إذا علمت ذلك، فاختلف العلماء فيما يجزئ السجود عليه من [ ص: 219 ] الآراب السبعة عند القدرة، بعد إجماعهم على أن السجود على الجبهة فريضة، فقالت طائفة: إذا سجد على جبهته دون أنفه أجزأه، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم وسالم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أظهر قوليه، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور، والمستحب أن يسجد على أنفه معها .
وقالت طائفة: يجزئه أن يسجد على أنفه دون جبهته وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وهو الصحيح في مذهبه .
[ ص: 220 ] وروى أسد بن عمرو: لا يجوز إلا من عذر.
وهو قول صاحبيه، وفي "شرح الهداية" عنه إن وضع الجبهة وحدها من غير عذر جاز بلا كراهة، وفي الأنف وحده يجوز مع الكراهة، والمستحب الجمع بينهما.
وفي "الإشراف" للدبوسي: يجزئه. وأشار في "المنظومة" عنه الجواز من غير عذر، ونسب nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في "المغني"، والنووي في "شرح المهذب": انفراد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة به وقالا: لا نعلم أحدا سبقه إليه ؛
[ ص: 221 ] لكن ابن شاس في "جواهره" قال: إنه قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في "تهذيبه": حكم الجبهة والأنف سواء، فواضع الأنف دون الجبهة كواضع راحتيه دون الأصابع أو الأصابع دونها، فرق بين ذلك .
وقال: وبنحو هذا الذي قلناه قال جماعة من السلف.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: وروي مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم ، وفي "المبسوط": ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثل قول إمامنا ، وذكر أصحاب التشريح أن عظمي الأنف يبتدئان من قرنة الحاجب وينتهيان إلى الموضع الذي فيه الثنايا والرباعيات، فعلى هذا يكون الأنف والجبهة التي هي أعلى الخد واحدا، وهو المشار إليه في الحديث على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه فسوى بينهما، ولأن أعضاء السجود سبعة إجماعا، ولا يتم ذلك إلا إذا عدا واحدا.
وقالت طائفة من أهل الحديث: يجب السجود عليهما جميعا، روي [ ص: 222 ] ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وعكرمة وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وطائفة، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: من لم يضع أنفه في الأرض لم يصل . وفي بعض طرق حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=657767 (أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء منها الوجه)، فلا يختص بالجبهة دون الأنف، وبهذا الحديث احتج nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في الاقتصار على الأنف، وقال: ذكره للوجه يدل على أنه أي شيء وضع منه أجزأه، وإذا جاز عند من خالف الاقتصار على الجبهة فقط جاز على الأنف فقط؛ لأنه إذا سجد على أنفه قيل: سجد على وجهه كما إذا اقتصر على جبهته .
وقالت طائفة: لا يجزئه من ترك السجود على شيء من الأعضاء السبعة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق .
[ ص: 223 ] وأصح قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما رجحه المتأخرون خلاف ما رجحه الرافعي ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب، وأظن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مال إلى هذا القول وحجته حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس السالف أنه أمران يسجد على سبعة أعضاء، فلا يجزئ السجود على بعضها إلا بدلالة.
واحتج من لم ير الاقتصار على الأنف بأن الأحاديث إنما ذكر فيها [ ص: 224 ] الجبهة ولم يذكر الأنف، فدل على أن الجبهة تجزئ، وأن الأنف تبع، وأما الرواية السالفة: وأشار بيده على أنفه. فالأنف غير مشترط في ذلك؛ لأنه إنما أشار بيده إلى أنفه إلى جبهته، فجعل الأنف تبعا للجبهة، ولم يقل: إلى نفسه. كذا قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب ، وقد سلف رواية: إلى أنفه.
قال ابن القصار: والإجماع حجة ووجدنا عصر التابعين على قولين، فمنهم من أوجب السجود على الجبهة والأنف، ومنهم من جوز الاقتصار على الجبهة، فمن جوز الاقتصار على الأنف دون الجبهة خرج عن إجماعهم ، لكن في "العارضة" لابن العربي في بعض طرقه: الجبهة أو الأنف ، ويقال لمن أوجب السجود على الآراب السبعة: إن الله تعالى ذكر السجود في مواضع من كتابه فلم يذكر فيها غير الوجه فقال: ويخرون للأذقان يبكون [الإسراء: 109] سيماهم في وجوههم [الفتح: 29].
وقال الشارع: nindex.php?page=hadith&LINKID=667375 "سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره" ، ولم يذكر غير الوجه. وقال للأعرابي الذي علمه: "مكن [ ص: 225 ] جبهتك من الأرض" ، ولم يذكر باقي الأعضاء، ولو كان حكم السجود متعلقا بذلك لكان مع العجز عنه ينتقل إلى الإيماء كالرأس، فلما كان مع العجز يقع الإيماء بالرأس حسب، ولا يؤمر بإيماء الباقي علمنا أن الحكم يعلق بالجبهة فقط.
وأما أمره - صلى الله عليه وسلم - بالسجود على الأعضاء السبعة فلا يمتنع أن يؤمر بفعل الشيء ويكون بعضه مفروضا وبعضه مسنونا ولا يكون وجوب بعضه دليلا على وجوب باقيه إلا بدالة الجمع بين ذلك، والخلاف في الأعضاء الستة ثابت عند الحنفية أيضا، ففي "شرح الهداية": لا تجب. وفي "الواقعات": لو لم يضع ركبتيه على الأرض عند السجود لا يجزئه.
ونقل أبو الطيب عن عامة الفقهاء عدم الوجوب، وعند nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد الوجوب ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الأنف روايتان . وفي nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: وضعها سنة .
وادعى nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي أن قوله: أمر أو أمرت أو أمرنا. مخصوص به في الظاهر، واختلف الناس فيما فرض عليه هل تدخل معه الأمة؟ فقيل: نعم. والأصح لا إلا بدليل، وقيل: إذا خوطب بأمر أو نهي فالمراد به [ ص: 226 ] الأمة معه، وهذا لا يثبت إلا بدليل. قال: والدليل على توجب ذلك علينا إجماع الأمة على وجوب السجود على هذه الأعضاء، ولعل ذلك أخذ من قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=20870 "صلوا كما رأيتموني أصلي" ، ومن دليل آخر سواه.
ولا خلاف أعلمه في الأعضاء السبعة إلا في الوجه ، وكلامه كله عجيب، وأين الإجماع فيما ذكره والأصل عدم الخصوصية.
وقوله في رواية: "أعضاء" وفي رواية: "أعظم" إما من باب تسمية الجملة باسم بعضها أو سمى كل واحد منها عظما باعتبار الجملة، وإن اشتمل كل واحد منها على عظام.
وأما كف الشعر والثوب فسيأتي في بابه قريبا.
وقوله: "واليدين" يريد: الكفين. خلافا لمن حمله على ظاهره؛ لأنه لو حمل على ذلك لدخل تحت النهي عنه في افتراش السبع والكلب.