هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا في الطهارة، وله: "يأتون" بدل: "يدعون".
ثانيها: في التعريف برواته:
وقد سلف التعريف بهم خلا ثلاثة:
أولهم: أبو عبد الله نعيم بن عبد الله، وقيل: محمد المدني العدوي مولى آل عمر المجمر، بتخفيف الميم، ويقال: بتشديدها، كان يبخر المسجد، وقيل: إن أباه كان يأخذ المجمر قدام nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إذا خرج إلى الصلاة في رمضان، وبه جزم nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "ثقاته".
[ ص: 25 ] وجزم النووي في "شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم" بأن المجمر صفة لعبد الله، وتطلق على ابنه نعيم مجازا، قال ذلك مع جزمه أولا بأن نعيما هو الذي كان يبخر المسجد، فتأمله.
روى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر وغيرهما، وعنه ابنه محمد nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وجماعة. وثقه nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم وجماعة، وجالس nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة عشرين سنة
فائدة:
في الصحابة نعيم بن عبد الله النحام، وهو من الأفراد، وفيهم نعيم جماعة بدون ابن عبد الله.
[ ص: 26 ] فائدة:
مجمر تشتبه بمخمر -بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الميم الثانية- (وهم جماعة سردهم nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا، منهم: ذو مخمر ابن أخي النجاشي، له صحبة، ويقال: مخبر، بالباء الموحدة بدل الميم.
ثانيهم: nindex.php?page=showalam&ids=15987سعيد بن أبي هلال) الليثي، مولاهم أبو العلاء المدني، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ونعيم وجماعة، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد وغيره، مات سنة خمس وثلاثين ومائة.
ثالثهم: خالد (ع) وهو ابن يزيد، أبو عبد الرحيم المصري، الفقيه، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث وغيره، ثقة مات سنة تسع وثلاثين ومائة.
ثالثها:
هذا الإسناد جميع رجاله من فرسان الصحيحين، وباقي الكتب الستة إلا nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير، فإنه من رجال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه فقط، وفيه لطيفة أيضا وهو أن النصف الأول من إسناده مصريون والنصف الثاني مدنيون.
[ ص: 27 ] رابعها:
هذا الحديث رواه مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة سبعة من الصحابة، ذكرهم ابن منده في "مستخرجه": nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله، nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري، nindex.php?page=showalam&ids=481وأبو أمامة الباهلي، nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن بسر المازني، nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
خامسها: في ألفاظه ومعانيه وفوائده:
أحدها: قوله (رقيت): هو بكسر القاف؛ أي: صعدت، هذه اللغة الصحيحة المشهورة، وحكى صاحب "المطالع" فتح القاف من غير همز ومعه، فحصل ثلاث لغات.
وقال كراع: الهمز أجود، وخالفه صاحب "الجامع" فقال: عدمه
أصح، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: لا أعلم صحة الفتح، وهذا كله من الرقي، أما من الرقية فرقيت، بالفتح، كما اختاره ثعلب في "فصيحه".
ثانيها: (الأمة): تطلق بإزاء أمور ليس هذا موضع الخوض فيها قد ذكرتها في "شرح العمدة"، والمراد هنا أتباعه - صلى الله عليه وسلم - جعلنا الله منهم.
ثالثها: (يوم): من الأسماء الشاذة؛ لوقوع الفاء والعين فيه حرفي علة، فهو من باب: ويل وويح. و(القيامة): فعالة من قام يقوم، أصله: القوامة، فقلبت الواو فيه ياء; لانكسار ما قبلها.
