قوله: (إذا انحدر). أنكر بعضهم إثبات الألف، وغلط رواته، وهو غلط منه. كما قال القاضي، إذ لا فرق بين إذا وإذ هنا; لأنه وصفه حالة [ ص: 180 ] انحداره فيما مضى .
وفيه: أن التهليل في بطن الوادي من سنن المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين. فإن قيل: فكيف يحجون، ويلبون، وهم في الدار الآخرة، وليست دار عمل؟ فالجواب: أنهم أحياء في هذه الدار عند ربهم -عز وجل-; ولأن عمل الآخرة ذكر ودعاء، قال تعالى: دعواهم فيها سبحانك اللهم [يونس: 10] والتلبية دعاء، وحبب إليهم ذلك فيتعبدون بما يجدون من دواعي أنفسهم، لا بما يلزمون، كما يحمده، ويسبحه أهل الجنة.
قال - عليه السلام -: "يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس" ويحتمل أن هذه رؤية منام في غير ليلة الإسراء، أو في بعض ليلة الإسراء.
ويحتمل أنه أري أحوالهم التي كانت في حياتهم، ومثلوا له في حال حياتهم كيف كانوا، وكيف حجهم وتلبيتهم، كما قال: "كأني أنظر إلى موسى" "كأني أنظر إلى عيسى" أو يكون أخبر عن الوحي في أمرهم، وما كان منهم، وإن لم يرهم رؤية عين.
وزعم nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي أن قول من روى "موسى" وهم من الرواة; لأنه لم يأت أثر ولا خبر عن موسى أنه حي، وأنه سيحج، إنما ذلك عن عيسى، فاختلط على الراوي، فجعل فعل عيسى لموسى، بيانه قوله في حديث آخر: nindex.php?page=hadith&LINKID=886280 "ليهلن ابن مريم بفج الروحاء" .
[ ص: 181 ] ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب أيضا، قال: وذلك على رواية من روى "إذا انحدر"; لأنه إخبار عما يكون.
وأما رواية من روى "إذ انحدر" يحكي عما مضى، فيصح عن موسى أن يراه - عليه السلام - في منامه، أو يوحى إليه بذلك، وأقره عليه .
وكذا أقر ابن التين nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي على مقالته، وهو عجيب; لما أسلفناه، وأنهم أحياء وشهداء، وإذا اختلط ذلك على الراوي في موسى، فكيف بعمل يونس بن متى، وغيره كما سلف.