان سنة اثنتين وسبعين، وقيل سنة سبع وسبعين بالمدينة.
ومعاوية بن أبي مزرد عبد الرحمن أخي أبي الحباب nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار، مولى شقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، اتفقا عليه وعلى عمه nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار، ومات سنة سبع عشرة ومائة مع nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وعبد الله بن أبي مليكة nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبي [ ص: 433 ] رجاء عمران بن ملحان على قول، وقيل: مات سعيد أبو رجاء في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز، وقيل: ولاء nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار للحسن ( بن ) علي بن أبي طالب.
[ ص: 434 ] وعبد الرحمن بن أبي عمرة بشير أخي ثعلبة وأبي عبيدة وحبيب أولاد ( عمرو ) بن محصن بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول، وهو عامر بن مالك بن النجار، ويقال: لمبذول أيضا: أسد بن مالك، لأبيه ولإخوته صحبة، فأما أبوه ( أبو عمرة ) بشير فقتل مع nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - بصفين.
روى عنه ابنه عبد الرحمن، روى له nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، وقد اتفقا على ولده عبد الرحمن قاضي المدينة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وروى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، وزيد بن خالد.
وأم عبد الرحمن وعبد الله بن أبي عمرة هند بنت المقوم بن عبد المطلب، وأما عمه ثعلبة بن عمرو بن محصن، فشهد بدرا وما بعدها، مات في خلافة عثمان، وقيل: قتل يوم جسر أبي عبيد، روى عنه ابنه عبد الرحمن بن ثعلبة حديثه في قطع يد عمرو بن سمرة في سرقة الجمل، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه.
وأما أبو عبيدة بن عمرو بن محصن فقتل شهيدا يوم بئر معونة.
وأما حبيب بن عمرو بن محصن فمات في طريق اليمامة ذاهبا إليها مع nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد، فهو معدود من شهداء اليمامة.
[ ص: 435 ] الحديث السابع عشر: حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي أوصى بإحراقه. . . إلى آخره، وقد سلف بالاختلاف فيه: يبتئر أو لم يبتئز، وقال فيه: فسره nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: ( لم ) يدخر.
الشرح:
غرضه في هذا الباب كغرضه في الأبواب التي قبلها، ومعنى قوله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله : هو أن المنافقين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك واعتذروا بما علم الله إفكهم فيه، فأمر الله رسوله أن يقرأ عليهم ( قوله ): فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا [ التوبة: 83 ]، فأعلمهم بذلك، وقطع أطماعهم ( بخروجهم ) معه، فلما رأوا الفتوحات قد تهيأت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرادوا الخروج معه رغبة منهم في المغانم، فأنزل: سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها الآية [ الفتح: 15 ].
فهذا معنى الآية: أن يبدلوا أمره - عليه السلام - بأن لا يخرجوا معه فإن يخرجوا معه، فقطع الله أطماعهم من ذلك مدة أيامه - عليه السلام - بقوله: لن تخرجوا معي أبدا الآية [ التوبة: 83 ]، ثم قال الله آمرا لرسوله: قل للمخلفين من الأعراب [ الفتح: 16 ] يعني: المريدين تبديل كلامه تعالى ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون الآية [ الفتح: 16 ] يعني: توليهم عن إجابته - عليه السلام - حين دعاهم إلى الخروج معه في سورة براءة، والداعي لهم غيره ممن يقوم بأمره من خلفائه.
[ ص: 436 ] فقيل: إنه nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق دعاهم لقتال أهل الردة، وقيل: الفاروق دعاهم لقتال المشركين، وسائر الأحاديث فيها إثبات كلامه تعالى، وقد مر القول ( في ) أنه صفة قائمة به لا يصح مفارقتها له، وأنه لم يزل متكلما ولا يزال كذلك.
أي: يؤذيني: ( يقتضي ) ليس له اتصال إليه تعالى عن ذلك، ولا يلحق به أذى وإنما يلحق من تتعاقب عليه الحوادث ويلحقه العجز والتقصير عن الانتصار، وإنه تعالى عن ذلك; فوجب رجوع الأذى المضاف إليه إلى أنبيائي ورسلي بسب الدهر; لأن ذلك ذريعة إلى سب خالق الدهر ( يعنون ) أقضيته وحوادثه.
