حديث قزعة قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري أربعا قال : سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان قد غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثنتى عشرة غزوة .
وفي بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إيراده آخر الباب ، وكذا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مقطعا ، قطعة في الحج : "لا تسافر المرأة " إلى آخره ، ومثلها من حديث أبي صالح عنه ، وقطعة في الصيام ، وهي النهي عن صوم العيدين ، وأخرجاه من حديث يحيى بن عمارة عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي [ ص: 219 ] سعيد وقطعة في : "لا صلاة بعد الصبح " من حديث عطاء بن يزيد بن أبي سعيد ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا كذلك ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث قزعة عنه ، وقطعة الباب "لا تشد " أخرجها هنا مختصرا بدونها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي : أهمل ، ولم يبين تمامه . وأخرجها nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث قزعة أيضا في الحج ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أنه اختلف فيه على قزعة ، فذكره ، ثم قال : والصحيح قول من قال : قزعة عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ولم يذكر ما فيه ، ثم أتى بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بعد . يعني أنهما جميعا حدثا بالحديث . وقد ذكره بعد في باب : مسجد بيت المقدس ، وذكر الأربع وأنهن أعجبنه .
[ ص: 220 ] قال ابن التين : وأضاف إليهن ابن مسلمة رابعا ، وهو مسجد قباء .
وشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه nindex.php?page=showalam&ids=16604علي هو ابن المديني ، وشيخه nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان هو ابن عيينة . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : تفرد nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري واختلف عنه فذكره ، ثم قال : وكلها محفوظة عنه .
وحديثه الثاني أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا ، وقد رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة غير الأغر ، رواه عنه nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وأبو صالح ، والوليد بن رباح ، (م ) وعبد الله بن إبراهيم بن قارظ ، nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة ، وعطاء .
[ ص: 221 ] قال أبو عمر : لم يختلف على nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في إسناد هذا الحديث في "الموطأ " عن زيد بن رباح وعبيد الله بن عبد الله الأغر ، عن أبي عبد الله الأغر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
ورواه محمد بن مسلمة المخزومي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وهو غلط فاحش وإسناده مقلوب ، ولا يصح فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلا حديثه في "الموطأ " عن زيد . كما سلف .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من طرق متواترة كلها صحاح ثابتة ، وطرقه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني فأبلغ ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وميمونة ، وطرقه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير وإسناده حسن أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .
إذا تقرر ذلك فالكلام عليها من أوجه :
[ ص: 222 ] أحدها :
قوله : ( "مسجد الأقصى " ) هو من باب إضافة الموصوف إلى صفته ، وقد أجازه الكوفيون ، وتأوله البصريون على الحذف . أي : مسجد المكان الأقصى ، وسمي الأقصى ; لبعده عن المسجد الحرام .
ثانيها :
فيه فضيلة هذه المساجد الثلاثة وميزتها على غيرها ; لكونها مساجد الأنبياء عليهم السلام ، وتفضيل الصلاة فيها ، وشد الرحال -أي : سروج الجمال- إلى هذه المساجد الثلاثة ، وإعمال المطي إليها مشروع قطعا .
واختلفوا في الشد والإعمال إلى غيرها كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة ، ونحو ذلك ، فقال الجويني : يحرم شد الرحال إلى غيرها . وهو الذي أشار القاضي حسين إلى اختياره ، والصحيح عند أصحابنا ، وهو مختار الإمام والمحققين : أنه لا يحرم ولا يكره ، قالوا : والمراد : أن الفضيلة الثابتة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : هذا الحديث في النهي عن إعمال المطي ، إنما هو عند العلماء فيمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة المذكورة .
[ ص: 223 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : من نذر صلاة في مسجد لا يصل إليه إلا براحلة فإنه يصلي في بلده إلا أن ينذر ذلك في المساجد الثلاثة ، فعليه السير إليها ، وأما من أراد الصلاة في مساجد الصالحين والتبرك بها متطوعا بذلك ، فمباح له قصدها بإعمال المطي وغيره ، ولا يتوجه إليه النهي في الحديث .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : اللفظ لفظ خبر ومعناه الإيجاب فيما ينذره الإنسان من الصلاة في البقاع التي يتبرك فيها ، يريد أنه لا يلزم الوفاء بشيء من ذلك غير هذه المساجد .
[ ص: 224 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : اختلف العلماء فيما إذا نذر أن يصلي في هذه المساجد الثلاثة ، فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه يلزمه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا يلزمه بل يصلي حيث شاء . وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كالمذهبين . انتهى .
