949 994 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان قال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أخبرته nindex.php?page=hadith&LINKID=650939أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته - تعني: بالليل - فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للصلاة. [انظر: 619 - مسلم: 736 فتح: 2 \ 478]
وعن نافع، أن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر، حتى يأمر ببعض حاجته.
[ ص: 161 ] الشرح:
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وباقي الجماعة. قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر والفضل بن عباس nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر حديث حسن صحيح، ورواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر جماعات منهم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وفي روايته: nindex.php?page=hadith&LINKID=667909 "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: هو غير محفوظ، وإنما نعرف صلاة النهار. وقد خالفه نافع، وهو أحفظ منه، وساق بسنده إلى nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=682149 "صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار أربعا" وساق بسنده إلى يحيى بن سعيد عن عبيد الله، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى ويصلي بالنهار أربعا. ورواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع خلق، منهم nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج، وفي روايته: nindex.php?page=hadith&LINKID=667909 "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" قاله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني، ثم ذكر فيه اختلافا، ثم قال: والمحفوظ عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: nindex.php?page=hadith&LINKID=650936 "صلاة الليل مثنى مثنى" وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يصلي بالنهار أربعا.
[ ص: 162 ] إذا تقرر ذلك فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
هذا الرجل جاء أنه من أهل البادية، ولم أره مسمى، والمراد: صلاة الليل، وأفضله آخره. وأما النهار فأفضل أوقاته الهاجرة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إنما كانت عبادتهم آخر الليل والهاجرة والورع والفطرة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: "مثنى مثنى" كلام خرج على جواب السائل كأنه قال له: يا رسول الله، كيف نصلي بالليل ؟ فقال: "مثنى مثنى" ولو قال له: بالنهار. جاز أن يقول له كذلك وجائز أن يقول بخلافه، فصلاة النهار موقوفة على دلائلها، ومن الدليل على أنها وصلاة الليل مثنى مثنى جميعا أنه قد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=662721 "الصلاة مثنى مثنى يتشهد في كل ركعتين" لم يخص ليلا من نهار، وإن كان حديثا لا يقوم بإسناده حجة فالنظر يقصده والأصول توافقه، وأورد هذا الحديث من كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=16413عبد الله بن الحارث عن المطلب، وذكر أن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث خالف nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة في هذا الحديث.
وفي رواية: "ركعتين"، وذكر أن في "الموطأ" أنه بلغه أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر [ ص: 163 ] كان يقول مثل ذلك، يسلم من كل ركعتين، وقال: فهذه فتيا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هذا وإن كان من بلاغاته فإنه متصل عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، ثم ساقه بإسناده، وقال في آخره: يعني: التطوع.
قال: ومن الدليل أيضا على أن صلاة النهار كالليل مثنى مثنى سواء أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد الجمعة ركعتين، وبعد الفجر، وكان إذا قدم من سفر صلى في المسجد ركعتين، وصلاة الفطر والأضحى والاستسقاء وتحية المسجد، ومثل هذا كثير.
ودليل آخر أن العلماء لما اختلفوا في صلاة النافلة في النهار، وقام الدليل على حكم صلاة النافلة بالليل وجب رد ما اختلفوا فيه على ما اجتمعوا عليه قياسا. وفي nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بإسناد صحيح: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" وهو محمول على بيان الأفضل، والليل والنهار فيه سواء، فإن جمع ركعات بتسليمة جاز، أو صلى ركعة فردة جاز.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: وقد سئل عن زيادة النهار فصححها. وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي: إنها زيادة من ثقة فقبلت، فكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لا يصلي أربعا إلا يفصل بينهن، إلا المكتوبة.