وقوله: ( "أنا الدهر" ). أي: أن الأشياء التي ينسبون إليها الدهر أنا مقدرها وخالقها على إرادتي، ألا ترى قوله تعالى: nindex.php?page=hadith&LINKID=656937 "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار" والأيام والليالي ظروف الحوادث، فإذا سببتم الدهر وهو لا يفعل شيئا فقد وقع السب على الله; لأن الساب للدهر من أجلها إنما سبه إذ لا فعل للدهر، وكانت الجاهلية تقول: لعن الله هذا الدهر، ولهذا قال قائلهم:
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك: وزعم بعض أهل العلم أن هذا الحديث اختصره بعض الرواة وغيروا معناه عن جهته; لأن في الحديث كلاما إذا ذكر بان تأويله.
قال: ويروى: "أنا الدهر" بفتح الراء، ومعناه: أنه جعل ذلك وقتا للفعل المذكور، ويرجع معناه إلى أني أنا الباقي المقلب الأحوال التي يتغير بها الدهر، قال: وروي بضمها، ومعناه ما سلف، أي: أنا المغير للدهر المحدث للحوادث لا الدهر كما يتوهمون، ويكون ( فاعله ) تكذيب من اقتصر على الدهر والأيام والليالي في حدوث الحوادث وتغييرها من الملاحدة والزنادقة.
فصل:
قوله في الحديث الثاني: ( "الصوم لي" ): يريد أنه عمل لا يظهر على صاحبه، ولا يعلم حقيقته إلا الله. وقد سلف فيه أقوال أخر.
ومعنى ( "أجزي به" ): أجازي، وهو غير مهموز.
وقوله: ( "وفرحه حين يلقى ربه" ): يريد لقبوله بعمله، والخلوف بضم الخاء على المشهور، وكذا هو عند أهل اللغة، مثل: القعود والجلوس، يقال: خلف فاه خلوفا إذا تغيرت رائحته، واختلف [ ص: 438 ] أيضا. وأما الخلوف بفتح الخاء فليس من هذا; لأنه الذي يكثر الخلف في وعده، والخلوف تغير فم الصائم من خلو المعدة بترك الأكل فلا يذهبه بالسواك إذا، وهو حجة لمن لم يكرهه; لأنه رائحة النفس الخارجة من المعدة، وإنما يذهب به ما كان في الأسنان من التغيير.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب (... ): والخلوف: تغير طعم فيه وريحه; لتأخر الطعام. قال بعض المتأخرين: هذا ليس على أصل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وإنما هو جار على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حيث كرهه بعد نصف النهار; لأنه وقت وجود الخلوف فيه.
وقوله: ( "أطيب عند الله من ريح المسك" ): يحتمل أن ينال عليها من الثواب أكثر مما ينال المتطيب بالمسك من طيبه، أو أنها تعلق في موضع يوصف أنه عند الله أطيب من عبق ريح المسك - وقد روي أيضا - أو أن الله تعالى يغير الطعام أكثر مما يغير ريح المسك، فإن رائحته عندهم ثقيلة، وهي عند الله أطيب من ريح المسك، ولما كان المسك أطيب الروائح جوزي به; لأنه أفضل الجزاء.
[ ص: 439 ] فصل:
وقوله في الحديث الثالث: "رجل جراد من ذهب" الرجل: الجماعة الكثيرة من الجراد خاصة، وهو جمع على لفظ الواحد، ومثله: صوار: لجماعة البقر، وخيط: لجماعة ( النعام )، وعانة: لجماعة الحمير.
وقوله: "فجعل يحثي" يقال: حثا يحثو ويحثي.
فصل:
وقوله في الرابع: ( "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة" ) سلف تأويله، ويروى: "في ليلة النصف من شعبان".
[ ص: 440 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك: والمراد: إقباله على أهل الأرض بالرحمة والعطف بالتذكير والتنبيه الذي يلقى في قلوب أهل الخير منهم حتى يزعجهم إلى الجد في التوبة، ووجدنا الله تعالى خص المستغفرين بالأسحار.
والمراد: الإخبار عما يظهر من ألطافه، وتأييده لأهل ولايته في مثل هذا الوقت بالزواجر التي يقيمها في أنفسهم والمواعظ التي ينهاهم عنها بقوة الترغيب والترهيب، قال: ويحتمل أن يكون ذلك فعلا يظهر بأمره، فيضاف ذلك إلى الوجه الذي يقال: ضرب الأمير اللص، ونادى في البلد.
قال: وروى لنا بعض أهل النقل هذا الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لا ) يؤيد هذا التأويل، وهو ضم ( ياء ) "ينزل"، وذكر أنه ضبطه عمن سمعه منه من الثقات الضابطين، وإذا كان ذلك كذلك كان شاهدا لما ذكرناه.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي أنه قال لما سئل عن هذا الخبر: يفعل الله ما يشاء، وهذا إشارة منه إلى أن ذلك فعل يظهر منه تعالى.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب كاتب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عنه أنه قال: ينزل أمره في كل سحر، فأما هو فهو دائم لا يزول. ( وقيل عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا: ينزل بعلمه. فإن قلت: كيف يفارق علمه، قيل: أراد سرعة الإجابة )، وقيل: أراد التقرب.
