هي اسم جنس مشتقة من بقرت الشيء إذا شققته; لأنها تبقر الأرض بالحراثة. يكون للمذكر والمؤنث، كما قاله في "المحكم" .
(قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) : وقال nindex.php?page=showalam&ids=187أبو حميد: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأعرفن ما جاء الله رجل ببقرة لها خوار". ويقال: جؤار تجأرون [النحل: 53] ترفعون أصواتكم كما تجأر البقرة.
[ ص: 415 ] الشرح: أما حديث أبي حميد فهو قطعة من حديث ابن اللتبية، وقد أسنده فيما سيأتي ، وما ذكره في تفسير (جؤار) تبع فيه nindex.php?page=showalam&ids=12078أبا عبيدة معمر بن المثنى، وعبارة nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: رفع صوته مع تضرع واستغاثة .
قال ابن الأثير: المشهور بالخاء ، يعني: المعجمة، و (الخوار) غير مهموز و (الجؤار) مهموز وهما سواء. كما قال القزاز: اللفظتان تقالان في البقرة إذا صاحت ومنه له خوار [طه: 88]، وكذلك جؤار الثور بالجيم، والعرب تستعيره في الرجل، وأصله في البقر قال تعالى: فإليه تجأرون [النحل: 53] أي: ترفعون أصواتكم بالدعاء.
وحديث أبي ذر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا، وسيأتي في الأيمان والنذور أيضا، وحديث بكير أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، عن عمرو ابن الحارث، عنه، وهو: nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله بن الأشج، عن ذكوان وهو: أبو صالح، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا لم يؤد المرء حق الله أو الصدقة في إبله" وساق الحديث بنحو حديث سهيل عن أبيه -يعني المذكور عنده-: "ما من صاحب إبل ... " إلى آخره. وفي آخره: قال سهيل: فلا أدري أذكر البقر أم لا، وذكر فيه الكنز والخيل .
وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من هذا الوجه بذكر البقر ثم قال: رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
[ ص: 416 ] وهو أصح الأحاديث الواردة في زكاة البقر، وجاء في أحاديث أخر منها: حديث معاذ: لما بعثه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل أربعين بقرة مسنة، ومن كل ثلاثين تبيعا. حسنه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم على شرط الشيخين .
إذا تقرر ذلك: فالحديث دال على وجوب زكاتها من أجل الوعيد الذي جاء إن لم يؤد زكاتها، ومقدار نصبها في حديث معاذ السالف، وكذا ما يؤخذ منها وغيره من الأحاديث السالفة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: وكذا في كتاب الصدقات لأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، وعلى ذلك مضى الخلفاء، وعليه عامة الفقهاء.
واعتل قائلو هذه المقالة بحديث لا أصل له رواه حبيب بن أبي حبيب ، عن عمرو بن هرم أنه في كتاب عمرو بن حزم. [وحجتهم] من طريق النظر أن الشارع قد عدلها بالإبل إذ جعل الواحد منها يجزئ عن سبعة في الهدايا والضحايا كما في الإبل، فزكاتها زكاتها، قالوا: وخبر معاذ منسوخ بكتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى عماله، الذي رواه عمرو بن حزم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وهذا الحديث أراه غير متصل ولا يجوز الاحتجاج به في الدين، والمعروف في كتابه - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة لآل عمرو بن حزم خلاف ذلك .
وجماعة الفقهاء على أنه لا شيء فيما زاد على الأربعين حتى تبلغ ستين، فإذا بلغتها ففيها تبيعان فإذا بلغت سبعين، فتبيع ومسنة، وبهذا قال ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ومحمد .
[ ص: 418 ] وسئل nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، فقال: ما زاد على الأربعين من البقر فبحسابه، ففي كل خمسة وأربعين مسنة وثمن، وفي خمسين مسنة وربع، وعلى هذا كل ما زاد قل أو كثر. هذا هو المشهور عنه، وقد روى أسد بن عمرو عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة مثل قول الجماعة ، ولا قول إلا قولهم; لأنهم الحجة على من خالفهم، وفي حديث معاذ أنه قال: لم يأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأوقاص بشيء. وعند أهل الظاهر لا زكاة في أقل من خمسين منها، فإذا ملك خمسين منها عاما قمريا متصلا ففيها بقرة، وفي المائة بقرتان، ثم في كل خمسين بقرة بقرة، ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ الخمسين.
وقال إبراهيم فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: ليس فيما دون ثلاثين شيء فإذا بلغتها فتبيع، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ أربعين فإذا بلغتها فبقرة ثم لا شيء فيها حتى تبلغ خمسين، فإذا بلغتها فبقرة وربع، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ سبعين فتبيع ومسنة. قال: وهي رواية غير مشهورة عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، قال: وقالت طائفة: ليس فيما دون الثلاثين من البقر شيء فإذا بلغتها ففيها بقرة مسنة، فإذا زادت واحدة ففيها بقرة وجزء من أربعين جزءا من بقرة، وهكذا في كل واحد يزيد فيها جزءا آخر من أربعين جزءا من بقرة، هكذا إلى الستين، فإذا بلغتها ففيها تبيعان، ثم لا شيء فيها إلا في كل عشر زائد كما ذكرنا.