قال الشيخ تقي الدين القشيري في "شرح العمدة": ويحتمل أيضا أن يكون مفعولا لـ "يدعون" بمعنى: التسمية؛ أي: يسمون غرا، قال: والحال أقرب، وتعدى يدعون في المعنى بالحرف، كما قال تعالى: يدعون إلى كتاب الله [آل عمران: 23] ويجوز ألا يعدى "يدعون" بالحرف، وتكون (غرا) حالا أيضا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: الغرة: بياض في الجبهة، فرس أغر وغراء، وقيل:
الأغر من الخيل: الذي غرته أكبر من الدرهم، قد وسطت جبهته، ولم تصب واحدة من العينين ولم تمل على واحد من الخدين، ولم تسل سفلا، وهي أفشى من القرحة. وقال بعضهم: بل يقال للأغر: أغر أقرح؛ لأنك إذا قلت: أغر، فلا بد أن تصف الغرة بالطول والعرض والصغر والعظم والدقة، وكلهن غرر، فالغرة جامعة لهن.
وغرة الفرس: البياض يكون في وجهه، فإن كانت (مدورة) فهو (وتيرة)، وإن كانت طويلة فهي شادخة، وعندي أن الغرة نفس القدر الذي يشغله البياض.
[ ص: 29 ] والأغر: الأبيض من كل شيء، وقد غر وجه يغر، بالفتح، (غررا) وغرة، وغرارة: صار ذا غرة.
قال: والتحجيل: بياض يكون في قوائم الفرس كلها، وقيل: هو أن يكون البياض في ثلاث قوائم منهن دون الأخرى في رجل ويدين، ولا يكون التحجيل في اليدين خاصة إلا مع الرجلين، ولا في يد واحدة دون الأخرى إلا مع الرجلين، والتحجيل: بياض قل أو كثر حتى يبلغ نصف الوظيف، (ولون) سائره ما كان.
وفي (الصحاح): يجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين ولا العرقوبين، وفي "المغيث" nindex.php?page=showalam&ids=12168لأبي موسى المديني: فإذا كان البياض في طرف اليد فهو العصمة، يقال: فرس أعصم.
سادسها:
المراد بالغرة: غسل شيء من مقدم الرأس وما يجاوز الوجه زائدا على الجزء الذي يجب غسله; لاستيعاب كمال الوجه، وفي التحجيل غسل ما فوق المرفقين والكعبين.
وادعى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال، ثم nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض، ثم ابن التين اتفاق العلماء على أنه لا تستحب الزيادة فوق المرفق والكعب.
[ ص: 30 ] وهي دعوى باطلة، فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة، وعمل العلماء وفتواهم عليه، فهم (محجوجون) بالإجماع.
وأما حد الزائد فغايته استيعاب العضد والساق، وقال جماعة من أصحابنا: يستحب إلى نصفها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي: نصف العضد فما فوق، ونصف الساق فما فوقه.
وحاصلها ثلاثة أوجه كما جمعها النووي في "شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم" فقال: اختلف أصحابنا في العدد المستحب على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه تستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين من غير توقيت.
وثانيها: إلى نصف العضد والساق.
وثالثها: إلى المنكب والركبتين، قال: والأحاديث تقتضي ذلك كله.
وقال الشيخ تقي الدين القشيري: ليس في الحديث تقييد ولا تحديد لمقدار ما يغسل من العضدين والساقين، وقد استعمل nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة الحديث على إطلاقه وظاهره في طلب إطالة الغرة، فغسل إلى قريب من المنكبين، ولم ينقل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا كثر استعماله في [ ص: 31 ] الصحابة والتابعين؛ فلذلك لم يقل به الفقهاء، ورأيت بعض الناس قد ذكر أن حد ذلك نصف العضد والساق، هذا آخر كلامه.
وقوله: لم يقل به الفقهاء. غريب مع ما قدمناه عنهم.
ومن أوهام nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال nindex.php?page=showalam&ids=14961والقاضي عياض إنكارهما على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلوغه الماء إبطيه، وأن أحدا لم يتابعه عليه، وقد قال به القاضي حسين وآخرون من أصحابنا أيضا، وفي "مصنف nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة": حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن العمري، عن نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف.
ثم روى عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع أيضا، عن عقبة ابن أبي صالح، عن إبراهيم أنه كرهه.
