وذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، قال : اشتكى ابن nindex.php?page=showalam&ids=86لأبي طلحة ، فمات nindex.php?page=showalam&ids=86وأبو طلحة خارج . . الحديث ، وفي آخره : "لعل الله أن يبارك لهما في ليلتهما " . قال سفيان : فقال رجل من الأنصار : فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن .
الشرح :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس هذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم في "مستخرجه " : يقال : إن هذا مما تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقال المزي : هذا حديث غريب تفرد به بشر بن الحكم يعني : شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قيل : لم يروه أحد عنه غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وكأنهما [ ص: 567 ] يشيران إلى التفرد بالسند لا المتن ; لأن المتن رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عندهما nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين ، وثابت عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وحميد عند أبي نعيم ، وعبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري : فقال - صلى الله عليه وسلم - : "أعرستم الليلة ؟ " قال : نعم ، قال : "اللهم بارك لهما " . فولدت غلاما فقال لي nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة : أحمله حتى تأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبعث معه بتمرات ، فحنكه وسماه عبد الله . nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم : لما مات قالت لأهلها : لا تخبروا nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أخبره ، فجاء فقربت له عشاء ، فأكل وشرب ، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك ، فوقع بها ، فقالت : يا nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة ، أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ، ألهم أن يمنعوهم ؟ قالت : فاحتسب ابنك . الحديث .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن ثابت ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه لما جامعها قالت له ذلك ، nindex.php?page=showalam&ids=13779وللإسماعيلي : وكان nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة صائما . nindex.php?page=showalam&ids=13933وللبيهقي : وكان nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة يحب الابن ، nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود : "يبارك لكما في غابر ليلتكما " .
إذا تقرر ذلك ، فالكلام على ذلك من أوجه :
أحدها :
البث في الآية : أشد الحزن قال بعض السلف : قول العبد : إنا لله وإنا إليه راجعون . كلمة لم يعطها أحد قبل هذه الأمة ، ولو علمها [ ص: 568 ] يعقوب لم يقل : يا أسفى على يوسف [يوسف : 84] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : لم تعط أمة من الأمم ما أعطيته هذه الأمة من الاسترجاع ، ثم تلا هذه الآية : يا أسفى على يوسف .
الثاني :
هذا الابن المتوفى هو أبو عمير صاحب النغير ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان والخطيب وغيرهما ، ولما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وسماه قال : صحيح على شرطهما . و (فيه ) سنة غريبة في إباحة صلاة النساء على الجنائز . فإن فيه أن أم سليم ، كانت خلف nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة ، nindex.php?page=showalam&ids=86وأبو طلحة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لم يكن معهم غيرهم .
الثالث :
هدأ -بالهمز- سكن ، ومنه هدأت الرجل : إذا نام الناس . وأهدأت المرأة ولدها : سكتته لينام ; لأن النفس كانت قلقة شديدة الانزعاج بالمرض ، فسكنت بالموت ، ولذلك قالت : أرجو أن يكون قد استراح .
وقولها : (أرجو أن يكون قد استراح ) من حسن المعاريض وهو ما احتمل معنيين ، فإنها أخبرت بكلام لم تكذب فيه ، ولكن ورت به عن المعنى الذي كان يحزنها ، ألا ترى أن نفسه قد هدأ كما قالت بالموت وانقطاع النفس ، وأوهمته أنه استراح قلقه ، وإنما استراح من نصب الدنيا وهمها .
[ ص: 569 ] الرابع :
فيه منقبة عظيمة لأم سليم بصبرها ورضاها بقضاء الله تعالى .
الخامس :
فلما أصبح اغتسل . فيه : تعريض بالإصابة ، وقد صرح بها في بعض الروايات ، وقوله : ( "لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما " ) يحتمل أن يكون خبرا ودعاء ، فأجاب الله تعالى قوله ، فحملت تلك الليلة بعبد الله بن أبي طلحة ، والد إسحاق ، راوي الحديث ، فحنكه - صلى الله عليه وسلم - وسماه ، وكان من خير أهل زمانه ، وآتاهما الله تعالى ذلك لصبرهما ، والذي لهما عند الله أعظم .
السادس :
الأولاد الذين أشار إليهم سفيان ، هم : nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم ، وعمير ، وزيد ، وإسماعيل ، ويعقوب ، وإسحاق ، ومحمد ، وعبد الله ، وإبراهيم ، nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر ، وعمارة ، وعمر ، ذكرهم nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي ، وعدتهم اثنا عشر .
السابع :
وهو فقه الباب : عدم إظهار الحزن عند المصيبة ، وترك ما أبيح لي من إظهار الحزن الذي لا إسخاط فيه لله تعالى ، كما فعلت أم سليم فإنها اختارت الصبر ، ومن قهر نفسه وغلبها على الصبر ممن تقدم ذكره في الباب قبل هذا فهو آخذ بأدب الرب جل جلاله في قوله : ولئن صبرتم لهو خير للصابرين [النحل : 126] .
أن من ترك شيئا لله تعالى ، وآثر ما ندب إليه ، وحض عليه من جميل الصبر ، أنه معوض خيرا بما فاته ، ألا ترى قوله : (فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن ) . ولقد أخذت أم سليم في الصبر إلى أبعد غاية ، على أن النساء أرق أفئدة ; لأنا نقول : إن ما في نسائها ولا في الجلد من الرجال مثل أم سليم ; لأنها كانت تسبق الكثير من الرجال الشجعان إلى الجهاد ، وتحتسب في مداواة الجرحى ، وثبتت يوم حنين في ميدان الحرب ، والأقدام قد زلزلت ، والصفوف قد انتفضت . والمنايا قد فغرت ، فالتفت إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي يدها خنجر فقالت : يا رسول الله أقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل هؤلاء الذين يحاربونك ، فليسوا بشر منهم .