[ ص: 164 ] واختلف العلماء في التطوع ليلا ونهارا، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور: صلاة الليل والنهار مثنى للحديث السالف، لا يقال: إن معنى الحديث أن يجلس المصلي في كل ركعتين ; لأن مثل هذا اللفظ لا يستعمل بالجلوس، وكذلك لا يقال: صلاة العصر مثنى مثنى، وإن كان يجلس في كل ركعتين، ويقال: الصبح مثنى ; لما كان يسلم من ركعتين، وسيأتي في التطوع: مثنى مثنى، عن يحيى بن سعيد: ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون في كل اثنتين من النهار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: لم يأت عنه - صلى الله عليه وسلم - حديث صحيح مفسر أنه صلى النافلة أكثر من ركعتين، وثبت عنه من غير طريق أنه كان يصلي بالليل والنهار ركعتين، ووقع في بعض طرق حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا: يسلم من كل ركعتين. وكذا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هنا: "ركعتين ثم ركعتين"
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري: صل بالليل والنهار إن شئت ركعتين، وإن شئت أربعا أو ستا أو ثمانيا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: صل ما شئت بعد أن تقعد في كل ركعتين، وهو قول الحسن بن حي. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: صلاة الليل مثنى والنهار أربعا، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم: أما الذي أختار فمثنى مثنى، وإن [ ص: 166 ] صلى أربعا فلا بأس، وأرجو أن لا يضيق عليه.
وضعف nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين حديث: "النهار مثنى". وقال: من علي الأزدي حتى أقبل منه هذا وأدع يحيى بن سعيد، عن نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يتطوع بالنهار أربعا لا يفصل بينهن، وآخذ بحديث علي الأزدي ؟ ! لو كان حديث علي صحيحا لم يخالفه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يتقي هذا الحديث وربما لم يرفعه، ولما أورده nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ذكر فيه اختلافا عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الرفع والوقف. قال: والصحيح ما روي عنه ذكر الليل فقط. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: ذكر النهار خطأ.
فرع:
قام إلى ثالثة سهوا فالأصح أنه يقعد ثم يقوم للزيادة إن شاء. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: يتمها أربعا. وقال ابن عبد الحكم: يرجع إلى الجلوس يسجد بعد السلام. وقال nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة: إن كان بالليل قطع - أي: رجع إلى الجلوس - وإن كان بالنهار أتم أربعا، وهو يراعي قوله: "صلاة الليل مثنى مثنى".
ثانيها:
معنى "مثنى مثنى": اثنين اثنين. يريد: ركعتين ركعتين بتسليم في آخر كل ركعتين، ومثنى معدول عن اثنين اثنين، فهي لا تنصرف للعدل [ ص: 167 ] المكرر، وكأنها عدلت مرتين: مرة عن صيغة اثنين، ومرة عن تكررها، وهي نكرة تعرف بلام التعريف، تقول: المثنى. وكذا ثلاث ورباع، وقيل: إنما لم تنصرف للعدل والوصف، تقول: مررت بقوم مثنى. أي: مررت بقوم اثنين اثنين. وموضعها رفع لأنها خبر المبتدأ الذي هو قوله: "صلاة الليل" وفي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر سئل: ما مثنى مثنى ؟ قال: يسلم في كل ركعتين.
ثالثها:
قوله: ( "فإذا خشي أحدكم الصبح" ) وجاء: "فإذا خفت الصبح" و"إذا رأيت الصبح فأوتر بواحدة" وفي أخرى: "أوتروا قبل الصبح" وهذا دليل على أن السنة جعل الوتر آخر الليل، وعلى أن وقته يخرج بطلوع الفجر، وهذا هو المشهور من مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، وقيل: يمتد بعده حتى يصلي الفجر. وبقول الجمهور قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وصاحباه، واختلف فيه قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، والمشهور من مذهبه أنه يصليه بعد طلوع الفجر ما لم يصل الصبح، والشاذ من مذهبه أنه لا يصلي بعد طلوع الفجر.
[ ص: 168 ] وادعى ابن بزيزة: أن بالمشهور من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وقال به السلف: nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت، nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة، nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة.
وقال جماعة من السلف بقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وهو قول جماعة من الكوفيين، وهو رواية ابن مصعب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عنه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس: يصلي الوتر بعد صلاة الصبح.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي والحسن nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس: يصلي ولو طلعت الشمس.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: يوتر من الليلة القابلة بعد العشاء.
وقال علي بن الجهم: الخلاف في ذلك مبني على الخلاف الذي بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، هل هو من الليل أو من النهار أو زمن قائم بنفسه ؟
وروي عن عثمان أنه كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن يوتر بها، وعن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة: الوتر ركعة. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال: والوتر واحدة، ولا بد أن يكون قبلها شفع، يسلم بينهن في الحضر والسفر. وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا بأس أن يوتر المسافر بواحدة. وعنه: يوتر بثلاث وأقل. وأوتر nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في مرضه بواحدة، وهو دال على أن الشفع ليس بشرط في صحة الوتر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: إن شاء فصل بينهما، وإن شاء وصل.