قلت: وهذا مردود بما سلف، وما أبعد من أول الاستطاعة في الحديث على إطالة (الغرة) والتحجيل: بالمواظبة على الوضوء لكل صلاة، فتطول غرته بتقوية نور أعضائه، وهو nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال؛ قال: والطول والدوام معناهما متقارب.
سابعها:
قوله: "من آثار الوضوء" هو بضم الواو، ويجوز فتحها على إرادة آثار الماء المستعمل في الوضوء؛ فإن الغرة والتحجيل نشأ عن الفعل بالماء، فيجوز أن ينسب إلى كل منهما.
[ ص: 32 ] ثامنها:
قوله: "فمن استطاع.. " إلى آخره؛ اقتصر فيه على ذكر الغرة دون التحجيل، وإن ذكر معها في رواية أخرى في "الصحيح" للعلم به، فهو من باب قوله: سرابيل تقيكم الحر [النحل: 81] ولم يذكر البرد للعلم به.
وقال الشيخ تقي الدين القشيري: كأن ذلك من باب التغليب بالذكر لأحد الشيئين على الآخر، (إن) كانا كسبيل واحد للترغيب فيه، وقد استعمل الفقهاء ذلك فقالوا: يستحب تطويل الغرة، ومرادهم الغرة والتحجيل.
وهذا ليس تغليبا حقيقيا؛ إذ لم يؤت فيه إلا بأحد الاسمين، والتغليب: اجتماع الاسمين أو الأسماء وتغليب أحدهما على الآخر؛ نحو: القمرين، والعمرين وشبههما.
ثم القاعدة في التغليب أن يغلب المذكر على المؤنث لا بالعكس، والأمر هنا بالعكس لتأنيث الغرة وتذكير التحجيل، ويجاب أيضا بأنها خصت بالذكر; لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء، ولأنه أول ما يقع عليه البصر يوم القيامة.
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن بعضهم أنه كنى بالغرة عن التحجيل معللا بأن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله، وهذا غريب عجيب.
[ ص: 33 ] تاسعها: رأيت من شرح هذا الموضع من هذا الكتاب من شيوخنا ادعى أن قوله: "فمن استطاع.. " إلى آخره من قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، أدرجه آخر الحديث. وفي هذه الدعوى بعد عندي.
وأجاب الأولون عن هذا بوجهين: أحدهما: أنه حديث ضعيف.
ثانيهما: أنه لو صح لاحتمل اختصاص الأنبياء دون أممهم بخلاف هذه الأمة.
وفيه: شرف عظيم لهم؛ حيث استووا مع الأنبياء في هذه الخصوصية، وامتازت بالغرة والتحجيل، لكن سيأتي في حديث جريج في موضعه:
أنه توضأ وصلى. وفيه دلالة على أن الوضوء كان مشروعا لهم.
وعلى هذا فيكون خاصية هذه الأمة الغرة والتحجيل الناشئين عن الوضوء لا الوضوء. ونقل الزناتي المالكي شارح "الرسالة" عن العلماء أن الغرة والتحجيل حكم ثابت لهذه الأمة، من توضأ منهم ومن لم يتوضأ.
الخامس عشر: فيه أيضا جواز الوضوء على ظهر المسجد، وهو من باب الوضوء في المسجد، وقد كرهه قوم وأجازه الأكثرون، ومن كرهه لأجل التنزيه كما يتنزه عن البصاق والنخامة، وحرمة أعلى المسجد كحرمة داخله، وممن أجازه في المسجد nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر، وعطاء، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس.
[ ص: 36 ] وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم المالكي وأكثر العلماء كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عنهم، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: أباح كل من يحفظ عنه العلم الوضوء فيه، إلا أن يبله ويتأذى به الناس، فإنه مكروه.
قلت: وصرح جماعة من أصحابنا بجوازه فيه، وأن الأولى أن يكون في إناء.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي: ويجوز نضحه بالماء المطلق، ولا يجوز بالمستعمل; لأن النفس تعافه. وفي هذا نظر.