[ ص: 243 ] قال شريك: فسألت أنسا أهو الرجل الأول ؟ قال: لا أدري. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2 \ 501]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب.. الحديث.
وقد سلف مختصرا ومطولا في الجمعة، وكرره في الباب مرات، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا.
ولنذكر هنا ما لم يسبق:
فقوله: ( دخل رجل من باب كان وجاه المنبر ) يعني: مستدبر القبلة، كذا قاله ابن التين، وليتأمل، وفي الرواية التي بعد هذا الباب: من باب كان نحو دار القضاء، وسميت دار القضاء ; لأنها بيعت في قضاء دين nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان أنفقه من بيت المال، وكتبه على نفسه، وأوصى ابنه عبد الله أن يباع فيه ماله، فإن عجز ماله، استعان ببني عدي ثم بقريش، فباعها nindex.php?page=showalam&ids=33لمعاوية وما له بالغابة، وقضى دينه، وكان ثمانية وعشرين ألفا، كذا قاله القاضي، والمشهور أنه كان ستة وثمانين ألفا. ونحوه، وهو في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره من أهل التاريخ، وكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم اختصروا فقالوا: دار القضاء، وهي دار مروان، وقيل: دار الإمارة وكأنه ظن أن المراد بالقضاء الإمارة.
[ ص: 244 ] وقوله: ( وقطعت السبل ) أي: الطرق، وفي رواية أبي ذر: وانقطعت، وهو أشبه كما قال ابن التين، قال: واختلف في معناه، فقيل: ضعفت الإبل لقلة الكلأ أن يسافر بها، وقيل: لأنها لا تجد في أسفارها من الكلأ ما يبلغها، وقيل: إن الناس أمسكوا ما عندهم من الطعام، ولم يجلبوه إلى الأسواق خوفا من الشدة.
وقوله: ( فادع الله يغيثنا ) كذا هو في جميع النسخ بضم الياء، وفي الحديث في الباب بعده: "اللهم أغثنا" بالألف رباعي من أغاث يغيث، والمشهور في كتب اللغة أنه إنما يقال في المطر: غاث الله الناس والأرض يغيثهم بفتح الياء. قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن بعضهم: المذكور هنا من الإغاثة بمعنى المعونة، وليس من طلب الغيث، إنما يقال في طلب الغيث: اللهم غثنا، ويحتمل كما قال القاضي أن يكون من طلب الغيث أي: هب لنا غيثا أو ارزقنا غيثا، كما يقال: سقاه الله وأسقاه: أي: جعل له سقيا على لغة من فرق بينهما. وقوله ( فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ).
وفيه: الاستسقاء في الجامع دون الصحراء، وقد أجاب الله دعاء نبيه فسقى وأسقى، وهو علم من أعلام نبوته، وجواز الاستسقاء من غير تحويل، والدعاء مستدبر القبلة ; لأنه لم يرد في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس هذا أنه [ ص: 245 ] استقبل القبلة في دعائه على المنبر، وإن جاء في حديث غيره، وفي رواية: فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه حذاء وجهه. وفيه: الاجتزاء بالدعاء عن الصلاة.
وقوله: "اللهم اسقنا" كرره ثلاثا ; لأن تثليث الدعاء مستحب.
وسلع - بفتح السين المهملة وسكون اللام -: جبل بقرب المدينة، ووقع لبعضهم فتح اللام، ولبعضهم بغين معجمة، وكله خطأ كما قال صاحب "المطالع". ومراد nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بذلك الإخبار عن معجزة هذا النبي العظيم، وعظيم قدره عند ربه، بإنزال المطر حالا، واستمراره سبعة أيام متوالية من غير تقدم سحاب، ولا قزع، ولا سبب آخر لا ظاهر ولا باطن، وهذا معنى قوله: ( وما بيننا وبين سلع من بيت ). وفي رواية: من دار، أي: نحن مشاهدون له من السماء، وليس هناك سبب للمطر أصلا، وشبه السحابة بالترس ; لكثافتها واستدارتها.
