هذا الحديث تقدم في باب : ما جاء في القبلة ، وهذا الحديث دال لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، وقد تقدم من أدلة من رجح أنه قبل السلام حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أرسله .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لا مزيد على إسناده في الجودة ، وكذا ما في معناه ، والخبر السالف اضطرب في وصله وإرساله .
وحاصل المذاهب سبعة :
كله بعد السلام ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة .
كله قبله ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
الزيادة بعد والنقص قبل .
وكذا إذا اجتمعا ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
المتيقن أنه نقص والسهو المشكوك فيه قبله ، والمتيقن أنه زيادة بعد ، قاله ابن لبابة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي نحوه عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
[ ص: 346 ] الكل سواء ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "المجموعة " .
واختلف العلماء فيمن قام إلى خامسة ، فقالت طائفة بظاهر هذا الحديث : إن ذكر وهو في الخامسة قبل كمالها رجع وجلس وتشهد وسلم ، وإن لم يذكر إلا بعد فراغه من الخامسة ; فإنه يسلم ويسجد للسهو وصلاته مجزية عنه ، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إذا صلى الظهر خمسا ساهيا نظر ; فإن لم يقعد في الرابعة قدر التشهد فإن صلاة الفرض قد بطلت ، ويضيف إلى الخامسة سادسة ، وتكون نافلة ، ويعيد الفرض ، وإن جلس في الرابعة مقدار التشهد فصلاته مجزئة ويضيف إلى الخامسة سادسة ، وتكون الخامسة والسادسة نفلا ، وإن ذكر وهو في الخامسة قبل أن يسجد فيها ولم يكن جلس في الرابعة رجع إليها فأتمها كما يقول ، وسجد للسهو بعد السلام .
[ ص: 347 ] ولا ينفك أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في هذا الحديث عن أحد وجهين : إما أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قعد في الرابعة قدر التشهد ، فإذا سجد ولم يزد على الخامسة سادسة أو لم يقعد فإنه لم يعد الصلاة ، وهم يقولون قد بطلت صلاته ، ولو كانت باطلة لم يسجد - صلى الله عليه وسلم - للسهو ، ولأعاد الصلاة .
وعبارة شيخنا قطب الدين في تحرير مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : ذهب أصحابه إلى أنه إن سها عن القعدة حتى قام إلى الخامسة رجع إلى القعدة ما لم يسجد للخامسة ، وذلك لأنه لم يستحكم خروجه من الفرض وألغى الخامسة ; لأن ما دون الركعة ليس له حكم الصلاة بدليل النهي ، ويسجد للسهو لتأخير الواجب ، وإذا قيد الخامسة بسجدة استحكم دخوله في ركعة كاملة في النفل فخرج به عن الفرض قبل تمامه فبطلت صلاته ، وإن كان قعد في الرابعة مقدار التشهد ثم سها وقام إلى الخامسة وقيدها بسجدة ضم إليها ركعة أخرى ، وتمت صلاته ، وكانت الركعتان له نافلة ويسجد للسهو .
قالوا : وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود محمول عندهم على ما إذا قعد في الرابعة مقدار التشهد ، وذلك لأن الراوي قال : صلى خمسا . ولا ظهر بدون ركنه وهو القعدة الأخيرة .
قال السرخسي منهم :
وإنما قام إلى الخامسة على ظن أن هذه القعدة الأولى ، والصحيح أنهما لا ينوبان عن سنة الظهر ; لأن شروعه فيهما لم يكن عن قصد ، وفي صلاة العصر لا يضم إلى الخامسة ركعة أخرى بل يقطع التنفل بعد الفرض .
[ ص: 348 ] وروى هشام عن محمد أنه يضيف إليها ركعة أخرى ، وكذا روى الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وهو الصحيح ; لأن الكراهة إنما تقع إذا كان التنفل بعده عن قصد .
وفي "قاضي خان " : إذا قام قدر التشهد ، روى البلخي عن أصحابنا أنه لا يتابعه القوم ; لأنه أخطأ بيقين ، ولكن ينتظرونه قعودا حتى يعود ، ويسلموا معه ، فإن قيد الخامسة بالسجدة سلم القوم .
ثم الحديث دال لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد والجمهور أن من زاد في صلاته ركعة ناسيا لا تبطل صلاته ، بل إن علم بعد صلاته فقد مضت صلاته صحيحة ، ويسجد للسهو إن ذكر بعد السلام بقريب ، وإن طال فالأصح عندنا أنه لا يسجد ، وإن ذكر قبل السلام عاد إلى القعود ، سواء كان في قيام أو ركوع أو سجود أو غيرها ، ويتشهد ويسجد للسهو ويسلم .
