ثم ساق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس في ذلك.
[ ص: 292 ] الكلام عليه من وجوه:
أحدها:
أثر nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ساقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في فضائل القرآن عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مطولا كما سنقف عليه -إن شاء الله تعالى- في موضعه، وفي غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن عثمان بعث مصحفا إلى الشام، وآخر إلى الحجاز، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وأبقى عنده مصحفا منها; ليجمع الناس على قراءة ما يعلم ويتيقن.
قال أبو عمرو الداني: أجمع العلماء على أن عثمان كتب أربع نسخ فبعث بإحداهن إلى البصرة، والأخرى إلى الكوفة، وبالثالثة إلى الشام، وحبس آخر عنده، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم السجستاني: كتب سبعة، فبعث إلى مكة واحدا، وإلى الشام آخر، وإلى اليمن آخر، وإلى البحرين آخر، وإلى البصرة آخر، وإلى الكوفة آخر، [وحبس بالمدينة واحدا].
الثاني:
أمير السرية هذا هو عبد الله بن جحش بن رئاب أخو أبي أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=15953وزينب أم المؤمنين، nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة، وحمنة، وأخوهم (عبيد) الله تنصر بأرض الحبشة، وعبد الله وأبو أحمد كانا من المهاجرين الأولين، وعبد الله يقال له: المجدع في الله، شهد بدرا وقتل يوم أحد بعد أن قطع أنفه وأذنه - رضي الله عنه -.
[ ص: 293 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: كانت هذه السرية أول سرية غنم فيها المسلمون، وكانت في رجب (من) السنة الثانية قبل بدر الكبرى، بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ثمانية رهط من المهاجرين، وكتب له كتابا وأمره ألا ينظر إليه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه فيمضي لما أمر به، ولا يستكره من أصحابه أحدا، فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه: "إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا أخبارهم"، فقال عبد الله وأصحابه: سمعا وطاعة. فمضوا ولقوا عيرا لقريش، فقتلوا عمرو بن الحضرمي في أول يوم من رجب كافرا، واستأسروا اثنين، وغنموا ما كان معهم.
فأنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام"، وقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام فأنزل الله تعالى: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه [البقرة: 217] الآية. فهذه أول غنيمة، وأول أسير، وأول قتيل قتله المسلمون.
الثالث:
لما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أولا قراءة الشيخ ثم تلاه بالقراءة والعرض عليه، وهو يشمل السماع والقراءة، ثم تلاه بالمناولة والمكاتبة، وكل منهما قد يقترن به الإجازة وقد لا يقترن، ولم يصرح بالإجازة المجردة، ويحتمل أنه يرى أنها من أنواع الإجازة، فبوب على أعلاها رتبة على جنسها.
[ ص: 294 ] nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب الحافظ أطلق اسم الإجازة على ما عدا السماع، وجعل المناولة والعرض من أنواعها، واستدل على الإجازة (بعين) ما استدل به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على المناولة، وهو حديث عبد الله بن جحش، فإنه -عليه السلام- ناوله الكتاب فقرأه على الناس، ويجوز لهم روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -; لأن كتابته إليهم تقوم مقامه، وجائز للرجل أن يقول: حدثني فلان كتابة إذا كتب إليه.
إحداها: أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو فرعا مقابلا به، ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلان فاروه، أو أجزت لك روايته عني، ثم يملكه له أو يأذن له في نسخه ويقابله به.
ثانيها: أن يدفع (إليه) الطالب سماعه فيتأمله وهو عارف به متيقظ، ثم يعيده إليه ويقول: هو حديثي أو روايتي فاروه عني، أو أجزت (لك) روايته، وهذا سماه غير واحد من أئمة الحديث عرضا.
وقد أسلفنا أن القراءة عليه تسمى عرضا أيضا، فليسم هذا عرض المناولة وذاك عرض القراءة، وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وآخرين، والصحيح أنها منحطة على السماع والقراءة، وهو قول جماعة منهم باقي الأربعة.
