وقال nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر: لو وضعتم الصمصامة على هذه -وأشار إلى قفاه- ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: كونوا ربانيين [آل عمران: 79] علماء فقهاء. ويقال: الرباني: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. [فتح: 1 \ 159]
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: في التعريف بالأسماء الواقعة فيه:
وقد سلف التعريف nindex.php?page=showalam&ids=11بابن عباس وبأبي ذر، وكرره شيخنا قطب الدين .
[ ص: 321 ] ثانيها:
الخطاب في قوله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله [محمد: 19] للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به غيره، ويجوز كما قال nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي : أن يكون المعنى: أقم على ذلك العلم واثبت عليه، ويجوز أن يكون متعلقا بما قبله على معنى: إذا جاءتهم الساعة فاعلم ذلك وأنه لا ملك لأحد إلا له.
ثم قال: كذا حدثناه محمود، وإنما يروى عن عاصم، عن داود (ابن) جميل، عن كثير بن قيس عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء، وهذا أصح ولا يعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم، وليس إسناده عندي بمتصل.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : فأخرجه في "صحيحه" من حديث عاصم عن داود به، وقال في "ضعفائه": روي: " nindex.php?page=hadith&LINKID=664976العلماء ورثة الأنبياء " بأسانيد صالحة. والتزم nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم صحته. وحسنه حمزة مع الغرابة. وأما nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني فضعفه.
والحق: أن إسناده مضطرب وقد سقت لك بعضه، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن كثير بن قيس، عن يزيد بن سمرة، عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء، قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في "علله": وليس بمحفوظ.
[ ص: 323 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : لم يقمه nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، وقد خلط فيه. وقال حمزة : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن عبد السلام بن سليم، عن يزيد بن سمرة وغيره من أهل العلم عن كثير بن قيس .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وعاصم بن رجاء هذا ثقة مشهور، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : عاصم بن رجاء ومن فوقه إلى nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ضعفاء، وقال؟ وداود بن جميل مجهول.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار : لا يعلم إلا في هذا الحديث. وكذا كثير بن قيس، قال: ولا يعلم روى عن كثير غير داود والوليد بن مرة، ولا يعلم روى عن داود غير عاصم .
وذكر ابن القطان : أنه اضطرب عاصم فيه فرواه nindex.php?page=showalam&ids=14213عبد الله بن داود، عن عاصم كما سلف، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم، عن عاصم عمن حدثه، عن كثير، ورواه محمد بن يزيد الواسطي، عن عاصم، عن كثير لم يذكر بينهما أحدا، قال: والمتحصل من علة هذا الخبر هو الجهل بحال راويين من رواته، والاضطراب فيه ممن لم تثبت عدالته.
قلت: وقد رواه عن محمد، عن قيس بن كثير كما سلف، وقيل: الوليد بدل داود، وقيل جميل بن قيس، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في "بيان العلم" له، ثم قال: والقلب إلى ما قاله محمد بن يزيد، عن عاصم، عن كثير، أميل.
وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13433ابن قانع أن كثير بن قيس صحابي وأنه راوي هذا الحديث [ ص: 324 ] وتبعه ابن الأثير، وهو غريب فتنبه لذلك كله.
وسموا ورثة الأنبياء لقوله تعالى: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا [فاطر: 32] وسيأتي قريبا حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الرؤيا لأبيه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوله بالعلم.
معنى (يخشى): يخاف، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إنما يخاف الله من خلقه من علم جبروته وعزته وسلطانه، وقال مقاتل : أشد الناس لله خشية أعلمهم به. وقال nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق : كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار بالله جهلا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : العالم من خاف الله، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : من خشي الله فهو عالم، ومعنى قوله: وما يعقلها إلا العالمون [ ص: 325 ] [العنكبوت: 43] أي: وما يعقل الأمثال إلا العلماء الذين يعقلون عن الله، وروى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - لما تلى هذه الآية قال: "العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه".
ومعنى قوله: لو كنا نسمع أو نعقل [الملك: 10] الآية أي: لو كنا نسمع سمع من يعي أو يفكر أو نعقل عقل من يميز وينظر ما كنا من أهل النار، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري مرفوعا: "إن لكل شيء دعامة، ودعامة المؤمن عقله فبقدر ما يعقل يعبد ربه، ولقد ندم الفجار يوم القيامة فقالوا: " لو كنا نسمع أو نعقل " الآية.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا: "إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غدا في الدرجات، وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم ".