والزيادة على وجه السهو لا تبطل الصلاة ، سواء قلت أو كثرت إذا كانت من جنس الصلاة ، فلو زاد ركوعا أو سجودا أو ركعة أو ركعات كثيرة ساهيا فصلاته صحيحة في كل ذلك ، ويسجد للسهو استحبابا لا إيجابا .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه إن زاد نصف الصلاة لم تبطل صلاته بل هي صحيحة ويسجد للسهو ، وإن زاد النصف فأكثر فمن أصحابه من أبطلها ، وهو قول مطرف nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم ، ومنهم من قال : إن زاد ركعتين بطلت ، وإن زاد ركعة فلا ، وهو قول عبد الملك وغيره .
[ ص: 349 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة : متى قام إلى خامسة في الرباعية أو إلى رابعة في المغرب أو إلى ثالثة في الصبح لزمه الرجوع متى ما ذكر فيجلس ، فإن كان قد تشهد عقب الركعة التي تمت بها صلاته سجد للسهو وسلم ، وإن كان ما تشهد تشهد وسجد للسهو ثم سلم ، وذكر قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقال : ونحوه قال nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان ، قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي فيمن صلى المغرب أربعا : يضيف إليها أخرى ، فتكون الركعتان تطوعا ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : "ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم " ، "وإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان " ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وفي nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : "كانت الركعة له نافلة وسجدتان " ، ولنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، يعني هذا . ثم قال : والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجلس عقب الأربعة ; لأنه لم ينفل ، ولأنه قام إلى خامسة معتقدا أنه قام عن ثالثة ، ولم تبطل صلاته بهذا ، ولم يضف إلى الخامسة أخرى ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد حجة عليهم أيضا ، فإنه جعل الزائدة نافلة من غير أن يفصل بينها وبين التي قبلها بجلوس ، وجعل السجدتين يشفعانها ولم يضم إليها ركعة أخرى .
ثم في بعض طرق هذا الحديث فقال : أزيد في الصلاة شيء ؟ فقال : "إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون ، وأنسى كما تنسون ، فإذا نسي [ ص: 350 ] أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس " . ثم تحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد .
وهو مما يستشكل ظاهره ; لأن ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لهم هذا الكلام بعد أن ذكر أنه زاد أو نقص قبل أن يسجد للسهو ، ثم بعد أن قاله سجد للسهو ، ومتى ذكر كذلك فالحكم أنه يسجد ولا يتكلم ، ولا يأتي بمناف للصلاة ، والجواب عنه من أوجه :
أحدها : أن (ثم ) هنا ليست لحقيقة الترتيب ، وإنما هي لعطف جملة على جملة ، وليس معناه أن التحويل والسجود كان بعد الكلام ، بل إنما كانا قبله .
ويؤيده أنه جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود هذا : فزاد أو نقص ، فلما سلم قيل له : يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيء ؟ قال : "وما ذاك ؟ " قالوا : صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه واستقبل القبلة ، فسجد سجدتين ثم سلم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : "إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ، ولكن إنما أنا بشر " الحديث .
وهي صريحة أن التحول والسجود كان قبل الكلام فتحمل الثانية عليها جمعا بين الروايتين ، وحمل الثانية على الأولى أولى من عكسه ; لأن الأولى على وفق القواعد .
ثانيها : أن يكون هذا قبل تحريم الكلام .
ثالثها : أنه وإن كان عامدا بعد السلام لا يضره ، وهو أحد وجهي أصحابنا ، أنه إذا سجد لا يصير عائدا إلى الصلاة حتى لو أحدث فيه لا تبطل صلاته ، والأصح : نعم .
[ ص: 351 ] وقولهم : أزيد في الصلاة ؟ سؤال من جوز النسخ على ما ثبت من العبادة ، ويدل على هذا أنهم كانوا يتوقعونه .
وقوله : "وما ذاك ؟ " سؤال من لم يشعر ما وقع منه ، ولا يقين عنده ولا غلبة ظن .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : إخبار ذي اليدين أن الشارع تكلم على أن الصلاة قد تمت ، وذو اليدين توهم أن الصلاة ردت إلى الفريضة الأولى فتكلم على أنه في غير صلاة ، وأن صلاته قد تمت ، فلما استثبت - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، كان من استثباته على يقين أنه قد أتمها ، وجواب الصحابة له ; لأنه كان من الواجب الإجابة عليهم ، وإن كانوا في الصلاة ، فأما اليوم فالوحي قد انقطع وأقرت الفرائض ، فإن تكلم الإمام ، وعنده أن الصلاة قد تمت بعد السلام لم تبطل ، وإن سأل المأمومين فأجابوه بطلت ، وإن سأل بعض المأمومين الإمام عن ذلك بطلت صلاته ، والعلة في سهو الشارع التعلم .