وكل ما ذكر فيه مجمع على عدم لبسه، ويدخل في معنى ما ذكر من القميص والسراويلات المخيط كله، فلا يجوز لباس شيء منه عند الأمة قاطبة .
ففي معنى ذلك الجباب، والفراء، والقلنسوة، وغيره، والمنسوج، والملبد. وفي معنى البرانس الغفارية. وذلك أن الترفه إنما يحصل بلبس [ ص: 122 ] الثياب على الوجه المقصود بتلك الخياطة، والمحرم ممنوع من الترفه، ولذلك منع من الحلق وإلقاء التفث، بخلاف ستر العورة ودفع المضرة عن الجسد، ولا بأس بإلقاء الثوب، أو السراويل، أو البرنس على كتفه.
ووجه بقبح الزي ، كما كره لغير المحرم لبس السراويل مع الرداء دون قميص. ومن أدخل منكبه في القباء افتدى وفاقا لمالك ، وخلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة حتى يدخل يديه في كميه .
والجواب في الحديث من بدائع خطابه ، حيث سئل عما يلبس فأجاب بما لا يلبس; لأن ما يلبس قد يشق حصره; لكثرته، فأجاب بالممنوع ، وعلم الجائز به.
وقام أيضا على أن إحرام الرجل في رأسه، وأنه ليس له أن يغطيه; لنهيه - عليه السلام - عن لبس البرانس والعمائم ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: ووجهه.
وسيأتي الاختلاف في تخمير الوجه، واختلفوا في من لبس خفين غير مقطوعين وهو واجد للنعلين، أو لبسهما مقطوعين وهو واجد للنعلين، وستعلمه في أواخر الحج.
[ ص: 123 ] والحديث دال على جواز لبسهما عند عدم النعلين مع قطعهما أسفل من الكعبين، ولا خلاف فيه بين جماعة الفقهاء.
وحكي عن عطاء، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وقوم من أصحاب الحديث أنه إذا لم يجدهما يلبس الخفين تامين من غير قطع .
والحديث حجة عليهم. وهو أمر، ومقتضاه الوجوب. وبالقياس على من وجد النعلين.
[ ص: 124 ] وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي لم يذكر فيه القطع، فخبر ابن عمر مقدم عليه; لأنه نقل صفة لبسه بخلاف خبر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فلو لبس الخفين عند عدم النعلين فلا فدية عليه عند الجماعة; خلافا لأبي حنيفة. قيل: ونحا إليه ابن حبيب.
وقوله: ("فليقطعهما أسفل من الكعبين") اتفق الحفاظ من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع على لفظه هكذا، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري، وخلق.
ووهم جعفر بن برقان فيه في موضعين، حيث جعله من قول nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، وزيادة: "ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل"، وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وهذا أخذ به الشافعي ، وأنكره مالك في "الموطإ"، واحتج بأنه لم يستثن فيه كما استثنى في الخفين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي: انفرد بحديث السراويل nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وهو رجل بصري لا يعرف، ولا يعرف الحديث بالمدينة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: يشق السراويل من أسفله ويلبسه، ولا فدية عليه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: إنما أرخص في القطع لقلة النعال، فأما اليوم فلا رخصة في ذلك. ووافقه nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون.
والورس: نبات باليمن صبغه بين الحمرة والصفرة، ورائحته طيبة. وقيل: هو ضرب من الطيب كالزعفران، فإن غسل ذلك الثوب حتى ذهب منه ريح الورس أو الزعفران فلا بأس به عند جميعهم. وكرهه مالك للمحرم ، إلا إذا لم يجد غيره .
وسيأتي ذلك واضحا في باب: ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، وإيراد حديث فيه إذا غسل. مع الكلام عليه.
[ ص: 126 ] ويجتنب المصبوغ بهما الرجال والنساء، ويفتدي من لبسه منهم رجلا كان أو امرأة. وادعى ابن أبي صفرة أن في هذا دلالة أن قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: "طيبته لإحرامه" خصوص له; لأنه تطيب، ونهى عن الطيب هنا، وقد أسلفنا ذلك.