قال: وقيل: المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : ليس في أقل من ثلاثين من [ ص: 419 ] البقر صدقة، فإذا بلغتها سائمة وحال عليها الحول ففيها تبيع أو تبيعة وهي التي طعنت في الثالثة، فإذا زادت على الأربعين ففي الزيادة بقدر ذلك إلى الستين عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ففي الواحدة الزائدة ربع عشر المسنة، وفي الثنتين نصف عشر مسنة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ومحمد: لا شيء في الزيادة حتى تبلغ ستين، فيكون فيها تبيعان أو تبيعتان، وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وفي سبعين مسنة وتبيع، وفي ثمانين مسنتان، وفي تسعين ثلاثة أتبعة، وفي المائة تبيعان ومسنة، على هذا يتغير الفرض في كل عشرة من تبيع إلى مسنة .
وفي "مصنف ابن أبي شيبة" من حديث ابن أرطاة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم قال: يحاسب صاحب البقر بما فوق الفريضة.
قال: وحدثنا زيد بن حباب، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول أنه قال في صدقة البقر: ما زاد فبالحساب .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم بإسناد جيد إلى nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال: في كل خمس من البقر شاة كالإبل في عشرين أربع.
قلت: وروي عنه أن رجلا حدثه عن مصدق أبي بكر أنه أخذ من كل عشر بقرات بقرة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أيضا من طريق أبي عبيد إلى عمر بن عبد الرحمن بن خلدة الأنصاري أن صدقة البقر صدقة الإبل، غير أنه لا أسنان، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر أعطاني nindex.php?page=showalam&ids=16050سماك بن الفضل كتابا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مالك [بن] كفلافس والمصعبين، فقرأته فإذا فيه: "وفي البقر مثل الإبل".
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: ما ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري من أنه قال: هذا هو آخر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن الأمر بالتبيع في الثلاثين نسخ بهذا، واحتجوا بعموم الخبر: "ما من صاحب بقر" الحديث.
فهذا عموم لكل بقر إلا ما خصه نص أو إجماع، ومن عمل مثل قولنا كان على يقين، فإنه قد أدى الفريضة، ومن خالف لم يكن على يقين من ذلك.
فإن احتجوا بالخبر الذي فيه: "في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين [ ص: 421 ] مسنة" . قلنا نحن بهذا، وليس فيه إسقاط الزكاة عما دون ذلك .
ثم ساق بإسناده إلى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قال: كان عمال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير وطلحة بن عبيد الله بن عوف يأخذون من كل خمسين بقرة بقرة، ومن كل مائة بقرتين، فإذا كثرت ففي كل خمسين بقرة بقرة .
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وجدنا الآثار الواردة فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منقطعة، ولا يصح في هذا من طريق إسناد الآحاد، ولا من طريق التواتر شيء، ولا عن أحد من الصحابة شيء لا يعارضه غيره، ولم يبق إلا ما رويناه من عمل nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير وطلحة بن أخي عبد الرحمن بن عوف بحضرة بقية الصحابة، ولم ينكروه، ووجدنا الإجماع المتيقن المقطوع به الذي لا خلاف فيه وحكم به من الصحابة ومن بعدهم أن في كل خمسين بقرة، وكل ما دون ذلك فمختلف فيه ولا نص في إيجابه، فلم يجز القول به .
وحكى ابن التين مقابله أن في خمس وعشرين تبيعا، وفي أربعين مسنة. وعن nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب في عشر شاة، وفي عشرين شاتان ، ثم نقل عن القاضي أبي محمد بعد أن حكى مقالة nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة وسعيد nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري أيضا أن كل هذا لا يلتفت إليه، والأصل في الباب الذي يجب أن يصار إليه حديث معاذ "خذ البقر من البقر" وحديثه في [ ص: 422 ] "الموطإ" أن معاذا أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا، ومن أربعين مسنة، وأتي ما دون ذلك فأبى أن يأخذ، وقال: لم أسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يقدم معاذ .
وقد تكلف بعض الناس إيراد شبهة لبعض ما تقدم من الأقاويل المختلفة فقالوا: يمكن أن يحتج لذلك بما روي في حديث عمرو بن حزم أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر صدقة الإبل، ثم عطف عليه فقال: "وكذلك البقر" وهذا غير محفوظ في نقل صحيح، وروينا صدقة البقر مفسرة من طريق عمرو بن حزم ونحوه، ويحتمل ذلك إن صح أن يكون عطفا على وجوب الزكاة دون صفتها قالوا: ولما كانت البقر كالإبل في أن الواحد يجزئ في الأضحية عن سبعة كانت كذلك في صفة الزكاة، وهذا لا يصح على أصل المالكية; لأنهم لا يجيزون الاشتراك في الأضحية، فبطل قولهم.
فرع:
التبيع عندنا: ما له سنة، والمسنة: ما لها سنتان، وفي ذلك خلاف عندنا ، والتبيع والجذع عند المالكية: ما له سنتان، وقيل: سنة، [ ص: 423 ] والمسنة: ما لها ثلاث، وقيل: سنتان .
فرع:
لو أخرج تبيعة أجزأت عندنا ، بل هي أولى للأنوثة، وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فجوز الذكر بدل المسنة وإن كانت بقره إناثا .
ونقل ابن التين عن بعض أصحابنا: إن كانت البقر ذكورا كلها أخذ فيها مسنا ذكرا، دليلنا حديث معاذ السالف "مسنة" ولم يفرق. وبين في حديث عمرو بن حزم أن التبيع يجوز أن يكون ذكرا أو أنثى على ما سلف، ولم يذكر ذلك في مسنة، ولأن المأخوذ في فرائض الماشية الإناث، إلا من ضرورة اعتبارا بالإبل والغنم.