ولا يعترض بأن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة أعمل المطي إلى الطور ، فلما انصرف لقيه بصرة بن أبي بصرة ، فأنكر عليه خروجه وقال له : لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت ، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=703573 "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد " فدل أن مذهب بصرة حمل الحديث على العموم في [ ص: 225 ] النهي عن إعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة على كل حال ، فدخل فيه الناذر والمتطوع ; لأن بصرة إنما أنكر على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة خروجه إلى الطور ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة كان من أهل المدينة التي فيها أحد المساجد الثلاثة التي أمر بإعمال المطي إليها ، ومن كان كذلك فمسجده أولى بالإتيان .
وليس في الحديث أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة نذر السير إلى الطور ، وإنما ظاهره أنه خرج متطوعا إليه ، وكان مسجده بالمدينة أولى بالفضل من الطور ; لأن مسجد المدينة ومسجد بيت المقدس أفضل من الطور .
وقد اختلف العلماء فيمن كان بالمدينة فنذر المشي إلى بيت المقدس ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يمشي ويركب . زاد nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ويتصدق .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : يصلي في مسجد المدينة أو مكة ; لأنهما أفضل منه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : يقومان مقام مسجد بيت المقدس .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يمشي إلى مسجد المدينة والأقصى إذا نذر ذلك ، ولا يتبين لي وجوبه ; لأن البر بإتيان بيت الله فرض ، والبر بإتيان هذين نافلة .
وقال ابن التين : هذا الحديث دليل لنا على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فإنه أعمل المطي إليهما ، والصلاة فيهما قربة ، فوجب أن يلزم بالنذر كالمسجد الحرام ، وانفصل بعضهم بأن قال : قد تشد الرحال إلى المسجد الحرام فرضا للحج أو العمرة ، وفي مسجد المدينة للهجرة في حياته ، وكانت واجبة على الكفاية في قول بعض العلماء ، فأما إلى بيت المقدس فهي فضيلة .
وقد يتأول الحديث على أنه لا يعتكف إلا في هذه المساجد الثلاثة فيرحل إليها ، وهو قول بعض السلف .
فرع :
إذا لزم المضي إليهما ، فهل يلزمه المشي ؟
[ ص: 227 ] في "المدونة " : يأتيهما راكبا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : ماشيا وإن بعد .
وقيل : إن كان قريبا بالأميال مشى . وقيل : لا يمشي وإن كان ميلا ، وأما المسجد الحرام فإنه يأتيه ماشيا .
ثالثها :
اختلف العلماء في تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=651116 "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام " ومعناه كما قال أبو عمر ، فتأوله قوم ، منهم ابن نافع صاحب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على أن الصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بدون ألف درجة ، وأفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة ، وقال به جماعة من المالكيين ، ورواه بعضهم عن مالك .
وذكر أبو يحيى الساجي قال : اختلف العلماء في تفضيل مكة على المدينة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : مكة أفضل البقاع كلها ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والمكيين والكوفيين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والمدنيون : المدينة أفضل من مكة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : اختلف في استثناء المسجد الحرام : هل ذلك أن المسجد الحرام أفضل من مسجده - صلى الله عليه وسلم - ، أو هو ; لأن المسجد الحرام أفضل من غير مسجده ؟ فإنه أفضل المساجد كلها والجوامع .
[ ص: 228 ] وهذا الخلاف في أي البلدين أفضل ؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وبعض الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأكثر المدنيين إلى تفضيل المدينة ، وحملوا الاستثناء على تفضيل الصلاة في مسجد المدينة بألف صلاة على سائر المساجد ، إلا المسجد الحرام فبأقل من الألف ، واحتجوا بما قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه .
ولا يقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر هذا من تلقاء نفسه ، ولا من اجتهاده ، فعلى هذا تكون فضيلة مسجده على المسجد الحرام بتسعمائة وعلى غيره بألف .
وذهب الكوفيون والمكيون nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب nindex.php?page=showalam&ids=13055وابن حبيب من أصحابنا إلى تفضيل مكة ، واحتجوا بما زاد nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ وغيره في هذا الحديث من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير بعد قوله : "إلا المسجد الحرام " قال : "وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة " .
قال : وهذا الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد وقال فيه : "بمائة ألف صلاة " وهذه الروايات منكرة لم تشتهر عند الحفاظ ، ولا خرجها أصحاب الصحيح ، ولا شك أن المسجد الحرام مستثنى من قوله : "من المساجد " وهي بالاتفاق مفضولة ، والمستثنى من المفضول مفضول إذا سكت عليه ، فالمسجد الحرام مفضول ، لكنه (يقال ) : مفضول بألف ; لأنه قد استثناه منها ، فلا بد أن يكون له مزية على غيره من المساجد ولم يعينها الشرع ، فيوقف فيها ، أو يعتمد على قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
[ ص: 229 ] قال : ويدل على صحة ما قلناه زيادة عبد الله بن قارظ بعد قوله : "إلا المسجد الحرام " : "فإني آخر الأنبياء ، ومسجدي آخر المساجد " فربط الكلام بفاء التعليل مشعر بأن مسجده إنما فضل على المساجد كلها ; لأنه متأخر عنها ، ومنسوب إلى نبي متأخر عن الأنبياء في الزمان ، فتدبره .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : أجمعوا على أن موضع قبره - صلى الله عليه وسلم - أفضل بقاع الأرض .
[ ص: 230 ] قال أبو عمر : وأما تأويل ابن نافع فبعيد عند أهل المعرفة باللسان ويلزمه أن يقول : إن الصلاة في مسجد الرسول أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بتسعمائة ضعف ، وتسعة وتسعين ضعفا .
وإذا كان هكذا ، لم يكن للمسجد الحرام فضل على سائر المساجد إلا بالجزء اللطيف على تأويل ابن نافع .
ثم ساق بإسناده إلى nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن ابن عتيق ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يقول : صلاة في المسجد الحرام خير من مائة ألف صلاة فيما سواه -يعني من المساجد- إلا مسجد رسول الله .
فهذا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير ، ولا مخالف لهما من الصحابة يقول : تفضل الصلاة في المسجد الحرام على مسجد المدينة .
وتأول بعضهم هذا الحديث أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على أن الصلاة في مسجد المدينة خير من تسعمائة صلاة في المسجد الحرام ، وهذا تأويل لا يعضده أصل .
وزعم بعض المتأخرين أن الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة ، ومن غيره بألف صلاة ،
[ ص: 231 ] واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر المذكور . قال : وهذا لا حجة فيه ; لأنه مختلف في إسناده وفي لفظه ، وقد خالفه فيه من هو أثبت منه .
واستدلوا بحديث سليمان بن عتيق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يقول : صلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنها فضيلة عليه بمائة صلاة . فهذا حديث سليمان فيه من نقل الثقات نصا خلاف ما تأولوه .
وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الذي فيه أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - . قال : وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر مثل ذلك بزيادة : "وفي بيت المقدس بخمسمائة " .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : ما للمرأة أفضل من صلاة بيتها إلا المسجد الحرام .
وهذا تفضيل منه للصلاة فيه على الصلاة في مسجد الرسول ; وقد قال لأصحابه : "صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة " .
وقد اتفق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وسائر العلماء على أن صلاة (الفرض ) يبرز لها في كل بلد إلا مكة فإنها تصلى في المسجد الحرام . فهذا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وعلي ،
[ ص: 232 ] nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر يفضلون مكة ومسجدها ، وهم أولى بالتقليد ممن تقدمهم .
وركبوا عليه قوله : "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها " ولا دلالة فيه كما قال أبو عمر ; لأن قوله هذا إنما أراد ذم الدنيا والزهد فيها ، والترغيب في الآخرة ، فأخبر أن اليسير من الجنة خير من الدنيا كلها ، وأراد بذكر السوط على التقليل ، بل موضع نصف سوط من الجنة الباقية خير من الدنيا الفانية . قال : وإني لأعجب ممن ترك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ وقف بمكة على الحزورة ، وقيل : على الحجون ، فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=907422 "والله إني لأعلم أنك خير أرض الله ، وأحبها إلى الله ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " وهذا حديث صحيح . وقد سلف .
[ ص: 233 ] وذكره من طريق عبد الله بن عدي بن الحمراء ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
قال : وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ما يدل على أن مكة أفضل الأرض كلها .
لكن المشهور عن أصحابه في مذهبه تفضيل المدينة . وكان مالك يقول : من فضل المدينة على مكة أني لا أعلم بقعة فيها قبر نبي معروف غيرها . كأنه يريد ما لا يشك فيه .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : اختلفوا في دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر : سمعته يقول : "لا يقبض نبي إلا في أحب الأمكنة إليه " فقال : ادفنوه حيث قبض . وفي لفظ : حيث قبضه الله ; فإنه لم تقبض روحه إلا في مكان طيب .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في أواخر "تمهيده " عن nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخرساني أن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة ، فيخلق من التراب ومن النطفة ، فذلك قوله تعالى : منها خلقناكم الآية [طه : 55] واختلف هل يراد بالصلاة هنا الفرض أو [ ص: 234 ] أعم منه ؟ وإلى الأول ذهب nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، وإلى الثاني ذهب مطرف من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . ومذهبنا أنه أعم .