[ ص: 441 ] وقد أسلفنا ذلك وأعدناه ( واضحا ) لبعده.
[ ص: 442 ] قال المهلب: وأما قوله: "أعددت" إلى آخره فهو كقوله تعالى: ويخلق ما لا تعلمون [ النحل: 8 ] مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا توهمه قلب بشر هو على الحقيقة ما لا يعلمه بشر ممن له الأذن والقلب والبصر، فتخصيصه قلب بشر بأن لا يعلمه، يدل - والله أعلم - أنه يجوز أن يخطر على قلوب الملائكة إلا أنه أفردنا بالمخاطبة في قوله: ويخلق ما لا تعلمون . فدل على جواز أن يعلمه غيرنا.
فصل:
والتهجد في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - سلف قريبا بأقوالهم فيه، وأنه من الأضداد، السهر وغيره و"نور" منور، قاله ابن عرفة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه - : هاديهم، وعنه وعن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: مدبرها بشمسها وقمرها ونجومها.
و"قيم" قيل: الدائم حكمه، وقيل: القائم على كل شيء أي: حافظ على كل نفس لا يغفل ولا يمل فمعناه: الحافظ لها، والرب المالك والسيد المطاع، قال تعالى: فيسقي ربه خمرا [ يوسف: 41 ] أي: سيده، والمصلح: من رب الشيء إذا أصلحه فعلى الأول يكون ملكهما، ويحتمل على قول بعض المفسرين سيدهما، وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الدعاء بـ: يا سيدي، ولعله كره اللفظ دون المعنى.
[ ص: 443 ] وقوله: " ( أنت ) الحق" يحتمل أن يريد به اسما من أسمائه، ويحتمل أن يريد أنه أحق ( ممن ) يدعي المشركون أنه إله، من قوله تعالى: ذلك بأن الله هو الحق [ الحج: 6 ]، وظاهر قوله في هذا الحق يعود إلى معنى الصدق، ويتعلق بتسميته إلها، بمعنى أن من سماه إلها وأخبر عنه بذلك فقد صدق، وقال الحق، ومن سمى غيره إلها فقد كذب.
وقوله: ( "ووعدك الحق" ) أي: وعد الجنة للطائع والنار للكافر، فوفى بوعده فهو عائد إلى معنى الصدق، ويحتمل أن يريد أن وعده حق بمعنى: إثبات أنه وعد بالبعث والحشر والنشر والثواب والعقاب، إنكارا لقول من أنكر وعده بذلك، وكذلك الرسل فيه. و ( "أنبت" ): رجعت.
وقوله: ( "والجنة حق والنار حق" )، يحتمل وجهين:
أحدهما: أن إخباره تعالى حق.
والثاني: أن إخبار من أخبر عنه بذلك وبلغه حق، ومعنى "أسلمت": انقدت.
وقوله: ( "وبك آمنت" ) ظاهره: صدقت، قال تعالى: وما أنت بمؤمن لنا [ يوسف: 17 ] وقيل: معناه: بهدايتك اهتديت.
[ ص: 444 ] وقوله: ( "وإليك حاكمت" ) قيل: ظاهره أنه لا يحاكمهم إلا إلى الله، ولا يرضى إلا بحكمه، قال تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق [ الأعراف: 89 ]، وقال: أفغير الله أبتغي حكما [ الأنعام: 114 ]، وقيل: كان - عليه السلام - عند القتال يقول: "اللهم أنزل الحق" ويستنصر.
قيل: معنى الإرادة هنا مرور الفكر بذلك من غير استقرار ولا توطين نفس، هذا قول أبي الطيب أنه إن وطن نفسه على المعصية وعزم عليها بقلبه فهو مأثوم، وخالفه كثيرون من القدماء والمحدثين وأخذوا بظاهر الأخبار أنه لا شيء عليه حتى يعمل كما هو ظاهر الحديث هنا، والهم في الآية إما على مذهب القاضي، فيحمل ذلك على الهم الذي ليس بتوطين النفس أو على من يجوز الصغائر عليهم، وإما على طريقة الفقهاء فهو مغفور له غير مؤاخذ به إذا كان شرعه في ذلك كشرعنا، وقيل في الآية: إنه لم يهم.
وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - : ( "قامت الرحم فقال: مه" ) هو زجر وردع. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: أي: ما هذا المقام؟ ولعله يريد أنه استفهام بمعنى الإنكار، وقال الجوهري: مه: كلمة مبنية على السكون، وهو اسم يسمى به الفعل، ومعناه: اكفف; لأنه زجر فإن وصلت نونت تقول: مه مه.
وقوله: ( "فلما فرغ منه" ) أي: من الخلق.
وهذا الحديث لا تعلق فيه لمن يقول: يحدث كلامه تعالى من أجل أن الفاء في قوله ( تعالى ) "فقال": توجب في الظاهر كون قوله تعالى عقب قول الرحم، وذلك مقتض للحديث; لقيام الدليل على أنه تعالى لم يزل قائلا قبل أن يخلق خلقه بما لا أول له، وإذا كان ذلك كذلك وجب حمل قوله تعالى على معنى كلامه الذي لم يزل به متكلما وقائلا، وعلى هذا المعنى يحمل نحو هذا اللفظ إذا أتى في الحديث، وقد يحتمل أن يكون تعالى يأمر ملكا من ملائكته بأن يقول هذا القول عنه وأضافه إليه، إذ كان قول الملك عن أمره تعالى ( له ).
وقوله: ( "إذا أحب عبدي لقائي" ) قيل: يريد عند الموت إذا بشر بالجنة، ويكره ( ذلك ) إذا بشر بالنار.
فصل:
وقوله: ( "أنا عند ظن عبدي بي" ) يريد أنه يخشى ويرجو أن لا ينقطع الرجاء عند الذنب، وهذا لا يتوجه إلا إلى المؤمنين خاصة، أي: أنا عند ظن عبدي المؤمن بي، وفي التنزيل آيات تشهد أن عباده المؤمنين وإن أسرفوا على أنفسهم أنه عند ظنهم به من المغفرة والرحمة، وإن أبطأت حينا وتراخت وقتا لإنفاذ ما ختم به على من سبق عليه إنفاذ الوعيد تحلة القسم; لأنه قد كان له أن يعذب بذنب واحد أبدا كإبليس فهو عند ظن عبده، وإن عاقب برهة، فإن كان ظنه به أنه لا يعذبه برهة ولا يخلد، فإنه كذلك يجده كما ظن إن شاء الله تعالى، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.
فصل:
وأما حديث الذي لم يعمل خيرا قط.
[ ص: 448 ] ففيه دليل على أن الإنسان لا يدخل الجنة بعمله كما قال - عليه السلام - ، وفيه أن الإنسان يدخل الجنة بحسن نيته في صفته; لقوله: ( "خشيتك يا رب" ).
وفيه: أن من جهل بعض الصفات فليس بكافر خلافا لبعض المتكلمين; لأن الجهل بها هو العلم، إذ لا يبلغ كنه صفاته تعالى، فالجاهل بها المؤمن حقيقة. ولهذا قال بعض السلف: عليكم بدين العذارى، أفترى العذارى تعلم حقيقة صفات الله تعالى؟! وللأشعري في تأويل هذا الحديث قولان، كان قوله الأول: إن من جهل القدرة أو صفة من صفات الله ( تعالى ) فليس بمؤمن.
وقوله هو في هذا الحديث ( إن ) قدر الله علي أن لا يرجع إلى القدرة، وإنما يرجع إلى معنى التقدير الذي هو بمعنى التضييق، كما قال تعالى في قصة يونس: فظن أن لن نقدر عليه [ الأنبياء: 87 ] أي: أن لن نضيق عليه. ثم رجع عن هذا القول، وقال: لا يخرج المؤمن من الإيمان بجهله صفة من صفات الله تعالى قدرة كانت أو سائر صفات ذاته تعالى إذا لم يعتقد في ذلك اعتقادا يقطع على أنه الصواب والدين المشروع.
ومعنى قوله: ( "لعلي أضل الله" ) لعلي أخفى عليه وأغيب، وكان الواجب في اللغة: لعلي أضل على الله، فحذف حرف الجر وذلك مشهور في اللغة; لقوله: أستغفر الله ذنبا. أي: أستغفر من ذنب.
