وحديث خبيب بن عبد الرحمن -بضم الخاء المعجمة- عن nindex.php?page=showalam&ids=15728حفص بن عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . . . بمثله وزاد : "ومنبري على حوضي " .
أخرجهما nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الحج ، والثاني يأتي في الحج ، والحوض ، والاعتصام .
وروى الثاني nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به ، لكنه قال : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أو nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ،
[ ص: 248 ] وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى ، nindex.php?page=showalam&ids=15903وروح بن عبادة فقالا : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد من غير شك .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بإسقاط nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد . والحديث محفوظ nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة ، نبه على ذلك أبو عمر .
إذا تقرر ذلك ، فالصحيح في الرواية : "بيتي " وروي مكانه : "قبري " ، وجعله بعضهم تفسيرا و "بيتي " ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، والظاهر بيت سكناه ، والتأويل الآخر جائز ; لأنه دفن في بيت سكناه . وروي : "ما بين حجرتي ومنبري " والقولان متفقان ; لأن قبره في حجرته ، وهي بيته .
وقام الإجماع على أن قبره أفضل بقاع الأرض كلها ، والروضة في كلام العرب : المكان المطمئن من الأرض فيه النبت والعشب . وحمل كثير من العلماء الحديث على ظاهره فقالوا : ينقل ذلك الموضع بعينه إلى الجنة ، قال تعالى : وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء [الزمر : 74] دلت أن الجنة تكون في الأرض يوم القيامة ، ويحتمل أن يريد به أن العمل الصالح في ذلك الموضع يؤدي بصاحبه إلى الجنة كما قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=930731 "ارتعوا في رياض الجنة " يعني : حلق الذكر والعلم لما كانت مؤدية [ ص: 250 ] إلى الجنة ، فيكون معناه التحريض على زيارة قبره - رضي الله عنه - ، والصلاة في مسجده ، وكذا : nindex.php?page=hadith&LINKID=652607 "الجنة تحت ظلال السيوف " واستبعده ابن التين ، وقال : يؤدي إلى السفسطة والشك في العلوم الضرورية . وقال : إنها من رياض الجنة الآن ، حكاه ابن التين ، وأنكره . قال : والعمل على التأويل الثاني يحتمل وجهين :
أحدهما : أن اتباع ما يتلى فيه من القرآن والسنة يؤدي إلى رياض الجنة ، فلا يكون فيها للبقعة فضيلة إلا لمعنى اختصاص هذه المعاني دون غيرها .
والثاني : أن يريد أن ملازمة ذلك الموضع بالطاعة يؤدي إليها ; لفضيلة الصلاة فيه على غيره . قال : وهو أبين ; لأن الكلام إنما خرج على تفضيل ذلك الموضع ، وذلك أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا في "موطئه " أدخله في فضل الصلاة في مسجده على سائر المساجد ، ويشبه أن يكون تأول هذا الوجه ، وإنما خصت الروضة بهذا ; لأنها ممره بينه وبين منبره ، ولصلاته فيها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معنى الحديث تفضيل المدينة ، وخصوصا البقعة [ ص: 251 ] التي بين البيت والمنبر ، يقول : من لزم الطاعة فيها آلت به إلى روضة من رياض الجنة ، ومن لزم العبادة عند المنبر سقي في الجنة من الحوض .
وقال أبو عمر : كأنهم يعنون أنه لما كان جلوسه ، وجلوس الناس إليه يتعلمون القرآن والدين والإيمان هناك شبه ذلك الموضع بروضة لكريم ما يجتبى فيه ، وإضافتها للجنة ; لأنها تقود إليها كما قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=652607 "الجنة تحت ظلال السيوف " ، يعني أنه عمل يوصل بذلك إلى الجنة ، وكما يقال : الأم باب من أبواب الجنة . يريد أن برها يوصل المسلم إلى الجنة . مع أداء فرائضه ، وهذا جائز شائع مستعمل في لسان العرب تسمية الشيء بما يئول إليه ويتولد عنه .
قال : وقد استدل أصحابنا على أن المدينة أفضل من مكة بهذا الحديث ، وركبوا عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=702577 "لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها " . ولا دليل فيه ، وقد سلف . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( "ومنبري على حوضي " ) أي : بجانبه ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي . قال ابن التين : وفيه نظر . وفي رواية أخرى سلفت : "على ترعة من ترع الجنة " والترعة : الدرجة .
والأظهر : أن المراد به منبره الذي كان يقوم في الدنيا عليه ، يعيده الله بعينه ، ويرفعه ، ويكون في الحوض ، ونقله القاضي عن أكثر العلماء .
وقيل : إن له هناك منبرا على حوضه يدعو الناس إليه . وإن كان ابن [ ص: 252 ] التين قال : إنه ليس بالبين ، إذ ليس في الخبر ما يقتضيه . وقد قدمنا عنه استبعاد تأويل ما سلف ، وقال : إنه سفسطة ، فكيف تأول هنا بأن لزومه الطاعة يؤدي إلى ورود حوضه ؟ بل يمره على ظاهره ، ولا مانع من ذلك . وقيل : معناه أن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة فيه يورد صاحبه الحوض ، ويقتضي شربه منه . وسيأتي الكلام على حوضه في بابه إن شاء الله .
وللباطنية في هذا الحديث من الغلو والتحريف ما لا ينبغي أن يلتفت إليه ، كما نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي ، ففي الصحيح : أن في أرض المحشر أقواما على منابر ; تشريفا لهم وتعظيما كما قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=687049 "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة " ، وإذا كان ذلك في أئمة العدل ، فأحرى الأنبياء ، وإذا كان ذلك للأنبياء فأولى بذلك سيدهم ، فيكون منبره بعينه ، ويزاد فيه ويعظم ويرفع وينور على قدر منزلته ، حتى لا يكون لأحد في ذلك اليوم منبر أرفع منه لسيادته وسؤدده .
والإيمان بالحوض عند جماعة علماء المسلمين واجب الإقرار به ، وقد نفاه أهل البدع من الخوارج والمعتزلة ، فإنهم لا يصدقون لا بالشفاعة ولا بالحوض ولا بالدجال . ثم ذكر أحاديث الحوض من طرق .
والحوض هو : الكوثر . حافتاه قباب اللؤلؤ وتربته المسك ، وفيه آنية لا يعلم عددها إلا الله ، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا ، وفيما أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري دلالة واضحة على ما ترجم له ، وهو فضل ما بين القبر والمنبر ، وتفسير القبر بالبيت .