وقوله: ثم أمطرت كذا هو بالألف، وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: أمطرنا وهو صحيح، ودليل لمذهب الأكثرين المختار أنه يقال: مطرت وأمطرت لغتان في المطر رباعيا وثلاثيا بمعنى واحد، وقيل: لا: يقال أمطرت بالألف إلا في العذاب ; لقوله: وأمطرنا عليهم [الشعراء: 173]، [ ص: 246 ] وقوله: ( ما رأينا الشمس سبتا ) هو بسين مهملة، ثم باء موحدة، ثم مثناة فوق أي: قطعة من الزمان، وأصل السبت القطع وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي ( ستا ) وفسره ستة أيام وهو تصحيف.
وقوله: "اللهم على الآكام " قال أهل اللغة: الإكام - بكسر الهمزة - جمع أكمة، ويقال في جمعها: آكام بالفتح والمد، ويقال: أكم بفتح الهمزة والكاف، وأكم بضمهما، وهو دون الجبال، وقيل: تل، وقيل: أعلى من الرابية، وقيل: دونها.
والظراب - بالظاء المعجمة المكسورة - قال الفراء: جمع ظرب ساكن الراء، قال: وقيل: بكسر الراء، وهو الجبل المنبسط ليس بالعالي وعن nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي الظرب - بفتح الظاء وكسر الراء: الجبل الصغير، وكذا ذكره الجوهري بكسر الراء، وقيل: الآكام أصغر من الظراب وبخط الدمياطي: قيل: بكسر الظاء وسكون الراء. والأودية: أي التي تحمل الماء. ومنابت الشجر: التي تنبت الزرع والكلأ، يريد بالشجر: المرعى رغبة منه أن تكون الأمطار بحيث لا تضر بأحد كثرتها.
وفيه: الدعاء للدفع عن المنازل والمرافق عند الكثرة والضرر، ولا يشرع له صلاة، ولا اجتماع في الصحراء، وممن صرح به nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال حيث قال: ولا بروز فيه، ولا صلاة تفرد له، وإنما يكون الدعاء في الاستصحاء في خطبة الجمعة، أو في أوقات الصلوات وأدبارها، وقد سمى الله تعالى كثرة المطر أذى فقال: إن كان بكم أذى من مطر [النساء: 102] قال: ولا يحول الرداء في الاستصحاء أيضا.
[ ص: 247 ] وقوله: ( فانقطعت ). وفي أخرى: فانقلعت، باللام وهما بمعنى، وفيه معجزة ظاهرة لسيد الأمة في إجابة دعائه متصلا به، وأدبه في الدعاء ; فإنه لم يسأل رفعه من أصله، بل سأل رفع ضرره وكشفه عن البيوت والمرافق والطرق، بحيث لا يتضرر به ساكن، ولا ابن سبيل، وسأل بقاءه في موضع الحاجة، بحيث يبقى خصبه ونفعه، وهي بطون الأودية وغيرها من المذكور في الحديث، فيجب امتثال ذلك في نعم الله إذا كثرت، أن لا نسأل الله قطعها وصرفها عن العباد.
وقوله: ( فسألت أنسا أهو الرجل الأول ؟ قال: لا أدري ). كذا هنا، وفي باب الرفع: فأتى الرجل، وظاهره الأول، وفي باب: من اكتفى بالجمعة في الاستسقاء: جاء رجل في الأول، ثم قال: ثم جاء فقال.
وفي رواية: قام أعرابي. في الأول، ثم قال: فقام ذلك الأعرابي. وفي أخرى: أو قال غيره، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أنه الأول ذكرها في باب الرفع، وسيأتي.
قال ابن التين: ولعله تذكر بعد ذلك، أو نسي إن كان هذا الحديث قبل قوله: لا أدري هو الأول أم لا ؟