[ ص: 295 ] ثالثها: أن يناول الشيخ الطالب سماعه ويجيزه له ثم يمسكه الشيخ عنه ولا يمكنه منه، وهذا دون ما سبق، ويجوز روايته إذا وجده أو فرعا مقابلا به موثوقا بموافقته لما تناوله الإجازة، والمناولة المجردة عن الإجازة بأن يناوله مقتصرا على: هذا سماعي، فلا تصح الرواية بها، وجوزها جماعة وذلك كله مبسوط في مختصري في علوم الحديث فراجعه، فإنه يعز نظيره.
وأما الكتابة (المعتبرة) بالإجازة فكالمناولة وكذا الكتابة المجردة عند الأكثرين، وأما الإجازة فالأصح جواز الرواية والعمل بها، وقد أوضحتها بأقسامها في الكتاب المشار إليه، فراجعه.
الرابع: معنى (كتب): أمر بالكتابة، وسيأتي الخوض في ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله:
هذا الحديث من أفراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أخرجه في مواضع هنا عن إسماعيل: هو nindex.php?page=showalam&ids=13761الأويسي، عن إبراهيم كما ترى، وفي المغازي (عن إسحاق، عن يعقوب بن إبراهيم) عن أبيه، عن صالح به، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث بكتابه إلى كسرى مع nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة السهمي، وفي خبر الواحد عن nindex.php?page=showalam&ids=17320ابن بكير، عن ليث، عن يونس، وفي: الجهاد: عن nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124 (الليث، عن عقيل)، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به.
ثانيها:
هذا الرجل هو: nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة السهمي كما سقته لك مبينا، وهو: nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم بن عمرو بن (هصيص) بن كعب بن لؤي.
أخو خنيس بن حذافة، زوج nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة أصابته جراحة بأحد فمات منها، خلف عليها بعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الله الذي قال: يا رسول الله من [ ص: 297 ] أبي؟ قال: "أبوك حذافة".
أسلم قديما وكان من المهاجرين الأولين، وكانت فيه دعابة، وقيل: إنه شهد بدرا. ولم يذكره nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، ولا nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة، ولا nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في البدريين، أسره الروم في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وأرادوه على الكفر، وله في ذلك قصة طويلة، وآخرها أنه قال له ملكهم: قبل رأسي وأطلقك، قال: لا. قال له: وأطلق من معك من أسرى المسلمين، فقبل رأسه، فأطلق معه ثمانين أسيرا، فكان الصحابة يقولون له: قبلت رأس علج، فيقول: أطلق الله بتلك القبلة ثمانين أسيرا من المسلمين، توفي عبد الله في خلافة عثمان.
ثالثها: في التعريف برجاله، وقد سلف مفرقا.
رابعها:
البحران: تثنية بحر وهو ملك مشهور بين البصرة وعمان، صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - أهله وأمر عليهم nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي، وبعث أبا عبيدة فأتى بجزيتها.
[ ص: 298 ] خامسها:
(عظيم البحرين) لعله المنذر بن ساوى العبدي، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي إليه وكان ملك البحرين فصدق وأسلم.
سادسها:
كسرى -بكسر الكاف وفتحها- قال ابن الجواليقي: والكسر أفصح.
وهو فارسي معرب، وهو أنوشروان بن هرمز الكافر، وهو الذي ملك النعمان بن المنذر على العرب، وهو الذي قصده سيف بن ذي يزن يستنصره على الحبشة، فبعث معه قائدا من قواده فنفوا السودان، وكان ملك كسرى سبعا وأربعين سنة وسبعة أشهر.
وذكر ابن سعد أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة السهمي، وهو أحد الستة الذين بعثوا إلى الملوك كسرى وغيره [يدعوه] إلى الإسلام، وكتب معه كتابا، قال عبد الله: فدفعت إليه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرئ عليه ثم أخذه فمزقه.
فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=890322 "اللهم مزق ملكه"، وكتب كسرى إلى باذان عامله في اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتيا بخبره، فبعث باذان قهرمانه ورجلا آخر، وكتب معهما كتابا، فقدما المدينة ومعهما كتاب باذان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعاهما إلى الإسلام، وفرائصهما ترعد.