وقالت طائفة: يوتر بثلاث لا يفصل بينهن بسلام. روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس وأبي أمامة، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز والفقهاء السبعة بالمدينة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب: لا يسلم في ركعتي الوتر. وإليه ذهب الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: ذهب جماعة من الصحابة [ ص: 170 ] وغيرهم إلى هذا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: يوتر بثلاث في رمضان، وفي غيره بواحدة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم: ورأينا الناس منذ أدركنا يوترون بثلاث، وإن كلا لواسع، أرجو أن لا يكون بشيء منه بأس. ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الحديث الثالث.
وتأول الكوفيون حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الآتي حين بات عند خالته nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة ورمق صلاته - صلى الله عليه وسلم - ليلا، فذكر أنه صلى ركعتين ثم ركعتين، حتى عد ثنتي عشرة ركعة. قال: ثم أوتر. فيحتمل أن يكون أوتر بواحدة مع اثنتين قد تقدمتاها. فتكون مع الواحدة ثلاثا ; ولذلك تأولوا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي: كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته بالليل. أن الوتر منها الركعة الأخيرة مع ركعتين تقدمتها، ويدل على ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=653304كان لا يزيد في رمضان وغيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا كذلك، ثم ثلاثا، فدل أن الوتر ثلاث.
وقال أهل المقالة الأولى: قوله: "صلاة الليل مثنى مثنى" تفسير حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنه كان يصلي أربعا ثم أربعا ثم ثلاثا، وهي زيادة يجب قبولها. وقوله: "فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة توتر لك ما قد صليت" دلالة على أن الوتر واحدة ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الركعة: "إنما هي التي توتر ما كان قبلها".
[ ص: 171 ] والوتر في لسان العرب هو الواحد، فلذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وتر" أي: واحد لا شريك له والاسم يتعلق بأول الاسم، كما أن الظاهر من قوله: "مثنى مثنى" أي: ثنتين مفردتين، فدل ذلك أن الواحدة هي الوتر دون غيرها، وإذا جازت الركعة بعد صلاة ركعتين أو أكثر جازت دونها ; لأنها منفصلة بالسلام منها، وكان مالك يكره الوتر بواحدة ليس قبلها نافلة، ويقول: أي شيء يوتر له الركعة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "يوتر له ما قد صلى" ؟ ألا ترى أنه لم يوتر قط إلا بعد عشر ركعات أو اثنتي عشرة ركعة على اختلاف الأحاديث في ذلك، فلذلك استحب أن تكون للركعة الوتر نافلة توترها، وأقل ذلك ركعتان.
تنبيه: ادعى بعضهم أن معنى قوله: "فإذا خشي أحدكم الصبح" ظاهره: إذا خشي وهو في شفع انصرف من ركعة واحدة، فالوتر إذن لا يفتقر إلى نية، وليس كما زعم، بل ظاهره أنه يصلي ركعة كاملة بعد الخشية.
فرع:
هل يحتاج الوتر إلى نية ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: نعم. وخالفه nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ، وقال محمد: إذا أحرم بشفع ثم جعله وترا لا يجزئه.
[ ص: 172 ] رابعها:
قوله: "توتر له ما قد صلى" قد يستدل به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن يكون قبل الوتر شفع، وهو مشهور مذهبه، وأقل الشفع: ركعتان عنده.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع.. ) إلى آخره. مبني على السند الذي قبله، وهو حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=650936 "صلاة الليل مثنى مثنى" وإنما ذكره كذلك لأمرين: أن يكون سمع كلا منهما مفترقا عن الآخر، أو أراد أن يفرق بين الحديث والأثر. nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي لما ذكر الأثر خاصة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يسلم، فذكره وعزاه إلى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، ولفظه: من الوتر. بدل: في الوتر. وروي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله المخزومي قال: أتى nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رجل قال: وكيف أوتر ؟ قال: أوتر بواحدة. قال: إني أخشى أن يقول الناس: البتيراء. قال: أسنة الله ورسوله تريد ؟ هذه سنة الله ورسوله. وفي رواية أخرى: البتيراء: أن يصلي الرجل الركعة الثانية [ ص: 173 ] في ركوعها وسجودها وقيامها ثم يقوم في الأخرى ولا يتم لها ركوعها ولا سجودها ولا قيامها، فتلك البتيراء. ثم ساق عن عثمان أنه أوتر بركعة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال لعطاء: ألا أعلمك الوتر ؟ قلت: بلى. فقام فركع ركعة.