قوله: (وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرا يفهمه في الدين") ، هذا التعليق قد أسنده قريبا من حديث معاوية - رضي الله عنه -.
ثامنها:
قوله: (وقال أبو ذر : لو وضعتم الصمصامة) إلى آخره روشاه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن مرثد بن أبي مرثد، عن [ ص: 327 ] أبيه قال: جلست إلى nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الغفاري إذ وقف عليه رجل فقال: ألم ينهك أمير المؤمنين عن الفتيا؟ فقال أبو ذر: والله لو وضعتم (هذه) الصمصامة على هذه -وأشار إلى حلقه- على أن أترك كلمة سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنفذتها قبل أن يكون ذلك .
أنبأنيه شيخنا قطب الدين عبد الكريم الحلبي، حدثني الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي، أنبأنا الحسين الخليلي، أنا ابن كاره، أنا ابن عبد الباقي، عن ابن حيوية، عن ابن معروف، عن الحسين بن فهم، عن محمد بن منيع، عن سليمان، (عن) عبد الرحمن، عن الوليد به.
تاسعها:
الصمصامة -بفتح الصادين المهملتين-: السيف بحد واحد، قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده والجوهري وغيرهما: الصمصامة والصمصمام: السيف الصارم [ ص: 328 ] الذي لا ينثني.
ومعنى قوله: (قبل أن تجيزوا علي)، أي: تقطعوا رأسي، أراد - رضي الله عنه - بذلك الحض على العلم والاغتباط بفضله، حيث سهل عليه قتل نفسه في جنب ما يرجو من ثواب نشره وتبليغه.
ويؤخذ منه: أنه يجوز للعالم أن يأخذ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالشدة ويحتمل الأذى ويحتسبه رجاء ثواب الله، ويباح له أن يسكت إذا خاف الأذى كما قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : لو حدثتكم بكل ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقطع (مني) هذا البلعوم. وعنه: لو حدثتكم بكل ما في جوفي لرميتموني بالبعر. قال الحسن : صدق. وكأنه أراد والله أعلم عنى به ما يتعلق بالفتن مما لا يتعلق بذكره مصلحة شرعية.
عاشرها:
قوله: (وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كونوا ربانيين [آل عمران: 79] علماء فقهاء)، هذا التعليق رواه الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه" بإسناد صحيح عن أبي بكر الجيري، (ثنا) أبو محمد [ ص: 329 ] حاجب بن أحمد الطوسي، (ثنا) عبد الرحيم بن منيب، (نا) nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض، عن عطاء، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، عنه.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم في كتاب "العلم" عن المقدمي، (ثنا) nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن معاذ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك، عن عكرمة، عنه.
الحادي عشر:
الرباني: المتأله العارف بالله تعالى، قاله الجوهري وغيره، وربيت القوم: سستهم أي: كنت فوقهم. وقال أبو نصر : من الربوبية أي: معرفتها، كما قاله صاحب "العين".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : منسوب إلى الرب كأنه الذي يقصد قصد ما أمره الرب، وقال أحمد بن يحيى : إنما قيل للعلماء: الربانيون; لأنهم يربون العلم، أي: يقومون به، وقيل: لأنهم أصحاب العلم وأربابه، وزيدت الألف والنون للمبالغة. وقيل: أصله من رب الشيء إذا ساسه وقام به ثم زيد ياء. وقيل: من معنى التربية، كانوا يربون المتعلمين بصغار العلم قبل كباره وهو ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : لا يقال للعالم رباني حتى يكون عاملا معلما.
وفي موضع آخر: هو العالي الدرجة في العلم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد فيما [ ص: 330 ] حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه": الربانيون: الفقهاء وهم فوق الأحبار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : أحسب الكلمة ليست بعربية وذلك أن أبا عبيدة
زعم أن العرب لا تعرف الربانيين، سمعت رجلا عالما بالكتب يقول: الربانيون: العلماء بالحلال والحرام.
وفي "جامع القزاز" الربي: والجمع الربيون هم: العباد الذين يصحبون الأنبياء ويصبرون معهم، وهم الربانيون، نسبوا إلى عبادة الرب -سبحانه وتعالى-. وقيل: هم العلماء الصبر. وقال القزاز: وأنا أرى أن يكون عربيا.
الثاني عشر:
مقصود nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري -رحمه الله- فيما ترجمه أن العمل لا يكون إلا مقصودا به معنى متقدما وهو العلم بما يفعله وما يترتب عليه من الثواب، فعند ذلك يخلص فيه ويقصد به الثواب، ومتى خلى العمل عن ذلك فليس بعمل.