ومن كان خائفا عند حضور أجله، جدير أن تختلف أحواله لفرط خوفه وينطق بما لا ( يعتقده، ومن كان هكذا فغير جائز إخراجه من الإيمان الثابت له إذا لم ) يعتقد ما قاله دينا وشرعا، وإنما يكفر من اعتقده تعالى على خلاف ما هو، وقطع على أن ذلك هو الحق لو كفر من جهل بعض الصفات لكفر عامة الناس إذ لا يكاد يجد من يعلم منهم أحكام صفات ذاته، ولو اعترضت جميع العامة وكثيرا من الخاصة وسألتهم: هل ( له ) قدرة أو علم أو سمع أو بصر أو إرادة؟
[ ص: 450 ] وهل قدرته متعلقة بجميع ما يصلح كونه معلوما لما عرفوا حقيقة ذلك؟ فلو حكم بالكفر على من جهل صفة من الصفات لوجب الحكم به على جميع العامة وأكثر الخاصة، وهذا محال.
وقوله: "لم يبتئر" قد سلف أنه بالراء وبالزاي، وأن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة فسره بقوله: لم يدخر، وكذا هو في اللغة.
قال الجوهري: البئيرة على فعيلة الذخيرة وقد بأرت الشيء وأبأرته: ادخرته والزاي ليست معروفة في اللغة كما قال ابن التين قال: وروي يبتئن بالنون ويأتبر ليس لهما أيضا أصل في اللغة.
وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: "فاسحكوني". هو من السحك، وأورده ابن التين بلفظ: "فاسهكوني"، وقال: هو من السهك، كما أبدلت القاف من الكاف في الكافور والقافور.
قال أبو سليمان: وروي: "فاسحكوني"، ومعناه: أبردوني ( بالمسحك ) "وهو المبرد، وفي "الصحاح": سحكت الشيء سحقته.
قد سلف الكلام على قوله: ( "لئن قدر الله علي" ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك وغيره: معنى ( "قدر" )، للتقدير أي: إن كان قدر وحكم علي بالعقوبة فإنه يعاقبني، وإنما روي بالتشديد.
وقيل معناه: ضيق علي وناقشني حسابا مثل: ومن قدر عليه رزقه [ الطلاق: 7 ]. أي: ضيق، وهذا إحراقه نفسه، ثم إن الله تعالى تفضل عليه وغفر له بخشيته إياه، وهذا يدل أنه كان مقرا بالله موحدا له، وقد سلف، وذكر أن الشيخ أبا عمران قال: قد يحتمل أن يكون هذا الرجل ظن أن من أحرق حتى يصير رمادا، وذري في البحر لا يبعث، أو لعله لم يبلغه عن أحد من الرسل علم ( هذا ) قيل: ولعل أبا عمران يريد أنه كان عالما بفعله وجود الله واستحقاقه أن يعبد وخفي عليه علم وجوب إعادة جميع الموتى; لأن طريق علم الله السمع.
وقيل: إنما غفر له، وإن كان ما قاله كفرا ممن ( يعقل ) ; لأنه قاله حالة لا يعقل، وقد غلب عليه الجزع من عذاب الله تعالى على ما سلف [ ص: 453 ] من ذنوبه، وعارضه بعضهم فقال: لأن قوله: "من خشيتك" يدل أنه قصد لفعل ذلك.
وقالت المعتزلة: إنما غفر له من أجل توبته التي تابها; لأن الله تعالى واجب عليه - عندهم - قبول التوبة من جهة العقل، nindex.php?page=showalam&ids=13711وأبو الحسن الأشعري شيخ أهل السنة يقطع بقبولها من جهة السمع، ويقول: إن الله سبحانه وعد التائب في كتابه بقبولها، وسواه من أهل السنة يجوز قبولها كسائر الطاعات، فعلى هذا يجوز أن ( يكون ) الله سبحانه غفر له بتفضله عليه بقبول توبته، وقالت المرجئة: إنما غفر له بأصل توحيده الذي لا يضر معه معصية.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور قبل حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد - رضي الله عنه - في مواقعة الذنب مرة بعد مرة ثم استغفر ربه فغفر له.
فيه دليل على أن العصر في ( مشيئة ) الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، معلنا بخشيته التي جاء بها، وهي اعتقاده أن له ربا خالقا يعذبه ويغفر له، واستغفاره إياه على ذلك يدل على ذلك قوله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [ الأنعام: 160 ] ولا حسنة أعظم من التوحيد والإقرار بوجوده، والتضرع إليه في المغفرة.
[ ص: 454 ] فصل:
فإن قلت: إن استغفار ربه توبة منه ولم يكن مصرا.
قيل له: ليس الاستغفار أكثر من طلب غفرانه تعالى، وقد يطلب الغفران المصر والتائب، ولا دليل في الحديث على أنه قد تاب مما سأل ( الغفران ) منه; لأن حد التوبة الرجوع عن الذنب، والعزم أن لا يعود إلى مثله، والإقلاع عنها، والاستغفار لا يفهم منه ذلك.