وإنما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا الأثر ليرد على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قوله، وكل من روي عنه الفصل بين الشفع وركعة الوتر بسلام يجيز الوتر بواحدة ليس قبلها شيء. قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: كان آل سعيد وآل nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر يسلمون في ركعتي الوتر ويوترون بركعة.
خامسها:
أكثر العلماء على أن الوتر سنة متأكدة، منهم علي nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والأئمة الثلاثة nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وعامة الفقهاء، وقال القاضي أبو الطيب: إنه قول العلماء كافة حتى nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد. قال: وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وحده: هو واجب وليس بفرض، فإن تركه حتى طلع الفجر أثم ولزمه القضاء. وقال أبو حامد في "تعليقه": الوتر سنة مؤكدة ليس بفرض ولا واجب، وبه قالت الأمة كلها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: هو واجب. وهو آخر أقواله، وعنه: فرض. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر. وسنة، وهو قول صاحبيه كما سلف.
[ ص: 174 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عنه: ليس فرضا، ولكن من تركه أدب وكانت جرحة في شهادته. ومال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون nindex.php?page=showalam&ids=12322وأصبغ فيما حكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي إلى وجوبه، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيما حكاه في "المغني" أن تاركه عمدا رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل شهادته. وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي أنه واجب على أهل القرآن دون غيرهم. وعن يوسف بن خالد السمتي شيخ الشافعي: واجب.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=15200المرغيناني الحنفي: لو اجتمع أهل قرية على ترك الوتر أدبهم الإمام وحبسهم، فإن امتنعوا قاتلهم. وفي "الذخيرة": يعصي في ظاهر الرواية. وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف: لا. وعند محمد: أحبه. وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: لا يجب القضاء.
وفي استحبابه قولان: أظهرهما: نعم. وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبي مصعب واللخمي: لا تقضى بعد الفجر وتقضى طلوع الشمس. لا تقضى عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك. حجة الجمهور حديث الأعرابي: لا أزيد على هذا ولا أنتقص قال - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=650044 "أفلح إن صدق" فيه أدلة أربعة إخباره أن [ ص: 175 ] الواجب الخمس فقط: هل علي غيرها ؟ قال "لا إلا أن تطوع" فصريحه أن الزيادة تطوع.
[ ص: 178 ] وادعى القرافي في "الذخيرة" أن الوتر في السفر ليس بواجب عليه، وفعله - صلى الله عليه وسلم - كان في السفر، وهو غريب، وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=64354كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض. ويزعم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك. وفي "المحيط" للحنفية: لا يجوز أن يوتر قاعدا مع القدرة على القيام، ولا على راحلته من غير عذر. وفي "المبسوط": يوتر عندهما - يعني: الصاحبين على الدابة - من غير ضرورة. وإنما لم يكفر جاحده للاختلاف. وفي nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي محسنا عن علي قال: ليس الوتر يحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت: الوتر أمر حسن جميل عمل به النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون من بعده، وليس بواجب. أخرجه [ ص: 179 ] nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ; ولأنها صلاة لا يشرع لها أذان ولا إقامة فلم تكن واجبة على الأعيان كالضحى وغيرها، واحترزنا بالأعيان عن الجنازة والنذر. والأحاديث التي استدلوا بها للوجوب محمولة على الاستحباب والتأكد، ولا بد من ذلك للجمع بينهما وبين الأحاديث التي استدللنا بها على عدم الوجوب، وقال تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [البقرة: 238] فأخبر أن لها وسطى. وإذا جعلنا الوتر واجبا لزمنا المحافظة على ست، وإنما هي خمس. وحديث الباب: nindex.php?page=hadith&LINKID=650936 "فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى" أي: توتر له تلك الصلاة، وصلاة الليل ليست بواجبة فكذا ما يوتر بها.
الحديث الثاني:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه بات عند nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة.. الحديث.
وقد سلف في باب: السمر في العلم، والتخفيف في الوضوء وغيرهما، ويأتي - إن شاء الله - في تفسير آل عمران بزيادة، ومما لم يتقدم هناك قوله: فاضطجعت في عرض وسادة. كذا في الرواية ; وفي رواية أخرى: الوسادة.
