أما الحديث الأول فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا. قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: وهو غير مشبه لترجمة الباب، فإنه ليس فيه بيان عدد المغرب. قال: وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بيانه.
[ ص: 484 ] وأما الثاني فقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: رواه أبو صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث هكذا، فكأنه - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - لم يستجز في هذا الكتاب أن يروي عنه، إلا أنه رأى أن الإرسال عنه كأنه أقوى. قال: وهذا أمر عجيب إذ جعل إرساله هذا عن ضعيف يصحح ترجمة بقصده من الباب، وذكره لذلك، وروايته عنه لهذا الحديث غير مصحح ترجمة بابه. ثم ساقه من حديث أبي صالح ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بهذا، لا على هذا الطول، ولكن قال: إن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله يقيم صلاة المغرب فيصليها ثلاثا.
ثم ذكر باقي الحديث إلى قوله: ( ولا يسبح بعد العشاء حتى يقوم من جوف الليل ). قال: وقال nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم - أحد رواته -: حتى جوف الليل. ولم يقل: يقوم، ولا يقيم.
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، عن عبيد الله [بن عبد الله] بن عمر، عن أبيه أنه جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: وصلى المغرب ثلاث ركعات.
ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثله.
وسيأتي للبخاري من حديث أسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الجمع أيضا.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث ثمامة بن شراحيل قال: خرجت إلى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن [ ص: 485 ] عمر، فقلت: ما صلاة المسافر ؟ قال: ركعتين ركعتين إلا صلاة المغرب ثلاثا.
إذا عرفت ذلك فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
قوله: ( إذا أعجله السير ). كذا هنا، وفي رواية أخرى: عجل به السير، وأخرى: عجل في السير، وأخرى: عجل به أمر، وأخرى: أعجله السفر، وأخرى: حزبه أمر. وكلها متفقة المعنى ومقاربة.
وقوله: ( أعجله السير في السفر ) فيه زيادة إيضاح ; لئلا يتوهم أن السير لم يكن في سفر. والمراد سفر القصر ; لقرينة أحكام القصر والجمع والفطر ; ولئلا يظن أنه كان في ضواحي البلدة ومتنزهاتها، فإنه يسمى سيرا لا سفرا، ولأنه قد قيل: إن السير أحد ما يشتمل عليه اسم السفر، فأضاف لفظة السير إليه ; ليزول هذا الوهم.
الثاني:
فيه الجمع بين المغرب والعشاء، وسيأتي في بابه.
الثالث:
قوله: ( وكان استصرخ على امرأته صفية بنت أبي عبيد ). صفية هذه [ ص: 486 ] زوج nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر، كما صرح به، وجدها مسعود، الثقفية، أخت nindex.php?page=showalam&ids=8494المختار بن أبي عبيد، تابعية ثقة، استشهد بها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وأخرج لها الباقون سوى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وعمرت أزيد من ستين عاما، وكان أصابها شدة وجع فكتبت إليه.
كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: وهو في زراعة له: إني في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة.
وفي رواية: خرج في سفر يريد أرضا له، فأتاه آت فقال: إن صفية بنت أبي عبيد لما بها، فانظر أن تدركها، فخرج مسرعا ومعه رجل من قريش يسايره.
الرابع:
( فقلت له: الصلاة. فقال: سر ). فيه: ما كانوا عليه من مراعاة الأوقات، خوفا أن يكون نسي nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فذكره سالم.
وفيه: جواز تأخير البيان لقوله: ( سر ) مرتين، ثم بعد ذلك بين له بعد الصلاة.
الخامس:
قوله: ( يقيم المغرب، فيصليها ثلاثا ). فيه: ما ترجم له، وهو أنها لا تقصر، وهو إجماع. كما قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب ; لأنها وتر صلاة النهار، ولم يزد في الفجر ; لطول قراءتها، وقد روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كما أخرجه [ ص: 487 ] nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي. ومراده بالوتر: وتر النهار، فلو قصرت منها ركعة لم يبق وترا، وإن قصرت اثنتان صارت ركعة، فيكون إجحافا وإسقاطا للأكثر.
وذكر ابن أبي صفرة أن المغرب وحدها فرضت ثلاثا، بخلاف باقي الصلوات فرضت ركعتين ركعتين.