فتقرر أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف هذا ما نعتقده ، وفي مسجد المدينة بألف . وقد أسلفنا عن الأقصى أنها بخمسمائة ، وفي حديث أبي ذر بمائتين وخمسين صلاة .
وفي حديث ميمونة بألف ، وهو من باب الترقي والفضل ، كما نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .
ثم النافلة في البيوت أفضل من صلاتها في المساجد الثلاثة ، ثم هذا فيما يرجع إلى الثواب ، ولا يتعدى إلى الإجزاء عن الفوائت ، حتى لو كان عليه صلاتان فصلى في المسجد الحرام صلاة لم تجزئه عنهما بالاتفاق . ثم الفضيلة في الصلاة في مسجده خاص بنفس مسجده [ ص: 235 ] الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده ، فيحرص المصلي على ذلك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : كلا الطائفتين في تفضيل مكة والمدينة يرغب لحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : "صلاة في مسجدي هذا " إلى آخره . ولا دلالة فيه أو أحد منهما ، وإنما يفهم منه أن صلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد .
ثم استثنى المسجد الحرام . وحكم الاستثناء عند أهل اللسان إخراج الشيء بما دخل فيه هو وغيره بلفظ شامل لهما ، وإدخاله فيما خرج منه هو وغيره بلفظ شامل لهما .
وقد مثل بعض أهل العلم بلسان العرب الاستثناء في الحديث بمثال بين معناه .
فإن قلت : اليمن أفضل من جميع البلاد بألف درجة إلا العراق ، جاز أن يكون العراق مساويا لليمن ، وجاز أن يكون فاضلا ، وأن يكون مفضولا . فإن كان مساويا فقد علم فضله ، وإن كان فاضلا أو مفضولا لم يقدر مقدار المفاضلة بينهما إلا بدليل على عدة درجات ، إما زائدة على ذلك ، أو ناقصة عنها ، فيحتاج إلى ذكرها .
واحتج من فضل مكة من طريق النظر أن الرب جل جلاله فرض على عباده قصد بيته الحرام مرة في العمر ، ولم يفرض عليهم قصد مسجد المدينة .
قالوا : ومن قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن من نذر الصلاة في مسجد المدينة [ ص: 236 ] والمشي إليه ، أنه لا يلزمه المشي إليه ، وعليه أن يأتيه راكبا ، ومن نذر المشي إلى مكة ، فإنه يمشي إليها ولا يركب ، فدل هذا من قوله أن مكة أفضل ; لأنه لم يوجب المشي إليها إلا لعظيم حرمتها ، وكبير فضلها . والمراد بقوله : "خير من ألف صلاة " أنها أكثر ثوابا . قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : وذلك إذا كان عدد الرجال المصلين فيه دون ذلك ، وأما إن كانوا أكثر من ذلك فالثواب على عدد تضعيفهم . وكذلك قال في تضعيف صلاة الجماعة بخمسة وعشرين جزءا في مسجد أو غيره على صلاة الفذ .
قال : وفي صلاة المسجد الحرام بمائة ألف فيما سواه ، وهذا سلف ، وفي مسجد إيلياء بخمسمائة على ما سواه ، وفي الجامع حيث المنبر والخطبة بخمس وسبعين على ما سواه من المساجد . قال في ذلك كله : إن كانوا أكثر مما في الموضع من التضعيف كان التضعيف على العدد ، وإن كانوا أقل أو مثل ذلك فعلى ما جاء فيه . قال : وبذلك جاءت الروايات .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : لا يتابع خثيم في ذكر مسجد الخيف ، ولا يعرف له سماع من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
[ ص: 237 ] ومن الموضوعات من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده إلحاق مسجد الجند بالثلاثة . وقد أسلفنا عن ابن التين أن ابن مسلمة أضاف إليهن رابعا ، وهو : مسجد قباء .
فائدة :
فضلت مكة المدينة من وجوه :
وجوب قصدها للحج والعمرة ، وهما واجبان .
ووجوب الإحرام لهما .
إقامته بمكة ثلاث عشرة أو خمس عشرة بخلاف المدينة فإنه عشر سنين .
أنها أكثر طارقا من المدينة سيما من الأنبياء والمرسلين ، آدم فمن دونه الذين حجوها .
التقبيل والاستلام .
وجوب استقبال كعبتها حيثما كنا .
حرمة استدبارها واستقبالها عند قضاء الحاجة .
أن حرمتها يوم خلق الله السماوات والأرض .
بوأها الله تعالى لإبراهيم ، وابنه إسماعيل . ومولدا لسيد الأمة . حرما آمنا في الجاهلية والإسلام .