والعرض بفتح العين: ضد الطول، قال صاحب "المطالع": كذا لأكثرهم، ولبعضهم بضمها وهو: الناحية والجانب. والفتح أشهر. قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: وهي الفراش وشبهه. قال: وكان - والله أعلم - [ ص: 180 ] مضطجعا عند رجلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو رأسه. قال ابن الأثير: الوسادة: المخدة، والجمع: وسائد. وقد وسدته الشيء فتوسده. أي: جعلته تحت رأسه، وكذا هو في "الصحاح". وقال صاحب "المطالع": وقد قالوا إساد ووساد، واشتقاقهما واحد، والواو هنا بعد الألف ولعلها صورة الهمزة، والوساد: ما يتوسد إليه للنوم. يقال: إساد وإسادة ووسادة، وكانت هذه الوسادة آدم حشوها ليف كما في nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي. قال أبو الوليد: والظاهر أنه لم يكن عندهما فراش غيره، فلذلك ناموا جميعا فيه.
واستنبط بعضهم منه قراءة القرآن على غير وضوء ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - نام ثم استيقظ فقرأ قبل أن يتوضأ. أقول: ولا يصح ; لأن وضوءه - صلى الله عليه وسلم - لا ينتقض بالنوم كما هو معلوم، ولا شك أن الأولى قراءته على وضوء، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للذي قال له: أتقرأ وأنت على غير وضوء ؟ ! فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: من أفتاك بهذا، أمسيلمة الكذاب ؟ وكان الرجل فيما زعموا من بني حنيفة قد صحب مسيلمة ثم هداه الله للإسلام.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: فصنعت مثله. يحتمل كما قال ابن التين: أن يريد به جميع ما فعله - صلى الله عليه وسلم - على وجه الاقتداء به والمبادرة إلى الانتفاع لما يعلم منه.
[ ص: 181 ] وفيه: ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من التواضع كيف أمكنه.
وقوله: ( فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ). يحتمل أن يكون أراد بمسحه إزالة النوم عن وجهه أو إزالة الكسل به.
وقوله: ( ثم قرأ عشر آيات من آل عمران ). وفي رواية: العشر الآيات الخواتم منها. وفي أخرى: فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: إن في خلق السماوات والأرض [آل عمران: 190] إلى آخر السورة فيقتدى به ليبدأ يقظته بذكر الله تعالى، ويختمها به عند نومه.
وآخر شيء أنت أول هجعة. .. وأول شيء أنت عند هبوبي
فيذكر ما ندب إليه من العبادة وما وعد على ذلك من الثواب، وتوعد على المعاصي من العقاب، فإن الآيات المذكورة جامعة لكثير من ذلك، فينشط على العبادة.
وقوله: ( ثم صلى ركعتين.. ) إلى آخره. مقتضاه الفصل بين كل ركعتين بسلام.
واختلفت الآثار في اضطجاعه المذكور في هذا الحديث، فروي أن ذلك كان بعد وتره قبل أن يركع الفجر، وروي أن ذلك كان بعد ركوعه الفجر، وذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة.
وقوله: فقمت إلى جنبه. جاء أن ذلك على يساره فأخذ بأذنه فجعله عن يمينه.
الحديث الثالث: حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: "صلاة الليل مثنى مثنى".. الحديث. وقد سلف ما فيه.
الحديث الرابع: حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة.. الحديث.
وذكر بعض من لم يتأمل قوله أن رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة اضطربت في الحج والرضاع وصلاته بالليل وقصر الصلاة في السفر، وهو عجيب، فإنه راجع إلى اختلاف حالاته، وأغلبها: إحدى عشرة، ومرة وصلها: ثلاث عشرة، ومرة: خمس عشرة بإضافة الركعتين أول قيامه إليها وركعتي الفجر، أو ركعتي سنة العشاء، ولم يعتد بذلك في غيرها فلا تضاد إذن.
وقوله: ( ثم يضطجع على شقه الأيمن ) هذه الضجعة سنة، ويقوم مقامها الكلام، وعند المالكية: بدعة، وإنما فعلت للراحة. ووافقنا nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب، وشذ nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فأوجبها وجعلها شرطا للصحة - وستكون لنا عودة عند الكلام عليها - وكونها على الأيمن ; لأنه كان يستحب التيمن في شأنه كله.