أما الآية الكريمة فقد سلف الكلام فيها في الباب قبله واضحا، ومعنى أولها: إن تبدوا أي: إن تظهروا. وفي: (نعما) قراءات، ليس هذا موضعها، ومعنى الإخفاء: السر.
وأما هذا التعليق فقد أسنده فيما مضى في باب: من جلس في المسجد ينتظر الصلاة . ويأتي قريبا أيضا ، وتأولوا الإخفاء فيه على صدقة التطوع، وهو ضرب مثل في المبالغة في الإخفاء; لقرب الشمال من اليمين، وإنما أراد بذلك أن لو أراد أن لا يعلم من يكون على شماله من الناس ما تتصدق به يمينه لشدة استتاره، وهذا على المجاز كقوله تعالى: واسأل القرية [يوسف: 82]; لأن الشمال لا توصف بالعلم. وكافة العلماء على الإسرار في التطوع دون الفرض .
وقوله تعالى: والله بما تعملون خبير [البقرة: 234] أي: في صدقاتكم من إخفائها وإعلانها، وفي غير ذلك من أموركم، ذو خبرة [ ص: 298 ] وعلم لا يخفى عليه شيء، فهو محيط به محص له حتى يجازيهم بالقليل والكثير. فإن قلت : بداءة المصنف بالحديث ثم بالآية وكان الأولى عكسه. قلت: كأن -والله أعلم- أن الآية في الباب قبله نص فيه، فأشار إليها ثم أردفه بالأخرى.