لسبع ساعات مضت منها وهي ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى [ ص: 299 ] الأولى سنة سبع، وأن الله سلط عليه ابنه شيرويه فقتله. أي: وتمزق ملكه كل ممزق، وزال بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر ابن هشام: أنه لما مات وهرز الذي كان باليمن على جيش الفرس أسر كسرى ابنه يعني: ابن وهرز، ثم عزله وولى باذان فلم يزل بها حتى بعث الله النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال: فبلغني عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه قال: كتب كسرى إلى باذان أنه بلغني أن رجلا من قريش يزعم أنه نبي فسر إليه فاستتبه، فإن تاب وإلا فابعث إلي برأسه، فبعث باذان بكتابه إلى رسول الله، فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=941820 "إن الله تعالى وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا وكذا ومن شهر كذا وكذا"، فلما أتى باذان الكتاب قال: إن كان نبيا سيكون ما قال، فقتل الله كسرى في اليوم الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال ابن هشام: قتل على يدي ابنه شيرويه. قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: فلما بلغ باذان بعث بإسلامه وإسلام من معه من الفرس.
فيه من الفقه ما أسلفناه من الكتابة، وفيه أيضا الاكتفاء بواحد في حمل كتاب الحاكم إلى حاكم آخر إذا لم يشك في الكتاب ولا أنكره، [ ص: 300 ] واعتماد الحكام الآن على اثنين للاحتياط، وسيأتي بسط ذلك في كتاب: الأحكام -إن قدر الله الوصول إليه وشاءه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله:
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في أبواب هنا، والجهاد واللباس عن ابن مقاتل، عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك. وفي الأحكام عن ابن بشار، عن nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر . وله عنه طرق أخرى.
ثانيها: في التعريف برواته:
وقد سلف التعريف بهم خلا محمد بن مقاتل، وهو مروزي ثقة صدوق، كنيته أبو الحسن، انفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن باقي الكتب، روى [ ص: 301 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع، وعنه مع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، مات آخر سنة ست وعشرين ومائتين.
ثالثها:
الخاتم: بفتح التاء وكسرها وفيه أربع لغات أخر خاتام وخيتام وختام وختم.
رابعها: في فوائده وأحكامه:
الأولى: اتخاذ خاتم الفضة، وهو إجماع، ولا عبرة بمن شذ فيه من كراهة لبسه إلا لذي سلطان، ومن كراهته للنساء; لأنه من زي الرجال.
وأما خاتم الذهب: فقام الإجماع على تحريمه، ولا عبرة بقول أبي بكر (بن) محمد بن عمرو بن حزم أنه مباح. ولا بقول [ ص: 302 ] بعضهم إنه مكروه، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من ذهب، وجعل فصه مما يلي بطن كفه فاتخذ الناس مثله فرماه، وقال: "لا ألبسه أبدا" ثم اتخذ الخاتم من فضة فنسخ لبسه.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس (خ م) أنه رأى في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ورق يوما واحدا فطرحه وطرح الناس خواتيمهم فهو وهم من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، وإن كان رواه عنه خمسة وصوابه من ذهب.
الثانية: جواز نقش الخاتم ونقش اسم صاحبه، وجواز نقش اسم الله تعالى عليه، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب وغيرهما، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين .
واعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذكر أحاديث الخاتم في مواضع من كتابه في كتاب اللباس وغيره كما سنمر عليه -إن شاء الله تعالى-، وهناك يأتي الكلام -إن شاء الله تعالى- في كيف وضع فصه؟ وأنه من داخل، وصفة فصه، وهل يلبسه في يمينه أو في يساره؟ إن شاء الله.
واستحب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لبسه في يساره وكرهه في يمينه، والأصح عند الشافعية عكسه، وكان نقش خاتم الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : حسبي الله ونعم الوكيل، وكان نقش خاتم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الله ثقة محمد بن إدريس، ونقل الربيع عنه أنه كان يتختم في يساره.