فيه: القصر في السفر المباح غير الحج والجهاد، كما وقع nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر أنه خرج إلى أرض له وفعله، وعلم ونقل فعل ذلك عن الشارع. وهو مذهب جماعة الفقهاء. وأبعد أهل الظاهر فخصوه بهما. وهو مروي [ ص: 488 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر روى السنة في ذلك عن الشارع، وفهم عنه معناها، وأن ذلك جائز في كل سفر مباح، ألا ترى قوله: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله السير يفعل. وهذا عام في كل سفر. فمن ادعى الخصوص فعليه البيان، ويقال لهم: إن الله تعالى قد فرق بين أحوال المسافرين في طلب الرزق، وفي قتال العدو في سقوط قيام الليل عنهم، فقال تعالى: فتاب عليكم إلى قوله: وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله [المزمل: 20]، فلما سوى بينهم تعالى في سقوط قيام الليل وجب التسوية بينهم في استباحة رخصة القصر في السفر، وهذا دليل لازم.
السابع:
قوله: ( ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء فيصليها ركعتين ). قال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي: هكذا في زيادة nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث. وفي رواية شعيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، أن ذلك عن فعل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من قول الراوي: ( ثم قلما يلبث ) لم يسنده، ورواية شعيب هنا ليس فيها هذا. وقد جاء في بعض طرق الحديث أنه كان صلاته بعد غروب الشفق. وفي رواية: ومعه - يعني nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رجل من قريش يسايره، وغابت الشمس فلم يقل: الصلاة. وعهدي، وهو يحافظ على الصلاة، فلما أبطأ قلنا: الصلاة [ ص: 489 ] يرحمك الله. فالتفت إلي ومضى حتى إذا كان آخر الشفق نزل فصلى المغرب، ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق، فصلى بنا ثم أقبل علينا.
وفي أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: ما جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط بين المغرب والعشاء في سفر إلا مرة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: هذا يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، لم ير nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر جمع بينهما قط، إلا تلك الليلة، يعني ليلة استصرخ على صفية. وفي رواية ( أنه فعل ) ذلك مرة أو مرتين.
وفي رواية واقد: حتى إذا كان قبل غروب الشفق نزل فصلى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق، فصلى العشاء ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عجل به أمر صنع مثل الذي صنعت، فسار في ذلك اليوم والليلة مسيرة ثلاث.
في قوله: ( إذا أعجله السير ). قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "المدونة": إذا جد به السير، وخاف فوات أمر، جمع بين المغرب والعشاء في أول وقتها، وهذا إذا لم يرتحل عند الزوال والغروب، فإن ارتحل بعدها فيجمع حينئذ، ولا يكون الجمع إلا بين صلاتين مشتركتين في الوقت.
فرع:
حد الإسراع الذي شرع فيه الجمع مبادرة ما يخاف فواته، والإسراع إلى ما يهمه. قاله أشهب.
هذا الجمع لضرورة قطع السفر، فأما الجمع للمطر فجائز عندنا تقديما لا تأخيرا، بشروط تذكر في كتب الفروع. وبغير عذر لا يجوز عند الجمهور، فإن فعل أعاد الثانية أبدا عند nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب: أحب أن لا يجمع بين الظهر والعصر إلا بعرفة. nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة [ ص: 491 ] منع الجمع إلا بعرفة والمزدلفة. دليلنا حديث معاذ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، فإن رحل قبل أن تزيغ أخر الظهر حتى ينزل للعصر، وفي المغرب والعشاء كذلك. حديث صحيح أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان.
قال ابن التين: والجمع بين الظهر والعصر على وجهين:
أحدهما: أن يرتحل عند الزوال فيجمع حينئذ.
والثاني: أن يرتحل قبله فيؤخر الظهر إلى آخر وقتها، ثم يصلي العصر في أول وقتها. ثم قال: ودليله حديث معاذ المتقدم، والحديث المذكور لا يطابقه.
فائدة:
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي في رواية شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بينهما، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث: بمزدلفة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: إذا أعجله السير يصلي المغرب ثلاثا ثم يسلم، ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء. وهذه أحوال، جمع مرة، وأخر العشاء مرة، وأما الجمع بمزدلفة فبعد مغيب الشفق للصلاتين.